إشكاليات مصطلح * الأدب الإسلامــــي *

لقد كان إطلاق مصطلـــــح الأدب الإسلامي عـــــــــام 1982 م ، في مؤتمـــــــــــر الحـــــــــوار في المديــــنة المنورة ، والذي قوبل بقدر كبير من التساؤلات والاستغراب أطلقها بعض أعضــــــــاء الهيئات التدريسية وبعض المثقفين ، وانطلاقا من التعريف الذي ارتضتـه رابطة الأدب الإسلامية منذ إنشائها على أنه : << تعبير عن تجربة شعورية ، بصورة موحية تنطلــــق تصوراتها وأفكــــارها من التصـــــــــــور الإسلامي للإنسان والكون والحياة >> [1] ، نعمد إلى توضيح الخلاف حول المصطلـــــــــح انطـــــلاقا من هذا التعــــــــــريف :

ــ أولا :

اشتباك هذا المصطلح مع ما عرف بأدب عصــــر صدر الإسلام ، في عصــــر الرســــــــول عليـــــــــه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين ، فالانطلاقة واحــــــــــدة ؛ العقيدة الإسلامية والاختلاف ؛ الفتــــــــرة الزمانية المرتهن بها ؛ فأدب عصر صدر الإسلام لا يخرج عن عهــد الرسول الكريم وعصر الخلـــــفاء الراشدين الذي ينتهي بعام 40 هــ ، أما الأدب الإسلامـي فغير مرهون بفترة زمانيـــــــــــــــة ، إنـــه أدب فكــــــــــرة والأول أدب فتــــــــــــــــرة .

ــ ثانيــا :

تردد المصطلح عند كثير من دارسي تاريخ الأدب العربي في عصر الرســول والخلافـــة الراشدة ، فنجد مثلا : < شوقي ضيف > في سلسلة كتبه عن الأدب العربي في العصـــــور المختلفة ، وكذلك الأستـــــاذ < أحمد حسن الزيات > في كتابه عن تــــاريخ الأدب العـــــــربي ، أطلق اسم الأدب الإســــــــلامي على العصــــــر المذكور [ عصـــــــر الرسول الكـــــريم والخلفاء الراشين ] ومعـــــــــه عصـــــــــــــــر بني أميــــــــــة .

ــ ثـالثا:

الاستغراب الذي أثاره بعض الدارسيـــــــــــــن ، من إضــــــــــافة الأدب إلى الديـــن ، فيقـــــــال : أدب إسلامــــــي ، أدب مسيـــــــــحي ، وغيرهما ، وكــــــــرد يعتبر الأدب الإسلامي لــــــــــون مــــن ألوان الالتـــــــــزام بالفــــــــكر الإسلامي ، تمـــــــاما كما كـــــــــان في الفــــــــــــــكر الاشتـــــــــــراكي أدب اشتـــــــراكي ، وواقعية اشتراكيــة ، وأدب وجودي وأدب مسيحي مهتم بتعاليم المسيحيــــــــة .

ــ رابعـا :

تساؤل بعض الدارسين عن علاقة الأدب الإسلامي بوجه خاص بالأدب العربي بوجـه عـام ، ولا يخـــفى أن الأدب الإسلامي جـــــــــــزء من الأدب العــــــــــربي ، ما يفـــــــــرق بينهما الالتـزام بالإســــــــلام .

ــ خامسا :

وعن الحدود اللغويـــــــــــــة والجغرافية لهذا الأدب ، فواضح وجلي أن أنه يمكن أن يفــــــــــرغ في كل اللغـات [2] ، التي يتكلم بها أدبـــــــاء يفكـــــــــــــرون بما يتسق مع التصــــــور الإســـــلامي للكـــــــون ، الإنسان ، الحياة ، في أي آن وأي مكـــــــــــــان [3].

وكما يقـــــــول الجاحــــــــــظ عن أحسن الكلام : << هو الذي يصنع في القلـــــــــــــوب صنيع الغيث في التربـــــــة الكريمة >>.

ومن هنا نقول : إن الأدب الإسلامي ، إفراز طبيعي لمجتمع مسلم ، والذين يعارضـــــــون هذا التصــــور يهــدرون الأصول والبديهيات والوقائـــــــــع التاريخيـــــــة ، ويتجاهلـــــــــــــون التجــــــارب الإنسانية الوفيــــــرة ، ويجــــعلون الفنون منبتة الصلة بتربتها ، وينابيعها الفكــــــرية والدينية ، ويخلــــــــــــــعون عنها صـــــــــــــفة التغير الصادق ، وينزعون أواصرها التي تعطيها نموها وجمالها وتأثيرها ، وإلا فأتوا إلينا بأدب لم يصـــــدر عن منطلقات إنسانية ، عاطفية ، وفكــــــــــــــــرا وموقفا ، يصرف النظــــر عن ماهية هذه العاطفـة ، أو طبيعة هــذا الفكــر ، أو كنه ذلك المؤلف .

والمطلـــــــوب في كــــــــــل هذا ، هو الابتعــاد عــن الجــــــــــــدل ، إلى تأصيــــــــــل القيـــــــم الجمــالية ، ومضامينهم الفكرية الأصيلة ، ونعني بهذا الأدباء ، لأن التجربة في ساحـــــــــة الامتحــــــان الحقيقي ، والنجاح الحق يقرضــــــــون وجــــــــــوده ، ويفسح لهم مكــــان لائق فـــــي دنيا الكلمـــــــة ، ويجعلهم شركاء في بنـــــاء الإنســــــــــــــان والمجتمع الجـــــــــديد ، وفي الوقت نفسه يرتفـع بالأذواق ، ويسمو بالروح ويحيي الوجدان ، ويقوم اعوجاج النفس ويتصــــــــــــدى للهجمـــة الشرســـــــــــــة التي تـــــريد أن تعصف بمقـــــــــومات وجـــــــــــــودنا كله ، ودون أدب إسلامي ، نكـــــون قد أهملنا سلاما فعالا من أهـــــــــــم الأسلحة في المعركــــــــــــة ألا وهي : معركــــــــة التغيير وصنـــــــع غــــــــــــــد أفضــــــل ، وحشد طاقات لصنع هذا المجد المرتقب[4]

[1] ــ المرجع السابق : ص ــ 50 ــ 51 .

[2] ــ المرجع نفسه : ص ـ 50 ـ 51 .

[3] ــ المرجع السابق : ص ــ 51 .

[4] ــ قصة الاسلام :islam story