مـــــــــــــــــــــواعظ
من فضل الله على عباده تتابع مواسم الخيرات ومضاعفة الحسنات فالمؤمن يتقلب في ساعات عمره بين أنواع العبادات والقربات فلا يمضي من عمره ساعة إلا ولله فيها وظيفة من وظائف الطاعات وما أن يفرغ من عبادة إلا ويشرع في عبادة أخرى ولم يجعل الله حدا لطاعة العبد إلا انتهاء عمره وانقضاء أجله.
وبعد ان اتم الله لنا نعمة اكمال شهر الصيام والقيام ورتب عليه عظيم الأجر والثواب صيام ست أيام من شوال التي ثبت في فضائلها العديد من الأحاديث منها ما رواه الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر
المواضيع الأخيرة
بطاقات اسلامية
أدعية رمضانــــــــــية
التقصير في تربية الأولاد يأخذ صورًا شتى
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
التقصير في تربية الأولاد يأخذ صورًا شتى
بالرغم من عظم مسؤولية تربية الأولاد إلا أن كثيرًا من الناس قد فرط بها، واستهان بأمرها، ولم يرعها حق رعايتها، فأضاعوا أولادهم، وأهملوا تربيتهم، فلا يسألون عنهم، ولا يوجهونهم.
وإذا رأوا منهم تمردًا أو انحرافاً بدأوا يتذمرون ويَشْكُون من ذلك، وما علموا أنهم هم السبب الأول في ذلك التمرد والانحراف كما قيل:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له *** إياك إياك أن تبتل بالماء
والتقصير في تربية الأولاد يأخذ صورًا شتى، ومظاهر عديدة تتسبب في انحراف الأولاد وتمردهم، فمن ذلك ما يلي:
1_ تنشئة الأولاد على الجبن والخوف والهلع والفزع: فمما يلاحظ على أسلوبنا في التربية_تخويف الأولاد حين يبكون ليسكتوا ; فنخوفهم بالغول، والحيوانات الشرسة، والعفريت، وصوت الريح، وغير ذلك.
وأسوأ ما في هذا_أن نخوفهم بالأستاذ، أو المدرسة، أو الطبيب; فينشأ الولد جبانًا رعديدًا يَفْرَقُ من ظلِّه، ويخاف مما لا يخاف منه.
وأشد ما يغرس الخوف والجبن في نفس الطفل_أن نفزع إذا وقع على الأرض، وسال الدم من وجهه، أو يده، أو ركبته، فبدلاً من أن تبتسم الأم، وتهدِّئ من رَوْعِ ولدها وتشعره بأن الأمر يسير_تجدها تهلع وتفزع، وتَلْطِم وجهها، وتضرب صدرها، وتطلب النجدة من أهل البيت، وتهول المصيبة، فيزداد الولد بكاءاً، ويتعود الخوف من رؤية الدم، أو الشعور بالألم.
2_ تربيتهم على التهور، وسلاطة اللسان والتطاول على الآخرين، وتسمية ذلك شجاعة : وهذا خلل في التربية، وهو نقيض الأول، والحق إنما هو في التوسط.
3_ تربيتهم على الميوعة، والفوضى، وتعويدهم على الترف والنعيم والبذخ: فينشأ الولد مترفاً مُنعَّماً، همُّه خاصة نفسه فحسب، فلا يهتم بالآخرين، ولا يسأل عن إخوانه المسلمين، لا يشاركهم أفراحهم، ولا يشاطرهم أتراحهم; فتربية الأولاد على هذا النحو مما يفسد الفطرة، ويقتل الاستقامة، ويقضي على المروءة والشجاعة.
4_ بسط اليد للأولاد، وإعطاؤهم كلَّ ما يريدون: فبعض الوالدين يعطي أولاده كل ما سألوه، ولا يمنعهم شيئاً أرادوه، فتجد يدَه مبسوطة لهم بالعطاء، وهم يعبثون بالأموال، ويصرفونها في اللهو والباطل، مما يجعلهم لا يأبهون بقيمة المال، ولا يحسنون تصريفه.
5_ إعطاؤهم ما يريدون إذا بكوا بحضرة الوالد، خصوصًا الصغار: فيحصل كثيرًا أن يطلب الصغار من آبائهم أو أمهاتهم طلبًا ما، فإذا رفض الوالدان ذلك لجأ الصغار إلى البكاء; حتى يحصل لهم مطلوبهم، عندها ينصاع الوالدان للأمر، وينفذان الطلب، إما شفقة على الولد، أو رغبة في إسكاته والتخلص منه، أو غير ذلك; فهذا من الخلل بمكان، فهو يسبب الميوعة والضعف للأولاد.
يقول الدكتور محمد الصباغ: =سمعت من مالك بن نبي×أن رجلاً جاء يسترشده لتربية ابن له أو بنت ولد حديثاً، فسأله: كم عمرها؟ قال: شهر، قال: فاتك القطار، قال: وكنت أظن بادئ الأمر أني مبالغ، ثم إني عندما نظرتُ وجدت أن ما قُلتُه الحقُّ، وذلك أن الولد يبكي، فتعطيه أمه الثدي، فينطبع في نفسه أن الصراخ هو الوسيلة إلى الوصول إلى ما يريد، ويكبر على هذا.
6_ شراء السيارات لهم وهم صغار: فبعض الوالدين يشتري لأولاده السيارة وهم مراهقين، إما لأن الابن ألحَّ عليه في ذلك، أو لأن الأب يريد التخلص من كثرة طلبات المنزل، ويريد إلقاءها على ولده.
7_ المبالغة في إساءة الظن بهم: فهناك من يسيء الظن بأولاده، ويبالغ في ذلك مبالغة تخرجه عن طوره، فتجده يتهم نيَّاتهم، ولا يثق بهم البتة، ويشعرهم بأنه خلفهم في كل صغيرة وكبيرة، دون أن يتغاضى عن شيء من هفواتهم وزلاتهم.
8_ التفريق بينهم: فتجد من الناس من يفرق بين أولاده، ولا يعدل بينهم بالسوية، سواء كان ذلك مادياً أو معنوياً.
فهناك من يُفَرِّق بين أولاده في العطايا والهدايا والهبات، وهناك من يفرق بينهم بالملاطفة والمزاح، وغير ذلك، مما يوغر صدور بعضهم على بعض، ويتسبب في شيوع البغضاء بينهم، ويبعث على نفورهم وتنافرهم.
ومن مظاهر التفريق بين الأولاد_ما تجده عند بعض الآباء، حيث يخص أحد أبنائه الكبار بمبلغ من المال، ويشتري له قطعة أرض، وربما بناها له دون حاجة إلى ذلك، فإذا قيل له: وما نصيب الصغار والبنات؟ قال: الصغار نعطيهم إذا كَبِروا، والبنات يتزوجن ويكفيهن الأزواج المؤونة!.
بل ربما أعطى بعض الأولاد، ومنع بعضهم الآخر، أو زوَّج بعضهم دون الآخر مع أن السن متقاربة، والحاجة واحدة، ولكنه يفرق بينهم لهوى في نفسه، أو لأن هذا من تلك الزوجة الأثيرة عنده، وذاك من الزوجة التي ليس لها ودٌ في قلبه.
ولا شك أن هذا التصرف باطل ينافي العدل بين الأولاد، فمن الذي يضمن لهذا الرجل أن يعيش حتى يكْبر أبناؤه الصغار؟ ومن الذي يضمن له أنهم سيعيشون حتى يكبروا؟ ومن الذي يضمن له أنه سيستمر على غناه ويساره حتى يكْبروا.
ثم إن البناتِ لهن حقٌ ولو تزوجن، فالذي يليق بالوالد إذا أعطى أحدًا من أولاده شيئاً أن يعطي الآخرين مثله أو أن يدخره لهم، أو أن يكتب على هذا المعطى أنه أخذ كذا وكذا، فإما أن يكون ديناً عليه، أو يُحْسَم من حقه من الميراث بعد وفاة الوالد، وهكذا; فذلك لا ينافي العدل.
كما لا ينافي العدل_أيضاً_أن يعطي بعض الأولاد ما يحتاجه من علاج، أو نفقة دراسية، أو أن يشتري له سيارة إذا كان محتاجاً لها، وهكذا يعطي كل من احتاج إلى شيء من النفقة أو نحوها.
ولا يلزمه إذا أعطى أحداً من أولاده على نحو ما مضى أن يعطي الآخرين في الوقت نفسه.
أما العطية والهبة التي تكون لغير حاجة; حيث يخص بها بعضهم دون بعض_فذلك مما ينافي العدل.
9_ التسخط بالبنات: وهذا_قبل أن يكون خللاً في التربية_هو خلل في العقيدة، فبعض الناس إذا رزقه الله بنتاً تسخط بها، وضاق ذرعاً بمقدمها، ولا شك أن هذا الصنيع من أعمال الجاهلية وأخلاق أهلها، الذين ذمهم الله_عز وجل_في قوله: [وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ](النحل: 58، 59)
وما أشبه الليلة بالبارحة، فلو زرت أحد مستشفيات الولادة في بلاد المسلمين، وقلَّبت طرفك في وجوه الذين ولد لهم بنات، وراقبت كلامهم، وسبرت أحوالهم عند إخبارهم بذلك_لوجدت توافقاً عجيباً، وتطابقاً غريباً بين حال كثير من هؤلاء، وحال الجاهليين الذي قصّ الله علينا أمرهم
وفي بعض المستشفيات قد يكتشفون ما برحم المرأة قبل الولادة عبر الأشعة الصوتية، فإذا كان ما في الرحم ذكرًا بشروا، وإن كان أنثى أقْصَرُوا، بل ربما عزَّوا_عياذًا بالله.
فتسخط البنات أمر خطير وفيه عدة محاذير، منها:
أ_أنه اعتراض على قدر الله_عز وجل_.
ب_أن فيه ردًا لهبة الله بدلاً من شكرها، وكفى بذلك تعرضًا لمقت الله.
جـ_أنه تشبه بأخلاق أهل الجاهلية.
د_أنه دليل على السَّفه والجهل والخلل في العقل.
هـ_أنه تحميل للمرأة ما لا تطيق; فبعضهم يغضب على المرأة بمجرد إتيانها بالأنثى، وما علم أنه هو السبب لو كان يعقل; إذ يعامل المرأة معاملة من لو كانت ولادة الذكور باختيارها; فلماذا لا يحنق على نفسه; إذ يلقح امرأته بأنثى .
و_أن فيه إهانةً للمرأة وحطَّاً من قدرها.
10_ ومن صور التقصير في تربية الأولاد تسميتهم بأسماء سيئة: فهذا خلل في التربية وجناية على الأولاد، قال الشيخ العلامة بكر أبو زيد_حفظه الله_:=إني تأملت عامة الذنوب والمعاصي، فوجدت الذنوب والمعاصي إذا تاب العبد منها_تجذمها التوبة، وتقطع سيئ أثرها لِتَوِّها; فكما أن الإسلام يَجُبُّ ما قبله وأكبره الشرك_فإن التوبة تَجُبُّ ما قبلها متى اكتملت شروطُها المعتبرةُ شرعًا، وهي معلومة أو بحكم المعلومة.
لكن هناك معصية تتسلسل في الأصلاب، وعارها يلحق الأحفاد من الأجداد، ويتندر بها الرجال على الرجال، والولدان على الولدان، والنسوة على النسوان، فالتوبة منها تحتاج إلى مشوار طويل العثار; لأنها مسجلة في وثائق المعاش من حين استهلال المولود صارخاً في هذه الحياة الدنيا إلى ما شاء الله من حياته، في شهادة الميلاد، وحفيظةِ النفوس، وبطاقة الأحوال، والشهادات الدراسية، ورخصة القيادة، والوثائق الشرعية
إنها =تسمية المولود+ التي تَعَثَّر فيها =الأب+ فلم يهتدِ لاسم يقره الشرع المطهر، ويستوعبه لسان العرب، وتستلهمه الفطرة السليمة.
وهذه واحدة من إفرازات التموجات الفكرية التي ذهبت ببعض الآباء كل مذهب، كل بقدر ما أثَّر به من ثقافة وافدة، وكان من أسوئها ما نفث به بعض المستغربين منها من عشقٍ كَلِفٍ، وظمأ شديد لأسماء الكافرين، والتقاط كل اسمٍ رخوٍ متخاذل وعزوف سادرٍ عن =زينة المواليد+ الأسماء الشرعية+ .
فمن الأخطاء التي تقع في تسمية المولود ما يلي:
أ_تسميتهم بالأسماء الممنوعة المحرمة: كتسميتهم بأسماء الله المختصة به; مثل الأحد، الرحمن، الله، الخالق، ومن ذلك الأسماء المعبدة لغير الله_تعالى_مثل عبد النبي، عبد الحسين، عبد علي، وكذلك تسميتهم بالأسماء الأجنبية الخاصة بأعدائنا من اليهود والنصارى وغيرهم; مثل: جورج، وديفيد، ومايكل، وجوزيف، وديانا، وجاكلين، لأن هذا يجر_ولو على المدى البعيد_إلى موالاتهم.
ب_تسميتهم بالأسماء التي ينبغي تجنبها والتي قد تكون محرمة: كتسميتهم بأسماء الجبابرة والطواغيت; أمثال: فرعون، وهامان، وقارون، ومن كان في قافلتهم وعلى شاكلتهم مثل ماركس، ولينين، وستالين، وفرويد; لأن التسمي بهم يَنِمُّ عن الرضا بأفعالهم، والمحبة لمناهجهم.
ج_تسميتهم بالأسماء التي يُظن أنها من أسماء الله_تعالى_: فهذه من الأسماء المكروهة شرعًا كالتسمية بـ: عبد المقصود، وعبد الستار، وعبد الموجود.
د_تسميتهم بالأسماء المكروهة أدباً وذوقاً: وهي التي تحمل في ألفاظها تشاؤماً، أو معانيَ تكرهها النفوس، كحرب، وحمار، وكلب، ومرة.
هـ_تسمية الأولاد بالأسماء التي تسبب الضحك وتثير السخرية: مثل: شحات، وفلفل، وخيشة، وجحش، وبغل، وفجل.
و_التسمية بالأسماء التي توحي بالتميع والغرام وخدش الحياء: مثل: هيام، ومعناه: الجنون في العشق، وكذلك وصال، وفاتن، وفتنة، وشادية.
ز_التسمية بأسماء الملائكة: خاصة للنساء; إذ يخشى أن يكون تشبهاً بالمشركين.
ح_تسميتهم بالأسماء التي تتضمن تزكية دينية، مثل: برة.
11_ مكث الوالد طويلاً خارج المنزل: فبعض الآباء يهمل منزله، ويمكث طويلاً خارجه، مما يعرض الأولاد للفتن، والمصائب، والضياع والانحراف، ومن مظاهر
ذلك ما يلي:
أ_الاشتغال عن الأولاد بالبيع والشراء والتجارة، ولو عوتب الأب على ذلك لقال: إنما أعمل لأجلهم.
ب_السفر الطويل خارج البلد للعمل أو النزهة.
ج_العكوف الساعات الطوال مع الأصحاب في الاستراحات والمتنزهات.
د_إهمال البيت الأول إذا بنى الأب بزوجة جديدة، وسكن معها بمسكن جديد ; فكم من الناس من يهمل بيته الأول إذا بنى بزوجة جديدة،فيضيع الأولاد، ويتشردون، بسبب انشغال والدهم، وبعده عنهم.
هـ_كثرة خروج الأم من المنزل إما للأسواق أو للزيارات.
هذه بعض مظاهر المكث خارج المنزل، فكم في هذا الصنيع من إهمال للأولاد، وكم فيه من تعريض لهم للفتنة، وكم فيه من حرمان لهم من الشفقة والرعاية والعناية، وما أحسن ما قيل:
ليس اليتيمُ من انتهى أبواه *** همِّ الحياةِ وخلَّفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له *** أمَّاً تخلَّت أو أباً مشغولا
12_ الدعاء على الأولاد: فكم من الوالدين_وخصوصًا الأمهات_من يدعو على أولاده، فتجد الأم_لأدنى سبب_تدعو على ولدها البريء بالحمى، أو أن يقتل بالرصاص، أو أن تدهسه سيارة، أو أن يصاب بالعمى أو الصمم، وتجد من الآباء من يدعو على أبنائه بمجرد أن يرى منهم عقوقاً أو تمرداً ربما كان هو السببَ فيه.
وما علم الوالدان أن هذا الدعاء ربما وافق ساعة إجابة،فتقع الدعوة موقعها، فيندمان ولات ساعة مندم.
ولهذا قال_عليه الصلاة والسلام_: =لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعةً يُسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم+ .
13_ التربية على سفاسف الأمور،وسيئ العبارات،ومرذول الأخلاق: كتشجيع الأندية، وتقليد الكفار، وتعويد البنات على لبس القصير من الثياب، ومن ذلك تعويدهم على إطلاق العبارات النابية، والكلمات المقذعة، وذلك من خلال كثرة ترديد الوالدين لتلك العبارات،أو من خلال نبز الأولاد بالألقاب عند مناداتهم، مما يجعل الأولاد يألفون هذه العبارات، ولا يراعون آداب الكلام.
14_فعل المنكرات أمام الأولاد، أو إقرارهم عليها: كشرب الدخان، أو حلق اللحية، أو سماع الأغاني، أو مشاهدة الأفلام الساقطة،أو متابعة المسلسلات التليفزيونية، وكتبرج المرأة أمام بناتها، وكثرة خروجها من المنزل لغير حاجة،إلى غير ذلك، فهذا كله يجعل من الوالدين قدوةً سيئة للأولاد.
وكذلك قد يرى الوالد على أولاده بعض المنكرات، فلا تراه يحرك ساكناً تجاههم; مما يجعلهم يستمرؤون المنكر.
15_جلب المنكرات للمنزل: سواء كانت من المجلات الخليعة، أو من أجهزة الفساد المدمرة، أو الكتب التي تتحدث عن الجنس صراحة، أو غيرها من المنكرات.
فهذه وسائل تخريب، ومعاول هدم، وأدوات فساد وانحلال، ومدارس لهدم العقيدة وتميع الأخلاق، والتدريب العملي على ارتكاب الفواحش ; فهذه الوسائل لها قدرة كبيرة على الإقناع، ولها تأثير بالغ في تنحية دور الأسرة في التربية.
16_ كثرة المشكلات بين الوالدين: فهذا العمل له دوره السيىء على الأولاد، فما موقف الولد الذي يرى والده وهو يضرب والدته? ويغلظ عليها بالقول? وما موقفه إذا رأى أمه تسيئ معاملة والده?
لا شك أن نوازع الشر ستتحرك في نفسه، ومراجل الحقد ستغلي في جوفه، فتزول الرحمة من قلبه، وينزع إلى الشّرَّة والعدوانية.
17_ التناقض: كأن يأمر الوالد أولاده بالصدق وهو يكذب، ويأمرهم بالوفاء بالوعد وهو يخلف، ويأمرهم بالبر والصلة وهو عاق قاطع،أو ينهاهم عن شرب الدخان وهو يشرب، وهكذا
وليس معنى ذلك أن يترك الوالد نصحَ أولاده إذا كان مقصِّراً أو مُفَرِّطاً في بعض الأمور، بل ينبغي أن ينصح لهم، ولو لم يكن عاملاً بما يقول، وإنما المقصود بيان أن التناقض بين القول والفعل_يفقد النصائح أثرها.
18_ العهد للخادمات والمربيات بتربية الأولاد: فهذا الأمر جد خطير، خصوصًا إذا كانت الخادمة أو المربية كافرة; فذلك مدعاة لانحراف الأولاد، وفساد عقائدهم وأخلاقهم.
19_ ترك البنات يذهبن للسوق بلا محرم: ولا شك أن هذا تفريط عظيم وإخلال بالأمانة، فمن الناس من يذهب ببناته إلى السوق الذي يبيع فيه الرجال، فيمكثن فيه الساعات الطوال، يتجولن بين الباعة بدون محرم; مما يعرضهن للفتنة، ويجعلهن يَفْتِنَّ غيرهن.
ولو قيل لبعض هؤلاء: لِمَ لا تنزل معهم إلى السوق? لقال: أستحيي أن يراني أحد معهن! سبحان الله،أتستحيي من الناس ولا تستحيي من الله ?! أما تخاف العقوبة?! أما تخشى الفتنة?! لو كان عندك غنم ما تركتها بلا راعٍ يرعاها،أَعِرْضُك أرخص عندك من غنمك?! أما تخشى عليه من الذئاب الضارية?!
ومن رعى غنمًا في أرض مسبعةٍ *** ونام عنها تولى رَعْيَها الأسدُ
وقد يقال لهذا: إذا كنت تستحيي من النزول مع محارمك فاذهب بهن إلى الأسواق الخاصة بالنساء، أو اذهب بهن إلى بلدة قريبة من بلدتك، وانزل معهن; حيث لا يعرفك أحد هناك.
20_ إهمال الهاتف وترك مراقبته في المنزل: فبعض الآباء_هداه الله_لا يلقي للهاتف بالاً، ولا يراقبه البتة، بل ربما أعطى كل واحدٍ من أبنائه وبناته هاتفاً خاصاً في غرفته، أو يعطيهم هاتفاً جوالاً ولو كانوا لا يدركون مخاطره، ولا يستفيدون منه على الوجه الصحيح.
ومع العلم أن الهاتف إذا أسيء استخدامه أصبح معول هدم وخراب; فكم جر من بلايا ورزايا، وكم قاد إلى الشرور والمحن، وكم انتهك بسببه من عرض، وكم خَرِب لأجله من بيت.
21_ الغفلة عمّا يقرؤه الأولاد: فالقراءة_ولا شك_تصوغ الفكر، وتؤثر في القارئ سلبًا أو إيجابًا.
وبعض الآباء لا يلقي لها بالاً، فلا يسأل عن قراءة أولاده، ولا يوجههم إلى القراءة النافعة، ولا يحذرهم من القراءة الضارة.
22_ احتقار الأولاد وقلة تشجيعهم: ومن مظاهر ذلك:
أ_إسكاتهم إذا تكلموا، والسخرية بهم وبحديثهم; مما يجعل الولد عديم الثقة بنفسه، قليل الجرأة في الكلام والتعبير عن رأيه.
ب_التشنيع عليهم إذا أخطأوا ولمزهم إذا أخفقوا في موقف، أو تعثروا في مناسبة، مما يولد لديهم الخجل والهزيمة، ويشعر الوالد بالعجب والكبرياء، فيتكون بذلك الحاجز النفسي بين الطرفين; فلا يمكن بعده للوالد أن يؤثر في أولاده.
ج_ازدراؤهم إذا استقاموا: وهذا أشد الاحتقار وأعظم صوره، فتجد من الآباء من يحتقر أولاده إذا رأى منهم تقىً وصلاحًا واستقامةً وهدايةً، مما يجعلهم يضلون، وعلى أعقابهم ينكصون، فيصبحون بعد ذلك عالة عليه، وسببًا لجر البلايا إليه.
23_ قلة العناية بتربيتهم على تحمل المسؤولية: فبعض الآباء لا يربي أولاده على تحمل المسؤولية; إما لإراحتهم، أو لعدم ثقته بهم، أو لعدم مبالاته في تربيتهم، فتجد من الآباء_على سبيل المثال_من لديه محلاتٌ تجارية كثيرة، وتجده يستقدم العمال من خارج بلاده، وربما كانوا ممن لا أمانة لهم ولا عهد لهم، وربما استعان بمن يعمل عنده من أهل بلده، وأولاده في المنزل لا عمل لهم، بل ربما عملوا عند غيره.
وقد يكون الأبناء مقصرين أو عاقين، ولكن ما دور الأب تجاههم?
أما إذا كان الأولاد يشتغلون بطلب العلم، أو الدعوة إلى الله، أو نحو ذلك من معالي الأمور، وأراد الوالد أن يفرغهم لما توجهوا إليه من تلك الأعمال العظيمة - فلا بأس بذلك، بل إن الوالد يُحمد على صنيعه هذا.
وإنما اللوم يقع لمن تركهم عالة على غيرهم، وهو قادر على استصلاحهم، والأخذ بأيديهم إلى ما ينفعهم.
24_عدم إعطائهم فرصة للتصحيح والتغيير للأفضل: فبمجرد أدنى خطأ أو زلة_تجد بعض الآباء يزري بولده، ولا يكاد ينسى هذا الخطأ له، فإذا سرق الولد ناداه باسم السارق، وإذا كذب ناداه باسم الكذَّاب، وكأن هذه الأخطاء ضربة لازب لا تزول، أو وصمة عار لا تنمحي،ومن هنا ينشأ الولد وفي نفسه أنه سارق أو كذاب، فلا يحاول التخلص من عيبه، ولا يجد من يعينه على ذلك.
25_سوء الفهم لنفسية الأولاد وطبائعهم: فكثير من الآباء لا يفهم نفسية أولاده، ولا يعرف طبائعهم وأمزجتهم; فالأولاد تختلف أمزجتهم وطبائعهم; فمنهم من يغضب بسرعة، ومنهم من يتسم بالبرود، ومنهم من هو معتدل المزاج، فمعاملتهم بنمط واحد_بالرغم من تباين نفسياتهم_قد يتسبب في انحرافهم وميلهم.
26_ قلة المراعاة لتقدير مراحل العمر التي يمر بها الولد: فتجد من الوالدين من يعامل الولد على أنه طفل صغير، بالرغم من أنه قد كَبِر، فهذه المعاملة تؤثر في نفس الولد وتشعره بالنقص، فلكل مرحلة من مراحل العمر معاملتها الخاصة التي يجدر بالوالد مراعاتها، والأخذ بها.
27_ الشماتة بالمبتلين: فبعض الآباء إذا رأى مبتلىً بدأ يشمت به، ويتهم أهله بالتقصير في تربيته، بدلاً مِنْ أن يسأل الله السلامة لنفسه، والعافية لهذا المبتلى; فكم من الناس من انحرف أبناؤه وضلوا; بسبب شماتته، وذرابة لسانه، وجرأته على الناس.
28_ قلة الاهتمام باختيار مدارس الأولاد: فكم من الآباء من لا يهتم بذلك، فتجده لا يسأل عن المدرسة التي سيدرس فيها ابنه، ولا عن المدرسين وسلوكهم وأخلاقهم، ولا عن المناهج الدراسية، ولا عن نوعية الطلاب الذين يدرسون في المدرسة مع ابنه.
وكم هي كثيرة هذه الصورو المظاهر
فل نتقي الله في فلذات اكبادنا مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم ( فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)
وقال ايضا (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)
وإذا رأوا منهم تمردًا أو انحرافاً بدأوا يتذمرون ويَشْكُون من ذلك، وما علموا أنهم هم السبب الأول في ذلك التمرد والانحراف كما قيل:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له *** إياك إياك أن تبتل بالماء
والتقصير في تربية الأولاد يأخذ صورًا شتى، ومظاهر عديدة تتسبب في انحراف الأولاد وتمردهم، فمن ذلك ما يلي:
1_ تنشئة الأولاد على الجبن والخوف والهلع والفزع: فمما يلاحظ على أسلوبنا في التربية_تخويف الأولاد حين يبكون ليسكتوا ; فنخوفهم بالغول، والحيوانات الشرسة، والعفريت، وصوت الريح، وغير ذلك.
وأسوأ ما في هذا_أن نخوفهم بالأستاذ، أو المدرسة، أو الطبيب; فينشأ الولد جبانًا رعديدًا يَفْرَقُ من ظلِّه، ويخاف مما لا يخاف منه.
وأشد ما يغرس الخوف والجبن في نفس الطفل_أن نفزع إذا وقع على الأرض، وسال الدم من وجهه، أو يده، أو ركبته، فبدلاً من أن تبتسم الأم، وتهدِّئ من رَوْعِ ولدها وتشعره بأن الأمر يسير_تجدها تهلع وتفزع، وتَلْطِم وجهها، وتضرب صدرها، وتطلب النجدة من أهل البيت، وتهول المصيبة، فيزداد الولد بكاءاً، ويتعود الخوف من رؤية الدم، أو الشعور بالألم.
2_ تربيتهم على التهور، وسلاطة اللسان والتطاول على الآخرين، وتسمية ذلك شجاعة : وهذا خلل في التربية، وهو نقيض الأول، والحق إنما هو في التوسط.
3_ تربيتهم على الميوعة، والفوضى، وتعويدهم على الترف والنعيم والبذخ: فينشأ الولد مترفاً مُنعَّماً، همُّه خاصة نفسه فحسب، فلا يهتم بالآخرين، ولا يسأل عن إخوانه المسلمين، لا يشاركهم أفراحهم، ولا يشاطرهم أتراحهم; فتربية الأولاد على هذا النحو مما يفسد الفطرة، ويقتل الاستقامة، ويقضي على المروءة والشجاعة.
4_ بسط اليد للأولاد، وإعطاؤهم كلَّ ما يريدون: فبعض الوالدين يعطي أولاده كل ما سألوه، ولا يمنعهم شيئاً أرادوه، فتجد يدَه مبسوطة لهم بالعطاء، وهم يعبثون بالأموال، ويصرفونها في اللهو والباطل، مما يجعلهم لا يأبهون بقيمة المال، ولا يحسنون تصريفه.
5_ إعطاؤهم ما يريدون إذا بكوا بحضرة الوالد، خصوصًا الصغار: فيحصل كثيرًا أن يطلب الصغار من آبائهم أو أمهاتهم طلبًا ما، فإذا رفض الوالدان ذلك لجأ الصغار إلى البكاء; حتى يحصل لهم مطلوبهم، عندها ينصاع الوالدان للأمر، وينفذان الطلب، إما شفقة على الولد، أو رغبة في إسكاته والتخلص منه، أو غير ذلك; فهذا من الخلل بمكان، فهو يسبب الميوعة والضعف للأولاد.
يقول الدكتور محمد الصباغ: =سمعت من مالك بن نبي×أن رجلاً جاء يسترشده لتربية ابن له أو بنت ولد حديثاً، فسأله: كم عمرها؟ قال: شهر، قال: فاتك القطار، قال: وكنت أظن بادئ الأمر أني مبالغ، ثم إني عندما نظرتُ وجدت أن ما قُلتُه الحقُّ، وذلك أن الولد يبكي، فتعطيه أمه الثدي، فينطبع في نفسه أن الصراخ هو الوسيلة إلى الوصول إلى ما يريد، ويكبر على هذا.
6_ شراء السيارات لهم وهم صغار: فبعض الوالدين يشتري لأولاده السيارة وهم مراهقين، إما لأن الابن ألحَّ عليه في ذلك، أو لأن الأب يريد التخلص من كثرة طلبات المنزل، ويريد إلقاءها على ولده.
7_ المبالغة في إساءة الظن بهم: فهناك من يسيء الظن بأولاده، ويبالغ في ذلك مبالغة تخرجه عن طوره، فتجده يتهم نيَّاتهم، ولا يثق بهم البتة، ويشعرهم بأنه خلفهم في كل صغيرة وكبيرة، دون أن يتغاضى عن شيء من هفواتهم وزلاتهم.
8_ التفريق بينهم: فتجد من الناس من يفرق بين أولاده، ولا يعدل بينهم بالسوية، سواء كان ذلك مادياً أو معنوياً.
فهناك من يُفَرِّق بين أولاده في العطايا والهدايا والهبات، وهناك من يفرق بينهم بالملاطفة والمزاح، وغير ذلك، مما يوغر صدور بعضهم على بعض، ويتسبب في شيوع البغضاء بينهم، ويبعث على نفورهم وتنافرهم.
ومن مظاهر التفريق بين الأولاد_ما تجده عند بعض الآباء، حيث يخص أحد أبنائه الكبار بمبلغ من المال، ويشتري له قطعة أرض، وربما بناها له دون حاجة إلى ذلك، فإذا قيل له: وما نصيب الصغار والبنات؟ قال: الصغار نعطيهم إذا كَبِروا، والبنات يتزوجن ويكفيهن الأزواج المؤونة!.
بل ربما أعطى بعض الأولاد، ومنع بعضهم الآخر، أو زوَّج بعضهم دون الآخر مع أن السن متقاربة، والحاجة واحدة، ولكنه يفرق بينهم لهوى في نفسه، أو لأن هذا من تلك الزوجة الأثيرة عنده، وذاك من الزوجة التي ليس لها ودٌ في قلبه.
ولا شك أن هذا التصرف باطل ينافي العدل بين الأولاد، فمن الذي يضمن لهذا الرجل أن يعيش حتى يكْبر أبناؤه الصغار؟ ومن الذي يضمن له أنهم سيعيشون حتى يكبروا؟ ومن الذي يضمن له أنه سيستمر على غناه ويساره حتى يكْبروا.
ثم إن البناتِ لهن حقٌ ولو تزوجن، فالذي يليق بالوالد إذا أعطى أحدًا من أولاده شيئاً أن يعطي الآخرين مثله أو أن يدخره لهم، أو أن يكتب على هذا المعطى أنه أخذ كذا وكذا، فإما أن يكون ديناً عليه، أو يُحْسَم من حقه من الميراث بعد وفاة الوالد، وهكذا; فذلك لا ينافي العدل.
كما لا ينافي العدل_أيضاً_أن يعطي بعض الأولاد ما يحتاجه من علاج، أو نفقة دراسية، أو أن يشتري له سيارة إذا كان محتاجاً لها، وهكذا يعطي كل من احتاج إلى شيء من النفقة أو نحوها.
ولا يلزمه إذا أعطى أحداً من أولاده على نحو ما مضى أن يعطي الآخرين في الوقت نفسه.
أما العطية والهبة التي تكون لغير حاجة; حيث يخص بها بعضهم دون بعض_فذلك مما ينافي العدل.
9_ التسخط بالبنات: وهذا_قبل أن يكون خللاً في التربية_هو خلل في العقيدة، فبعض الناس إذا رزقه الله بنتاً تسخط بها، وضاق ذرعاً بمقدمها، ولا شك أن هذا الصنيع من أعمال الجاهلية وأخلاق أهلها، الذين ذمهم الله_عز وجل_في قوله: [وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ](النحل: 58، 59)
وما أشبه الليلة بالبارحة، فلو زرت أحد مستشفيات الولادة في بلاد المسلمين، وقلَّبت طرفك في وجوه الذين ولد لهم بنات، وراقبت كلامهم، وسبرت أحوالهم عند إخبارهم بذلك_لوجدت توافقاً عجيباً، وتطابقاً غريباً بين حال كثير من هؤلاء، وحال الجاهليين الذي قصّ الله علينا أمرهم
وفي بعض المستشفيات قد يكتشفون ما برحم المرأة قبل الولادة عبر الأشعة الصوتية، فإذا كان ما في الرحم ذكرًا بشروا، وإن كان أنثى أقْصَرُوا، بل ربما عزَّوا_عياذًا بالله.
فتسخط البنات أمر خطير وفيه عدة محاذير، منها:
أ_أنه اعتراض على قدر الله_عز وجل_.
ب_أن فيه ردًا لهبة الله بدلاً من شكرها، وكفى بذلك تعرضًا لمقت الله.
جـ_أنه تشبه بأخلاق أهل الجاهلية.
د_أنه دليل على السَّفه والجهل والخلل في العقل.
هـ_أنه تحميل للمرأة ما لا تطيق; فبعضهم يغضب على المرأة بمجرد إتيانها بالأنثى، وما علم أنه هو السبب لو كان يعقل; إذ يعامل المرأة معاملة من لو كانت ولادة الذكور باختيارها; فلماذا لا يحنق على نفسه; إذ يلقح امرأته بأنثى .
و_أن فيه إهانةً للمرأة وحطَّاً من قدرها.
10_ ومن صور التقصير في تربية الأولاد تسميتهم بأسماء سيئة: فهذا خلل في التربية وجناية على الأولاد، قال الشيخ العلامة بكر أبو زيد_حفظه الله_:=إني تأملت عامة الذنوب والمعاصي، فوجدت الذنوب والمعاصي إذا تاب العبد منها_تجذمها التوبة، وتقطع سيئ أثرها لِتَوِّها; فكما أن الإسلام يَجُبُّ ما قبله وأكبره الشرك_فإن التوبة تَجُبُّ ما قبلها متى اكتملت شروطُها المعتبرةُ شرعًا، وهي معلومة أو بحكم المعلومة.
لكن هناك معصية تتسلسل في الأصلاب، وعارها يلحق الأحفاد من الأجداد، ويتندر بها الرجال على الرجال، والولدان على الولدان، والنسوة على النسوان، فالتوبة منها تحتاج إلى مشوار طويل العثار; لأنها مسجلة في وثائق المعاش من حين استهلال المولود صارخاً في هذه الحياة الدنيا إلى ما شاء الله من حياته، في شهادة الميلاد، وحفيظةِ النفوس، وبطاقة الأحوال، والشهادات الدراسية، ورخصة القيادة، والوثائق الشرعية
إنها =تسمية المولود+ التي تَعَثَّر فيها =الأب+ فلم يهتدِ لاسم يقره الشرع المطهر، ويستوعبه لسان العرب، وتستلهمه الفطرة السليمة.
وهذه واحدة من إفرازات التموجات الفكرية التي ذهبت ببعض الآباء كل مذهب، كل بقدر ما أثَّر به من ثقافة وافدة، وكان من أسوئها ما نفث به بعض المستغربين منها من عشقٍ كَلِفٍ، وظمأ شديد لأسماء الكافرين، والتقاط كل اسمٍ رخوٍ متخاذل وعزوف سادرٍ عن =زينة المواليد+ الأسماء الشرعية+ .
فمن الأخطاء التي تقع في تسمية المولود ما يلي:
أ_تسميتهم بالأسماء الممنوعة المحرمة: كتسميتهم بأسماء الله المختصة به; مثل الأحد، الرحمن، الله، الخالق، ومن ذلك الأسماء المعبدة لغير الله_تعالى_مثل عبد النبي، عبد الحسين، عبد علي، وكذلك تسميتهم بالأسماء الأجنبية الخاصة بأعدائنا من اليهود والنصارى وغيرهم; مثل: جورج، وديفيد، ومايكل، وجوزيف، وديانا، وجاكلين، لأن هذا يجر_ولو على المدى البعيد_إلى موالاتهم.
ب_تسميتهم بالأسماء التي ينبغي تجنبها والتي قد تكون محرمة: كتسميتهم بأسماء الجبابرة والطواغيت; أمثال: فرعون، وهامان، وقارون، ومن كان في قافلتهم وعلى شاكلتهم مثل ماركس، ولينين، وستالين، وفرويد; لأن التسمي بهم يَنِمُّ عن الرضا بأفعالهم، والمحبة لمناهجهم.
ج_تسميتهم بالأسماء التي يُظن أنها من أسماء الله_تعالى_: فهذه من الأسماء المكروهة شرعًا كالتسمية بـ: عبد المقصود، وعبد الستار، وعبد الموجود.
د_تسميتهم بالأسماء المكروهة أدباً وذوقاً: وهي التي تحمل في ألفاظها تشاؤماً، أو معانيَ تكرهها النفوس، كحرب، وحمار، وكلب، ومرة.
هـ_تسمية الأولاد بالأسماء التي تسبب الضحك وتثير السخرية: مثل: شحات، وفلفل، وخيشة، وجحش، وبغل، وفجل.
و_التسمية بالأسماء التي توحي بالتميع والغرام وخدش الحياء: مثل: هيام، ومعناه: الجنون في العشق، وكذلك وصال، وفاتن، وفتنة، وشادية.
ز_التسمية بأسماء الملائكة: خاصة للنساء; إذ يخشى أن يكون تشبهاً بالمشركين.
ح_تسميتهم بالأسماء التي تتضمن تزكية دينية، مثل: برة.
11_ مكث الوالد طويلاً خارج المنزل: فبعض الآباء يهمل منزله، ويمكث طويلاً خارجه، مما يعرض الأولاد للفتن، والمصائب، والضياع والانحراف، ومن مظاهر
ذلك ما يلي:
أ_الاشتغال عن الأولاد بالبيع والشراء والتجارة، ولو عوتب الأب على ذلك لقال: إنما أعمل لأجلهم.
ب_السفر الطويل خارج البلد للعمل أو النزهة.
ج_العكوف الساعات الطوال مع الأصحاب في الاستراحات والمتنزهات.
د_إهمال البيت الأول إذا بنى الأب بزوجة جديدة، وسكن معها بمسكن جديد ; فكم من الناس من يهمل بيته الأول إذا بنى بزوجة جديدة،فيضيع الأولاد، ويتشردون، بسبب انشغال والدهم، وبعده عنهم.
هـ_كثرة خروج الأم من المنزل إما للأسواق أو للزيارات.
هذه بعض مظاهر المكث خارج المنزل، فكم في هذا الصنيع من إهمال للأولاد، وكم فيه من تعريض لهم للفتنة، وكم فيه من حرمان لهم من الشفقة والرعاية والعناية، وما أحسن ما قيل:
ليس اليتيمُ من انتهى أبواه *** همِّ الحياةِ وخلَّفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له *** أمَّاً تخلَّت أو أباً مشغولا
12_ الدعاء على الأولاد: فكم من الوالدين_وخصوصًا الأمهات_من يدعو على أولاده، فتجد الأم_لأدنى سبب_تدعو على ولدها البريء بالحمى، أو أن يقتل بالرصاص، أو أن تدهسه سيارة، أو أن يصاب بالعمى أو الصمم، وتجد من الآباء من يدعو على أبنائه بمجرد أن يرى منهم عقوقاً أو تمرداً ربما كان هو السببَ فيه.
وما علم الوالدان أن هذا الدعاء ربما وافق ساعة إجابة،فتقع الدعوة موقعها، فيندمان ولات ساعة مندم.
ولهذا قال_عليه الصلاة والسلام_: =لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعةً يُسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم+ .
13_ التربية على سفاسف الأمور،وسيئ العبارات،ومرذول الأخلاق: كتشجيع الأندية، وتقليد الكفار، وتعويد البنات على لبس القصير من الثياب، ومن ذلك تعويدهم على إطلاق العبارات النابية، والكلمات المقذعة، وذلك من خلال كثرة ترديد الوالدين لتلك العبارات،أو من خلال نبز الأولاد بالألقاب عند مناداتهم، مما يجعل الأولاد يألفون هذه العبارات، ولا يراعون آداب الكلام.
14_فعل المنكرات أمام الأولاد، أو إقرارهم عليها: كشرب الدخان، أو حلق اللحية، أو سماع الأغاني، أو مشاهدة الأفلام الساقطة،أو متابعة المسلسلات التليفزيونية، وكتبرج المرأة أمام بناتها، وكثرة خروجها من المنزل لغير حاجة،إلى غير ذلك، فهذا كله يجعل من الوالدين قدوةً سيئة للأولاد.
وكذلك قد يرى الوالد على أولاده بعض المنكرات، فلا تراه يحرك ساكناً تجاههم; مما يجعلهم يستمرؤون المنكر.
15_جلب المنكرات للمنزل: سواء كانت من المجلات الخليعة، أو من أجهزة الفساد المدمرة، أو الكتب التي تتحدث عن الجنس صراحة، أو غيرها من المنكرات.
فهذه وسائل تخريب، ومعاول هدم، وأدوات فساد وانحلال، ومدارس لهدم العقيدة وتميع الأخلاق، والتدريب العملي على ارتكاب الفواحش ; فهذه الوسائل لها قدرة كبيرة على الإقناع، ولها تأثير بالغ في تنحية دور الأسرة في التربية.
16_ كثرة المشكلات بين الوالدين: فهذا العمل له دوره السيىء على الأولاد، فما موقف الولد الذي يرى والده وهو يضرب والدته? ويغلظ عليها بالقول? وما موقفه إذا رأى أمه تسيئ معاملة والده?
لا شك أن نوازع الشر ستتحرك في نفسه، ومراجل الحقد ستغلي في جوفه، فتزول الرحمة من قلبه، وينزع إلى الشّرَّة والعدوانية.
17_ التناقض: كأن يأمر الوالد أولاده بالصدق وهو يكذب، ويأمرهم بالوفاء بالوعد وهو يخلف، ويأمرهم بالبر والصلة وهو عاق قاطع،أو ينهاهم عن شرب الدخان وهو يشرب، وهكذا
وليس معنى ذلك أن يترك الوالد نصحَ أولاده إذا كان مقصِّراً أو مُفَرِّطاً في بعض الأمور، بل ينبغي أن ينصح لهم، ولو لم يكن عاملاً بما يقول، وإنما المقصود بيان أن التناقض بين القول والفعل_يفقد النصائح أثرها.
18_ العهد للخادمات والمربيات بتربية الأولاد: فهذا الأمر جد خطير، خصوصًا إذا كانت الخادمة أو المربية كافرة; فذلك مدعاة لانحراف الأولاد، وفساد عقائدهم وأخلاقهم.
19_ ترك البنات يذهبن للسوق بلا محرم: ولا شك أن هذا تفريط عظيم وإخلال بالأمانة، فمن الناس من يذهب ببناته إلى السوق الذي يبيع فيه الرجال، فيمكثن فيه الساعات الطوال، يتجولن بين الباعة بدون محرم; مما يعرضهن للفتنة، ويجعلهن يَفْتِنَّ غيرهن.
ولو قيل لبعض هؤلاء: لِمَ لا تنزل معهم إلى السوق? لقال: أستحيي أن يراني أحد معهن! سبحان الله،أتستحيي من الناس ولا تستحيي من الله ?! أما تخاف العقوبة?! أما تخشى الفتنة?! لو كان عندك غنم ما تركتها بلا راعٍ يرعاها،أَعِرْضُك أرخص عندك من غنمك?! أما تخشى عليه من الذئاب الضارية?!
ومن رعى غنمًا في أرض مسبعةٍ *** ونام عنها تولى رَعْيَها الأسدُ
وقد يقال لهذا: إذا كنت تستحيي من النزول مع محارمك فاذهب بهن إلى الأسواق الخاصة بالنساء، أو اذهب بهن إلى بلدة قريبة من بلدتك، وانزل معهن; حيث لا يعرفك أحد هناك.
20_ إهمال الهاتف وترك مراقبته في المنزل: فبعض الآباء_هداه الله_لا يلقي للهاتف بالاً، ولا يراقبه البتة، بل ربما أعطى كل واحدٍ من أبنائه وبناته هاتفاً خاصاً في غرفته، أو يعطيهم هاتفاً جوالاً ولو كانوا لا يدركون مخاطره، ولا يستفيدون منه على الوجه الصحيح.
ومع العلم أن الهاتف إذا أسيء استخدامه أصبح معول هدم وخراب; فكم جر من بلايا ورزايا، وكم قاد إلى الشرور والمحن، وكم انتهك بسببه من عرض، وكم خَرِب لأجله من بيت.
21_ الغفلة عمّا يقرؤه الأولاد: فالقراءة_ولا شك_تصوغ الفكر، وتؤثر في القارئ سلبًا أو إيجابًا.
وبعض الآباء لا يلقي لها بالاً، فلا يسأل عن قراءة أولاده، ولا يوجههم إلى القراءة النافعة، ولا يحذرهم من القراءة الضارة.
22_ احتقار الأولاد وقلة تشجيعهم: ومن مظاهر ذلك:
أ_إسكاتهم إذا تكلموا، والسخرية بهم وبحديثهم; مما يجعل الولد عديم الثقة بنفسه، قليل الجرأة في الكلام والتعبير عن رأيه.
ب_التشنيع عليهم إذا أخطأوا ولمزهم إذا أخفقوا في موقف، أو تعثروا في مناسبة، مما يولد لديهم الخجل والهزيمة، ويشعر الوالد بالعجب والكبرياء، فيتكون بذلك الحاجز النفسي بين الطرفين; فلا يمكن بعده للوالد أن يؤثر في أولاده.
ج_ازدراؤهم إذا استقاموا: وهذا أشد الاحتقار وأعظم صوره، فتجد من الآباء من يحتقر أولاده إذا رأى منهم تقىً وصلاحًا واستقامةً وهدايةً، مما يجعلهم يضلون، وعلى أعقابهم ينكصون، فيصبحون بعد ذلك عالة عليه، وسببًا لجر البلايا إليه.
23_ قلة العناية بتربيتهم على تحمل المسؤولية: فبعض الآباء لا يربي أولاده على تحمل المسؤولية; إما لإراحتهم، أو لعدم ثقته بهم، أو لعدم مبالاته في تربيتهم، فتجد من الآباء_على سبيل المثال_من لديه محلاتٌ تجارية كثيرة، وتجده يستقدم العمال من خارج بلاده، وربما كانوا ممن لا أمانة لهم ولا عهد لهم، وربما استعان بمن يعمل عنده من أهل بلده، وأولاده في المنزل لا عمل لهم، بل ربما عملوا عند غيره.
وقد يكون الأبناء مقصرين أو عاقين، ولكن ما دور الأب تجاههم?
أما إذا كان الأولاد يشتغلون بطلب العلم، أو الدعوة إلى الله، أو نحو ذلك من معالي الأمور، وأراد الوالد أن يفرغهم لما توجهوا إليه من تلك الأعمال العظيمة - فلا بأس بذلك، بل إن الوالد يُحمد على صنيعه هذا.
وإنما اللوم يقع لمن تركهم عالة على غيرهم، وهو قادر على استصلاحهم، والأخذ بأيديهم إلى ما ينفعهم.
24_عدم إعطائهم فرصة للتصحيح والتغيير للأفضل: فبمجرد أدنى خطأ أو زلة_تجد بعض الآباء يزري بولده، ولا يكاد ينسى هذا الخطأ له، فإذا سرق الولد ناداه باسم السارق، وإذا كذب ناداه باسم الكذَّاب، وكأن هذه الأخطاء ضربة لازب لا تزول، أو وصمة عار لا تنمحي،ومن هنا ينشأ الولد وفي نفسه أنه سارق أو كذاب، فلا يحاول التخلص من عيبه، ولا يجد من يعينه على ذلك.
25_سوء الفهم لنفسية الأولاد وطبائعهم: فكثير من الآباء لا يفهم نفسية أولاده، ولا يعرف طبائعهم وأمزجتهم; فالأولاد تختلف أمزجتهم وطبائعهم; فمنهم من يغضب بسرعة، ومنهم من يتسم بالبرود، ومنهم من هو معتدل المزاج، فمعاملتهم بنمط واحد_بالرغم من تباين نفسياتهم_قد يتسبب في انحرافهم وميلهم.
26_ قلة المراعاة لتقدير مراحل العمر التي يمر بها الولد: فتجد من الوالدين من يعامل الولد على أنه طفل صغير، بالرغم من أنه قد كَبِر، فهذه المعاملة تؤثر في نفس الولد وتشعره بالنقص، فلكل مرحلة من مراحل العمر معاملتها الخاصة التي يجدر بالوالد مراعاتها، والأخذ بها.
27_ الشماتة بالمبتلين: فبعض الآباء إذا رأى مبتلىً بدأ يشمت به، ويتهم أهله بالتقصير في تربيته، بدلاً مِنْ أن يسأل الله السلامة لنفسه، والعافية لهذا المبتلى; فكم من الناس من انحرف أبناؤه وضلوا; بسبب شماتته، وذرابة لسانه، وجرأته على الناس.
28_ قلة الاهتمام باختيار مدارس الأولاد: فكم من الآباء من لا يهتم بذلك، فتجده لا يسأل عن المدرسة التي سيدرس فيها ابنه، ولا عن المدرسين وسلوكهم وأخلاقهم، ولا عن المناهج الدراسية، ولا عن نوعية الطلاب الذين يدرسون في المدرسة مع ابنه.
وكم هي كثيرة هذه الصورو المظاهر
فل نتقي الله في فلذات اكبادنا مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم ( فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)
وقال ايضا (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)
ورمضان كريم
رد: التقصير في تربية الأولاد يأخذ صورًا شتى
فعلا ادراج جيد أخي اسماعيل .
فتربية الأولاد لها أهميتها القصوي في حياتنا ، وبالضرورة التقصير في هكذا مهمة تترتب عليها اثار سلبية ، تجعل من الأبناء عرضة لمهاوي السقوط والانحراف .
فعندما لانحسن تربية أبنائنا ، فحتما سيشب الأبناء على الخطأ والزلل ، شأن ذلك شأن الكثير من الأشياء المادية التي لانحسن التعامل معها ، فلا نجني إلا البوار .
وقد ذكرني طرحك هذا بموقف امير المؤمنين
عمر بن الخطاب رضي الله عنه
من ذاك الرجل الذي اتى اليه ليشكوعقوق
ولده له فغضب الفاروق رضي الله عنه
عندما سمع بذلك وارسل في طلب ذاك الابن وعندماحضر اليه عاتبه عتابا قاسيا وعرفه بحقوق والده عليه وامره ببره .
وبعد أن سكت امير المؤمنين سأله ذاك الابن العاق السؤال التالي :
وماحق الولد على والده ياأميرالمؤمنين؟
فرد عليه بأن من حق الولد على والده :
أن يختار أمه وان يختاراسمه وأن يعلمه
أمور دينه ويحفظه القرآن .
فقال الولد :
ياأمير المؤمنين إن أبي هذا لم يختر لي أماً فأمي زنجية ,
ولم يختر لي اسماً فقد اسماني جعلا
ولم يعلمني أو يحفظني شيئاً من القرآن .
فبدت علامات الغضب والعتب على ملامح امير المؤمنين
وقال للأب : قم يرحمك الله .
قم يرحمك الله . لقد عققته قبل أن يعقك .
وفي الحديث الشريف يقول عليه الصلاة والسلام :
(اعينوا أولادكم على البر ) أخرجه الطبراني عن ابي هريرة .
( رحم الله والداً أعان ولده على بره ) عن علي وابن عمر .
ولكن بالرغم من كل ذلك يبقى بر الوالدين واجباً انسانياً
ودينياً واخلاقيا على الابناء والبنات لقوله تعالى :
{ ووصينا الإنسان بوالديه حسناً وإن جاهداك
لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما
إليَّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون } العنكبوت / 8 .
{ وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به
علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا
واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم
بما كنتم تعملون } لقمان / 15
. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ :
{ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ آتٍ
فَقَالَ شَابٌّ يَجُودُ بِنَفْسِهِ قِيلَ لَهُ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ
فَلَمْ يَسْتَطِعْ , فَقَالَ كَانَ يُصَلِّي ؟ فَقَالَ نَعَمْ
فَنَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَهَضْنَا
مَعَهُ فَدَخَلَ عَلَى الشَّابِّ فَقَالَ لَهُ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ
فَقَالَ لَا أَسْتَطِيعُ , فَقَالَ لِمَ ؟ قَالَ كَانَ يَعُقُّ وَالِدَتَهُ
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَحَيَّةٌ وَالِدَتُهُ ؟
قَالُوا نَعَمْ , قَالَ اُدْعُوهَا , فَدَعَوْهَا فَجَاءَتْ
فَقَالَ هَذَا ابْنُك ؟ فَقَالَتْ نَعَمْ .
فَقَالَ لَهَا أَرَأَيْت لَوْ أُجِّجَتْ نَارٌ ضَخْمَةٌ فَقِيلَ لَك
إنْ شَفَعْت لَهُ خَلَّيْنَا عَنْهُ وَإِلَّا حَرَقْنَاهُ بِهَذِهِ النَّارِ
أَكُنْت تَشْفَعِينَ لَهُ ؟ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إذَنْ أَشْفَعُ
قَالَ فَأَشْهِدِي اللَّهَ وَأَشْهِدِينِي أَنَّك قَدْ رَضِيت عَنْهُ
قَالَتْ اللَّهُمَّ إنِّي أُشْهِدُك وَأُشْهِدُ رَسُولَك أَنِّي قَدْ رَضِيت
عَنْ ابْنِي , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
يَا غُلَامُ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَاشْهَدْ
أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , فَقَالَهَا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ بِي مِنْ النَّارِ }
وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مُخْتَصَرًا .
{ وَيُرْوَى أَنَّ اسْمَ الشَّابِّ عَلْقَمَةَ
وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَمَرَ أُمَّهُ
بِالرِّضَى عَلَيْهِ أَبَتْ , فَدَعَا بِحُزَمِ الْحَطَبِ وَالنَّارِ
فَقَالَتْ مَا تَصْنَعُ بِذَلِكَ ؟ قَالَ أُحْرِقُ وَلَدَك عَلْقَمَةَ
فَرَضِيَتْ عَلَيْهِ } .
تحياتي
فتربية الأولاد لها أهميتها القصوي في حياتنا ، وبالضرورة التقصير في هكذا مهمة تترتب عليها اثار سلبية ، تجعل من الأبناء عرضة لمهاوي السقوط والانحراف .
فعندما لانحسن تربية أبنائنا ، فحتما سيشب الأبناء على الخطأ والزلل ، شأن ذلك شأن الكثير من الأشياء المادية التي لانحسن التعامل معها ، فلا نجني إلا البوار .
وقد ذكرني طرحك هذا بموقف امير المؤمنين
عمر بن الخطاب رضي الله عنه
من ذاك الرجل الذي اتى اليه ليشكوعقوق
ولده له فغضب الفاروق رضي الله عنه
عندما سمع بذلك وارسل في طلب ذاك الابن وعندماحضر اليه عاتبه عتابا قاسيا وعرفه بحقوق والده عليه وامره ببره .
وبعد أن سكت امير المؤمنين سأله ذاك الابن العاق السؤال التالي :
وماحق الولد على والده ياأميرالمؤمنين؟
فرد عليه بأن من حق الولد على والده :
أن يختار أمه وان يختاراسمه وأن يعلمه
أمور دينه ويحفظه القرآن .
فقال الولد :
ياأمير المؤمنين إن أبي هذا لم يختر لي أماً فأمي زنجية ,
ولم يختر لي اسماً فقد اسماني جعلا
ولم يعلمني أو يحفظني شيئاً من القرآن .
فبدت علامات الغضب والعتب على ملامح امير المؤمنين
وقال للأب : قم يرحمك الله .
قم يرحمك الله . لقد عققته قبل أن يعقك .
وفي الحديث الشريف يقول عليه الصلاة والسلام :
(اعينوا أولادكم على البر ) أخرجه الطبراني عن ابي هريرة .
( رحم الله والداً أعان ولده على بره ) عن علي وابن عمر .
ولكن بالرغم من كل ذلك يبقى بر الوالدين واجباً انسانياً
ودينياً واخلاقيا على الابناء والبنات لقوله تعالى :
{ ووصينا الإنسان بوالديه حسناً وإن جاهداك
لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما
إليَّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون } العنكبوت / 8 .
{ وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به
علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا
واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم
بما كنتم تعملون } لقمان / 15
. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ :
{ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ آتٍ
فَقَالَ شَابٌّ يَجُودُ بِنَفْسِهِ قِيلَ لَهُ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ
فَلَمْ يَسْتَطِعْ , فَقَالَ كَانَ يُصَلِّي ؟ فَقَالَ نَعَمْ
فَنَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَهَضْنَا
مَعَهُ فَدَخَلَ عَلَى الشَّابِّ فَقَالَ لَهُ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ
فَقَالَ لَا أَسْتَطِيعُ , فَقَالَ لِمَ ؟ قَالَ كَانَ يَعُقُّ وَالِدَتَهُ
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَحَيَّةٌ وَالِدَتُهُ ؟
قَالُوا نَعَمْ , قَالَ اُدْعُوهَا , فَدَعَوْهَا فَجَاءَتْ
فَقَالَ هَذَا ابْنُك ؟ فَقَالَتْ نَعَمْ .
فَقَالَ لَهَا أَرَأَيْت لَوْ أُجِّجَتْ نَارٌ ضَخْمَةٌ فَقِيلَ لَك
إنْ شَفَعْت لَهُ خَلَّيْنَا عَنْهُ وَإِلَّا حَرَقْنَاهُ بِهَذِهِ النَّارِ
أَكُنْت تَشْفَعِينَ لَهُ ؟ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إذَنْ أَشْفَعُ
قَالَ فَأَشْهِدِي اللَّهَ وَأَشْهِدِينِي أَنَّك قَدْ رَضِيت عَنْهُ
قَالَتْ اللَّهُمَّ إنِّي أُشْهِدُك وَأُشْهِدُ رَسُولَك أَنِّي قَدْ رَضِيت
عَنْ ابْنِي , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
يَا غُلَامُ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَاشْهَدْ
أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , فَقَالَهَا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ بِي مِنْ النَّارِ }
وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مُخْتَصَرًا .
{ وَيُرْوَى أَنَّ اسْمَ الشَّابِّ عَلْقَمَةَ
وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَمَرَ أُمَّهُ
بِالرِّضَى عَلَيْهِ أَبَتْ , فَدَعَا بِحُزَمِ الْحَطَبِ وَالنَّارِ
فَقَالَتْ مَا تَصْنَعُ بِذَلِكَ ؟ قَالَ أُحْرِقُ وَلَدَك عَلْقَمَةَ
فَرَضِيَتْ عَلَيْهِ } .
تحياتي
محمد بن زعبار- عضو مبدع
- عدد الرسائل : 1062
نقاط : 2133
تاريخ التسجيل : 02/11/2008
رد: التقصير في تربية الأولاد يأخذ صورًا شتى
إن ما يجب أن نتأكد منه أن سلوكيات أبنائنا السيئة هي بمثابة أمراض سلوكية تتطلبمنا البحث عن الداء لإيجاد الدواء الملائم وإعطاء الجرعات الكافية حتى يزول المرض،وقد يتطلب منا التماثل للشفاء نفسا طويلا وزيادة في الجرعات، على أن حضور الرفق فيالوصفة الطبية مهم جدا وأساسي يجعل الطفل يقبل على الدواء وينتظر فترات أخذ جرعاتمنه بفارغ الصبر، فالرفق يحسسه أن الأب يريد مصلحته بعيدا عن الانتقام بالاستفزازوالشتم والضرب أمام الملأ.
وهناك أمر مهم يجب أن ننتبه إليه وهو ربط قلوبأبنائنا بالله عز وجل تحبيبا أكثر منه تخويفا، ليستشعر حضوره معه في حضورنا وغيابنافيتراجع عن فعل كل ما هو سيء وإن كان وحيدا.
وهناك أمر مهم يجب أن ننتبه إليه وهو ربط قلوبأبنائنا بالله عز وجل تحبيبا أكثر منه تخويفا، ليستشعر حضوره معه في حضورنا وغيابنافيتراجع عن فعل كل ما هو سيء وإن كان وحيدا.
توفيق- عضو متميز
- عدد الرسائل : 425
نقاط : 1075
تاريخ التسجيل : 09/09/2009
مواضيع مماثلة
» الشهر قصيرٌ لا يحتمل التقصير
» من يأخذ هذا السيف بحقه ..
» لمن يأخذ الدروس ويصحح المسيرة الفشل أقصر طريق نحو النجــــــاج
» تربية الأطفال في العطلة الصيفية ...
» هل نقدم تربية المسلمين ايمانيا على الجهاد
» من يأخذ هذا السيف بحقه ..
» لمن يأخذ الدروس ويصحح المسيرة الفشل أقصر طريق نحو النجــــــاج
» تربية الأطفال في العطلة الصيفية ...
» هل نقدم تربية المسلمين ايمانيا على الجهاد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة أبريل 12, 2024 4:10 pm من طرف سعداوي ربيع
» المتألقه ياسمين ابراهيم
الثلاثاء أكتوبر 10, 2023 8:54 pm من طرف سعداوي ربيع
» إستمتع بخدمة ultimate game pass لجهاز الإكسبوكس و الحاسوب
الخميس نوفمبر 24, 2022 10:35 pm من طرف lmandoo
» ربيع المؤمـــــــــــــــــــن
الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 8:11 am من طرف سعداوي ربيع
» مشروع واحة الشاطيء شقق للبيع في مدينة دبي للاستديوهات
الخميس نوفمبر 03, 2022 9:21 pm من طرف lmandoo
» شركة حلول ميج للاستشارات وتطوير الأعمال
الثلاثاء أكتوبر 18, 2022 11:26 am من طرف lmandoo
» نانا اليوم اقوى الخصومات على كل المنتجات
الأربعاء أكتوبر 12, 2022 11:28 pm من طرف lmandoo
» مرام مالك فنانة غنائية سعودية
الإثنين سبتمبر 05, 2022 5:12 am من طرف lmandoo
» موقع تعليمي سعودي لتغطية كافة المناهج
الخميس أغسطس 25, 2022 11:44 pm من طرف lmandoo
» يونيريم للرعاية المنزلية UNIREM Home Care
الأربعاء أغسطس 17, 2022 3:49 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
السبت أغسطس 13, 2022 3:57 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
السبت أغسطس 13, 2022 2:21 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:47 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:37 am من طرف lmandoo
» مصممة الازياء رنا سمعان من نينوى العراق إلى العالمية
الإثنين أغسطس 08, 2022 3:45 am من طرف lmandoo