مـــــــــــــــــــــواعظ
من فضل الله على عباده تتابع مواسم الخيرات ومضاعفة الحسنات فالمؤمن يتقلب في ساعات عمره بين أنواع العبادات والقربات فلا يمضي من عمره ساعة إلا ولله فيها وظيفة من وظائف الطاعات وما أن يفرغ من عبادة إلا ويشرع في عبادة أخرى ولم يجعل الله حدا لطاعة العبد إلا انتهاء عمره وانقضاء أجله.
وبعد ان اتم الله لنا نعمة اكمال شهر الصيام والقيام ورتب عليه عظيم الأجر والثواب صيام ست أيام من شوال التي ثبت في فضائلها العديد من الأحاديث منها ما رواه الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر
المواضيع الأخيرة
بطاقات اسلامية
أدعية رمضانــــــــــية
جمعية العلماء ومسؤولية الأجيال العلمائية الجديدة
صفحة 1 من اصل 1
جمعية العلماء ومسؤولية الأجيال العلمائية الجديدة
جمعية العلماء ومسؤولية الأجيال العلمائية الجديدة
بقلم: الدكتور الطيب برغوث
بمناسبة انتخاب الرئيس الجديد لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، أستاذنا الفاضل الدكتور عبد الرزاق قسوم حفظه الله، أتقدم له بالتهنئة الخالصة، وأدعو الله له بالتوفيق في مهمته الجليلة هو وإخوانه من أعضاء المجلس والمكتب التنفيذي وسائر أعضاء الجمعية ومحبيها، وأضع نفسي في خدمة مشروع الجمعية بكل ما أستطيع .
ونحن على ثقة بأن شيخنا الفاضل الدكتور عبد الرزاق قسوم، بما عرف عنه من سعة العلم، ووافر التجربة والخبرة، ورحابة الصدر، وقدرة على الجمع والتأليف والاستيعاب للطاقات والكفاءات، وغيرة مشهودة على ثوابت الهوية الثقافية والحضارية للمجتمع والأمة، وانفتاح على الجماعات والخبرات البشرية، سيعطي دفعا جديدا للجمعية، ويدشن مرحلة أو نقلة أخرى في مسيرتها ودورها في المجتمع، في مرحلة يمر فيها مجتمعنا بأوضاع ثقافية ونفسية واجتماعية وسياسية معقدة وصعبة، بدأت تطفو فيها على سطحه، عفونات المحنة الوطنية الكبرى التي عاشها المجتمع الجزائري منذ ما يقرب من عقدين من الزمن .
وبهذه المناسبة أود أن أنشر رسالة كنت قد كتبتها لمؤتمر الجمعية المنعقد يوم الجمعة 16 سبتمبر 2011 ، وحالت ظروف قاهرة دون إرسالها إلى المؤتمرين أثناء انعقاد مؤتمرهم .
بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله
وبعد:
مشايخنا وأساتذتنا وإخواننا الأعزاء أعضاء المجلس الوطني لجمعية العلماء
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
دعــاء ورجــاء: أحيي مؤتمركم الموقر، وأدعو الله تعالى أن يكلل أعماله بالنجاح، وأن يتغمد شيخنا الجليل عبد الرحمن شيبان ومن مضى قبله من شيوخ الجمعية الأجلاء برحمته الواسعة، وأن يسكنهم الفردوس الأعلى من جنته، بما بذلوه من جهود عظيمة لبناء هذا الصرح الثقافي والمؤسسي التاريخي الكبير، وأن يمكنكم من وضع إستراتيجية جديدة بين يدي الجمعية، تكون في مستوى التحديات التي يواجهها مجتمعنا وأمتنا من ناحية، وفي مستوى الآمال التي يعلقها المجتمع والأمة على جمعية العلماء من ناحية أخرى . كما أدعوه سبحانه وتعالى أن يوفقكم لاختيار الهيئات القيادية المؤهلة لتجسيد هذه الإستراتيجية وتحقيق هذه الآمال المعقودة على جمعيتنا العتيدة .
مشايخنا وأساتذتنا وإخواننا الأعزاء المجلس الوطني لجمعية العلماء
جمعية العلماء تاج الفخار ووتد الأمان في المجتمع: إن جمعية العلماء إرث تاريخي عزيز ليس على الجزائريين فحسب، بل هو إرث عزيز للأمة الإسلامية عامة، وهو ما لمسته من إطلاعاتي الكثيرة في الفكر الإسلامي المعاصر، ومن علاقاتي بجاليات إسلامية كثيرة، التي يحتفظ الكثير من أفرادها في ذاكرتهم باسم جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كعنوان بل كتاج على رأس الجزائر والأمة . لقد اقترن اسم جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في الذاكرة الجماعية للأمة، بملحمة ثقافية وحضارية وجهادية فذة في التاريخ الإسلامي المعاصر، ألا وهي ملحمة مواجهة تحدي الوجود الذي فرضه المشروع الاستعماري على المجتمع الجزائري خاصة والمغرب الإسلامي الكبير عامة، في إطار تجسيد إستراتيجية الاسترداد القائمة على البتر والإلحاق والتبعية، والتي بدأت من الأندلس وامتدت إلى شمال إفريقيا لاحقا، ولكن الجهاد ” الأسطوري ” للجزائريين تحت راية:
شعب الجزائر مسلم وإلى العروبــة ينتسب
من قال حاد عن أصله أو قال مـات فقــد كـذب
أو رام إدماجــا لــه رام المحال من الطلب
قد أسقطت المشروع الاستعماري، واستُردت الجزائر ومنطقة المغرب الكبير إلى إطارها الجغرافي والثقافي والحضاري، وهو ما عبر عنه النشيد العفوي الخالد الذي هتف به الجزائريون وهم عشية استقلال الجزائر:
يا محمد مبروك عليك والجزائر رجعت ليك
مسئولية الجمعية على هذا الإرث التاريخي العزيز: ولا شك أن هذا الإرث التاريخي الضخم، الذي تمثله جمعية العلماء في المرحلة الأولى من وجودها، وهذا الأمل العريض الذي يعلقه المجتمع والأمة عليها في مرحلتها الراهنة، يلقي علينا نحن الجزائريين عامة؛ أفرادا ومجتمعا ودولة، وعليكم أنتم أعضاء المؤتمر خاصة، مسئوليات شرعية وتاريخية وحضارية ثقيلة، تدفع بكم نحو المزيد من التماهي مع ما ينتظره المجتمع والأمة منكم؛ على صعيد منح الجمعية إستراتيجية جديدة في مستوى التحديات والطموحات، وعلى صعيد تزويدها كذلك بهيئات قيادية رسالية كفوءة، قادرة على تجسيد هذه الإستراتيجية، والمضي بالجمعية قدما نحو المزيد من النجاحات في خدمة نهضة المجتمع والأمة، والمساهمة في تحقيق إستراتيجية التكاملية الحضارية بين البشر، التي جاء بها الإسلام كما جاء ذلك في قوله تعالى على سبيل المثال: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )( الحجرات : 13 ).
مشايخنا وأساتذتنا وإخواننا الأعزاء أعضاء المجلس الوطني لجمعية العلماء
حماية هذا الإرث التاريخي بالتماهي مع متطلبات المصلحة العامة: سامحوني أن أذكركم بموقف عظيم، لرجال عظماء، في يوم تاريخي عظيم من أيام الله، ينبغي أن يكون حاضرا بينكم وأنتم تُقدِمون على منح الجمعية قيادة جديدة، تسير بها قدما نحو تحقيق الآمال المعقودة عليها على مستوى المجتمع والأمة والعالم . وأعني بهذا الموقف ما تضمنته مقولة خالد بن الوليد رضي الله عنه لمجموعة القادة العظام الذين اجتمعوا معه في اليرموك، وطلب منهم توحيد القيادة، ونبذ الفرقة، ورصِّ الصفوف، واختيار الأصلح والأقدر على إدارة المعركة بكفاءة، وقال كلمته الخالدة: ” إن هذا يوم من أيام الله له ما بعده، فأريدوا الله بأعمالكم ” ، وقد كان للانتصار الحاسم الذي حققه الفاتحون في اليرموك، ما بعده في تاريخ الأمة والبشرية فعلا .
مشايخنا وأساتذتنا الأجلاء
الجمعية والأجيال العلمائية الجديدة: نحن على ثقة بأنكم حريصون على الاستفادة من عبقرية وكفاءة وحيوية الأجيال الجديدة من العلماء والباحثين والمفكرين الجزائريين، بفسح المجال أمامهم لتبوء المواقع التي يستحقونها في مؤسسات الجمعية، وفي أنشطتها المختلفة، ليدفعوا بحركة الفكر والتربية والخدمة الاجتماعية للمجتمع، إلى أبعد مدى ممكن . فالأجيال الجديدة هي التي ستضيف دماء جديدة للجمعية، وتنطلق بها نحو المزيد من التطور والتجدد والفاعلية الاجتماعية بإذن الله تعالى وتوفيقه . وأنتم أعلم وأخبر بمصير الجمعيات والمؤسسات، بل والدول التي لم تفسح المجال أمام الأجيال الجديدة من العلماء والباحثين والمفكرين .. وما لحق بها من الضعف والتخلف والفتن التي أتت على بنيان المجتمع من قواعده، وأفقدته المناعة الذاتية أمام التحديات التي يفرضها منطق المدافعة والمداولة الحضارية على سير حركة الاستخلاف البشري في الأرض .
إن ما كنتم تجاهدون من أجله منذ ما يقرب من قرن من الزمن، وهو بناء نخبة رسالية مؤمنة واعية محتسبة مبدعة، تضطلع بتحرير هذا البلد وتحقيق وحدة المغرب الكبير في إطار تكامل جهود مشرق الأمة ومغربها، قد تحققت الكثير من شروطه اليوم، فجامعاتنا قد خرَّجت عشرات بل مئات الآلاف من الطلبة والباحثين والعلماء، الذين يتوفر كثير منهم على قدرات فكرية اجتهادية إبداعية كبيرة، وعلى عمق إيماني وطموح رسالي جاد، بإمكانه إحداث نقلة كبرى في حيوية الجمعية وفاعليتها الفكرية والاجتماعية ابتداء، ثم نقلة أكبر في تأصيل نهضة المجتمع وفاعليتها وتكامليتها واطراد حيويتها ثانيا، إذا عرفتم كيف تستوعبون هذه الطاقة الهائلة من الكفاءة والخبرة والحيوية المتدفقة، وتفسحون المجال أمامها، لتعبر عن نفسها، وتعطي ما عندها للجمعية والمجتمع والأمة .
مسئولية الأجيال العلمائية الجديدة: أما الأجيال الجديدة من العلماء والباحثين والمفكرين الجزائريين، الذين يُفسح لهم المجال في مؤسسات وأنشطة جمعية العلماء، فإنهم مسئولون عن الاستفادة من حكمة علماء الجمعية وخبرتهم ومكانتهم ، ونقلها إلى الأجيال الجديدة، وعدم الزهد فيها، أو الغفلة عنها، أو تهميشها، وهو ما يستدعي تجاوز إشكالية ما يسمى بصراع الأجيال، والحرص الشديد على تحقيق تكاملية الأجيال على أرضية الأخوة والاحترام والتقدير والمحبة، التي دعانا إليها القرآن وهو يحدد العلاقة بين أجيال المجتمع والأمة في مثل قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )( الحشر : 10 ).
إن عظمة الإرث الذي تضعه جمعية العلماء بين أيدي الجزائريين عامة، وأجيال العلماء والمفكرين والباحثين الجدد منهم خاصة، يستلزم الحرص الشديد على احتضان هذه الأجيال المؤسِّسة، والانتفاع بها إلى آخر لحظة من حياتها، بل إن ذلك يجب أن يمتد حتى بعد وفاتهم، من خلال ربط الأجيال بهم، وإشاعة جهادهم بينها بمختلف الوسائل الممكنة، والحذر أشد الحذر من القطيعة الفكرية والروحية والتاريخية بين أجيال الجمعية والمجتمع عامة، بحجة تشبيب الجمعية، وإحالة أجيال السلف على التقاعد المبكر .
مشايخنا وأساتذتنا وإخواننا الأعزاء أعضاء المجلس الوطني لجمعية العلماء
مكانة الجمعية والقدوة النموذجية المطلوبة: وهاهنا قضية كبيرة وأساسية أود التنويه إليها، لأهميتها وخطورتها الشديدة في الوقت نفسه، ألا وهي قضية القدوة النموذجية التي يجب على جمعية العلماء أن تعطيها لأجيال المجتمع والدولة والأمة بشكل مستمر، سواء على مستوى الرسالية التي يجب أن تتجلى في الحياة الفكرية والروحية والسلوكية والدعوية لعلماء الجمعية وباحثيها ومفكريها ودعاتها، أو على مستوى كفاءة وأمانة ونزاهة ومصداقية الإدارة المؤسسية لشئون الجمعية وأنشطتها المختلفة، أو على مستوى القدرة على رعاية المصالح الإستراتيجية أو العليا للمجتمع والدولة والأمة والجمعية وحمايتها .
إن سمعة الجمعية ومكانتها في المجتمع والأمة، تستلزم من كل أعضائها وفي مقدمتهم من يتولون ويباشرون إدارة مؤسساتها وواجهاتها وأنشطتها المختلفة، أن يعطوا القدوة لغيرهم، في الإخلاص والجدية والفعالية، وسعة الأفق، ورحابة الصدر، وأناقة المظهر، والأمانة والغيرة على المصالح العامة، وروح الجماعة أو الفريق، والبعد عن الشبهات، ونبذ العصبية الفكرية والحزبية والعرقية أو الجهوية، والانفتاح على الحق والصواب والمصلحة العامة أينما كانت، وممن أتت، ونبذ الفرقة والصراع والتهالك على تصدر الواجهات بغير حق أو موجب، وإفساح المجال للأقدر والأصلح والأفيد والأجدر، ومعاونته وتشجيعه ليبلغ بعطائه للجمعية والمجتمع والدولة والأمة مداه الأقصى .
لقد كان هذا هو دأب الأجيال المؤسسة للجمعية، كما يتجلى ذلك في عبقرية وكفاءة الإنجاز لدى الأئمة العظام عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي وغيرهم ممن ذهبوا إلى الأمد الأقصى في تجسيد الرسالية في حياتهم الخاصة وفي جهادهم الفكري والتربوي والاجتماعي والسياسي والحضاري، وهو ما لخصه الإمام عبد الحميد بن باديس في جوابه على السؤال المركزي الذي طرحه على نفسه وعلى الجيل العلمائي المؤسِّس للنهضة في الثلاثينات من القرن الماضي: لمن أعيش ؟ وأجاب عنه بقوله: أعيش للإسلام والجزائر، وهو شعار الجيل العلمائي المؤسس للنهضة والمنجز لمرحلتها أو شرطها الأول على الأصح، وهو مواجهة تحدي تبعات المشروع الاستعماري وتخليص المجتمع ومنطقة المغرب الكبير من الوجود الاستعماري المباشر .
إن جمعية العلماء بميراثها التاريخي الفذ، وبالرمزية المتميزة التي تتمتع بها في نفوس أجيال المجتمع والأمة، وبالعنوان الذي تتحرك باسمه وفي إطاره، وهو عنوان العلم والعلماء والدين، وبالنخبة العلمائية والفكرية المتميزة التي تضمها في كل مؤسساتها المركزية والفرعية، ليست كسائر الجمعيات الوطنية الأخرى القديمة والجديدة، بل هي ذات وزن وطني محوري حقيقي، يجب على كل عضو فيها أن يستشعر أهمية هذا الوزن المحوري، وأن يعي جيدا المسئوليات التي يلقيها عليه وعلى غيره، وأن يبذل قصارى جهده من أجل تدعيم هذا الوزن المحوري للجمعية، في المجتمع والأمة، وأن لا يتهاون أبدا في كل ما من شأنه أن ينقص من ذلك الوزن ومن تلك المحورية الثقافية والاجتماعية، أو ينال منها في نظر المجتمع والأمة .
إن هذا الوزن وهذا الدور الوطني المحوري الحقيقي، يشكل مكسبا كبيرا للصحوة والدولة والمجتمع، يجب على الجميع وعي أهميته الحيوية الإستراتيجية في موازين القوة الذاتية للمجتمع الجزائري، والعمل بكل جدية على ترسيخ هذا الدور والمحافظة عليه، من أجل المصلحة العليا للصحوة والدولة والمجتمع والأمة والإنسانية . إن ما ينتظره المجتمع من جمعية بهذا الوزن التاريخي والرومزي والثقافي والاجتماعي، وبهذه الجمهرة من نخبة العلماء والمفكرين والباحثين.. هو القدوة النموذجية في إدارة الجمعية، وتنفيذ إستراتيجياتها الوطنية، بما يعزز الثقة فيها، والالتفاف حولها، والدعم لها، والحدب عنها، وهو ما تحتاجه وتطمح إليه كل مؤسسة في أي مجتمع من المجتمعات .
مشايخنا وأساتذتنا وإخواننا الأعزاء أعضاء المجلس الوطني لجمعية العلماء
مسئولية حماية الجمعية من العصبيات الحزبية: وفي الأخير، وحرصا مني على النصيحة لي ولكل إخواني من أبناء جمعية العلماء، أود أن أختم هذه الرسالة بنصيحة في غاية الأهمية، استقيتها من تجارب وخبرات قديمة وجديدة، ألا وهي ضرورة خلع نعال وأقنعة الحزبية والعصبية السياسية والفكرية والاجتماعية، والأنانية والغرضية الذاتية الضيقة، على أعتاب أبواب الجمعية، احتراما لهذا الإرث التاريخي الوطني المشترك من ناحية، ومحافظة على طهارته وقدسيته ورمزيته من ناحية أخرى، وتعزيزا لثقة الأجيال وأملهم فيه من ناحية ثالثة، وتأكيدا وتفعيلا لدوره المركزي في حركة تجديد وتأصيل مسيرة النهضة الثقافية والاجتماعية والحضارية للمجتمع الجزائري خاصة والأمة عامة من ناحية رابعة .
إن هذه الجمعية أسست على تقوى من الله ورضوان من أول يوم، ولذلك بارك الله في جهدها وجهادها الوطني، وكتب لها القبول لدى الناس، فليس من حق أحد أن يُدخل فيها أو عليها ما يغير فيها هذا الجوهر، وينزع منها هذه البركة، ومن فعل ذلك أو تسبب فيه فقد باء بإثم عظيم، عليه أن يشفق على نفسه منه يوم العرض على الله، كما عليه أن يحذر من لعنة التاريخ التي تطارده حيا وميتا، وأن يسارع إلى تدارك أمره بالتوبة والإصلاح قبل فوات الأوان .
والله سبحانه وتعالى أسأل أن يلهمنا مراشد أمورنا، وأن يسدد خطانا على النهج القويم في خدمة ديننا ومجتمعنا وأمتنا وإنسان زماننا، وأن يجعلنا كالغيث أينما كنا نفعنا وانتفعنا، والحمد لله رب العالمين .
* باحث وكاتب جزائري ـ له عديد المؤلفات في المجالات :الفكرية، الدعوية ، الاجتماعية …
بقلم: الدكتور الطيب برغوث
بمناسبة انتخاب الرئيس الجديد لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، أستاذنا الفاضل الدكتور عبد الرزاق قسوم حفظه الله، أتقدم له بالتهنئة الخالصة، وأدعو الله له بالتوفيق في مهمته الجليلة هو وإخوانه من أعضاء المجلس والمكتب التنفيذي وسائر أعضاء الجمعية ومحبيها، وأضع نفسي في خدمة مشروع الجمعية بكل ما أستطيع .
ونحن على ثقة بأن شيخنا الفاضل الدكتور عبد الرزاق قسوم، بما عرف عنه من سعة العلم، ووافر التجربة والخبرة، ورحابة الصدر، وقدرة على الجمع والتأليف والاستيعاب للطاقات والكفاءات، وغيرة مشهودة على ثوابت الهوية الثقافية والحضارية للمجتمع والأمة، وانفتاح على الجماعات والخبرات البشرية، سيعطي دفعا جديدا للجمعية، ويدشن مرحلة أو نقلة أخرى في مسيرتها ودورها في المجتمع، في مرحلة يمر فيها مجتمعنا بأوضاع ثقافية ونفسية واجتماعية وسياسية معقدة وصعبة، بدأت تطفو فيها على سطحه، عفونات المحنة الوطنية الكبرى التي عاشها المجتمع الجزائري منذ ما يقرب من عقدين من الزمن .
وبهذه المناسبة أود أن أنشر رسالة كنت قد كتبتها لمؤتمر الجمعية المنعقد يوم الجمعة 16 سبتمبر 2011 ، وحالت ظروف قاهرة دون إرسالها إلى المؤتمرين أثناء انعقاد مؤتمرهم .
بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله
وبعد:
مشايخنا وأساتذتنا وإخواننا الأعزاء أعضاء المجلس الوطني لجمعية العلماء
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
دعــاء ورجــاء: أحيي مؤتمركم الموقر، وأدعو الله تعالى أن يكلل أعماله بالنجاح، وأن يتغمد شيخنا الجليل عبد الرحمن شيبان ومن مضى قبله من شيوخ الجمعية الأجلاء برحمته الواسعة، وأن يسكنهم الفردوس الأعلى من جنته، بما بذلوه من جهود عظيمة لبناء هذا الصرح الثقافي والمؤسسي التاريخي الكبير، وأن يمكنكم من وضع إستراتيجية جديدة بين يدي الجمعية، تكون في مستوى التحديات التي يواجهها مجتمعنا وأمتنا من ناحية، وفي مستوى الآمال التي يعلقها المجتمع والأمة على جمعية العلماء من ناحية أخرى . كما أدعوه سبحانه وتعالى أن يوفقكم لاختيار الهيئات القيادية المؤهلة لتجسيد هذه الإستراتيجية وتحقيق هذه الآمال المعقودة على جمعيتنا العتيدة .
مشايخنا وأساتذتنا وإخواننا الأعزاء المجلس الوطني لجمعية العلماء
جمعية العلماء تاج الفخار ووتد الأمان في المجتمع: إن جمعية العلماء إرث تاريخي عزيز ليس على الجزائريين فحسب، بل هو إرث عزيز للأمة الإسلامية عامة، وهو ما لمسته من إطلاعاتي الكثيرة في الفكر الإسلامي المعاصر، ومن علاقاتي بجاليات إسلامية كثيرة، التي يحتفظ الكثير من أفرادها في ذاكرتهم باسم جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كعنوان بل كتاج على رأس الجزائر والأمة . لقد اقترن اسم جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في الذاكرة الجماعية للأمة، بملحمة ثقافية وحضارية وجهادية فذة في التاريخ الإسلامي المعاصر، ألا وهي ملحمة مواجهة تحدي الوجود الذي فرضه المشروع الاستعماري على المجتمع الجزائري خاصة والمغرب الإسلامي الكبير عامة، في إطار تجسيد إستراتيجية الاسترداد القائمة على البتر والإلحاق والتبعية، والتي بدأت من الأندلس وامتدت إلى شمال إفريقيا لاحقا، ولكن الجهاد ” الأسطوري ” للجزائريين تحت راية:
شعب الجزائر مسلم وإلى العروبــة ينتسب
من قال حاد عن أصله أو قال مـات فقــد كـذب
أو رام إدماجــا لــه رام المحال من الطلب
قد أسقطت المشروع الاستعماري، واستُردت الجزائر ومنطقة المغرب الكبير إلى إطارها الجغرافي والثقافي والحضاري، وهو ما عبر عنه النشيد العفوي الخالد الذي هتف به الجزائريون وهم عشية استقلال الجزائر:
يا محمد مبروك عليك والجزائر رجعت ليك
مسئولية الجمعية على هذا الإرث التاريخي العزيز: ولا شك أن هذا الإرث التاريخي الضخم، الذي تمثله جمعية العلماء في المرحلة الأولى من وجودها، وهذا الأمل العريض الذي يعلقه المجتمع والأمة عليها في مرحلتها الراهنة، يلقي علينا نحن الجزائريين عامة؛ أفرادا ومجتمعا ودولة، وعليكم أنتم أعضاء المؤتمر خاصة، مسئوليات شرعية وتاريخية وحضارية ثقيلة، تدفع بكم نحو المزيد من التماهي مع ما ينتظره المجتمع والأمة منكم؛ على صعيد منح الجمعية إستراتيجية جديدة في مستوى التحديات والطموحات، وعلى صعيد تزويدها كذلك بهيئات قيادية رسالية كفوءة، قادرة على تجسيد هذه الإستراتيجية، والمضي بالجمعية قدما نحو المزيد من النجاحات في خدمة نهضة المجتمع والأمة، والمساهمة في تحقيق إستراتيجية التكاملية الحضارية بين البشر، التي جاء بها الإسلام كما جاء ذلك في قوله تعالى على سبيل المثال: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )( الحجرات : 13 ).
مشايخنا وأساتذتنا وإخواننا الأعزاء أعضاء المجلس الوطني لجمعية العلماء
حماية هذا الإرث التاريخي بالتماهي مع متطلبات المصلحة العامة: سامحوني أن أذكركم بموقف عظيم، لرجال عظماء، في يوم تاريخي عظيم من أيام الله، ينبغي أن يكون حاضرا بينكم وأنتم تُقدِمون على منح الجمعية قيادة جديدة، تسير بها قدما نحو تحقيق الآمال المعقودة عليها على مستوى المجتمع والأمة والعالم . وأعني بهذا الموقف ما تضمنته مقولة خالد بن الوليد رضي الله عنه لمجموعة القادة العظام الذين اجتمعوا معه في اليرموك، وطلب منهم توحيد القيادة، ونبذ الفرقة، ورصِّ الصفوف، واختيار الأصلح والأقدر على إدارة المعركة بكفاءة، وقال كلمته الخالدة: ” إن هذا يوم من أيام الله له ما بعده، فأريدوا الله بأعمالكم ” ، وقد كان للانتصار الحاسم الذي حققه الفاتحون في اليرموك، ما بعده في تاريخ الأمة والبشرية فعلا .
مشايخنا وأساتذتنا الأجلاء
الجمعية والأجيال العلمائية الجديدة: نحن على ثقة بأنكم حريصون على الاستفادة من عبقرية وكفاءة وحيوية الأجيال الجديدة من العلماء والباحثين والمفكرين الجزائريين، بفسح المجال أمامهم لتبوء المواقع التي يستحقونها في مؤسسات الجمعية، وفي أنشطتها المختلفة، ليدفعوا بحركة الفكر والتربية والخدمة الاجتماعية للمجتمع، إلى أبعد مدى ممكن . فالأجيال الجديدة هي التي ستضيف دماء جديدة للجمعية، وتنطلق بها نحو المزيد من التطور والتجدد والفاعلية الاجتماعية بإذن الله تعالى وتوفيقه . وأنتم أعلم وأخبر بمصير الجمعيات والمؤسسات، بل والدول التي لم تفسح المجال أمام الأجيال الجديدة من العلماء والباحثين والمفكرين .. وما لحق بها من الضعف والتخلف والفتن التي أتت على بنيان المجتمع من قواعده، وأفقدته المناعة الذاتية أمام التحديات التي يفرضها منطق المدافعة والمداولة الحضارية على سير حركة الاستخلاف البشري في الأرض .
إن ما كنتم تجاهدون من أجله منذ ما يقرب من قرن من الزمن، وهو بناء نخبة رسالية مؤمنة واعية محتسبة مبدعة، تضطلع بتحرير هذا البلد وتحقيق وحدة المغرب الكبير في إطار تكامل جهود مشرق الأمة ومغربها، قد تحققت الكثير من شروطه اليوم، فجامعاتنا قد خرَّجت عشرات بل مئات الآلاف من الطلبة والباحثين والعلماء، الذين يتوفر كثير منهم على قدرات فكرية اجتهادية إبداعية كبيرة، وعلى عمق إيماني وطموح رسالي جاد، بإمكانه إحداث نقلة كبرى في حيوية الجمعية وفاعليتها الفكرية والاجتماعية ابتداء، ثم نقلة أكبر في تأصيل نهضة المجتمع وفاعليتها وتكامليتها واطراد حيويتها ثانيا، إذا عرفتم كيف تستوعبون هذه الطاقة الهائلة من الكفاءة والخبرة والحيوية المتدفقة، وتفسحون المجال أمامها، لتعبر عن نفسها، وتعطي ما عندها للجمعية والمجتمع والأمة .
مسئولية الأجيال العلمائية الجديدة: أما الأجيال الجديدة من العلماء والباحثين والمفكرين الجزائريين، الذين يُفسح لهم المجال في مؤسسات وأنشطة جمعية العلماء، فإنهم مسئولون عن الاستفادة من حكمة علماء الجمعية وخبرتهم ومكانتهم ، ونقلها إلى الأجيال الجديدة، وعدم الزهد فيها، أو الغفلة عنها، أو تهميشها، وهو ما يستدعي تجاوز إشكالية ما يسمى بصراع الأجيال، والحرص الشديد على تحقيق تكاملية الأجيال على أرضية الأخوة والاحترام والتقدير والمحبة، التي دعانا إليها القرآن وهو يحدد العلاقة بين أجيال المجتمع والأمة في مثل قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )( الحشر : 10 ).
إن عظمة الإرث الذي تضعه جمعية العلماء بين أيدي الجزائريين عامة، وأجيال العلماء والمفكرين والباحثين الجدد منهم خاصة، يستلزم الحرص الشديد على احتضان هذه الأجيال المؤسِّسة، والانتفاع بها إلى آخر لحظة من حياتها، بل إن ذلك يجب أن يمتد حتى بعد وفاتهم، من خلال ربط الأجيال بهم، وإشاعة جهادهم بينها بمختلف الوسائل الممكنة، والحذر أشد الحذر من القطيعة الفكرية والروحية والتاريخية بين أجيال الجمعية والمجتمع عامة، بحجة تشبيب الجمعية، وإحالة أجيال السلف على التقاعد المبكر .
مشايخنا وأساتذتنا وإخواننا الأعزاء أعضاء المجلس الوطني لجمعية العلماء
مكانة الجمعية والقدوة النموذجية المطلوبة: وهاهنا قضية كبيرة وأساسية أود التنويه إليها، لأهميتها وخطورتها الشديدة في الوقت نفسه، ألا وهي قضية القدوة النموذجية التي يجب على جمعية العلماء أن تعطيها لأجيال المجتمع والدولة والأمة بشكل مستمر، سواء على مستوى الرسالية التي يجب أن تتجلى في الحياة الفكرية والروحية والسلوكية والدعوية لعلماء الجمعية وباحثيها ومفكريها ودعاتها، أو على مستوى كفاءة وأمانة ونزاهة ومصداقية الإدارة المؤسسية لشئون الجمعية وأنشطتها المختلفة، أو على مستوى القدرة على رعاية المصالح الإستراتيجية أو العليا للمجتمع والدولة والأمة والجمعية وحمايتها .
إن سمعة الجمعية ومكانتها في المجتمع والأمة، تستلزم من كل أعضائها وفي مقدمتهم من يتولون ويباشرون إدارة مؤسساتها وواجهاتها وأنشطتها المختلفة، أن يعطوا القدوة لغيرهم، في الإخلاص والجدية والفعالية، وسعة الأفق، ورحابة الصدر، وأناقة المظهر، والأمانة والغيرة على المصالح العامة، وروح الجماعة أو الفريق، والبعد عن الشبهات، ونبذ العصبية الفكرية والحزبية والعرقية أو الجهوية، والانفتاح على الحق والصواب والمصلحة العامة أينما كانت، وممن أتت، ونبذ الفرقة والصراع والتهالك على تصدر الواجهات بغير حق أو موجب، وإفساح المجال للأقدر والأصلح والأفيد والأجدر، ومعاونته وتشجيعه ليبلغ بعطائه للجمعية والمجتمع والدولة والأمة مداه الأقصى .
لقد كان هذا هو دأب الأجيال المؤسسة للجمعية، كما يتجلى ذلك في عبقرية وكفاءة الإنجاز لدى الأئمة العظام عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي وغيرهم ممن ذهبوا إلى الأمد الأقصى في تجسيد الرسالية في حياتهم الخاصة وفي جهادهم الفكري والتربوي والاجتماعي والسياسي والحضاري، وهو ما لخصه الإمام عبد الحميد بن باديس في جوابه على السؤال المركزي الذي طرحه على نفسه وعلى الجيل العلمائي المؤسِّس للنهضة في الثلاثينات من القرن الماضي: لمن أعيش ؟ وأجاب عنه بقوله: أعيش للإسلام والجزائر، وهو شعار الجيل العلمائي المؤسس للنهضة والمنجز لمرحلتها أو شرطها الأول على الأصح، وهو مواجهة تحدي تبعات المشروع الاستعماري وتخليص المجتمع ومنطقة المغرب الكبير من الوجود الاستعماري المباشر .
إن جمعية العلماء بميراثها التاريخي الفذ، وبالرمزية المتميزة التي تتمتع بها في نفوس أجيال المجتمع والأمة، وبالعنوان الذي تتحرك باسمه وفي إطاره، وهو عنوان العلم والعلماء والدين، وبالنخبة العلمائية والفكرية المتميزة التي تضمها في كل مؤسساتها المركزية والفرعية، ليست كسائر الجمعيات الوطنية الأخرى القديمة والجديدة، بل هي ذات وزن وطني محوري حقيقي، يجب على كل عضو فيها أن يستشعر أهمية هذا الوزن المحوري، وأن يعي جيدا المسئوليات التي يلقيها عليه وعلى غيره، وأن يبذل قصارى جهده من أجل تدعيم هذا الوزن المحوري للجمعية، في المجتمع والأمة، وأن لا يتهاون أبدا في كل ما من شأنه أن ينقص من ذلك الوزن ومن تلك المحورية الثقافية والاجتماعية، أو ينال منها في نظر المجتمع والأمة .
إن هذا الوزن وهذا الدور الوطني المحوري الحقيقي، يشكل مكسبا كبيرا للصحوة والدولة والمجتمع، يجب على الجميع وعي أهميته الحيوية الإستراتيجية في موازين القوة الذاتية للمجتمع الجزائري، والعمل بكل جدية على ترسيخ هذا الدور والمحافظة عليه، من أجل المصلحة العليا للصحوة والدولة والمجتمع والأمة والإنسانية . إن ما ينتظره المجتمع من جمعية بهذا الوزن التاريخي والرومزي والثقافي والاجتماعي، وبهذه الجمهرة من نخبة العلماء والمفكرين والباحثين.. هو القدوة النموذجية في إدارة الجمعية، وتنفيذ إستراتيجياتها الوطنية، بما يعزز الثقة فيها، والالتفاف حولها، والدعم لها، والحدب عنها، وهو ما تحتاجه وتطمح إليه كل مؤسسة في أي مجتمع من المجتمعات .
مشايخنا وأساتذتنا وإخواننا الأعزاء أعضاء المجلس الوطني لجمعية العلماء
مسئولية حماية الجمعية من العصبيات الحزبية: وفي الأخير، وحرصا مني على النصيحة لي ولكل إخواني من أبناء جمعية العلماء، أود أن أختم هذه الرسالة بنصيحة في غاية الأهمية، استقيتها من تجارب وخبرات قديمة وجديدة، ألا وهي ضرورة خلع نعال وأقنعة الحزبية والعصبية السياسية والفكرية والاجتماعية، والأنانية والغرضية الذاتية الضيقة، على أعتاب أبواب الجمعية، احتراما لهذا الإرث التاريخي الوطني المشترك من ناحية، ومحافظة على طهارته وقدسيته ورمزيته من ناحية أخرى، وتعزيزا لثقة الأجيال وأملهم فيه من ناحية ثالثة، وتأكيدا وتفعيلا لدوره المركزي في حركة تجديد وتأصيل مسيرة النهضة الثقافية والاجتماعية والحضارية للمجتمع الجزائري خاصة والأمة عامة من ناحية رابعة .
إن هذه الجمعية أسست على تقوى من الله ورضوان من أول يوم، ولذلك بارك الله في جهدها وجهادها الوطني، وكتب لها القبول لدى الناس، فليس من حق أحد أن يُدخل فيها أو عليها ما يغير فيها هذا الجوهر، وينزع منها هذه البركة، ومن فعل ذلك أو تسبب فيه فقد باء بإثم عظيم، عليه أن يشفق على نفسه منه يوم العرض على الله، كما عليه أن يحذر من لعنة التاريخ التي تطارده حيا وميتا، وأن يسارع إلى تدارك أمره بالتوبة والإصلاح قبل فوات الأوان .
والله سبحانه وتعالى أسأل أن يلهمنا مراشد أمورنا، وأن يسدد خطانا على النهج القويم في خدمة ديننا ومجتمعنا وأمتنا وإنسان زماننا، وأن يجعلنا كالغيث أينما كنا نفعنا وانتفعنا، والحمد لله رب العالمين .
* باحث وكاتب جزائري ـ له عديد المؤلفات في المجالات :الفكرية، الدعوية ، الاجتماعية …
محمد بن زعبار- عضو مبدع
- عدد الرسائل : 1062
نقاط : 2133
تاريخ التسجيل : 02/11/2008
مواضيع مماثلة
» جمعية الأمان لرعاية وتربية الأيتام
» قال احد العلماء
» رئيس جمعية الشعرى لـ"الشروق" الجزائريون صاموا دون ثبوت الرؤية والعيد يوم الخميس باطل
» بما أن الثقوب السوداء لا يمكن رؤيتها، فكيف علم يوجودها العلماء؟
» عبد الحميد وجمعية العلماء المسلمين
» قال احد العلماء
» رئيس جمعية الشعرى لـ"الشروق" الجزائريون صاموا دون ثبوت الرؤية والعيد يوم الخميس باطل
» بما أن الثقوب السوداء لا يمكن رؤيتها، فكيف علم يوجودها العلماء؟
» عبد الحميد وجمعية العلماء المسلمين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة أبريل 12, 2024 4:10 pm من طرف سعداوي ربيع
» المتألقه ياسمين ابراهيم
الثلاثاء أكتوبر 10, 2023 8:54 pm من طرف سعداوي ربيع
» إستمتع بخدمة ultimate game pass لجهاز الإكسبوكس و الحاسوب
الخميس نوفمبر 24, 2022 10:35 pm من طرف lmandoo
» ربيع المؤمـــــــــــــــــــن
الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 8:11 am من طرف سعداوي ربيع
» مشروع واحة الشاطيء شقق للبيع في مدينة دبي للاستديوهات
الخميس نوفمبر 03, 2022 9:21 pm من طرف lmandoo
» شركة حلول ميج للاستشارات وتطوير الأعمال
الثلاثاء أكتوبر 18, 2022 11:26 am من طرف lmandoo
» نانا اليوم اقوى الخصومات على كل المنتجات
الأربعاء أكتوبر 12, 2022 11:28 pm من طرف lmandoo
» مرام مالك فنانة غنائية سعودية
الإثنين سبتمبر 05, 2022 5:12 am من طرف lmandoo
» موقع تعليمي سعودي لتغطية كافة المناهج
الخميس أغسطس 25, 2022 11:44 pm من طرف lmandoo
» يونيريم للرعاية المنزلية UNIREM Home Care
الأربعاء أغسطس 17, 2022 3:49 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
السبت أغسطس 13, 2022 3:57 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
السبت أغسطس 13, 2022 2:21 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:47 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:37 am من طرف lmandoo
» مصممة الازياء رنا سمعان من نينوى العراق إلى العالمية
الإثنين أغسطس 08, 2022 3:45 am من طرف lmandoo