* الجوع يفتـــــك بالألاف .. الصومال نموذجا .

خواطــــر رمضانية

* الجوع يفتـــــك بالألاف .. الصومال نموذجا .

بقلم : محمد بن زعبار .



ـ وأنا اتابع اخبار الصومال الشقيق كاد عقلي يتوقف .. وكاد قلبي ينفطر من هول ما رأيت .. الموتى بالعشرات بل حتى بالمئات وفي أحايين كثيرة بالألاف .. مشاهد غاية في الفضاعة.. اطفال في عمر الورود يودعون الدنيا مثنى وثلاث ورباع دفعة واحدة .. ومن عائلة واحدة .. الكثير يبحث عن قوته في القمامات والمزابل ـ أكرمكم الله ـ وفي الشهر الفضيل .. الذي عُــــد عند الله من خير الشهور وأفضلها على الإطلاق ..

في حين نملأ موائدنا بأصانيف الطعام .. وعديد المشروبات .. نعمد إلى الأكل بشراهة المجترات .. نأتي على الأخضر واليابس .. حتى لانقوى على الحراك .. وإن استبقينا شيئا فمصيره القمامات .. نقوم من مجالسنا مثقلين وفارهين .. لنتزي بزي الدين .. نقصد المساجد ساعين ، لنوهم الناس اننا من عباد الله المخلصين ، ولطاعاته مؤدين ولحقوقه غير مقصرين ..

احقا هـــــــذا هو الدين ؟؟؟

ـ أبدا وجلالة الحي القيوم ليس هذا ـ أبدا ـ من جوهـــــر الدين ..

فالدين يا أحبابي يزرع فينا الاهتمام بالأخــــــــر ـ المسلم وغير المسلم ـ ، ويحرص أن يكون المسلم عونا لأخيه المسلم .. والدين يقوي فينا الفضيلة ويسمو بأرواحنا إلى مصاف التشريف والتخيير الالهي ، حيث التنسيم والتسنيم ، وحيث السبحات العلية والدرجات الندية ، بعيدا عن حطة التراب الدنية .. والدين يجعلنا نقوي فينا جانب التكافــــــل والتأزر للقريب والبعيد : مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ..

فالجار في الاسلام أحق بالرعاية .. وكذا الأخوة في الدين أحق بكل رعاية ..

هل استحضرنا مثلا مشاهد الجوع المطبق في الصومال ، ونحن على موائدنا الرمضانية .. ننعم بالكثير الكثير من رغد العيش .. أم أن قلوبنا أصبحت صماء بكماء لاتعي ولاتحس .. نحرص دوما أن تصل اللقمة إلى أفواه أبنائنا ، ونتخير لهم ماطاب من طعام .. وأنستنا اللهفة والبريق الزائف أن هناك أطفال في عمر أطفالنا يتضورون جوعا .. و لأيام ذوات العدد لم يدخل الطعام بطونهم .. فهم في حال من التعب والظنك والعسر الشديــــــــــد .. ما مر بخلدنا أبدا أن هؤلاء ايضا أرواح ، وبأنهم يستحقون ـ كما نستحق نحن ـ الحياة ، و بأن لهم علينا حق ، واي حق ـ فيكفيهم أنهم مسلمون .. وحق الدين يفرض علينا ألا نشبع ونحن نعلم بأن في الناس من يتضور جوعا ..

ألم يقلها عمر الفاروق يوما : لن أذوق الطعام حتى يشبع منه فقراء المسلمين ـ

والله لو عثرت بغلـــــــــــــــــة في العراق ، لخشيت أن يسألني الله عنها : لم لم تمهد لها الطريق ياعمـــــــــــــــــــــر ؟؟؟؟؟

هو إحساس كبير بالواجب ، فرضه عليه فهمه الكبير للإسلام .

ألا يعنينا نحن هذا الواجب ؟ أم تُرانا خارج دائرة الواجبات !!

ماذا لو سألنا الله عن جوعة الصوماليين وموتهم بالألاف .. ماذا نقول ؟

هل نقول مثلا : بأن الصومال بعيدة

أراها حجة واهية وضعيفة .. وماذا لو سألنا الله عن ترفنا و عيشنا الرغيد .. هل ترانا أدينا حق الله علينا ؟؟؟

في عالمنا العربي والاسلامي ترف في العيش مابعده تــــــرف .. ولعل فيه أيضا إسراف كبير .. فكم من الأكل الذي نرميه في البحــــر ، وكم من الطعام الطيب الذي ـ لو تفضلنا به على الفقراء لكفينا حاجتهم ـ ولكننا عبثا نلقي به في الزبالة وإذا خشينا مُسألة الناس قمنا بحرقـــــه كما نحرق خردات بالية أو أوراق عتيدة ليست ذات قيمـــــة .

آلمني كثيرا المشهد ذات عام : عندما أطلعنا عمال النظافة في مدينتي بأن بعض الناس يحرقون فعلا مافضل عن حاجتهم من طعام

ياالله .....

أنفعل هذا بأنفسنا .. ألا نخشى عقاب الله .

قبل يومين من الأن ، خرجنا من صلاة التراويح ـ القيام ـ فلمحت عيني امرأة تبحث عن ضالتها من طعام في أكياس القمامــــــة .

يحصل هذا داخل مجتمعاتنا المسلمة .. وندعي بأننا أحسن الخلق ، وبأننا نرتاد المساجد بالألاف ، نقيم الطاعات والعبادات ونشهد التراويح .

الاسلام دين شامل .. فماذا تنفعنا طاعاتنا ، إن كانت علاقاتنا الاجتماعية أو الاسلاميـــــــــــة أو الانسانية صفـــــرا .وكم من الأثــــر الصحيح الذي فيه زجر كبير وتحذير شنيع من مغبة عدم الاحسان إلى الناس : فنقرأ : الدين المعاملــــة ، و المسلم أخو المسلم لايظلمه ولايخذله ولايحقره ولايسلمـــه .. ثم قال : بحسب امرئ من الشــــــر أن يحقر أخاه المسلم .. كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضــه

لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه

فهل راعينا حقا هذه الأخوة في الدين ؟؟؟؟

نسألك اللطف يا الله !؟

دمتم

نلقاكم في خاطــــــر جديد .

. .