مـــــــــــــــــــــواعظ
من فضل الله على عباده تتابع مواسم الخيرات ومضاعفة الحسنات فالمؤمن يتقلب في ساعات عمره بين أنواع العبادات والقربات فلا يمضي من عمره ساعة إلا ولله فيها وظيفة من وظائف الطاعات وما أن يفرغ من عبادة إلا ويشرع في عبادة أخرى ولم يجعل الله حدا لطاعة العبد إلا انتهاء عمره وانقضاء أجله.
وبعد ان اتم الله لنا نعمة اكمال شهر الصيام والقيام ورتب عليه عظيم الأجر والثواب صيام ست أيام من شوال التي ثبت في فضائلها العديد من الأحاديث منها ما رواه الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر
المواضيع الأخيرة
بطاقات اسلامية
أدعية رمضانــــــــــية
الغثائية... التي تعاني منها الأمة اليوم
صفحة 1 من اصل 1
الغثائية... التي تعاني منها الأمة اليوم
يقول الشيخ محمد الأمين : (لقد حض الإسلام على الزواج وذم الرهبانية و التبتل. وثبت في الصحيح عن ابن مسعود رسول الله r: «يا معشر الشباب. من استطاع منكم الْبَاءَةَ فليتزوّج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليهِ بالصوم، فإنه له وِجَاء» رواه الجماعة. وعن سعد بن أبي وقاص قال: «رد رسول الله r على عثمان بن مظعون التبتل. ولو أذن له لاختصينا». وعن أنس: أن نفراً من أصحاب النبي r قال بعضهم: "لا أتزوج". وقال بعضهم: "أصلي ولا أنام". وقال بعضهم: "أصوم ولا أفطر". فبلغ ذلك النبي r فقال: «ما بال أقوامٍ قالوا كذا وكذا؟ لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأتزوج النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني». متفق عليهما.
فهذه كلها أحاديث صحيحة ترغب بالزواج، ولا تدل بأي شكل على استحباب الإنجاب. والفرق شاسعٌ بينهما، لأن الهدف من الزواج هو إحصان النفس. ولو كان الرجل شيخاً مثلاً لا رغبة له في الزواج، فلا يكون الزواج مستحباً له على قول بعض العلماء. قال الغزالي في الإحياء: «من اجتمعت له فوائد النكاح وانتفت عنه آفاته فالمستحب في حقه التزويج، ومن لا فالترك له أفضل، ومن تعارض الأمر في حقه فليجتهد ويعمل بالراجح».
وقد استشهد من قال باستحباب الإنجاب بأحاديث باطلة ضعيفة لا يكاد يصح منها شيء. منها: حديثٌ عن ابن عمر عن الديلمي في مُسنَدِ الفِردَوس قال: قال رسول الله r: «حجوا تستغنوا. وسافروا تصحوا. وتناكحوا تكثروا. فإني أباهي بكم الأمم»، وفي إسناده محمد بن الحرث عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني وهما ضعيفان. وأخرج البيهقي عن أبي أمامة: «تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم. ولا تكونوا كرهبانية النصارى»، وفي إسناده محمد بن ثابت وهو ضعيف، وقد أشار البيهقي نفسه لضعف الحديث. وأخرج الدارقطني في المؤتلف وابن قانع في الصحابة عن حرملة بن النعمان: «امرأةٌ ولودٌ أحَبّ إلى الله من امرأة حسناء لا تلد. إني مكاثرٌ بكم الأمم يوم القيامة»، وهو ضعيف. وأخرج ابن ماجة وعن عائشة أن النبي r قال: «النكاح من سنتي. فمن لم يعمل بسنتي فليس مني. وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم. ومن كان ذا طول فلينكح. ومن لم يجد فعليه بالصوم، فإن الصوم له وجاء»، وفي إسناده عيسى بن ميمون وهو ضعيف. وأخرج الحاكم عن عياض بن غنم: «لا تزوجوا عاقراً ولا عجوزاً، فإني مكاثر بكم الأمم»، وقد ضعفه ابن حجر. وأخرج ابن مِرْدَوَيْه في تفسيره من حديث ابن عمر: «تَنَاكَحُوا تَكْثُروا فَإنِّي أُبَاهِي بكُمُ الأُمَمَ يومَ القيامة»، وضعفه الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (2|22). وأخرج الطبراني عن سعد بن أبي وقاص: «إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة». وأخرج أحمد وأبو داود عن ابن عباس مرفوعاً: «لا صرورة في الإسلام»، وفي إسناده عمر بن عطاء وهو ضعيف كما أفاد ال****ي. وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً: «انكحوا العالمين الأولاد، فإني أباهي بكم يوم القيامة»، وفيه جرير بن عبد الله المعافري وهو ضعيف. وأخرج أحمد والطبراني في الأوسط عن حفص بن عمر (هو ابن عبد الله بن أبي طلحة، جيد الحديث) عن أنس أن النبي r كان يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهياً شديداً ويقول: «تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة»، وفي إسناده خلف بن خليفة وهو ثقة لكن قد خرف واختلط، وقد أشار لذلك أحمد (3|245) في ذكره لهذا الحديث.
على أن هذه الأحاديث كلها –لو صحت– تؤخذ على استحباب تزوج المرأة التي تنجب الأولاد. و ليس من هذه الأحاديث حديثٌ واحدٌ يُحرّم تحديد النسل. فالتحريم لا بد له من دليلٌ واضحٌ، و هو مُنتفٍ في هذه الحالة. وأحسن ما في الباب ما رواه أبو داود (2|220) وابن حبان (9|364) والحاكم (2|176) عن معقل بن يسار قال: جاء رجلٌ إلى النبي r فقال: «إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد. أفأتزوجها؟» قال: «لا». ثم أتاه الثانية، فنهاه. ثم أتاه الثالثة، فقال: «تَزوَّجوا الودُودَ الولُودَ فإنِّي مُكاثِر بكم الأمَم». والمُكَاثرة: هي المُفاخَرة بالكثْرة. والحديث في إسناده مستلم بن سعيد قال عنه ابن حجر: «صدوقٌ عابدٌ رُبما وَهِم». وهذا لو صحّ لكان معناه تحريم تزوج المرأة التي لا تنجب، وهذا أمرٌ لا أعلم أحداً منهم يقول بذلك. وفي الحديث بعض النكارة، إذ كيف عرف ذلك الرجل أنها لا تنجب وهو لم يتزوجها؟ ألِمجرد شك في قدرتها على الإنجاب يحرم الزواج منها؟! وناهيك بالحديث ضعفاً أن لا يعمل به أحد. إلا إن حملوه على مجرد كراهة الزواج ممن يُظَن أنها لا تنجب، فيكون المعنى كراهية قطع النسل كلية (وليس تحريم تحديده).
وقد استدل البعض بكراهية تكثير النسل بقوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ. فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ. ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا} (النساء:3). قال بعض العلماء معناها: تزوجوا واحدة ذلك أدنى أن لا تكثر عيالكم. قاله زيد بن أسلم وجابر بن زيد وسفيان بن عيينة والشافعي. وهذا التفسير جائزٌ عند علماء اللغة.
بعض الصحابة والعلماء الذين كانوا يحدّدون النسل
لو تأملنا سيرة السلف الصالح، لوجدنا أن فهمهم لهذه القضية يختلف كثيراً عن المنتشر بين علمائنا الذين يزعمون ضرورة الإنجاب كل عام! فلو تأملنا حال كبار الفقهاء وعلماء الحديث، بل حتى بعض كبار الصحابة، لوجدنا أنهم كانوا يعزلون. ومنهم من صرح بذلك بشكل صريح. ولذلك لا تجد لهم من الأولاد إلا القليل جداً. فقد أجاز العزل زيد وابن عباس وابن مسعود. ولا نعرف لعبد الله بن مسعود t من الأبناء إلا أبو عبيدة وعبد الرحمان وسارة. أما حافظ الصحابة وراوية الحديث أبي هريرة فليس له إلا محرر ومحمد ومروان، وقيل له بنت والله أعلم.
ثم نظرنا إلى كبار الفقهاء وأئمة المحدِّثين، فوجدنا الولد فيهم قليل جداً:
· مالك بن أنس (إمام المدينة) له يحيى.
· الثوري لم يُعَقّب.
· شعبة بن الحجاج له سعيد.
· عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي له محمد وليس له غيره.
· أبو حنيفة له حَمّاد وليس له غيره.
· الشافعي له عثمان ومحمد.
· أحمد بن حنبل له صالح وعبد الله.
· عبد الرحمن بن مهدي له إبراهيم وموسى وليس له غيرهما.
· يحيى بن سعيد له محمد.
· وعبد الله بن المبارك لم يعقب.
· علي بن المديني له محمد و عبد الله.
· ويحيى بن معين لم يعقب ذكرا وله أعقاب من بناته.
· البخاري ومسلم لم يعقّبا ذَكَراً.
الفرق بين منع الحمل وتنظيم النسل
(أ) منع الحمل: هو استعمال الوسائل التي تسبب العقم الدائم عند الرجل أو المرأة كاستئصال الرحم أو الاستخصاء. و هذا النوع الراجح في أصح الأقوال عدم جوازه. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (9|310): «ويلتحق بهذه المسألة تعاطي المرأة ما يقطع الحبل من أصله. وقد أفتى بعض متأخري الشافعية بالمنع، وهو مُشكلٌ على قولهم بإباحة العزل مطلقاً». أقول الفرق بيّن: وهو في حال العزل مطلقاً، فإن الزوجين بإمكانهما إيقاف العزل والإنجاب في أي وقت يرغبون فيه. أما في حال العقم الدائم، فهي مجازفة لا يمكن إصلاحها.
(ب) تنظيم و تحديد النسل: ويكون في استعمال وسائل معروفة لا تؤدّي إلى إحداث العقم أو القضاء على وظيفة جهاز التناسل، بل يراد بذلك الوقوف عن الإنجاب عند الوصول إلى عدد معين من الذرية لأسبابٍ شرعية القصد، منها مراعاة حال الأسرة وشؤونها من صحة أو قدرة على التربية، أو لإتمام مُدة الرضاعة وهي سنتان كما بينها ربنا سبحانه وتعالى في كتابه الكريم. و يكون هذا التوقّف عن الإنجاب باستعمال وسائل يُظن أنها تمنع من الحمل يظن أنها تحول بين المرأة وبين الحمل كالعزل، وهو قذف ماء الرجل خارج الرحم، وكتناول العقاقير ووضع اللبوس -وهو اللولب- في الفرج وترك الجماع في وقت إخصاب بويضة المرأة ووضع العازل المطاطي ونحو ذلك.
الأسباب التي تدعو لتحديد النسل
أولاً: من المعلوم عند الجميع أن مساحة الأرض محدودة والصالح منها لسكن الناس وللزراعة والإنتاج ممّا يحتاجه الناس محدود. و نجد كثيراً من بلاد المسلمين -بنغلادش مثلاً- قد استُنفِذت بها كل الموارد الطبيعية و الأراضي القابلة للزراعة، مع زيادة كبيرة للسكان أدت لفقر مدقع و مجاعة دائمة و تخلف شامل في كل النواحي. و زيادة السكان لا تزيد البلاد إلا فقراً.
و هذه الهند و الصين بدأتا كلاهما تجربة النهوض في نفس الوقت. و على الرغم من كون الهند أكثر ديمقراطية و انفتاحاً فإن عدم تحديد النمو السكاني جعل الهند تبقى متخلفة من المنظور العام، بعكس الصين التي حققت بسبب تمكنها من السيطرة على النمو السكاني أعلى نمو اقتصادي في العالم.
وأخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة: «مَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْفَقْرَ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمُ التَّكَاثُرَ. وَمَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْخَطَأَ وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْعَمْدَ». وأخرجه ابن حبان في صحيحه (8|16)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10|236): «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح»، وقال الحاكم في مستدركه (2|582): «هذا حديث صحيح على شرط مسلم». وأخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة أيضاً: «ليس الغني عن كثرة العرض، ولكن الغني غنى النفس. والله ما أخشى عليكم الفقر ولكن أخشى عليكم التكاثر. ولكن أخشى عليكم العمد».
ثانياً: أن الفطرة وضعت حداً مناسباً لتنظيم النسل والمنع من تضخيمه في جميع أنواع الأحياء حتى الإنسان. و كمثال مصغر على ذلك قبيلة تعيش حول بئر ماء فلما تضاعف عدد أفراد القبيلة جف البئر و لم يعد يكف فمات الكثير من العطش مما حدد نمو القبيلة.
ثالثاً: أن طبقات الناس متفاوتة غنىً وفقراً، فلهذا وجب الحد من التناسل صيانةً للأسرة مما يتهدّدها من خطر كثرة الأولاد وإنقاذاً للأمة مما يتوقع لها من البلاء وشدة الأزمات.
رابعاً: أنّ تحديد النسل يحفظ للمرأة صحتها وجمالها. و هذا ثابت و معروف في العلم و الطب. فكثرة الإنجاب ترهق المرأة و تذهب جمالها و تقصر معدل عمرها.
خامساً: أن المطلوب هو النوعية و ليس الكثرة. فأن نحصل على ذرية قليلة يعتني بها آبائها خير العناية لتصبح بعد ذلك النخبة القائدة خير من ذرية كثيرة ضعيفة لا تملك قوت نفسها.
أخرج أحمد وأبو داود بإسناد حسن أن رسول اللّه r قال: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها». فقال قائل: ومن قِلّةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنكم غثاءٌ (ما يحمله السيل من وسخ) كغثاء السيل. ولينزعنَّ اللّه من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنَّ اللّه في قلوبكم الوهن». فقال قائل: يا رسول اللّه، وما الوهن؟ قال: «حبُّ الدنيا وكراهية الموت». فلم تغن عنا كثرتنا شيئاً في هذا العصر، و إنما أصبحنا كالغثاء الذي يحمله السيل، كثير وافر لكنه لا يفعل شيئاً.
هذه بالطبع بعض الأسباب التي تدعو لتحديد النسل. و إلا فإن الأحكام الشرعية تؤخذ من القرآن و السنة، و القول بالتحريم لا بد له من دليل شرعي صريح حتى يؤخذ به.
فهذه كلها أحاديث صحيحة ترغب بالزواج، ولا تدل بأي شكل على استحباب الإنجاب. والفرق شاسعٌ بينهما، لأن الهدف من الزواج هو إحصان النفس. ولو كان الرجل شيخاً مثلاً لا رغبة له في الزواج، فلا يكون الزواج مستحباً له على قول بعض العلماء. قال الغزالي في الإحياء: «من اجتمعت له فوائد النكاح وانتفت عنه آفاته فالمستحب في حقه التزويج، ومن لا فالترك له أفضل، ومن تعارض الأمر في حقه فليجتهد ويعمل بالراجح».
وقد استشهد من قال باستحباب الإنجاب بأحاديث باطلة ضعيفة لا يكاد يصح منها شيء. منها: حديثٌ عن ابن عمر عن الديلمي في مُسنَدِ الفِردَوس قال: قال رسول الله r: «حجوا تستغنوا. وسافروا تصحوا. وتناكحوا تكثروا. فإني أباهي بكم الأمم»، وفي إسناده محمد بن الحرث عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني وهما ضعيفان. وأخرج البيهقي عن أبي أمامة: «تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم. ولا تكونوا كرهبانية النصارى»، وفي إسناده محمد بن ثابت وهو ضعيف، وقد أشار البيهقي نفسه لضعف الحديث. وأخرج الدارقطني في المؤتلف وابن قانع في الصحابة عن حرملة بن النعمان: «امرأةٌ ولودٌ أحَبّ إلى الله من امرأة حسناء لا تلد. إني مكاثرٌ بكم الأمم يوم القيامة»، وهو ضعيف. وأخرج ابن ماجة وعن عائشة أن النبي r قال: «النكاح من سنتي. فمن لم يعمل بسنتي فليس مني. وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم. ومن كان ذا طول فلينكح. ومن لم يجد فعليه بالصوم، فإن الصوم له وجاء»، وفي إسناده عيسى بن ميمون وهو ضعيف. وأخرج الحاكم عن عياض بن غنم: «لا تزوجوا عاقراً ولا عجوزاً، فإني مكاثر بكم الأمم»، وقد ضعفه ابن حجر. وأخرج ابن مِرْدَوَيْه في تفسيره من حديث ابن عمر: «تَنَاكَحُوا تَكْثُروا فَإنِّي أُبَاهِي بكُمُ الأُمَمَ يومَ القيامة»، وضعفه الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (2|22). وأخرج الطبراني عن سعد بن أبي وقاص: «إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة». وأخرج أحمد وأبو داود عن ابن عباس مرفوعاً: «لا صرورة في الإسلام»، وفي إسناده عمر بن عطاء وهو ضعيف كما أفاد ال****ي. وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً: «انكحوا العالمين الأولاد، فإني أباهي بكم يوم القيامة»، وفيه جرير بن عبد الله المعافري وهو ضعيف. وأخرج أحمد والطبراني في الأوسط عن حفص بن عمر (هو ابن عبد الله بن أبي طلحة، جيد الحديث) عن أنس أن النبي r كان يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهياً شديداً ويقول: «تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة»، وفي إسناده خلف بن خليفة وهو ثقة لكن قد خرف واختلط، وقد أشار لذلك أحمد (3|245) في ذكره لهذا الحديث.
على أن هذه الأحاديث كلها –لو صحت– تؤخذ على استحباب تزوج المرأة التي تنجب الأولاد. و ليس من هذه الأحاديث حديثٌ واحدٌ يُحرّم تحديد النسل. فالتحريم لا بد له من دليلٌ واضحٌ، و هو مُنتفٍ في هذه الحالة. وأحسن ما في الباب ما رواه أبو داود (2|220) وابن حبان (9|364) والحاكم (2|176) عن معقل بن يسار قال: جاء رجلٌ إلى النبي r فقال: «إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد. أفأتزوجها؟» قال: «لا». ثم أتاه الثانية، فنهاه. ثم أتاه الثالثة، فقال: «تَزوَّجوا الودُودَ الولُودَ فإنِّي مُكاثِر بكم الأمَم». والمُكَاثرة: هي المُفاخَرة بالكثْرة. والحديث في إسناده مستلم بن سعيد قال عنه ابن حجر: «صدوقٌ عابدٌ رُبما وَهِم». وهذا لو صحّ لكان معناه تحريم تزوج المرأة التي لا تنجب، وهذا أمرٌ لا أعلم أحداً منهم يقول بذلك. وفي الحديث بعض النكارة، إذ كيف عرف ذلك الرجل أنها لا تنجب وهو لم يتزوجها؟ ألِمجرد شك في قدرتها على الإنجاب يحرم الزواج منها؟! وناهيك بالحديث ضعفاً أن لا يعمل به أحد. إلا إن حملوه على مجرد كراهة الزواج ممن يُظَن أنها لا تنجب، فيكون المعنى كراهية قطع النسل كلية (وليس تحريم تحديده).
وقد استدل البعض بكراهية تكثير النسل بقوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ. فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ. ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا} (النساء:3). قال بعض العلماء معناها: تزوجوا واحدة ذلك أدنى أن لا تكثر عيالكم. قاله زيد بن أسلم وجابر بن زيد وسفيان بن عيينة والشافعي. وهذا التفسير جائزٌ عند علماء اللغة.
بعض الصحابة والعلماء الذين كانوا يحدّدون النسل
لو تأملنا سيرة السلف الصالح، لوجدنا أن فهمهم لهذه القضية يختلف كثيراً عن المنتشر بين علمائنا الذين يزعمون ضرورة الإنجاب كل عام! فلو تأملنا حال كبار الفقهاء وعلماء الحديث، بل حتى بعض كبار الصحابة، لوجدنا أنهم كانوا يعزلون. ومنهم من صرح بذلك بشكل صريح. ولذلك لا تجد لهم من الأولاد إلا القليل جداً. فقد أجاز العزل زيد وابن عباس وابن مسعود. ولا نعرف لعبد الله بن مسعود t من الأبناء إلا أبو عبيدة وعبد الرحمان وسارة. أما حافظ الصحابة وراوية الحديث أبي هريرة فليس له إلا محرر ومحمد ومروان، وقيل له بنت والله أعلم.
ثم نظرنا إلى كبار الفقهاء وأئمة المحدِّثين، فوجدنا الولد فيهم قليل جداً:
· مالك بن أنس (إمام المدينة) له يحيى.
· الثوري لم يُعَقّب.
· شعبة بن الحجاج له سعيد.
· عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي له محمد وليس له غيره.
· أبو حنيفة له حَمّاد وليس له غيره.
· الشافعي له عثمان ومحمد.
· أحمد بن حنبل له صالح وعبد الله.
· عبد الرحمن بن مهدي له إبراهيم وموسى وليس له غيرهما.
· يحيى بن سعيد له محمد.
· وعبد الله بن المبارك لم يعقب.
· علي بن المديني له محمد و عبد الله.
· ويحيى بن معين لم يعقب ذكرا وله أعقاب من بناته.
· البخاري ومسلم لم يعقّبا ذَكَراً.
الفرق بين منع الحمل وتنظيم النسل
(أ) منع الحمل: هو استعمال الوسائل التي تسبب العقم الدائم عند الرجل أو المرأة كاستئصال الرحم أو الاستخصاء. و هذا النوع الراجح في أصح الأقوال عدم جوازه. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (9|310): «ويلتحق بهذه المسألة تعاطي المرأة ما يقطع الحبل من أصله. وقد أفتى بعض متأخري الشافعية بالمنع، وهو مُشكلٌ على قولهم بإباحة العزل مطلقاً». أقول الفرق بيّن: وهو في حال العزل مطلقاً، فإن الزوجين بإمكانهما إيقاف العزل والإنجاب في أي وقت يرغبون فيه. أما في حال العقم الدائم، فهي مجازفة لا يمكن إصلاحها.
(ب) تنظيم و تحديد النسل: ويكون في استعمال وسائل معروفة لا تؤدّي إلى إحداث العقم أو القضاء على وظيفة جهاز التناسل، بل يراد بذلك الوقوف عن الإنجاب عند الوصول إلى عدد معين من الذرية لأسبابٍ شرعية القصد، منها مراعاة حال الأسرة وشؤونها من صحة أو قدرة على التربية، أو لإتمام مُدة الرضاعة وهي سنتان كما بينها ربنا سبحانه وتعالى في كتابه الكريم. و يكون هذا التوقّف عن الإنجاب باستعمال وسائل يُظن أنها تمنع من الحمل يظن أنها تحول بين المرأة وبين الحمل كالعزل، وهو قذف ماء الرجل خارج الرحم، وكتناول العقاقير ووضع اللبوس -وهو اللولب- في الفرج وترك الجماع في وقت إخصاب بويضة المرأة ووضع العازل المطاطي ونحو ذلك.
الأسباب التي تدعو لتحديد النسل
أولاً: من المعلوم عند الجميع أن مساحة الأرض محدودة والصالح منها لسكن الناس وللزراعة والإنتاج ممّا يحتاجه الناس محدود. و نجد كثيراً من بلاد المسلمين -بنغلادش مثلاً- قد استُنفِذت بها كل الموارد الطبيعية و الأراضي القابلة للزراعة، مع زيادة كبيرة للسكان أدت لفقر مدقع و مجاعة دائمة و تخلف شامل في كل النواحي. و زيادة السكان لا تزيد البلاد إلا فقراً.
و هذه الهند و الصين بدأتا كلاهما تجربة النهوض في نفس الوقت. و على الرغم من كون الهند أكثر ديمقراطية و انفتاحاً فإن عدم تحديد النمو السكاني جعل الهند تبقى متخلفة من المنظور العام، بعكس الصين التي حققت بسبب تمكنها من السيطرة على النمو السكاني أعلى نمو اقتصادي في العالم.
وأخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة: «مَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْفَقْرَ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمُ التَّكَاثُرَ. وَمَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْخَطَأَ وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْعَمْدَ». وأخرجه ابن حبان في صحيحه (8|16)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10|236): «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح»، وقال الحاكم في مستدركه (2|582): «هذا حديث صحيح على شرط مسلم». وأخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة أيضاً: «ليس الغني عن كثرة العرض، ولكن الغني غنى النفس. والله ما أخشى عليكم الفقر ولكن أخشى عليكم التكاثر. ولكن أخشى عليكم العمد».
ثانياً: أن الفطرة وضعت حداً مناسباً لتنظيم النسل والمنع من تضخيمه في جميع أنواع الأحياء حتى الإنسان. و كمثال مصغر على ذلك قبيلة تعيش حول بئر ماء فلما تضاعف عدد أفراد القبيلة جف البئر و لم يعد يكف فمات الكثير من العطش مما حدد نمو القبيلة.
ثالثاً: أن طبقات الناس متفاوتة غنىً وفقراً، فلهذا وجب الحد من التناسل صيانةً للأسرة مما يتهدّدها من خطر كثرة الأولاد وإنقاذاً للأمة مما يتوقع لها من البلاء وشدة الأزمات.
رابعاً: أنّ تحديد النسل يحفظ للمرأة صحتها وجمالها. و هذا ثابت و معروف في العلم و الطب. فكثرة الإنجاب ترهق المرأة و تذهب جمالها و تقصر معدل عمرها.
خامساً: أن المطلوب هو النوعية و ليس الكثرة. فأن نحصل على ذرية قليلة يعتني بها آبائها خير العناية لتصبح بعد ذلك النخبة القائدة خير من ذرية كثيرة ضعيفة لا تملك قوت نفسها.
أخرج أحمد وأبو داود بإسناد حسن أن رسول اللّه r قال: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها». فقال قائل: ومن قِلّةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنكم غثاءٌ (ما يحمله السيل من وسخ) كغثاء السيل. ولينزعنَّ اللّه من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنَّ اللّه في قلوبكم الوهن». فقال قائل: يا رسول اللّه، وما الوهن؟ قال: «حبُّ الدنيا وكراهية الموت». فلم تغن عنا كثرتنا شيئاً في هذا العصر، و إنما أصبحنا كالغثاء الذي يحمله السيل، كثير وافر لكنه لا يفعل شيئاً.
هذه بالطبع بعض الأسباب التي تدعو لتحديد النسل. و إلا فإن الأحكام الشرعية تؤخذ من القرآن و السنة، و القول بالتحريم لا بد له من دليل شرعي صريح حتى يؤخذ به.
توفيق- عضو متميز
- عدد الرسائل : 425
نقاط : 1075
تاريخ التسجيل : 09/09/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة أبريل 12, 2024 4:10 pm من طرف سعداوي ربيع
» المتألقه ياسمين ابراهيم
الثلاثاء أكتوبر 10, 2023 8:54 pm من طرف سعداوي ربيع
» إستمتع بخدمة ultimate game pass لجهاز الإكسبوكس و الحاسوب
الخميس نوفمبر 24, 2022 10:35 pm من طرف lmandoo
» ربيع المؤمـــــــــــــــــــن
الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 8:11 am من طرف سعداوي ربيع
» مشروع واحة الشاطيء شقق للبيع في مدينة دبي للاستديوهات
الخميس نوفمبر 03, 2022 9:21 pm من طرف lmandoo
» شركة حلول ميج للاستشارات وتطوير الأعمال
الثلاثاء أكتوبر 18, 2022 11:26 am من طرف lmandoo
» نانا اليوم اقوى الخصومات على كل المنتجات
الأربعاء أكتوبر 12, 2022 11:28 pm من طرف lmandoo
» مرام مالك فنانة غنائية سعودية
الإثنين سبتمبر 05, 2022 5:12 am من طرف lmandoo
» موقع تعليمي سعودي لتغطية كافة المناهج
الخميس أغسطس 25, 2022 11:44 pm من طرف lmandoo
» يونيريم للرعاية المنزلية UNIREM Home Care
الأربعاء أغسطس 17, 2022 3:49 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
السبت أغسطس 13, 2022 3:57 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
السبت أغسطس 13, 2022 2:21 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:47 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:37 am من طرف lmandoo
» مصممة الازياء رنا سمعان من نينوى العراق إلى العالمية
الإثنين أغسطس 08, 2022 3:45 am من طرف lmandoo