الغــــــــــــــرور ...

من طرف **محمد بن زعبار** الجمعة مايو 15, 2009 8:07 am

الغرور* توفيق السعضلاوي

انتقاء الأستاذ : محمد بن زعبـــــــــــار .

الحمد لله وحده : لندون من اجل إسلام وعروبة المغرب[size=12]لم تكن الكتابة في هدا الموضوع من باب الترف الفكري أو من باب الكتابة من اجل الكتابة بل أردت من ورائه أن أتطرق ولو بنزر يسير عن تحليل و تمحيص بعض الطباع و السلوكيات الإنسانية التي تصنف الإنسان و تعكس فيما بعد على سلوكا ته و عاداته و أحكامه و نمط تدبيره اليومي بالرجوع طبعا إلى الظروف و الأفكار والمفاهيم لدلك فسلوك الإنسان وطباعه تقربنا أكثر إلى سبر أغوار مكنوناته و الغرور واحد من الطباع والسلوكيات التي تنخر أخلاق الناس فادا كان آفة اجتماعية مهلكة و مرض نفساني خطير يصيب الأفراد على اختلاف طبقاتهم و أحوالهم

و المغرور إنسان مريض.و يختلف هدا المرض كمية و كيفية فهناك من هو مغرور بحسبه فهو يرى أنه الحبيب النسيب ابن الشرفاء خلقه الله من طينة خاصة و أنه محور الوجود و الخير للناس جميعا فهناك من هو مغرور بذاته فهو في نظر نفسه قطب الرحى وسيد الناس وأعقل من في الوجود لا يخطئه الصواب قط لولاه لانطفأ نور العلم وغيره من الناس يخطئ ويصيب و هو منزه عن الخطأ لا يعرفه في أعماله و لا في أقواله يرى الرأي فلا يجوز لأي أحد كان أن ينقده أو أن يرى رأيا سواه و هناك من هو مغرور بصوته فهو يرى أنه البلبل المداح حديثه نغم و ألفاظه ترانيم وصوته عبقرية لا يبالي بضحكات الهازئين الساخرين فهؤلاء جميعا يجهلون مزاياه و يعجزون عن تذوق فنه الرفيع .
واخطر أنواع الغرور هو ما يصاب به القادة و الحكام لان غرورهم يعتم عليهم حقيقة الوضع القائم في بلدانهم ويبدوا لهم أن كل شئ على ما يرام فالقائد أو الزعيم أو الملك المغرور يرى نفسه مفخمة اكبر من حجمها فيدخله العجب ويشعر بالزهو والخيلاء وقد يتمادى في غروره حتى ينصب نفسه ملك ملوك إفريقيا أو حتى أمير المسلمين لنذكر هدا القائد المغرور بقولة الفيلسوف الفرنسي الشهير ديدروا | لم تصنع الطبيعة من الناس الخادم و المولى وأنا لا أريد أن أسن الشرائع ولا أن تسنى لي | ويعرفه بعض حكماء الأخلاق على انه سكون النفس إلى ما يوافق الهوى ويميل إليه ولما لا أن يكون نصف رؤساء مجالسنا المنتخبة بشواهد مدرسية مزورة فهناك شئ ما غير طبيعي ينخر أوصال هده المملكة أن يكون أباطرة المخدرات يملكون زمام الأمر فهناك شئ غير عادي في هده المملكة اللهم إلا ادا أصيب نظامنا بغرور واعتبر الأمر سيان لا زلت اتدكر لما تعرضت إلى طرد تعسفي من طرف رئيس المجلس الجماعي لمدينة مراكش من العمل ولما توجهت إلى مقابلته رفض هدا الأخير ولما قمت بالإلحاح عليه اعتبارا أنني واحد من رعايا جلالة الملك صاح في وجهي وبكل عنف فلتذهب عند جلالة الملك [ ... راه أحنا اللي تنوريروا لجلالة المالك أش يدير...] أدركت للتو أن صاحبنا أصيب بغرور حاد حتى أنساه مولاه ولما لا فمراكش تربة خصبة للغرور فقبله أصيب بن عرفة بغرور وبويع سلطانا مزورا كما أصيب غريمه الباشا الكلاوي عندما عينه المقيم العام الجنرال غيوم سلطانا على مراكش وغمات فاخذ يصيح في قبائل كلاوة انه من يأتيه برأس مسفيوي يعطيه ريال فضية لما وقعت لي تلك الأحداث مع الرئيس المزور ارتجفت أوصالي وخفت أن يجني ملكنا الشاب من أمثال رئيس المجلس الجماعي لمراكش ما جناه الملك هوك كابي الذي تهاوى حكمه سنة 987 م نتيجة تضييق الخناق عليه من طرف من ائتمنهم على مصالح رعيته كما انه كان ملكا مغرورا لا يبالي بأحوال مملكته لان الغرور يتنافى مع قيم العدالة وهنا اتدكر الأبيات الشعرية لحبيب اسطفان.

هي العدالة إعلاء وعمـــــــــــران والظلم أخره دل وحرمــــان
متى تجد حاكما للشعب ممتهــــنا فقل تداعت لهدا الحكم أركان
هم الرعايا عماد العرش إن خذلوا يوما فللعرش أدلال و خذلان
هدا انتهاء ملوك الظلم فاعتبـــروا يا حاكمين الورى فالعدل ديان

الجزائر جارتنا ونتقاسم معها العروبة والإسلام ونعتز أنها بلد المليون شهيد وحكامها عرف عنهم تواضعهم وبطولاتهم ليس كجزائر اليوم التي أصيبت بغرور زائد فالملايين التي تصرف على الأسلحة كان أحق لإخوتنا أن يقوموا ببناء السدود وسك الطرق والمنشئات العمومية في القرى النائية وربط الشمال بالجنوب وتدعيم التنمية البشرية لدول الجوار رحم الله الأمير عبد القادر الذي كان بحسه الوطني يمد يد العون والمساعدة للمغرب فرغم مبايعته أميرا على قبائل وجدة لما دخل عندهم وكانت أنداك مملكة السلطان تعرف بعض القلائل والاضطرابات رفض واقر بحكم وشرعية السلطان مولاي عبد الرحمان كما أن هدا الأخير لم يتوانى عن تقديم المساعدة المادية والمعنوية لما طلب منه الأمير دلك وأمام تواضع السلطان كتب له يقول [.....إننا نتمنى الحضور بأنفسنا لمباشرة القتال بأيدينا بين صفوف المسلمين ولكن ما نحن فيه من قمع العتاة وكف البغاة جهاد بل أفضل من جهاد النصارى حسبما نص عليه دلك إمامنا مالك رحمة الله عليه ونية المرء خير من عمله والسلام....] فالملك محمد الخامس رحمه الله والأمير عبد القادر عرف عنهما التواضع وما أحوجنا إلى تواضعهم اليوم وليس كنظامينا الحاليين وخير ما اختتم به مدونتي هده التي تعد رسالة مفتوحة في وجه أي ملك او قائد مغرور أبيات الشاعر المعتمد بن عباد حينما اعتقله الأمير المرابطي يوسف بن تاشفين وقام بنفيه إلى منطقة اغمات نواحي مراكش معتقله حيث نظم قصائد مليئة بالدلالات والمعاني

قد كان دهرك إن تأمره ممتثلاً لما أمرت وكان الفعل مبرورا
وكم حكمت على الأقوامِ في صلفٍ فردّك الدهر منهياً ومأمورا
من بات بعدك في ملكٍ يسرّ به أو بات يهنأ باللذات مسرورا
ولم تعظه عوادي الدهر إذ وقعت فإنما بات في الأحلام مغرورا