ضفاف الإبداع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ضفاف الكلمة الجميلة و المعبرة

اليومــــــــــية
مـــــــــــــــــــــواعظ


من فضل الله على عباده تتابع مواسم الخيرات ومضاعفة الحسنات فالمؤمن يتقلب في ساعات عمره بين أنواع العبادات والقربات فلا يمضي من عمره ساعة إلا ولله فيها وظيفة من وظائف الطاعات وما أن يفرغ من عبادة إلا ويشرع في عبادة أخرى ولم يجعل الله حدا لطاعة العبد إلا انتهاء عمره وانقضاء أجله.
وبعد ان اتم الله لنا نعمة اكمال شهر الصيام والقيام ورتب عليه عظيم الأجر والثواب صيام ست أيام من شوال التي ثبت في فضائلها العديد من الأحاديث منها ما رواه الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن
النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر
اذاعة القرآن الكريـــــــم

موقع الأنين

أكثر من 20.000  وثيقة
آلاف الكتب في جميع المجالات
أحدث الدراسات
و أروع البرامج المنتقاة


فضاءات مميزة

المواضيع الأخيرة
» استصدار قرارات توقيف تطال بوخلخال..علجية عيش والقزم الرئيييييييييييششششش
قصص من الأدب الإسلامي I_icon_minitimeالجمعة أبريل 12, 2024 4:10 pm من طرف سعداوي ربيع

» المتألقه ياسمين ابراهيم
قصص من الأدب الإسلامي I_icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 10, 2023 8:54 pm من طرف سعداوي ربيع

» إستمتع بخدمة ultimate game pass لجهاز الإكسبوكس و الحاسوب
قصص من الأدب الإسلامي I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 24, 2022 10:35 pm من طرف lmandoo

» ربيع المؤمـــــــــــــــــــن
قصص من الأدب الإسلامي I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 08, 2022 8:11 am من طرف سعداوي ربيع

» مشروع واحة الشاطيء شقق للبيع في مدينة دبي للاستديوهات
قصص من الأدب الإسلامي I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 03, 2022 9:21 pm من طرف lmandoo

» شركة حلول ميج للاستشارات وتطوير الأعمال
قصص من الأدب الإسلامي I_icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 18, 2022 11:26 am من طرف lmandoo

» نانا اليوم اقوى الخصومات على كل المنتجات
قصص من الأدب الإسلامي I_icon_minitimeالأربعاء أكتوبر 12, 2022 11:28 pm من طرف lmandoo

» مرام مالك فنانة غنائية سعودية
قصص من الأدب الإسلامي I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 05, 2022 5:12 am من طرف lmandoo

» موقع تعليمي سعودي لتغطية كافة المناهج
قصص من الأدب الإسلامي I_icon_minitimeالخميس أغسطس 25, 2022 11:44 pm من طرف lmandoo

» يونيريم للرعاية المنزلية UNIREM Home Care
قصص من الأدب الإسلامي I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 17, 2022 3:49 am من طرف lmandoo

» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
قصص من الأدب الإسلامي I_icon_minitimeالسبت أغسطس 13, 2022 3:57 am من طرف lmandoo

» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
قصص من الأدب الإسلامي I_icon_minitimeالسبت أغسطس 13, 2022 2:21 am من طرف lmandoo

» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
قصص من الأدب الإسلامي I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:47 am من طرف lmandoo

» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
قصص من الأدب الإسلامي I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:37 am من طرف lmandoo

» مصممة الازياء رنا سمعان من نينوى العراق إلى العالمية
قصص من الأدب الإسلامي I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 08, 2022 3:45 am من طرف lmandoo

ضفاف الابداع
زوارنا من كل مكان
free counters
بطاقات اسلامية


أدعية رمضانــــــــــية

قصص من الأدب الإسلامي

اذهب الى الأسفل

قصص من الأدب الإسلامي Empty قصص من الأدب الإسلامي

مُساهمة من طرف rabah الجمعة فبراير 20, 2009 5:28 pm

قراءة وبحث رابح فطيميVery Happy قصة درس من التاريخ :بقلم أحمد المزاري
لم يكن نابليون يعلم ـ حين قاد الحملة الفرنسية على مصر وبعض ربوع الوطن العربي ـ أن بياناً مفصلاً عن أقواله وأفعاله.. حركاته وسكناته، سوف يُرْفَعُ إليّّ ـ بعد موته بنحو مئتي عام ـ كي أطلع عليه..، ثم أقرِّرُ أن ذلك الفتى كان طاغية.. سَيِّء التربية.. ولم تكن أمي تعلم ـ حين أهملت رَتْقَ ما أصاب جوربي من فَتْقٍ ـ أن امرأةً أخرى.. أشَدَّ ضراوةً من نابليون، قد تَطَّلعُ على تقصيرها، وتعمد ـ ربما ـ إلى توسيع دائرته..»
* * *
.. أخفى كُلٌّ منَّا يديه خلف ظهره، كأنما يحميهما ـ بذلك ـ من شبح العصا، الذي بدأ يداعب مخيلته.. يتراقص بين ثنايا.. حنايا ذلك الجزء من ذاكرة الألم.
.. بعد دقيقة حداد على السعادة التي ماتت فى أوج شبابها، أمرتنا بالنزول من فوق المقاعد.. أن نتبعها أطعنا صاغرين.. كان وجهها الجامد.. عيناها الجاحظتان.. أنفها المعقوف.. بقايا شفتيها اللتين أكلتهما القسوة.. ذقنها المربع.. شرَّ تأكيد للتطور الذي حدث في دنيا الرعب.
.. لامناص لكل منا، من الاستعداد ـ نفسياً وبدنياً ـ لتلقي وجبة دسمة.. مؤلمة.. ليس هذا بالجديد علينا.. كل سقف.. أرضية.. جدار، يختزن ـ خلف قشرته ـ بعض رجع الصدى لصراخنا.. وأنيننا.. صرنا أكثر نضجاً في مواجهة الخطوب.. لم يعد عجيباً أن نسائل أنفسنا ـ ونحن نتبع جلادتنا ـ ترى.. كم سينال كل منا؟.. هل أوزع نصيبي على يدىَّ بالتساوي، أم أكتفي بيد واحدة؟.. الدرس التالي.. إملاء.. ولا مناص لليد التي تتذوق هذه العصا، من البطالة بضعة أيام.. الأوفقُ أن أدخر يدي اليمنى..
بلغنا ـ أخيراً ـ قاعة الفرقة السادسة.. أرجلنا لاتكاد تحملنا.. نهض الجميع تحيةً لها.. يختلسون النظر إلينا.. كانوا أطول منا قليلاً.. بينهم من يماثلني ضآلة.. حسدته على مكانته الدراسية، وندبت حظى.
.. أشارت بيدها قائلة: جلوس..، ثم مضت إلى المنضدة.. آه.. العصا.. ترقد هناك.. أخذ كل منا ينفخ في يديه.. ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجوه التلاميذ.. هناك أيضاً توأمي الضئيل.. يخفي ابتسامة خلف يدين معروقتين.. أصابع مخلبية.. وينظر تجاهي.. آه.. قلتها وأنا أعض على أناملي.. آه لو تبادلنا المواقع.. ولكن.. ماذا نفعل لحظوظ الدنيا؟.. ولكن.. عجباً!!.. إن يدها لم تقترب ـ حتى الآن ـ من العصا.. لم تمسها.. من ذا الذي يصدق أن شيئاً ما يثنيها عن عقابنا؟.. لعلها ستستخدم كفيها.. لا خيار لنا.. لا مفر من التهيؤ ـ نفسياً وبدنياً ـ لهذا التحول المفاجيء.. حسناً.. إن هذا يوفر علي كلتا يَدَيّ. يضيف إلى وجهي بعض الألوان المحببة.. وغير المحببة.. لابأس.. نحن الآن على أتم استعداد..
ـ اجلسوا..
ـ .. ماذا؟..!!
ـ ماذا أصابكم؟.. قلت لكم اجلسوا..
.. نظر كل منا إلى صاحبيه.. أسمعت ماقالت؟.. وأنت أيضاً؟ لابأس بِأُذُني إذن.. ولكن.. ماذا بعد؟.. لاشيء يثنيها عن العقاب.. يبدو أن هناك طريقة جديدة.. لعلها ستأمرنا بخلع أحذيتنا.. ولكن.. ماذا عن جوربي المقطوع؟.. كم من مرة طلبت من أمي أن ترتقه.. ولكن.. كان هناك ـ دائماً ـ مايشغلها..
.. مازالت ملامحها هادئة حتى هذه اللحظة.. طيف طمأنينة كاذبة.. يحلق بين جوانحنا.. نهضت أخيراً.. مضت إلى حيث السبورة.. ثم «الحملة الفرنسية على مصر..»!! ماذا؟.. مرة أخرى؟.. لم يمض على دراستنا لها سوى بضعة أيام.. كيف تأخر تلاميذ الفرقة السادسة عنا فى دراستها؟.. أم تراها حملة أخرى؟..
.. إنني أعلم ـ على الأقل ـ أن حملتنا كانت بقيادة نابليون.. كليبر.. ثم مينو.. عبدالله مينو.. لاسبيل إلى التيقن سوى الإصغاء.. حسناً.. هاهو نابليون يهاجم الإسكندرية، .. يزحف إلى القاهرة.. يعدم «محمد كريم» حاكم الإسكندرية.. ينصب المدافع فوق جبل المقطم.. يُصْلي حيَّ الأزهر ناراً.. يسافر إلى فرنسا..، تاركاً القيادة العامة لكليبر.. فأين «سليمان الحلبي»؟.. آه.. ها هو ذا.. اقترب.. اقترب أكثر اطعن.. اطعن.. سلمت يمينك يابطل.. هكذا تكون الشجاعة.
ـ قف أنت..
.. انتصبت ساقاي قبل أن آذن لهما..
ـ من أين جاء «سليمان الحلبي»؟
ـ جاء من عند الله..
.. ذهلت.. ثم ابتسمت.. ضجت القاعة بالضحك.. أشارت بيدها تجمدت بقايا البشر على الوجوه.. ثم انسحبت.. حدجتني بنظرة مخيفة..!!
ـ إما أنك غبي.. أو ماكر..
.. إضطربت قليلاً.. اختلست إلى العصا نظرة تخوف..ثم.
ـ إن لم يكن هناك عقاب.. فأنا ماكر..
.. عاودها الابتسام.. سرت العدوى ـ بشيء من الحذر ـ بين الجميع فيما عدا توأمي الضئيل، الذي رمقني بحسد، بعد أن تبين له براعتي في الإجابة.. قدرتي على المحاورة.. والمناورة.. كيف بمستواي بعد عام من الآن؟..
وأخيراً.. انتهى الدرس الصعب.. حذرتنا من اللعب فوق المقاعد.. ثانية.. وعدنا ـ حانثين ـ بعد تكرار ذلك.. غادرنا القاعة غير مصدقين بالنجاة..
.. علمنا ـ فيما بعد ـ أن التحول الذي طرأ عليها، كان ناشئاً عن حلم وردي.. يراود لياليها.. يحيي لديها بعض الأمل، في التخلص من كابوس العنوس، الذي يلازمها منذ وقت طويل.. دعونا ـ مخلصين ـ أن يطول الحلم.. بقدر ما تبقى لنا ـ تحت سلطانها وسطوتها ـ من زمن، تنعم فيه وجوهنا.. أيدينا.. جواربنا.. ببعض الأمن..
* * *
هامش أخير:
«.. لم يعد يحتمل.. ذنبه كبير.. يأكل جوفه ـ منذ مايقرب من مئتي عام ـ ويدمره.. إنهار أخيراً.. تداعى.. سقط على وجهه.. لا.. بل وجهه فقط هو الذي سقط.. انفصل عن جسده.. انقطم.. تكفيراً عن جرمه تجاه صرعى المدافع.. مدافع الطاغية التي نصبت ـ يوماً ما ـ فوق هضبته.
.. قال العلماء شيئاً ما عن طبيعة الصخور.. التأثر بالحرارة والرطوبة.. ليتهم يعلمون...»
نشر في مجلة (الأدب الإسلامي )عدد(22)بتاريخ
ا
لقصة الثانية بقلم عبد الجواد الحمزاوي Very Happy
يسير وسط الحقول.. متعباً.. وكان يظهر التعب على وجهه، ولكنه يسرع الخطا.. نظر إلى السماء (لابد أن أسير بسرعة.. لم يعد هناك وقت لأذان المغرب.. يالله.. المسافة طويلة.. أكان لابد أن يرسلني أبي إلى خالتي فاطمة؟!.. كان من الممكن أن يؤجل الذهاب إلى الغد، ولكن أبي أمرني ولاأستطيع أن أعصى له أمراً.. صائم ياأبي، والحمارة في الحقل تعمل، ولا بد أن أذهب إلى خالتي لأعطيها الدواء الذي أحضره أخي من القاهرة.. مسكينة ياخالتي.. مريضة ولكنك تصومين، والصيدليات في قريتنا لاتأتي بهذا الدواء، ولا صيدليات في قريتكم.. لابد أن أسرع.. لافائدة.. وجب الإفطار).
سمع من بعد أصوات مآذن تشق السماء
الله أكبر ، الله أكبر
(ماذا أفعل الآن.. شيخ الجامع الكبير وأبي دائماً يقولان إنه من السنة تعجيل الفطر، ولكن أين ما أفطر به)
نظر حواليه.. لاشيء غير الأرض التي تغطيها الخضرة وشجرات متفرقة.. يمشي ينظر يميناً وشمالاً.. هناك على غصن شجرة تتدلى قلة.
(الحمد لله، هذه قلة ماء.. قلة ماء في رمضان!!.. ربما وضعها أصحابها هنا لتبرد ثم نسوها، الحمد لله أن وضع هذه القلة في طريقي)
أمسك بالقلة.. قبل أن يشرب قال.. (اللهم إني لك صمت وبك آمنت وعلى رزقك أفطرت، ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله..)
الماء عذب بارد جميل، وهو عطشان جوعان، ولكنه لم يشرب كثيراً.. كان يعلم أنه من السنة أن يفطر الصائم على حسوات ماء.. وضع القلة مكانها على الشجرة.
(والآن، ماذا أفعل؟ أواصل المشي أم أصلي أولاً؟.. سأصلي ولا أطيل، بعد ذلك يفرجها ربنا.. نعم أنا خائف من الليل والظلام، ولكن الليل جميل، والقمر جميل، والله معي).
كان متوضئاً.. توجه للقبلة ثم صلى.. دعا في صلاته «يارب، جائع فأطعمني.. يارب، اغفرلي.. واشف خالتي فاطمة.. وارزق أبي، ووفقني لفهم دروسي الصعبة، وأنجحني في الامتحان».
أنهى صلاته ثم سار.. يمشي. على البعد رأى شبحاً..
(ماهذا الشبح الذي أراه.. أيمكن أن يكون أحد أنهى إفطاره بهذه السرعة وجاء يعمل في الحقل.. لاأظن)
صوت يشق السكون.. ياأخ.. ياأخ..
إنه يناديه.. توقف عن المسير.. كان هناك ولد صغير يجري ناحيته.. كان يبتسم.. وصل الولد إليه.. وقف عنده.. كانت أنفاسه تتلاحق وهو يقول:
أبي رآك وأنت تصلي، ووعدني إذا جئت بك لتفطر معنا فسيعطيني جنيهاً كاملاً مكافأة.. تعال عندنا، افطر معنا ثم امش..
كان الولد الداعي يشير بيده إلى أسرة صغيرة تجلس على الأرض في حقل قريب.. كان صاحبنا يعلم أن هذه الأسرة اضطرت للإفطار خارج دارها لتروي أرضها.. بعد ثلاثة أيام، سيروي أبوه أرضهم، وسوف يفطر معه في الأرض كما اتفقا..
لم يقبل الدعوة على الفور.. حاول أن يعتذر، ولكن الأب نفسه أتى إليه.. كان رجلاً كبيراً بصوت ودود قال.. (لاتحرمنا من ثوابك.. نحن إخوة، ونحن في رمضان، شهر الكرم والخيرات، لقمة بسيطة تأكلها معنا ثم نوصلك بالحمارة..)
لم يستطع أن يرفض.. يمشي مع الأب وابنه.. كان يبتسم ويقول في نفسه (نعم.. صدق رسول الله «للصائم دعوة مستجابة».. سأفطر مع هذه الأسرة الطيبة.. وسوف يشفي الله خالتي ويرزق أبي وأنجح في الامتحان).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* اقاص مصري.
Very Happy القصةا لثالثة في المرآة بقلم يوسف الغزوة
التقطت عيناه بضع شعيرات كثلج كانون، تحسس الشعيرات فذابت في سواد الرأس ولم يعد لها وجود، واصل التحديق في المرآة ثم ابتسم، هل يعني اختفاء الشعيرات البيضاء أنه لم يعد لها وجود؟ كلا بالطبع ستعود غداً وبعد غد وفي جعبتها عشرات الشعيرات بل مئات، استيقظ في أعماقه حسّ مفاجئ بعد سنوات عمره. كان قد ودع الثلاثينيات قبل عامين، وضع أقدامه دون أن يدري على الدرجات الأولى من الثالثة والأربعين، أحسّ كأنما كان يسرق الزمن أو يسرقه الزمن، حاول الفرار من هذه الحقيقة الفولاذية فلم يفلح، نهض من مكانه وأحضر شهادة الميلاد وحدق بها فلم يجد أي منفذ للنجاة، بدت أرقامها واضحة كأحرف الإعلانات، تخيل الأحرف وكأنها تتحداه، أو كأنها تقول له بلسان غير ذي عوج، كم أربعون بقيت؟!
وهنا فُتح منفذ من منافذ النجاة، وهتف في أعماقه هاتف، من قال إن العمر يُحسب بالأعوام والسنين، ألم يعش جده لأمه حتى جاوز المائة؟ ألم يذهب صديقه رضوان إلى لقاء ربه في عشرينات عمره، وقد صارع المرض حتى صرعه المرض؟ ولماذا يذهب بعيداً: ألم تحطم سيارة مسرعة جسد ابن جيرانهم سعيد العام الماضي، وكان جده لأبيه من بين مودعيه الوداع الأخير؟ ثم لماذا يبتعد أكثر؟ ألم تداهم الحمى ابن أخته قبل أيام فقضت عليه في شهره السادس؟ فالعمر إذن لا علاقة له بالسنين، وإن كانت تمضي دون توقف، فتحفر الأخاديد في الوجه وتسكب الوهن في العظام والمفاصل، وتصبغ بلون الثلج شعيرات كانت من قبل سوداء.
عاد إلى المرآة من جديد. حاول العثور على الشعيرات البيضاء فلم يجدها، سرّه ذلك، ولكنه وجد نفسه مشدوداً إلى المرآة، بدت أمامه إطاراً لعالم جديد.. هاتان العينان اللتان تطالعانه على صفحة المرآة هل هما عيناه؟ هذا الوجه المحتقن بالخوف والأمل المكلل بمشروعات أخاديد زمنية واضحة هل هو وجهه؟ هذا الانحسار الطفيف لشعره الغزير عن الجبهة هل هو بداية لتصحر يعصف بالشعر كله؟ازداد تحديقاً في المرآة فشاهد خطوطاً ضاربة في جذور الفك، تمتد لتتصل مباشرة بأعلى الجبهة أحياناً، وتعرج أحياناً أخرى لتعبر من خلال تلال صغيرة رابضة تحت الأجفان، هل رافقته هذه الأشياء لأربعين عاماً أو تزيد؟ وهل تحول عمره كله إلى سجل زمني مصهور في هذه الأشياء التي يراها؟
حاصرته الأخيلة والحقائق في آن واحد فانتبه مدافعاً عن عقله. لماذا تفعل به المرآة هكذا؟ هل كان غريباً عنها؟... إنه ينظر فيها كل يوم، يصفف شعره يضع رابطة عنقه، يتأكد من لمعان أسنانه، ينظر فيها كلما لبس جديداً أو خرج لموعد مهم، فلماذا فعلت به المرآة اليوم كل هذا؟ هل هي الشعيرات البيضاء الجبانة؟ هل الطفل ذو الأشهر الستة الذي ثكلته أخته قبل أيام؟ هل هي تلك الغربة المكتشفة بينه وبين وجهه ذي الخطوط المرسومة بأصابع الزمن؟ لا يدري، كل ما يدريه أن شيئاً ما قد حدث خلال لقائه هذا الأخير مع المرآة، وأن ذلك الشيء قد تحدث بدون لسان، وأبلغه رسالة لم تكتب بالقلم، وماذا بعد؟ ما جدوى وجوده وقد انقضت الأعوام الأربعون؟ انقضت وهو في غربة مطلقة عن الحقيقة وهو في غفلة أكيدة عن موت يطرق باب طفل في شهره السادس.. ويبتعد عن شيخ جاوز المائة. أية عبرة حملتها إليه تلك الشعيرات البيضاء؟ وأية انتباهة فجرتها في أعماقه أخاديد الوجه وتعاريجه، فالشعيرات البيضاء سوف تزداد عدداً وبياضاً، وخطوط الوجه وتعاريجه سوف تزداد عمقاً واتساعاً وهذه المرآة الحكيمة سوف تزداد شفافية وصدقاً.
أحسّ كأنما كان غريباً عن مرآته فأتلف معها، وكأنما كان جاهلاً بسجله الزمني فقرأه ككتاب مفتوح، وكأنما كان بعيدا عن بؤرة الحقائق منها فهو يحث الخطى نحوها.. وتزاحمت في خياله الأسئلة: كيف؟ ولماذا؟ ومتى؟ وإلى أين؟
ضاقت به الحجرة فتركها.. احتواه الشارع واختلط بالمارة تأمل وجوههم، استمع إلى وقع خطاهم وذبذبات أصواتهم.. أحسّ كأنه قريب منهم.. بل خيّل إليه أنه يستمع إلى نبض قلوبهم. رقت مشاعره حتى أحس وكأنما روحه قد استيقظت من سبات عميق.. هكذا وكأنه يرى الأشياء والناس لأول مرة. كان يبتسم للمارة، يحيي بعضهم دون أن يعرفه من قبل، لاحظ أن بعضهم ينظر إليه باستغراب وكأنه مجنون لم يغضب، بل ازداد حباً لكل الأشياء والناس..وحين وجد نفسه قريباً من بيت شقيقته الثكلى طرق بابها ليخفف عنها مصابها الأليم، فتح الباب عن وجه صغير بريء..داعب الخال رأس ابن أخته الحليق وهو يقول:
- أين أمك يا وهبي؟
قال وهبي وهو يتشبث بسترة خاله ويسير معه إلى الداخل:
- في حجرة نومها يا خالي.
طرق باب الحجرة فلم يرد أحد، داهم الخوف قلبه فلم يطق الانتظار، فتح الباب فشاهد أم وهبي تجلس على سجادة وترفع كفيها إلى السماء، حدق فيها فأحس أنه أمام مرآة جديدة صادقة تتحدث بكل لغات الأرض.. وتسرد كل حقائق الوجود.
rabah
rabah
عضو نشط
عضو نشط

ذكر عدد الرسائل : 77
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 27/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى