مـــــــــــــــــــــواعظ
من فضل الله على عباده تتابع مواسم الخيرات ومضاعفة الحسنات فالمؤمن يتقلب في ساعات عمره بين أنواع العبادات والقربات فلا يمضي من عمره ساعة إلا ولله فيها وظيفة من وظائف الطاعات وما أن يفرغ من عبادة إلا ويشرع في عبادة أخرى ولم يجعل الله حدا لطاعة العبد إلا انتهاء عمره وانقضاء أجله.
وبعد ان اتم الله لنا نعمة اكمال شهر الصيام والقيام ورتب عليه عظيم الأجر والثواب صيام ست أيام من شوال التي ثبت في فضائلها العديد من الأحاديث منها ما رواه الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر
المواضيع الأخيرة
بطاقات اسلامية
أدعية رمضانــــــــــية
ـ قراءات في أنساق الأداء التربوي الراهن ... ( الحلقة الثانية ) .
صفحة 1 من اصل 1
ـ قراءات في أنساق الأداء التربوي الراهن ... ( الحلقة الثانية ) .
بقلم الأستاذ : محمد بن زعبار .
معوقات الفكر التربوي على مستوى التنظير والسلوك :
أ ــ على مستوى التنظير :
شهدت حركية النص التربوي في الجزائر عقب استرجاع السيادة الوطنية بعض أنماط الفكر التعبوي الإصلاحي ، الذي أخذت وتيرته تتنامى ، وأخذ صداه يعم سائر المدارس والأقسام التعليمية ، وراح هذا المنحى التغييري ينشد إقامة كيان صلد لمنظومة موصولة الأعراف بترياق الهدي الإلهي المخصب ، رغم سياسة الاحتواء المفروضة قسرا من أبناء المدرسة الفرنسية على النسق التعليمي ، والتعبئة الحاصلة لفرنسة المنحى العام للسياسة التربوية ، كون هذا الفريق يدير جل المؤسسات الفاعلة في الوطن ، وتعمد هذه السياسة إلى جعل اللسان العربي مستهجنا بين قومه ومحتقرا في بيته ، ــ فالبرغم من كل ذلك ملئت أدبيات النص التربوي خلال هذه الفترة نصوصا رائقة وتعريفات ميسرة موسعة ، لسلف هذه الأمة والخيرين من أبنائها وكل رجالها المجددين ، وكان التعليم حينها ينزع منزع التأصيل الديني للمنهج التربوي ، المسقط على عقول الصغار والناشئة حيثما كانوا وحيثما وصل هذا الإشعاع النوراني . فنذكر أن المدرسة حينها كانت ورغم قلة الإمكانات ووسائل الأداء ، كانت تحبذ في الناس طلب العلم وتزكي حامل هذا الهم عن كل الناس ، وكأنه من صفوة الخلق ، لصفاء التوجه وطيبة المنطلق ، وكان المنهاج حافلا بالنصوص التربوية الإسلامية التي تربى عليها أجيال وأجيال من أبناء هذه الأمة ، ولكنه ولدواعي السياسة التعليمية في البلد أخذت أنماط الفكر تتغير عاما بعد عام ، حتى وصلت إلى حال من السقامة والضعف والهشاشة والخواء ، لا تضاهيها حال ، فسعت هذه السياسة مع بدايات السبعينيات إلى القضاء على كل المظاهر الإسلامية في الفكر التربوي الممنهج ، وأقامت بديلا عنها مشاريع هشة مفرغة من الثراء النوعي الحضاري المخصب ...
فعطلت المعاهد الأصلية وتوارى عن الأنظار التعليم العام ، وقضت تماما على التعليم الديني والكتاتيب القرآنية واستبقت للناس كل احمر ي نطق بالاشتراكية ويدين بالشيوعية ، وعرفت مصطلحات ومسميات جديدة دخيلة كالاشتراكية في الإسلام والديمقراطية من أساسات المجتمع المسلم ، والصقوا هكذا اعتباطا كل موروث حضاري وفكري بهذا الدخيل ، حتى تجرأوا ذات مرة وقالوا : بأن أبا ذر الغفاري كان بروليتاريا ، وعرفت المدرسة خلال هذا المنحى التاريخي إسقاطات روحانية ماركسية لينينية ، وأفرغت تماما من بعدها الروحي الإسلامي الأصيل ، وظهرت أ نماط سلوك كانت جميعها محصلة التعبئة الفكرية الخاطئة ، كإسبال الشعر للذكور ومخالفة الفتيات للموروث الفطري ، ولبسهن للسراويل وقصهن للشعر . وتلت هذه الفترة فترة أخرى أكثر تعقيدا وتراكمية ــ هي فترة التحولات الخطيرة مع بدايات الثمانينات ــ وجيء فيها بنماذج لتجارب حاصلة في بلدان غربية تختلف عنا عقديا وسلوكيا وحتى مجتمعيا .
فالمجتمع في الغرب غير المجتمع في بلاد الإسلام ، والمنظور القيمي هناك غير المنظور القيمي في هذه البلاد ، وتوافر أنماط وآليات الأداء الرصينة هناك وانعدامها في هذه البلاد ، يحتم بالضرورة عدم نجاح هذه المشاريع والأفكار المستوردة والمستقدمة إلى بلادنا ، وكأننا نستقدم القوالب الجاهزة فتجيء فضفاضة أو خانقة ، لأنها لم تفصل على قدنا ولم تنبع من ألامنا وأمالنا ... فهذه النماذج التربوية لا مشاحة أنها قد حققت بعض الخير والنجاح في بلادها ، لأنها تفعل رسالتها بين جنبات أرضها ، وتصقل أفكارها ومنهاجها على عقول ناشئتها ، وهي بالأساس قد اعتمدت لذلك سياسة رشيدة واعية وفاعلة ، ولكنه وفي بلد كهذا البلد ، الذي تداعت فيه الآكلة على قصعة المغبونين ـ وتأمرت فيه فل ول المصلحة على رغيف المساكين ، لن يستقيم لها ولمنهاجها أي خيرية أو صلاح أو حتى أثرة حقة ، لأنها قد حورت كثيرا في المبتغى التعليمي ، وعدلت أي ما تعديل في المقصد والمرمى ، الذي لأجله جاءت تفعيلات النص التربوي ومس حتى بجوهر هذا المشروع الناجح في بلده الأصل ....
فنعلم أن المدرسة الأساسية هذه المستقدمة من فرنسا وألمانيا لها مساؤى ، ولها في ذات الوقت حسنات تدر نفعا وصلاحا ، إذا ما حسن استغلالها وتوفير جميع الإمكانات وضروب العمل التربوي الفاعلة لأدائها ، بيد أن الحال هي ذاتها الحال المستعصية المعدمة ، ونطالب هذا النمط الفكري بالتحصيل والأداء الرصين ، ونطالب ذلك الأستاذ المغبون بتخريج أفواج من جهابذة الفكر ونقاد المعاني ، فلا أرى في حقيقة المتخير غير السراب .
فكيف إذا ما زج بالأبناء التلاميذ داخل حجرة صف وتعدادهم يفوق أو يقارب الخمسين في كثير من الحالات ، وتخير لهم مدرس سئم روتين التلقين الإفرادي المشبع بالضبابية والظلامية والانطوائية وكل صنوف التنفير والتقــــــــــزيز المشان ، فكيف به وهو المنهك من أعباء جهالات الجاهلين وإسقاطات المناوئين ، يؤدي تلك الرسالة النبيلة الموكلة إلى شخصه ، والمحملــــــــــة فوق كاهله .
لا أرى في هذه الأنماط والأداءات المفرغة غير الخواء والفراغ ، فلم تعد المدرسة تقدم زبدة الفكر وخالص العلم ، بل يوعز فيها وفي جل مراميها إلى التلقين والنقل ، وكأننا ننسخ من ورق أصفر عتيق إلى أخر أبيض صقيل أكثر نصاعة ، ولم يعـــــــــد ينظر في أنساق الفكر التربوي التعليمي خلال هذه الفترة ــ وأي فترة أخرى ــ إلا إلى الملصقات والمعلقات وملء الجدران برســــــــــــــــومات وأشكال يرونها من صلب العمل التربوي الناجع ، والاعتداد بهذا الشكل الفار غ ، واعتبار المسودات ووثائق الروتين الإلزامية هي جوهر العملية التعليمية الصحيحة ، حتى وإن كان صاحبها أعمى بصيرة وأجهل من جهالة أبي جهل ؛ فحصلت جـــــــراء هذه المواصفات والاعتبارات الزائفة لمنظور هذا الفكر ألوان من الخطل والختل و التي أرست في كيان هذه المنظومة ، كــــــــــــــــل رواسي العطب والشجب والنصب وكل صنوف الوصب .
ولا تزال المدرسة تقبع في تخومها العتاق وعلاتها الكسيرة ، ولا تزال ذات الوسائط والأنماط الفكرية هي الغالبة عبر عشريتين من سني هذا التوجه التربوي ...
وجيء أخيرا بتجربة أخرى جديدة ، وتعديل أخر مس بالمنحى العام والخاص لهيكلية ونمطية النظام التربوي ، وكـــــــــــــأن هذا التلميذ في مختبر فئران أو ضفادع ، يخضع كل حين لعمليات المسخ والنسخ ، وكأن الجزائر من عافية أمرها حتى تستلذ المقــــــام خلف أقبية وتخوم التحول الجديدة ، وكأن النمطية الهيكلية لا يتعلق أداؤها بعقول الصغار وبراعم الغد .
فقد أحدثوا بتحويراتهم التي مست لب المعطى التربوي انفلاتا صريحا وتصعيرا واضحا وملموسا لكل التجارب السابقــــــــــــــة ــ بصرف النظر عن الأخطاء ، إن كانت تحمل أخطاء ــ فلم يقصدوا التقويم والإصلاح ، بل أرادوا تكريس نظام جديد هــــــــكذا دونما خطة مدروسة ، ولا تحضير ممنهج ، ولا حتى تعبئة أو تهيئة الإطار المستقبل لكل هذا الزخم المستحدث ، فقد ألزمــــــوا عقل الصغير بأن يستوعب معارف وعلوم تفوق بكثير مقدرته العقلية والإدراكية ، وكثفوا من مادة النص ووسعــــــــــــــــــــــوا من مساحة الدرس ، والذي نخشاه أن تخرج لنا هذه التجربة في الأخير ، لا أقول أشباه المتعلمين ، بل أكاد أجزم أنها ستخـــــــــــــرج عديمي التعليم ، ونظل ننعت التجارب ونغير الأنماط ، ونخرج الفاشلين ، ونندب حضنا هذا ــ الجميل ــ وتظل الأمة ــ كـــــــــــــــل الأمــــــــــــــــة ــ ترزح في أقبية التخلف والانحطاط لا ترضى عنه حولا ...
فالفرية التي قصمت الظهر ، أن حصدت هذه المنظومة من أعمارها سنونا طوالا ، وبعد نيف من الزمن تأتي أخيرا بوجــــــــــه مسيح ، لتعلن أن التجربة الفارطة كانت أشبه بالكارثة ، لأنها خرجت أشباه المتعلمين وشوشت منظور الإسقـــــــــــــــاط الجيد ، وخربت متعلق هذا الفكر الخادم ، وبأنها لا تتلاءم وطبيعة المكان والزمان ...
أليس الأحرى بهذه الانتقادات أن تكون في حينها ، وأن تصدر في إطار من المشروعية والتأصيل في وقتها ، ولا يضيع هـــــــــــذا الصغير وسط هذا الركام من الفوضى ، ووسط هذه التجارب المريرة القاسية الغير مستقر ة في حياته التعليمية ، وهـــــذا ـــ إذا ما استثنينا فكرة التحديث والعصرنة التي نحبذها في كل حين ــ وإذا ما عقدنا مقارنة جوهرية وفاصلة بين بعض البلدان العربية التي خرجت معنا من نفس التجربة الاستعمارية ـــ لا ألفينا فارقا جوهريا ومساحة كبرى من المرتكزات والأساسات قد غيبت ، لأن هذه البلدان اعتمدت سياسة رشيدة في الاحتواء الجيد المخصب ، وكذا اهتمامها الواعي والفاعل بكل متعلــــق تعليمي تربوي أصيل ، فحققت نقلات نوعية هائلة وفي أعوام قياسية .
ب / على مستوى السلوك
ظهرت طرائق وأشكال لأداءات توعز بأنها جوهر العملية التربوية ، وبأنها المعطى الخصب لنجاعة الفعل التعليمي في أنساقـــــــه المتشابكة المتداخلة وظيفيا ونمطيا .
وذات الطرائق والآليات هي التي فندت فكــــــــــــــرة سلبية وأحادية وإثنية الفعل التربوي التعليمي عبر حقب طويلة من تاريــــــــخ هذا البلد .
فنقف إذن مع السلوك التربوي ، كونه يجسد ظاهر هذا الكيان المحبط وواجهة هذا النظام المربك ..
فالسلوك التربوي للعملية التعليمية في الجزائر لاقى الكثير من النقد للازمة الخطأ ، وللعفوية المربكة لكل عمل علمي مؤسس .
فشهدت بذلك مناحي الدرس التربوي عبر أطواره المختلفة أنماط سلوك قاتلة مفرغة تماما من أي سند علــــــــــــــــمي أو تعليمي ، وكانت جميعها محصلة اعتباطات جوفاء وفارغة ، تقيم رؤيتها للشيء على منظار الشكل والإطار ، دونما اهتمام بالرؤيـــــــة الاستباقية لمضمـــــــــــون العمل ومناط الفكر...
فترى وعبر أقسام الدرس التربوي حيثما نزلت وأينما حللت اهتماما زائدا مفرغا من دعامة علمية تربوية رصينة بإطــــار النص وخلفية الدرس إن جاز هذا التوصيف أو بالأحرى بإفناء جل متاح الوقت في تحضير وكتابة معلقات وملصقات وحــــــــــــواشي مسطرة ومزينة ، وجعلها جوهر كل عملية تعليمية مثالية صحيحة ، حسب هذا الاعتقاد الساذج والسطحي ، حتى وإن كان جوهر الأداء العملي لا يمت بصلة إلى العملية التربوية ، فهو قد يلحق جزافا بأي إفراد تركيبي ، لكن أن يدرج كمحور في حـــــــلقة البعث والتنشئة الفاعلة ، فلا أظنه يفي بالغرض المطلوب ، ويرمي إلى المبتغى والمقصد المرغوب .
ومن طرائق السلوك الأخرى ـ الاعتداد بما هو كائن من احباطات موروثة ومتوارثة ، والارتكان إلى كل ما هو سطحي وســـاذج وغير جدي في بناء النمطية الكبرى لكيان هذا النظام ...
ومن بعض السلوكات القاتلة ــ احتفاظ المدرسة الجزائرية ببعض المحسوبين على النظام ، الذين وصلت إليهم إمــــــــــــــــــــــرة بعض المؤسسات التعليمية هكذا بالتقادم ، في وقت غاب فيه الرقيب ، وصودرت فيه الرؤية الفاحصة الاستكشافية لكــــــــــــــل مخبأ دسيس ، ولكل سقيم ليس بالنفيس ، فعمل هذا الفريق من الناس ــ إلا نادرا ــ على إحداث فجوات وشروخ في هذا الإطـــــار التنظيمي ، وخلق بذلك جيوب صراع وخصام بين الأطراف المشاركة في التأطير وفي العملية التربوية ، وربمـــا كان الباعث وراء هذا الارتكاز السافر على هذه النمطية السلبية في التعامل مع الأخر ، تلك الحفيظة المغروسة سلفا في خـــــوالجهم ، والمنمة عن خلفية حقد وضغينة على كل مستحدث وعلى كل إطار خرجته مدارج الجامعة ، والتحق بفيالق الـــمدرسين ، فأثبت المــهنية والكفاءة والمسؤولية والعلمية ، فغاض صنيعهم تلك الفئة القابعة في تخومها العتاق ، فتراهم يتطيرون من هذا الصنف ، كونهم لم يتدرجوا في تلك المراحل التعليمية ، ولم يتزودوا بالمعارف والمهارات وحتى المكتسبات المهنية العلمية ، بل ظلوا على حـــالهم منذ عهود مابعد الموحدين ، يركنون إلى النص المردد ليملأوا به حافظة الصغار بالنقل لا بالعقل ، فنشأ جراء هذا الصنيع جيل ببغاي يردد ولا يعي ما يردد .
ولعل القاصمة التي قصمت ظهر المجن في كل هذا التركيب التنظيمي المنسحب أداء على التربية ، تلك الرعونات الفــــــــــــــــكرية والكلامية المشهودة من فريق المتشدقين والمنتسبين هكذا اعتباطا إلى هيكلية النظام ، والتي وصلت بذاءاتهم وسفـــــــــــــــــالتهم ونذالتهم إلى حد التحقير والتنفير والتسفيه ، ولربما كان لتواجدهم هذا الأرعن على ظهـــــــــــــــــر هذه المؤسسات التعليمية أكبر الأثر باتجاه السلب وأعمق البلوى باتجاه الكارثة ، فنشب في بعض هذه المؤسسات جــــــراء السياسة المنتهجة داخلها مشادات ومشاحنات كلامية ، بل حتى سلوكية تحولت في بعض المواطن إلى حلبات صراع ومبارزة عنيفة وقاتلة .
ومن بعض هذه السلوكات الأخرى القاتلة المفرغة من كل أساس علمي أو تربوي أو حتى مهني ــ إذا اعتبرنا المـــــــــهنية في الأداء التربوي هي أقدس وأنبل وأشرف من أي مهنية أخرى عبر كل الأنساق والمفاهيم الوظيفية ، ومن هذه السلوكات :
ــ تفشي ظاهرة " هات تخطي رأسي " ، فلم يعد يرى ويشاهــــــــــــــــــــد في جوهر هذه المنظومة العتيقة المنهكة ، ذاك التكاتف والتآزر والتلاحم ــ إلا نادرا ــ إذا ما حل بعنصر من عناصر التنظيم أي كرب أو نزل به سوء ...فكل يــــــــــدافع عن ذاته ويستشعر أناه في كل حين ، وكأن هذه الأنا ليس رابط معرفي أو تنظيمي بالأخر أو بالإطار الخاص و العام للمعطى التربـــوي داخل هذه الجدران أو تلك ، وكأن هذا الشخص يدلج في ركب خاص ، ويمتطي قاربا لوحده ، بل قد لا يعي أنه يــــــــــــدرج ضمنيا ونمطيا داخل سقف سفينة ربانها واحد ، فإذا هلكت هلك وهلكوا جميعا ، وإذا نجت نجا ونجوا جميعا ، ونلـــــــحظ عبر عمليات الاستقراء المعتمدة علميا وبحثيا نشوء ما يسمى بصراع الأجيال وصراع الأفكار ، فالجيل القديـــــــم العتيق ، الذي تربى في وسط خاص وبيئة تكاد تكون معدمة من كل شيء ، يعادي جوهريا وحركيا هذا الجيل الجديد ، الذي نشأ وتربى في وسط بلغت فيه الحضارة والمدنية شأوا بعيدا ، وقطع فيه العلم والبحث شوطا كبيرا ، فوصلت إليه خلاصات تجارب العالمين ، واستطاع النبهاء منهم أن يفرضوا ذاتهم المفردة فرضا علميا مستطابا ، ويتدرجوا في كل مراحــــــــــل الدرس والبحث والمهنية الجادة إلى منتهاها ، والأخر ون منهم وإن لم يكونوا نبهاء أو جهابذة ، فهم على أقل تقديـــــــــــــــر ينزعون ذات المنزع الفكـــــــــري المناؤى لترهات الحفاظ ، ويختلفون نمطيا عن إطار المحسوبين زورا وبهتانا على هذا النظام التربوي الأصيل ...
هذه بعض معوقات الحركة التربوية الفكرية على مستوى السلوك ، والجناية الكبرى التي جنتها في حق الأجيال الواعدة ، والتنشئة الخطأ التي أنشأوا عليها فلذات الأكباد الذين لا حول لهم ولا قوة في هذا الصراع المحموم والجبان ــ صراع الديكــــــــة ، إن جاز اللفظ وصح التعبيـــــــــــــــــــــر .
فالفرية أن استصغرت الأمة هذا المربي واحتقرته ــ أيما تحقير ــ واعتبرته أخـــــــــــــر ما ينظر إليه على مستوى الحقوق ، وأول ما يطالب بالأداء إذا ما تعلق الأمر بالواجبات ، بل قد يهان ويحقــــــــــــــــر ويعزر وينكل بشخصه من بعض الذين كانوا تلامــــــــــذة ومرتادي حلقات درسه ، في وقت من أوقات النكبة ، كما حصل في جزائر التحولات والمفارقات خلال تلك الأيام التعيسة المريرة ...
فأضحى طلب الحق أمرا يثير تقزز الوزارات والإمارات والزعامات في هذا الوطن المكلوم ، وأمسى صاحب النزاهة والخلــــــــق ، والإخلاص في تأدية كل واجب مهني أو وظيفي أمـــــــــــــــــرا مستغـــــــــــــــــربا وعجيبا في دنيانا المتعرجة ، ولاغرو أن يوصف صاحبه بكل نعوت التخلف والرجعية ، ويوصم في كل أموره بالمغلق والمنطوي والسطحي والشاذ عن قاعــــــــدة الجماعة ــ تلك الجماعــــــــة الخارقة لكل قانون والمستبيحة لكل نظام ـــ .
محمد بن زعبار- عضو مبدع
- عدد الرسائل : 1062
نقاط : 2133
تاريخ التسجيل : 02/11/2008
مواضيع مماثلة
» قراءات في أنساق الأداء التربوي الراهن * الحلقة الأولى *
» ـ قراءات في أنساق الأداء التربوي الراهن ... ( الحلقة الثالثة ) .
» الأدلجة النصية لواقعية الفعل التربوي الراهن ( 2 ) .
» المنظور القيمي لفكر تربوي أصيل... الحلقة الثانية .
» شبهات التداخل ما بين العالمية الاسلامية الثانية والرسالة الثانية من الاسلام
» ـ قراءات في أنساق الأداء التربوي الراهن ... ( الحلقة الثالثة ) .
» الأدلجة النصية لواقعية الفعل التربوي الراهن ( 2 ) .
» المنظور القيمي لفكر تربوي أصيل... الحلقة الثانية .
» شبهات التداخل ما بين العالمية الاسلامية الثانية والرسالة الثانية من الاسلام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة أبريل 12, 2024 4:10 pm من طرف سعداوي ربيع
» المتألقه ياسمين ابراهيم
الثلاثاء أكتوبر 10, 2023 8:54 pm من طرف سعداوي ربيع
» إستمتع بخدمة ultimate game pass لجهاز الإكسبوكس و الحاسوب
الخميس نوفمبر 24, 2022 10:35 pm من طرف lmandoo
» ربيع المؤمـــــــــــــــــــن
الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 8:11 am من طرف سعداوي ربيع
» مشروع واحة الشاطيء شقق للبيع في مدينة دبي للاستديوهات
الخميس نوفمبر 03, 2022 9:21 pm من طرف lmandoo
» شركة حلول ميج للاستشارات وتطوير الأعمال
الثلاثاء أكتوبر 18, 2022 11:26 am من طرف lmandoo
» نانا اليوم اقوى الخصومات على كل المنتجات
الأربعاء أكتوبر 12, 2022 11:28 pm من طرف lmandoo
» مرام مالك فنانة غنائية سعودية
الإثنين سبتمبر 05, 2022 5:12 am من طرف lmandoo
» موقع تعليمي سعودي لتغطية كافة المناهج
الخميس أغسطس 25, 2022 11:44 pm من طرف lmandoo
» يونيريم للرعاية المنزلية UNIREM Home Care
الأربعاء أغسطس 17, 2022 3:49 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
السبت أغسطس 13, 2022 3:57 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
السبت أغسطس 13, 2022 2:21 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:47 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:37 am من طرف lmandoo
» مصممة الازياء رنا سمعان من نينوى العراق إلى العالمية
الإثنين أغسطس 08, 2022 3:45 am من طرف lmandoo