مـــــــــــــــــــــواعظ
من فضل الله على عباده تتابع مواسم الخيرات ومضاعفة الحسنات فالمؤمن يتقلب في ساعات عمره بين أنواع العبادات والقربات فلا يمضي من عمره ساعة إلا ولله فيها وظيفة من وظائف الطاعات وما أن يفرغ من عبادة إلا ويشرع في عبادة أخرى ولم يجعل الله حدا لطاعة العبد إلا انتهاء عمره وانقضاء أجله.
وبعد ان اتم الله لنا نعمة اكمال شهر الصيام والقيام ورتب عليه عظيم الأجر والثواب صيام ست أيام من شوال التي ثبت في فضائلها العديد من الأحاديث منها ما رواه الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر
المواضيع الأخيرة
بطاقات اسلامية
أدعية رمضانــــــــــية
عبد السلام العجيلي .. الطبيب ـ الأديب ـ السياسي ...
ضفاف الإبداع :: الفـــــكر و الأدب و الثقافة و الفن :: ضفــــــ التـــــــــــــراجــم و السيــــــر ــــــاف
صفحة 1 من اصل 1
عبد السلام العجيلي .. الطبيب ـ الأديب ـ السياسي ...
عبد السلام العجيلي، الطبيب؛ الأديب؛ السياسي..........
إذا كان خلود الأمة بعظمائها، فإن لدينا من العظماء ما يخلدنا أبد الدهر، ولعل المرحوم الدكتور "عبد السلام العجيلي" الذي كان روائياً وقاصاً، كما كتب الشعر، ومارس السياسة، وعمل وزيراً، وهو طبيب؛ أحب الأسفار والرحلات، وترك أكثر من أربعين كتاباً مطبوعاً في القصة والرواية والسيرة والمذكرات. وصفه الشاعر الراحل "نزار قباني": (إنه أروع بدوي عرفته، وأروع حضري عرفته الصحراء).
ولد في محافظة الرقة عام (1918) من أسرة عربية عريقة تنتمي إلى عشيرة (البوبدران) التي تعود بأصولها لبادية الموصل، وهناك فروع من هذه العشرة يقطن في محافظة دير الزور، وهي من السادة الذين يصل نسبهم إلى السيد الحسين u، تلقى على يد جده تربية صالحة، ودرس المرحلة الابتدائية في الرقة، ثم تابع دراسته الثانوية في حلب. وانتسب بعدها إلى كلية الطب في جامعة دمشق، وتخرج منها طبيباً
عام 1945، ثم انتخب عضواً في البرلمان السوري عام 1947 ممثلاً عن الرقة، وفي العام نفسه تطوع في جيش الإنقاذ العربي، وحارب في فلسطين، وفقد إحدى عينيه في المعركة، تولى وزارة الثقافة والإرشاد القومي عام 1962، ثم جمع إليها وزارة الإعلام، فالخارجية، لكن عمله فيها لم يدم طويلاً.
كان كثير الرحلات والأسفار، وكان الأدب بالنسبة إليه متعة وهواية وليس حرفة، وهو إلى جانب ذلك طبيب يستقبل مرضاه في عيادته المفتوحة دائماً في الرقة، حيث يعالج فيها الفقراء ويداويهم من غير أجر، بل ويمنحهم الدواء مجاناً.
أحب موطنه الأول الرقة، كما أحب عمله في عيادته طبيباً، ومن عمله استوحى كثيراً من أعماله القصصية، ومن بداوته استقى أسلوبه البسيط الواضح، فكان أدبه تعبيراً واقعياً عن بيئته، كان كريم النفس، عزيز الطبع، عمل بالسياسة لكنها لم تشغله حيث عمل فيها بمفهومها الوطني، لم ينتسب إلى أي حزب، فكان؛ وظل حر الرأي، لقي أدبه كل التقدير والاحترام من النقاد على مختلف آرائهم واتجاهاتهم ومذاهبهم، وكان شخصه يلقى الحفاوة دائماً والتقدير، علماً أن معظم مؤلفاته قد ترجمت إلى أكثر من (14) أربعة عشر لغة كما كتب عنه العديد من الدراسات الأدبية والفكرية.
منح وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى أواخر عام 2005، وتنادى عدد كبير من الأدباء إلى الاحتفاء به، فأقيمت ندوة في الرقة تحت عنوان: "عبد السلام العجيلي أيقونة الرقة" شارك فيها أدباء وباحثون من سورية ومصر ولبنان والسودان وزاروه في بيته حيث كان يعاني من وطأة المرض الذي ألم به، وقد غادر الدنيا غير آسفٍ عليها في (5) نيسان عام 2006.
سبق أن ذكرنا أن عمله كطبيب كان مصدر إلهام له في كثير من أعماله القصصية وكان عمله في مجال الأدب أيضاً يكمل عمله في مجال الطب، إذ يرى أن الأدب قادرٌ على كشف ما لم يستطع اكتشافه في أعماق الإنسان وأغواره النفسية، ولذلك كانت أغلب قصصه غوصاً في أعماق الإنسان لكشف حياته الداخلية في حين يكشف العلم حياته الخارجية.
والجميع يدرك جيداً أن الأديب العجيلي عاش حياة مديدة تجاوزت الـ 85 عاماً، وتميزت حياته الأدبية بالاتزان والوقار والصرامة، وهذا الشيء جسَّده في كتاباته وحياته الشخصية، فأعطى لنفسه بعد أربعين عاماً من الأدب الجاد فسحة من الفكاهة، إلا أنه بين لنا فيما بعد بعض ملامحه المرحة التي حرص على إخفائها وراء ملامح الصرامة التي طبعت حياته بطابعها، حيث أراد أن يثبت لنا أنه إنسان كأي إنسان يحمل في داخله كل متناقضات البشر من خير وشر ومن جمال وقبح ومن جد وهزل. وكان يرمي من وراء ذلك تجاوز زمن اتصف بالانكسارات والهزائم وعدم تحقيق الأمنيات بما يلبي الطموحات القومية والوطنية للإنسان العربي، وأراد أن يسخر أدبه لهذه الغاية كي ينـزع عن وجوهنا قناع العبوس، وأن يزرع في نفوسنا وأعماقنا الابتسامة الحلوة والفرح الدائم اللذين فقدهما المواطن العربي. وهذا الشيء حرص على إنجازه في دفقات مرحة في بعض كتبه ولا سيما منها (جيل الدربكة وفصول أبي البهاء وأحاديث طبية وقطرة دم).
ومن بين هذه الكتب فقد وقع اختيارنا على كتاب فصول أبي البهاء وهذا الكتاب هو عبارة عن مجموعة من الطرف يرويها على لسان صديقه أبي البهاء، وسبق لمجلة (الدوحة) القطرية أن قامت بنشرها بين عامي 1981-1985 حيث كان يرأس تحريرها في ذلك الوقت الناقد المصري "رجاء النقاش"، ثم صدرت فيما بعد في كتاب واحد عن دار طلاس في دمشق عام 1986... و(أبو البهاء) هذا صنع شهرته بنفسه من خلال مقالبه المضحكة التي يدبرها للناس الذين يوقعهم حظهم العاثر بحبائله ببديهية حاضرة لديه وجرأة فائقة، وبقدرة عالية على التمثيل وبأساليب مختلفة. ينقل لنا الكاتب طرفاً من الحياة إلى صفحات الكتاب بأسلوبه الرشيق والجميل والذي يجعلك تخرج عن اتزانك من كثرة الضحك والقهقهة العالية.
في إحدى الطرف يروي لنا المزارع "أحمد" الذي فرَّ من الدائنين الذين يلاحقونه يومياً إلى المدينة، غير أن ابن عمه خميس تبعه ليطالبه بدين له عليه، وسنحت له الفرصة ليتخلص منه بمرور أبي البهاء، فهمس المزارع أحمد في أذن أبي البهاء بسرعة: إنه خميس ابن عم لي قد قدم بالسيارة لتوه من البلد وهو يضايقني، توقف أبو البهاء وقال بصوت مرتفع: أحمد أريد أن أسألك عن شخص قدم لتوه من بلدكم إنه قصير القامة ويرتدي الثياب البدوية واسمه خميس، قال أحمد ولماذا تسأل عنه أبو البهاء:
أنا لا أعرفه غير أن الشرطة تبحث عنه لتحرشه بفتاة كانت بالسيارة هذا الصباح، إنها بنت أخت قائد الشرطة، المسكين سيسلخون جلده.
وفي هذه الأثناء توارى خميس قصير القامة الذي يرتدي ثياب البدو وراء أحمد مخافة أن يتعرف عليه المتحدث وقال لأحمد بصوت خافت: صدقني هذا غير صحيح والله ما تعرضت لإحداهن بأي كلمة، واستمر أبو البهاء يصور قساوة العقاب الذي سيتعرض له هذا المجرم إن وقع في أيدي الشرطة، وهذا ما زاد من هلع خميس فقال لأحمد: أعلمني ماذا أصنع الآن؟! قال أحمد الذي كان يتهرب من دين ابن عمه لعدة أيام آخر، عليك أن تهرب حتى تتخلص منه.
وفي قصة أخرى يروي لنا "علي" الفلاح البسيط الذي قدم المدينة من القرية والذي وقع بالمقلب فيقول: كنت في الفندق عندما قدم ابن خالتي الأستاذ "عبد الفتاح" لزيارتي وتصادف أن جاء بائع لأوراق اليانصيب وأردنا أن نجرب حظنا فتشاركنا بورقة على أن تبقى مع ابن خالتي واحتفظ برقمها على ورقة خارجية، وفي اليوم التالي وقد أنهيت أعمالي ركبت السيارة متوجهاً إلى القرية، وقد نسيت ابن خالتي وشراكتنا في ورقة اليانصيب، وفي الطريق لفت نظري رجل أنيق في المقعد الأمامي يتصفح جريدته وإذا به يحدث نفسه قائلاً: هذا معلم مدرسة فقير الحال معدم أعرفه جيداً إنه زميلي في المدرسة، تصوروا لقد هبطت عليه ثروة من السماء مقدارها مئة وخمسون ألف ليرة سورية، أصغت السمع جيداً لهذا الحديث فأكمل صاحبنا قائلاً: "الواقع لم تهبط عليه الثروة من السماء بل ربحها بورقة اليانصيب مبروك عليه الثروة يا أستاذ عبد الفتاح مصطفى والله إنك تستحقها.
لم يكمل صاحبنا كلامه حتى تذكرت ابن خالتي عبد الفتاح وشراكتي له بورقة اليانصيب، وقد تيقنت من الصحيفة الآن أنه فاز بالجائزة الكبرى، وهذا يعني أن لي منها نصفها، فقفزت من السيارة وهي سائرة مما سبب لي الكثير من الجروح والكدمات، وعدت أدراجي مسرعاً إلى ابن خالتي أطالبه بحصتي من الجائزة، غير أن عبد الفتاح أنكر أنه ربح بورقة اليانصيب، فقلت وأنا ألومه: هل تريد أكل نصيبي من الجائزة؟؟ فلماذا تنكر والخبر منشور في الجريدة مع ذلك الرجل؟؟ قال ابن خالتي مندهشاً: أي رجل صفه لي؟ فقلت له: رجل صفاته كذا وكذا، فضحك ابن خالتي عالياً وهو يقول: لا بد أنه أبو البهاء، لقد حدثته عن شراكتنا بورقة اليانصيب، ويبدو أنه أحب أن يمازحك، فقلت والحزن يملؤ قلبي: لا بارك الله فيك ولا فيه لقد كدتما توديان بحياتي بمزاحكما الثقيل".
وفي قصة أخرى يحدثنا الراوي عن "إسماعيل" الذي كان رئيساً للديوان في (القائم مقامية)، وقد كره قاضياً متزمتاً بخيلاً قد استأجر غرفة في البلدة، وجعل زوجة الآذن تقوم بتنظيفها وترتيبها، وقد وصل البخل بالقاضي أنه يملك بدلة وحيدة لا ثاني لها، وفي أحد الأيام وبينما كان القاضي متوجهاً إلى المحكمة علق بنطاله بمسمار فشقه له، وبما أنه لا يملك غيره فقد أكمل طريقه إلى المحكمة على أن يعطيه لزوجة الآذن فتخيطه له فيما بعد، ولما اجتمع كره إسماعيل للقاضي مع كره (القائمقام) فقد اتفقا على إهانته على رؤوس الأشهاد.
فقد أوهم إسماعيل القاضي بأنه يستطيع المرافعة وراء قوس المحكمة دون بنطال ريثما يخيطه ويعيده له، وكان لإسماعيل ما أراد، فحمل البنطال إلى (القائمقام)، سر بأن يتندر على حضور القاضي، غير أن القاضي رفض الحضور، ولما استبطأ القائمقام القاضي بعث بكتاب رسمي يدعوه للحضور إلى مكتبه للتشاور معه في قضية تمس أمن الدولة، ويحمله مسؤولية عدم الحضور، عندما شاهد الناس في المحكمة القاضي وهو يستر عورته بصحيفة يلفها حول وسطه، صحيح أن القاضي كان بخيلاً ولكنه كان أيضاً نزيهاً، لقد كانت الإهانة التي لحقت به كبيرة وجائرة ولا تتناسب مع منصبه الذي يشغله كقاضي يحكم بين الناس بالعدالة.
مما تقدم يثبت لدينا أن عمل العجيلي كطبيب كان مصدر إلهام له في كثير من أعماله القصصية، وكان عمله في مجال الأدب يكمل عمله في مجال الطب، إذ يرى الأدب قادراً على كشف ما لم يستطع اكتشافه في أعماق الإنسان وأغواره النفسية، ولذلك كانت قصصه غوصاً في أعماق الإنسان لكشف حياته الداخلية في حيث يكشف العلم حياته الخارجية.
ومن ذلك اللقاء أيضاً بين العلم والأدب قصته (قطرات دم) وفيها يصور طبيباً تُحمل إليه فتاة طعنها أخوها عدة طعنات ثأراً للشرف، وتحتاج إلى دم فيضطر الطبيب نفسه للتبرع لها، ويمر الزمن ويصادفها في الشارع وتدعوه إلى منـزلها ويحدثها عن عشيرته ذات الأصل العريق فتعده أن تحافظ على نقاء دمه، وكانت تمارس العهر، فتقلع عنه ثم يأتيه خبر انتحارها، ويحار الناس في تفسير سبب ذلك الانتحار، ولكن الطبيب وحده هو من يعرف السبب والسر.
إن عالم العجيلي؛ هو عالم الإنسان، وهو لا ينظر إليه من السطح أو الخارج، بل يعالجه في العمق ليؤكد أن الحياة لا يمكن فهمها من زاوية العلم وحده، وأن الخيال والسحر والخرافة لا تتناقض مع العلم بل هي مكملة له. فقد كان متأثراً ببيئته البدوية، بل كان وفياً لقيمها وعاداتها، يحترمها ويقدرها. كما كان في الوقت نفسه منسجماً في فنه، ومع رؤيته الفكرية، فأسلوبه هو أسلوب البدوي في روايته. والقصة عنده أشبه شيء بالحكاية، يرويها بعفوية وبساطة بعيداً عن التعقيد والتجريب، وفي قرب شديد من الواقع كأنه ينقل حكاية يومية، وهو يريد أن يوهم القارئ بوقوعها حقيقة، ويضع لها الشهود، ويذكر لها الأدلة من الزمان والمكان في قدرة كبيرة على الاقتناع. وكان يحاول دائماً ألا يكرر نفسه، فقد اتبع أسلوب المقامة والرسائل والحكاية والمنولوج والمذكرات والأحلام، ولكن الأسلوب التقليدي كان دائماً هو الغالب على رواياته وقصصه.
لقد تم تأليف العديد من الكتب حوله، كذلك قدمت أطروحات جامعية عديدة درست تجربته القصصية والروائية ومكوناته الفكرية والمعرفية وجدلية الإبداع لديه. وفي الحقيقة إنه ظاهرة ثقافية وإبداعية غنية ومتنوعة لا نجد لها نظيراً في حياتنا الأدبية.
مؤلفاته:
- في الشعر: الليالي والنجوم 1951.
- في القصة: بنت الساحرة 1948، ساعة الملازم 1951، قناديل إشبيلية 1959، الحب والنفس 1959، الخائن 1960، رصيف العذراء السوداء 1960، الخيل والنساء 1965، فارس مدينة القنيطرة 1961، حكاية مجانين 1972، الحب الحزين 1979، فصول أبي البهاء 1986، موت الحبيبة 1987، مجهول على الطريق 1997، حب أول وحب أخير 2003.
- في الرواية: باسمة بين الدموع 1959، قلوب على الأسلاك 1974، ألوان الحب الثلاثة 1975، أزاهير تشرين المدماة 1977، المغمورون 1979، أرض السياد 1998، أجملهن 2001.
- في المحاضرات: أحاديث العشيات 1965، السيف والتابوت 1974، سبعون دقيقة حكايات 1978، حفنة من الذكريات 1987، محطات في الحياة 1995.
- في الأسفار: حكايات من الرحلات 1954، دعوة إلى السفر 1963، خواطر مسافر 1997، على هامش الطب: عيادة في الريف 1954، حكايات طبية 1986، أحاديث الطبيب 1997.
- في المقالات: في كل واد عصا 1984، جيل الدربكة 1990، ادفع بالتي هي أحسن 1997.
- في المنوعات: المقامات 1963، أشياء شخصية 1968، فلسطينيات 1994وجوه الراحلين 1982، ذكريات أيام السياسة ج1 2000، ج2 2002، ضد التيار 2002، جيش الإنقاذ 2005.
منقول
إذا كان خلود الأمة بعظمائها، فإن لدينا من العظماء ما يخلدنا أبد الدهر، ولعل المرحوم الدكتور "عبد السلام العجيلي" الذي كان روائياً وقاصاً، كما كتب الشعر، ومارس السياسة، وعمل وزيراً، وهو طبيب؛ أحب الأسفار والرحلات، وترك أكثر من أربعين كتاباً مطبوعاً في القصة والرواية والسيرة والمذكرات. وصفه الشاعر الراحل "نزار قباني": (إنه أروع بدوي عرفته، وأروع حضري عرفته الصحراء).
ولد في محافظة الرقة عام (1918) من أسرة عربية عريقة تنتمي إلى عشيرة (البوبدران) التي تعود بأصولها لبادية الموصل، وهناك فروع من هذه العشرة يقطن في محافظة دير الزور، وهي من السادة الذين يصل نسبهم إلى السيد الحسين u، تلقى على يد جده تربية صالحة، ودرس المرحلة الابتدائية في الرقة، ثم تابع دراسته الثانوية في حلب. وانتسب بعدها إلى كلية الطب في جامعة دمشق، وتخرج منها طبيباً
عام 1945، ثم انتخب عضواً في البرلمان السوري عام 1947 ممثلاً عن الرقة، وفي العام نفسه تطوع في جيش الإنقاذ العربي، وحارب في فلسطين، وفقد إحدى عينيه في المعركة، تولى وزارة الثقافة والإرشاد القومي عام 1962، ثم جمع إليها وزارة الإعلام، فالخارجية، لكن عمله فيها لم يدم طويلاً.
كان كثير الرحلات والأسفار، وكان الأدب بالنسبة إليه متعة وهواية وليس حرفة، وهو إلى جانب ذلك طبيب يستقبل مرضاه في عيادته المفتوحة دائماً في الرقة، حيث يعالج فيها الفقراء ويداويهم من غير أجر، بل ويمنحهم الدواء مجاناً.
أحب موطنه الأول الرقة، كما أحب عمله في عيادته طبيباً، ومن عمله استوحى كثيراً من أعماله القصصية، ومن بداوته استقى أسلوبه البسيط الواضح، فكان أدبه تعبيراً واقعياً عن بيئته، كان كريم النفس، عزيز الطبع، عمل بالسياسة لكنها لم تشغله حيث عمل فيها بمفهومها الوطني، لم ينتسب إلى أي حزب، فكان؛ وظل حر الرأي، لقي أدبه كل التقدير والاحترام من النقاد على مختلف آرائهم واتجاهاتهم ومذاهبهم، وكان شخصه يلقى الحفاوة دائماً والتقدير، علماً أن معظم مؤلفاته قد ترجمت إلى أكثر من (14) أربعة عشر لغة كما كتب عنه العديد من الدراسات الأدبية والفكرية.
منح وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى أواخر عام 2005، وتنادى عدد كبير من الأدباء إلى الاحتفاء به، فأقيمت ندوة في الرقة تحت عنوان: "عبد السلام العجيلي أيقونة الرقة" شارك فيها أدباء وباحثون من سورية ومصر ولبنان والسودان وزاروه في بيته حيث كان يعاني من وطأة المرض الذي ألم به، وقد غادر الدنيا غير آسفٍ عليها في (5) نيسان عام 2006.
سبق أن ذكرنا أن عمله كطبيب كان مصدر إلهام له في كثير من أعماله القصصية وكان عمله في مجال الأدب أيضاً يكمل عمله في مجال الطب، إذ يرى أن الأدب قادرٌ على كشف ما لم يستطع اكتشافه في أعماق الإنسان وأغواره النفسية، ولذلك كانت أغلب قصصه غوصاً في أعماق الإنسان لكشف حياته الداخلية في حين يكشف العلم حياته الخارجية.
والجميع يدرك جيداً أن الأديب العجيلي عاش حياة مديدة تجاوزت الـ 85 عاماً، وتميزت حياته الأدبية بالاتزان والوقار والصرامة، وهذا الشيء جسَّده في كتاباته وحياته الشخصية، فأعطى لنفسه بعد أربعين عاماً من الأدب الجاد فسحة من الفكاهة، إلا أنه بين لنا فيما بعد بعض ملامحه المرحة التي حرص على إخفائها وراء ملامح الصرامة التي طبعت حياته بطابعها، حيث أراد أن يثبت لنا أنه إنسان كأي إنسان يحمل في داخله كل متناقضات البشر من خير وشر ومن جمال وقبح ومن جد وهزل. وكان يرمي من وراء ذلك تجاوز زمن اتصف بالانكسارات والهزائم وعدم تحقيق الأمنيات بما يلبي الطموحات القومية والوطنية للإنسان العربي، وأراد أن يسخر أدبه لهذه الغاية كي ينـزع عن وجوهنا قناع العبوس، وأن يزرع في نفوسنا وأعماقنا الابتسامة الحلوة والفرح الدائم اللذين فقدهما المواطن العربي. وهذا الشيء حرص على إنجازه في دفقات مرحة في بعض كتبه ولا سيما منها (جيل الدربكة وفصول أبي البهاء وأحاديث طبية وقطرة دم).
ومن بين هذه الكتب فقد وقع اختيارنا على كتاب فصول أبي البهاء وهذا الكتاب هو عبارة عن مجموعة من الطرف يرويها على لسان صديقه أبي البهاء، وسبق لمجلة (الدوحة) القطرية أن قامت بنشرها بين عامي 1981-1985 حيث كان يرأس تحريرها في ذلك الوقت الناقد المصري "رجاء النقاش"، ثم صدرت فيما بعد في كتاب واحد عن دار طلاس في دمشق عام 1986... و(أبو البهاء) هذا صنع شهرته بنفسه من خلال مقالبه المضحكة التي يدبرها للناس الذين يوقعهم حظهم العاثر بحبائله ببديهية حاضرة لديه وجرأة فائقة، وبقدرة عالية على التمثيل وبأساليب مختلفة. ينقل لنا الكاتب طرفاً من الحياة إلى صفحات الكتاب بأسلوبه الرشيق والجميل والذي يجعلك تخرج عن اتزانك من كثرة الضحك والقهقهة العالية.
في إحدى الطرف يروي لنا المزارع "أحمد" الذي فرَّ من الدائنين الذين يلاحقونه يومياً إلى المدينة، غير أن ابن عمه خميس تبعه ليطالبه بدين له عليه، وسنحت له الفرصة ليتخلص منه بمرور أبي البهاء، فهمس المزارع أحمد في أذن أبي البهاء بسرعة: إنه خميس ابن عم لي قد قدم بالسيارة لتوه من البلد وهو يضايقني، توقف أبو البهاء وقال بصوت مرتفع: أحمد أريد أن أسألك عن شخص قدم لتوه من بلدكم إنه قصير القامة ويرتدي الثياب البدوية واسمه خميس، قال أحمد ولماذا تسأل عنه أبو البهاء:
أنا لا أعرفه غير أن الشرطة تبحث عنه لتحرشه بفتاة كانت بالسيارة هذا الصباح، إنها بنت أخت قائد الشرطة، المسكين سيسلخون جلده.
وفي هذه الأثناء توارى خميس قصير القامة الذي يرتدي ثياب البدو وراء أحمد مخافة أن يتعرف عليه المتحدث وقال لأحمد بصوت خافت: صدقني هذا غير صحيح والله ما تعرضت لإحداهن بأي كلمة، واستمر أبو البهاء يصور قساوة العقاب الذي سيتعرض له هذا المجرم إن وقع في أيدي الشرطة، وهذا ما زاد من هلع خميس فقال لأحمد: أعلمني ماذا أصنع الآن؟! قال أحمد الذي كان يتهرب من دين ابن عمه لعدة أيام آخر، عليك أن تهرب حتى تتخلص منه.
وفي قصة أخرى يروي لنا "علي" الفلاح البسيط الذي قدم المدينة من القرية والذي وقع بالمقلب فيقول: كنت في الفندق عندما قدم ابن خالتي الأستاذ "عبد الفتاح" لزيارتي وتصادف أن جاء بائع لأوراق اليانصيب وأردنا أن نجرب حظنا فتشاركنا بورقة على أن تبقى مع ابن خالتي واحتفظ برقمها على ورقة خارجية، وفي اليوم التالي وقد أنهيت أعمالي ركبت السيارة متوجهاً إلى القرية، وقد نسيت ابن خالتي وشراكتنا في ورقة اليانصيب، وفي الطريق لفت نظري رجل أنيق في المقعد الأمامي يتصفح جريدته وإذا به يحدث نفسه قائلاً: هذا معلم مدرسة فقير الحال معدم أعرفه جيداً إنه زميلي في المدرسة، تصوروا لقد هبطت عليه ثروة من السماء مقدارها مئة وخمسون ألف ليرة سورية، أصغت السمع جيداً لهذا الحديث فأكمل صاحبنا قائلاً: "الواقع لم تهبط عليه الثروة من السماء بل ربحها بورقة اليانصيب مبروك عليه الثروة يا أستاذ عبد الفتاح مصطفى والله إنك تستحقها.
لم يكمل صاحبنا كلامه حتى تذكرت ابن خالتي عبد الفتاح وشراكتي له بورقة اليانصيب، وقد تيقنت من الصحيفة الآن أنه فاز بالجائزة الكبرى، وهذا يعني أن لي منها نصفها، فقفزت من السيارة وهي سائرة مما سبب لي الكثير من الجروح والكدمات، وعدت أدراجي مسرعاً إلى ابن خالتي أطالبه بحصتي من الجائزة، غير أن عبد الفتاح أنكر أنه ربح بورقة اليانصيب، فقلت وأنا ألومه: هل تريد أكل نصيبي من الجائزة؟؟ فلماذا تنكر والخبر منشور في الجريدة مع ذلك الرجل؟؟ قال ابن خالتي مندهشاً: أي رجل صفه لي؟ فقلت له: رجل صفاته كذا وكذا، فضحك ابن خالتي عالياً وهو يقول: لا بد أنه أبو البهاء، لقد حدثته عن شراكتنا بورقة اليانصيب، ويبدو أنه أحب أن يمازحك، فقلت والحزن يملؤ قلبي: لا بارك الله فيك ولا فيه لقد كدتما توديان بحياتي بمزاحكما الثقيل".
وفي قصة أخرى يحدثنا الراوي عن "إسماعيل" الذي كان رئيساً للديوان في (القائم مقامية)، وقد كره قاضياً متزمتاً بخيلاً قد استأجر غرفة في البلدة، وجعل زوجة الآذن تقوم بتنظيفها وترتيبها، وقد وصل البخل بالقاضي أنه يملك بدلة وحيدة لا ثاني لها، وفي أحد الأيام وبينما كان القاضي متوجهاً إلى المحكمة علق بنطاله بمسمار فشقه له، وبما أنه لا يملك غيره فقد أكمل طريقه إلى المحكمة على أن يعطيه لزوجة الآذن فتخيطه له فيما بعد، ولما اجتمع كره إسماعيل للقاضي مع كره (القائمقام) فقد اتفقا على إهانته على رؤوس الأشهاد.
فقد أوهم إسماعيل القاضي بأنه يستطيع المرافعة وراء قوس المحكمة دون بنطال ريثما يخيطه ويعيده له، وكان لإسماعيل ما أراد، فحمل البنطال إلى (القائمقام)، سر بأن يتندر على حضور القاضي، غير أن القاضي رفض الحضور، ولما استبطأ القائمقام القاضي بعث بكتاب رسمي يدعوه للحضور إلى مكتبه للتشاور معه في قضية تمس أمن الدولة، ويحمله مسؤولية عدم الحضور، عندما شاهد الناس في المحكمة القاضي وهو يستر عورته بصحيفة يلفها حول وسطه، صحيح أن القاضي كان بخيلاً ولكنه كان أيضاً نزيهاً، لقد كانت الإهانة التي لحقت به كبيرة وجائرة ولا تتناسب مع منصبه الذي يشغله كقاضي يحكم بين الناس بالعدالة.
مما تقدم يثبت لدينا أن عمل العجيلي كطبيب كان مصدر إلهام له في كثير من أعماله القصصية، وكان عمله في مجال الأدب يكمل عمله في مجال الطب، إذ يرى الأدب قادراً على كشف ما لم يستطع اكتشافه في أعماق الإنسان وأغواره النفسية، ولذلك كانت قصصه غوصاً في أعماق الإنسان لكشف حياته الداخلية في حيث يكشف العلم حياته الخارجية.
ومن ذلك اللقاء أيضاً بين العلم والأدب قصته (قطرات دم) وفيها يصور طبيباً تُحمل إليه فتاة طعنها أخوها عدة طعنات ثأراً للشرف، وتحتاج إلى دم فيضطر الطبيب نفسه للتبرع لها، ويمر الزمن ويصادفها في الشارع وتدعوه إلى منـزلها ويحدثها عن عشيرته ذات الأصل العريق فتعده أن تحافظ على نقاء دمه، وكانت تمارس العهر، فتقلع عنه ثم يأتيه خبر انتحارها، ويحار الناس في تفسير سبب ذلك الانتحار، ولكن الطبيب وحده هو من يعرف السبب والسر.
إن عالم العجيلي؛ هو عالم الإنسان، وهو لا ينظر إليه من السطح أو الخارج، بل يعالجه في العمق ليؤكد أن الحياة لا يمكن فهمها من زاوية العلم وحده، وأن الخيال والسحر والخرافة لا تتناقض مع العلم بل هي مكملة له. فقد كان متأثراً ببيئته البدوية، بل كان وفياً لقيمها وعاداتها، يحترمها ويقدرها. كما كان في الوقت نفسه منسجماً في فنه، ومع رؤيته الفكرية، فأسلوبه هو أسلوب البدوي في روايته. والقصة عنده أشبه شيء بالحكاية، يرويها بعفوية وبساطة بعيداً عن التعقيد والتجريب، وفي قرب شديد من الواقع كأنه ينقل حكاية يومية، وهو يريد أن يوهم القارئ بوقوعها حقيقة، ويضع لها الشهود، ويذكر لها الأدلة من الزمان والمكان في قدرة كبيرة على الاقتناع. وكان يحاول دائماً ألا يكرر نفسه، فقد اتبع أسلوب المقامة والرسائل والحكاية والمنولوج والمذكرات والأحلام، ولكن الأسلوب التقليدي كان دائماً هو الغالب على رواياته وقصصه.
لقد تم تأليف العديد من الكتب حوله، كذلك قدمت أطروحات جامعية عديدة درست تجربته القصصية والروائية ومكوناته الفكرية والمعرفية وجدلية الإبداع لديه. وفي الحقيقة إنه ظاهرة ثقافية وإبداعية غنية ومتنوعة لا نجد لها نظيراً في حياتنا الأدبية.
مؤلفاته:
- في الشعر: الليالي والنجوم 1951.
- في القصة: بنت الساحرة 1948، ساعة الملازم 1951، قناديل إشبيلية 1959، الحب والنفس 1959، الخائن 1960، رصيف العذراء السوداء 1960، الخيل والنساء 1965، فارس مدينة القنيطرة 1961، حكاية مجانين 1972، الحب الحزين 1979، فصول أبي البهاء 1986، موت الحبيبة 1987، مجهول على الطريق 1997، حب أول وحب أخير 2003.
- في الرواية: باسمة بين الدموع 1959، قلوب على الأسلاك 1974، ألوان الحب الثلاثة 1975، أزاهير تشرين المدماة 1977، المغمورون 1979، أرض السياد 1998، أجملهن 2001.
- في المحاضرات: أحاديث العشيات 1965، السيف والتابوت 1974، سبعون دقيقة حكايات 1978، حفنة من الذكريات 1987، محطات في الحياة 1995.
- في الأسفار: حكايات من الرحلات 1954، دعوة إلى السفر 1963، خواطر مسافر 1997، على هامش الطب: عيادة في الريف 1954، حكايات طبية 1986، أحاديث الطبيب 1997.
- في المقالات: في كل واد عصا 1984، جيل الدربكة 1990، ادفع بالتي هي أحسن 1997.
- في المنوعات: المقامات 1963، أشياء شخصية 1968، فلسطينيات 1994وجوه الراحلين 1982، ذكريات أيام السياسة ج1 2000، ج2 2002، ضد التيار 2002، جيش الإنقاذ 2005.
منقول
محمد بن زعبار- عضو مبدع
- عدد الرسائل : 1062
نقاط : 2133
تاريخ التسجيل : 02/11/2008
مواضيع مماثلة
» 1. لماذا يسألنا الطبيب أن نمد لساننا عند الفحص
» الأديب الشهيد الفلسطيني غسان كنفاني
» حوار قبل الرحيل مع الأديب الإسلامي نجيب كيلاني
» ابنة الأديب الراحــــل " عبد الله شريط " في حوار مع الشروق ...
» السلام عليك يا شهر رمضان !!!
» الأديب الشهيد الفلسطيني غسان كنفاني
» حوار قبل الرحيل مع الأديب الإسلامي نجيب كيلاني
» ابنة الأديب الراحــــل " عبد الله شريط " في حوار مع الشروق ...
» السلام عليك يا شهر رمضان !!!
ضفاف الإبداع :: الفـــــكر و الأدب و الثقافة و الفن :: ضفــــــ التـــــــــــــراجــم و السيــــــر ــــــاف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أكتوبر 10, 2023 8:54 pm من طرف سعداوي ربيع
» إستمتع بخدمة ultimate game pass لجهاز الإكسبوكس و الحاسوب
الخميس نوفمبر 24, 2022 10:35 pm من طرف lmandoo
» ربيع المؤمـــــــــــــــــــن
الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 8:11 am من طرف سعداوي ربيع
» مشروع واحة الشاطيء شقق للبيع في مدينة دبي للاستديوهات
الخميس نوفمبر 03, 2022 9:21 pm من طرف lmandoo
» شركة حلول ميج للاستشارات وتطوير الأعمال
الثلاثاء أكتوبر 18, 2022 11:26 am من طرف lmandoo
» نانا اليوم اقوى الخصومات على كل المنتجات
الأربعاء أكتوبر 12, 2022 11:28 pm من طرف lmandoo
» مرام مالك فنانة غنائية سعودية
الإثنين سبتمبر 05, 2022 5:12 am من طرف lmandoo
» موقع تعليمي سعودي لتغطية كافة المناهج
الخميس أغسطس 25, 2022 11:44 pm من طرف lmandoo
» يونيريم للرعاية المنزلية UNIREM Home Care
الأربعاء أغسطس 17, 2022 3:49 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
السبت أغسطس 13, 2022 3:57 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
السبت أغسطس 13, 2022 2:21 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:47 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:37 am من طرف lmandoo
» مصممة الازياء رنا سمعان من نينوى العراق إلى العالمية
الإثنين أغسطس 08, 2022 3:45 am من طرف lmandoo
» أنقذوا ضاحي سنجر من سجون قطر
الثلاثاء أغسطس 02, 2022 2:46 am من طرف lmandoo