* حقيقة تصفيد الشياطين في رمضان ...

خواطــــر رمضانية .

* حقيقة تصفيد الشياطين في رمضان ...

بقلم : محمد بن زعبار .

ـ الواقع أن رمضان شهر التوبة والغفران ، فيه تصفد الشياطين وتفتح أبوان الجنان ، فيه تنزل الرحمات .. وفيه يشع الخير ليملأ الساحات ، فيه تسمو أرواح الناس لتلامس السبحات العلية .. وفيه كل أثر جالب للنفحات الزكية .

فالأمـــــر خير ، وخيريته تترى لتحدث في الناس كل هذي المفاوز البهية ..

فالشياطين إذن في عطلة مدفوعة الأجر هذه الأيام حسبما عُلم ، وبتصفيدها صارت مساحة الخير أوسع ، وامست الخيرية شعار الأغلبية .

ولكن هل تخلو ساحاتنا من أفعال الشر ، طالما وأن الشياطين قد صفدت ، وحُصرت في شرورها ومكرها ووسوستها ؟؟

لانُسلم بأن كل الناس في رمضان صُلحاء وتقاة وورعين ،، ففيهم العصاة ، وفيهم الأبقين وفيهم حتى المتمردين إلى أقصى ما يكون التمرد على عرى الحق والدين .

فكيف نفهم إذن هذه المعادلة الصعبة ؟ ..

نجد من لايقيم لرمضان حرمة .. فهو يجاهر بالمعصية ويضرب كل المقدسات والأعراف عرض الحائط .. نجد من يهتك حرمة الشهر فيفطر والناس صيام ،، نجد من لاتحلو له الرذيلة والفجور إلا في هذا الشهر الفضيل ،، نجد من يقوم بأعمال شعواء وشنعاء تعجز عنها الأبالسة ، ولربما عدت كل الأبالسة والشياطين أمام فجوره وشروره لاشيء ، بل حتى تحسبهم جميعا تلاميذ في حضرته .. نجد حانات تبيع الخمر في ليالي رمضان .. ولربما في نهاره سرا أو علنا في بعض الأماكن .. نجد أماكن البغاء والسفاح تعمل حتى الفجر في رمضان في أكثر مكان ـ في الفنادق و المنتزهات و.... ، ونجد الحفلات الماجنة الراقصة في رمضان .. ونجد الكثير مما لايخطر أبدا ببال ..

فكيف إذن نسلم بأن الشياطين قد صُفدت فعلا .. وعُطل عملها عن الغواية والاذاية وإلحاق الشرور بالإنسان ؟ .

الواقع أن الكثير من البشر ممن يوصمون في ميزان المعصية كما الشياطين ، وبذلك جاء الوعيد الشديد من قبل الله سبحانه وتعالى بأن النار تكون مثوى للأبقين الفاسدين الفاجريـــــن من الجنة ـ بكسر الجيم ـ والناس أجمعين .. فنقرأ " الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس " .

فالثابت من الأثر أن الشياطين لاتصفد كلها ، وإنما الْمُصَفَّد بَعْض الشَّيَاطِينِ وَهُمْ الْمَرَدَةُ لَا كُلُّهُمْ .

أَوْ الْمَقْصُودِ أيضا تَقْلِيل الشُّرُورِ فِيهِ وَهَذَا أَمْر مَحْسُوس فَإِنَّ وُقُوع ذَلِكَ فِيهِ أَقَلّ مِنْ غَيْرِهِ , إِذْ لا يَلْزَمُ مِنْ تَصْفِيد جَمِيعهمْ أَنْ لا يَقَعُ

شَرّ وَلا مَعْصِيَة لأَنَّ لِذَلِكَ أَسْبَابًا غَيْر الشَّيَاطِينِ كَالنُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ وَالْعَادَات الْقَبِيحَة وَالشَّيَاطِينِ الإِنْسِيَّة

فالحديث الصريح المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم " ( إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِين ) . رواه البخاري (3277) ومسلم (1079) . وعند النسائي (2106) ( وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ) يؤكـــــد اتفاق الكثير من الشراح على شرحه مثلما قدمنا، واكدوا أيضا بأن التصفيد لايتعلق بكل الشياطين بل بالمردة فقط .. وجاء الشرح ليثبت بأن هناك نفوسا إنسية نزاعة إلى الشر بطبعها ، وبذلك فالشر عندها بالفطرة .. يتولد بالرغبة إلى الشيء والانجذاب إليه .. كما ينجذب المغناطيس إلى قطعـــــة الفولاذ .

وبذلك فعندما نسمع أو نصادف بحالات كثيرات من السرقات الكثيرة هذه الأيام للسيارات مثلا ، أو حتى للأحذية من بعض مساجدنا العامــــرة .. ولربما نلمس ذلك الانجذاب النفسي إلى بعض العادات القبيحة في سلوكاتنا في رمضان .. في معاملاتنا .. في حديثنا .. فلا يأخذنا الاستغراب الكبير بأنه رمضان ، وفيه لايحصل فعل القبيح ولا السيء مادام هـــــو رمضان

دمتم في رعاية الله ..

نلقاكم كالعادة في خاطــــر جديد .