مـــــــــــــــــــــواعظ
من فضل الله على عباده تتابع مواسم الخيرات ومضاعفة الحسنات فالمؤمن يتقلب في ساعات عمره بين أنواع العبادات والقربات فلا يمضي من عمره ساعة إلا ولله فيها وظيفة من وظائف الطاعات وما أن يفرغ من عبادة إلا ويشرع في عبادة أخرى ولم يجعل الله حدا لطاعة العبد إلا انتهاء عمره وانقضاء أجله.
وبعد ان اتم الله لنا نعمة اكمال شهر الصيام والقيام ورتب عليه عظيم الأجر والثواب صيام ست أيام من شوال التي ثبت في فضائلها العديد من الأحاديث منها ما رواه الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر
المواضيع الأخيرة
بطاقات اسلامية
أدعية رمضانــــــــــية
البَرَكة أهـميتها
صفحة 1 من اصل 1
البَرَكة أهـميتها
البَرَكة أهـميتها
البَرَكة أهـميتها
إن حياة المسلم محدودة ومعدودة ؛ ومهما بلغ من حرص وجهد لكسب الحسنات والتسابق في الخيرات والعمل في مرضاة الله تعالى فلا يزال عمره قصيراً ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أعمار أمتي ما بين ستين وسبعين ، وأقلهم من يجوز ذلك » [1] .
وإذا كان عمر الإنسان بهذا الحد وبهذا الحال فلا بد من بذل الجهد الذي يمكننا من حصول البركة في أعمالنا وأوقاتنا ، ولا سيما أن الأعمال المنوطة بالإنسان كثيرة ؛ فتجد كثيراً من الدعاة وطلاب العلم الذين يحترقون لنصرة هذا الدين والنجاة من عذاب الآخرة تجدهم كثيراً ما يشتكون من عجزهم عن القيام ببعض الأعمال ، وذلك لعدم وجود الوقت الذي يتمكنون فيه من القيام بهذا العمل .
وإنك لتتعجب أشد العجب من حال السلف وعظم ما أنجزوه وصنفوه ؛ إلاَّ أنك تجد أن هناك سراً في حياتهم وهو تمكنهم من حصول البركة في جميع شؤونهم ؛ فكانت البركة في حياتهم أنهم جمعوا من العلم الشيء الكثير حتى قيل : إن الإنسان لو أفنى عمره في قراءتها فلن ينتهي منها ؛ فكيف درسوا هذا العلم وسجلوه ؟ ! ومن ذلك حال شيخ الإسلام ابن تيمية إذ يقول عنه تلميذه ابن القيم : « وقد شاهدت من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية في سننه وكلامه وكتابه أمراً عجيباً ؛ فكان يكتب في اليوم من التصانيف ما يكتبه الناسخ في جمعة وأكثر ، وقد شاهد العسكر من قوته في الحرب أمراً عظيماً » [2] .
بل لم يكن هذا العمل هو الوحيد عند شيخ الإسلام وإنما كان صاحب عبادة وتعليم وإنكار للمنكرات وجهاد ، وسجن في آخر عمره ، وخلف بعد وفاته مشروعاً عظيماً لا يزال العلماء وطلبة العلم عيال عليه ؛ فما السر في ذلك ؟ ! لا شك أنه من البركة في الوقت والعمل .
وهذا الموضوع يحتاج إليه العالم والمتعلم والمربي ، والداعية إلى الله ، وأصحاب الأعمال ، وأصحاب الأموال وغيرهم من الأمة الإسلامية ، يحتاجون إليه وخاصة الدعاة والعلماء وطلبة العلم ، وحتى يتمثلوا بقول الله تعالى : [ وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ]( مريم : 31 ) .
في أي مكان وزمان ؛ فالبركة جعلها الله في تعليم الخير والدعوة إليه ، والنهي عن الشر ، والدعوة إلى الله في أقواله وأفعاله ؛ فكل من جالسه أو اجتمع به نالته بركته ، وسعد به مصاحبه » [3] .
أهمية الموضوع :
1 - أن العبرة في كثير من الأعمال والأمور إنما هو بالكيف وحصول البركة ، وليست بالكثرة مع عدمها ، وقد ذم الله ذلك فقال : [ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ]( غافر : 61 ) .
2 - قلة الإنتاجية في بعض الأعمال الدعوية وغيرها مع كثرة الجهود المبذولة في ذلك .
3 - حاجة الدعاة والمربين وطلاب العلم والعباد إلى حصول البركة في أعمالهم .
4 - حاجة عامة المسلمين إلى حصول البركة في أعمالهم وأرزاقهم .
تعريف البركة لغةً :
1- أصل البركة الثبوت واللزوم .
قال الراغب الأصفهاني : « برك البعير : ألقى ركبه .
واعتبر منه معنى اللزوم فقيل : ابتركوا في الحرب أي ثبتوا ولازموا موضع الحرب » [4] .
2 - النماء والزيادة .
وفي معجم مقاييس اللغة : « قال الخليل : البركة من الزيادة والنماء » [5] .
وفي حديث أم سليم : « فحنكه وبرَّك عليه » أي : دعا له بالبركة .
وروى ابن عباس : ومعنى البركة الكثرة في كل خير .
وقال ابن الأثير في حديث : « وبارك على محمد وعلى آل محمد » أي : أثبت له وأدم ما أعطيته من التشريف والكرامة .
وهو من برك البعير إذا أناخ في موضع فلزمه ، وتطلق أيضاً على الزيادة والأصل الأول [6] .
ويمكن أن نخلص بتعريف للبركة بأنها : الزيادة في الخير والأجر وكل ما يحتاجه العبد في دينه ودنياه بسبب ذات مباركة أو زمان مبارك [7] .
أو هي : أن تعمل في الزمن القصير ما لا يعمله غيرك في الزمن الكثير .
ضوابط في البركة :
1 - البركة كلها من الله كما أن الرزق من الله ؛ فلا تطلب البركة إلا من الله ؛ ويدل على هذا قوله تعالى : [ قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ ]( هود : 48 ) ، وقوله : [ رَحْمةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ ]( هود : 73 ) .
وما رواه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود قال : « كنا نعد الآيات بركة وأنتم تعدونها تخويفاً ، وكنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقلَّ الماء فقال : اطلبوا فضلة من ماء .
فجاؤوا بإناء فيه ماء قليل ، فأدخل يده في الإناء ، ثم قال : حَيَّ على الطهور المبارك والبركة من الله .
فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم » [8] .
فإذا كانت من الله فطلبُها من غيره شرك .
2 - أن ما يُتبرك به من الأعيان والأقوال والأفعال التي ورد الشرع بها إنما هو سبب للبركة وليس هو البركة .
كما أن ما يُتداوى به من الأدوية إنما هو سبب للشفاء وليس هو الشفاء ، وما ذكر الشرع أن فيه بركة فيُستعمل استعمال السبب الذي قد يتخلف تأثيره لفقد شرط أو وجود مانع كما هو معلوم في قاعدة الأسباب الشرعية .
وما تضاف البركة إليه إنما هو من باب إضافة الشيء إلى سببه ! كما قالت عائشة رضي الله عنها عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها : « فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها » [9] .
أي : هي سبب للبركة وليست المعطية للبركة ؛ فلذلك لما تزوجها صلى الله عليه وسلم أعتق الصحابة من سَبَوْهُ من قومها بني المصطلق لكونهم أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فهذه بركة عظيمة من الله والسبب هو جويرية بنت الحارث ؛ فهكذا الأشياء المباركة سبب للخير والنماء والزيادة .
3 - أن التماس البركة في شيء من الأشياء مبني على التوقيف ؛ فالذي يدل على حصول البركة من عدمها إنما هو الدليل الشرعي فحسب [10] .
4 - أن البركة التي توجد في بعض المخلوقات من الذوات أو الأماكن وغيرها أن هذا من فضل الله اختصها الله بذلك لحكمة يعلمها [11] .
فيما تُجلب به البركة :
1- طلب البركة بأمور عبادية : ومنها :
أ - التقوى : تقوى الله ومراقبته في السر والعلن سبب رئيس في حصول البركة ؛ فلهذا قال عز من قائل عليم : [ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ]( الأعراف : 96 ) .
وقوله تعالى : [ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ]( الطلاق : 2 ) .
وقوله تعالى : [ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ]( الطلاق : 4 ) .
قال الواحدي : أي : يسهل عليه أمر الدنيا والآخرة .
فلهذا لو تأملنا حال السلف الذين مُكِّنوا من البركة فإن الواحد منهم كان له نصيب من تقوى الله في جميع شأنه ؛ فلو نظرنا إلى نموذج واحد منهم وهو شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله حيث يقول عنه تلميذه ابن القيم : « وحضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة صلى الفجر ، ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من انتصاف النهار ، ثم التفت إليَّ وقال : هذه غدوتي ، ولو لم أتغد سقطت قوتي » أو كلاماً قريباً من هذا .
وقال لي مرة : « لا أترك الذكر إلا بنية إجمام نفسي وإراحتها لأستعد بتلك الراحة لذكر آخر ؛ أو كلاماً هذا معناه » [12] .
ب - كثرة الاستغفار : قال تعالى : [ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً ]( نوح : 10-12 ) .
وقوله تعالى : [ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ]( هود : 3 ) .
ج - الصلاة وإقامتها بالخشوع : قال تعالى : [ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ]( طه : 132 ) .
وقال وهب : « كانت الكُرَبُ العظام تكشف عن الأولين بالصلاة » .
د - البر وصلة الأرحام وحسن الجوار : وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره فليصِلْ رحمه » [13] .
واختلف العلماء في معنى الإطالة الواردة في الحديث .
قيل : البركة في عمره ، والتوفيق للطاعات ، وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة ، وصيانتها عن الضياع في غير ذلك .
وهذا القول اختاره ابن حجر والطيبي [14] .
الثاني : أنه بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة وفي اللوح المحفوظ ونحو ذلك ؛ فيظهر لهم في اللوح المحفوظ أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه ، فإن وصلها زيد له أربعون .
الثالث : قيل المراد بقاء ذكره الجميل بعده فكأنه لم يمت ، وهذا ضعيف أو باطل [15] .
واختار شيخ الإسلام : « أن الله يكتب للعبد أجلاً في صحف الملائكة فإذا وصل رحمه زاد في ذلك المكتوب ، وإن عمل ما يوجب النقص نقص من ذلك المكتوب » [16] .
وقال الألباني : « الحديث على ظاهره : أي أن الله جعل بحكمته صلة الرحم سبباً شرعياً لطول العمر ، وكذلك حسن الخلق وحسن الجوار كما في بعض الأحاديث الصحيحة ، ولا ينافي ذلك ما هو معلوم من الدين بالضرورة أن العمر مقطوع به ؛ لأن هذا بالنظر للخاتمة » [17] .
وقال صلى الله عليه وسلم : « تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ؛ فإن صلة الرحم منجاة في الأهل ، منسأة في الأثر ، مثراة في المال » [18] .
وقال ابن عمر رضي الله عنه : « من اتقى ربه ، ووصل رحمه أنسئ له في عمره يعني يزاد له في عمره وينمو ماله يعني يكثر ويحبه أهله » [19] .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : « إن حسن الخلق ، وحسن الجوار ، وصلة الرحم تعمر الدار وتزيد في الأعمار » [20] .
وقال أبو الليث : « وفي صلة الرحم خصال محمودة : أولها : رضا الله ؛ لأنه أمر بتقواه وصلة الرحم فقال : [ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ ]( النساء : 1 ) .
الثاني : إدخال السرور عليهم .
وأفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن .
الثالث : فرح الملائكة ، وحسن الثناء من المسلمين ، وزيادة في العمر ، وبركة في الرزق » [21] .
هـ - ذكر الله وتلاوة القرآن : ومن ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن لله ملائكة يطوفون في الطريق يلتمسون أهل الذكر ؛ فإذا وجدوا قوماً يذكرون تنادوا : هلموا إلى حاجتكم .
قال : فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا .
قال : فيسألهم ربهم عز وجل وهو أعلم منهم : ما يقول عبادي ؟ قال : يقولون : يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك .
قال : فيقول : هل رأوني ؟ قال : فيقولون : لا ، والله ما رأوك .
قال : فيقول : كيف لو رأوني ؟ قال : يقولون : لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيداً وأكثر لك تسبيحاً .
قال : يقول : فما يسألوني ؟ قال : يسألونك الجنة .
قال : يقول : وهل رأوها ؟ قال : يقولون : لا ، والله يارب ما رأوها .
قال : يقول : فكيف لو أنهم رأوها ؟ قال : يقولون : لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصاً ، وأشد لها طلباً ، وأعظم فيها رغبة .
قال : فمِمَّ يتعوذون ؟ قال : يقولون : من النار .
قال : يقول : وهل رأوها ؟ قال : يقولون : لا ، والله ما رأوها ! قال يقول : فكيف لو رأوها ؟ قال : يقولون : لو رأوها كانوا أشد منها فراراً ، وأشد لها مخافة .
قال : فيقول : فأشهدكم أني قد غفرت لهم .
قال : يقول ملك من الملائكة : فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة ! قال : هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم » [22] .
فانظر إلى بركة الذكر ؛ حيث كان سبباً لمغفرة الذنوب ودخول الجنة ، بل إن هذه البركة لم تقتصر على الذاكرين وحدهم بل شملت حتى الجالس معهم .
وقال تعالى : [ وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ]( الأنعام : 92 ) .
وقوله تعالى : [ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ]( ص : 29 ) .
قال الآلوسي : « قوله [ مُبَارَكٌ ]( ص : 29 ) أي كثير الفائدة والنفع لاشتماله على منافع الدارين وعلوم الأولين والآخرين صفة بعد صفة » [23] .
وروى مسلم في صحيحه عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اقرؤوا القرآن ؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه .
اقرؤوا الزهراوين : البقرة وسورة آل عمران ؛ فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهم غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صوافٍّ تحاجَّان عن أصحابهما ، اقرؤوا سورة البقرة ؛ فإن أخذها بركة ، وتركها حسرة ، ولا تسطيعها البَطَلَة » [24] .
2 - طلب البركة في الأمكنة المباركة ، ومنها : 1 - المساجد : لِمَا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها ، وأبغض البلاد إلى الله تعالى أسواقها » [25] .
وطلب البركة في المسجد ؛ وذلك يكون من خلال الاعتكاف فيه ، وانتظار الصلوات وصلاة الجماعة ، وحضور مجالس الذكر [26] ، ونحو ذلك مما هو مشروع .
فمن المساجد التي لها مزية وزيادة في البركة : المسجد الحرام ، ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و المسجد الأقصى ، و مسجد قباء ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين : « صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام » [27] .
وعند الإمام أحمد بزيادة : « وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا » [28] .
ولقوله صلى الله عليه وسلم : « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجدي هذا ، والمسجد الحرام ، والمسجد الأقصى » [29] .
ولقوله صلى الله عليه وسلم : « من تطهر في بيته ، ثم أتى مسجد قباء وصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة » [30] .
2 - مكة والمدينة والشام واليمن : قال تعالى عن مكة : [ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وَضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ]( آل عمران : 96 ) .
قال القفال في تأويل البركة هنا : « يجوز أن تكون بركته ما ذكر في قوله : [ يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ ]( القصص : 57 ) .
وقيل : « بركته دوام العبادة فيه ولزومها » [31] .
وقال الطبري : « لأن الطواف به مغفرة للذنوب » [32] .
وقال القرطبي : « جعله مباركاً لتضاعف العمل فيه ؛ فالبركة كثرة الخير » [33] .
ولقوله صلى الله عليه وسلم : « والله إنكِ لخير أرض الله وأحب أرض إلى الله ، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت » [34] .
وقال صلى الله عليه وسلم عن المدينة : « اللهم بارك لنا في مدينتنا وفي ثمارنا ، وفي مُدِّنا ، وفي صاعنا ، بركة مع بركة » [35] .
إن حياة المسلم محدودة ومعدودة ؛ ومهما بلغ من حرص وجهد لكسب الحسنات والتسابق في الخيرات والعمل في مرضاة الله تعالى فلا يزال عمره قصيراً ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أعمار أمتي ما بين ستين وسبعين ، وأقلهم من يجوز ذلك » [1] .
وإذا كان عمر الإنسان بهذا الحد وبهذا الحال فلا بد من بذل الجهد الذي يمكننا من حصول البركة في أعمالنا وأوقاتنا ، ولا سيما أن الأعمال المنوطة بالإنسان كثيرة ؛ فتجد كثيراً من الدعاة وطلاب العلم الذين يحترقون لنصرة هذا الدين والنجاة من عذاب الآخرة تجدهم كثيراً ما يشتكون من عجزهم عن القيام ببعض الأعمال ، وذلك لعدم وجود الوقت الذي يتمكنون فيه من القيام بهذا العمل .
وإنك لتتعجب أشد العجب من حال السلف وعظم ما أنجزوه وصنفوه ؛ إلاَّ أنك تجد أن هناك سراً في حياتهم وهو تمكنهم من حصول البركة في جميع شؤونهم ؛ فكانت البركة في حياتهم أنهم جمعوا من العلم الشيء الكثير حتى قيل : إن الإنسان لو أفنى عمره في قراءتها فلن ينتهي منها ؛ فكيف درسوا هذا العلم وسجلوه ؟ ! ومن ذلك حال شيخ الإسلام ابن تيمية إذ يقول عنه تلميذه ابن القيم : « وقد شاهدت من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية في سننه وكلامه وكتابه أمراً عجيباً ؛ فكان يكتب في اليوم من التصانيف ما يكتبه الناسخ في جمعة وأكثر ، وقد شاهد العسكر من قوته في الحرب أمراً عظيماً » [2] .
بل لم يكن هذا العمل هو الوحيد عند شيخ الإسلام وإنما كان صاحب عبادة وتعليم وإنكار للمنكرات وجهاد ، وسجن في آخر عمره ، وخلف بعد وفاته مشروعاً عظيماً لا يزال العلماء وطلبة العلم عيال عليه ؛ فما السر في ذلك ؟ ! لا شك أنه من البركة في الوقت والعمل .
وهذا الموضوع يحتاج إليه العالم والمتعلم والمربي ، والداعية إلى الله ، وأصحاب الأعمال ، وأصحاب الأموال وغيرهم من الأمة الإسلامية ، يحتاجون إليه وخاصة الدعاة والعلماء وطلبة العلم ، وحتى يتمثلوا بقول الله تعالى : [ وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ]( مريم : 31 ) .
في أي مكان وزمان ؛ فالبركة جعلها الله في تعليم الخير والدعوة إليه ، والنهي عن الشر ، والدعوة إلى الله في أقواله وأفعاله ؛ فكل من جالسه أو اجتمع به نالته بركته ، وسعد به مصاحبه » [3] .
أهمية الموضوع :
1 - أن العبرة في كثير من الأعمال والأمور إنما هو بالكيف وحصول البركة ، وليست بالكثرة مع عدمها ، وقد ذم الله ذلك فقال : [ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ]( غافر : 61 ) .
2 - قلة الإنتاجية في بعض الأعمال الدعوية وغيرها مع كثرة الجهود المبذولة في ذلك .
3 - حاجة الدعاة والمربين وطلاب العلم والعباد إلى حصول البركة في أعمالهم .
4 - حاجة عامة المسلمين إلى حصول البركة في أعمالهم وأرزاقهم .
تعريف البركة لغةً :
1- أصل البركة الثبوت واللزوم .
قال الراغب الأصفهاني : « برك البعير : ألقى ركبه .
واعتبر منه معنى اللزوم فقيل : ابتركوا في الحرب أي ثبتوا ولازموا موضع الحرب » [4] .
2 - النماء والزيادة .
وفي معجم مقاييس اللغة : « قال الخليل : البركة من الزيادة والنماء » [5] .
وفي حديث أم سليم : « فحنكه وبرَّك عليه » أي : دعا له بالبركة .
وروى ابن عباس : ومعنى البركة الكثرة في كل خير .
وقال ابن الأثير في حديث : « وبارك على محمد وعلى آل محمد » أي : أثبت له وأدم ما أعطيته من التشريف والكرامة .
وهو من برك البعير إذا أناخ في موضع فلزمه ، وتطلق أيضاً على الزيادة والأصل الأول [6] .
ويمكن أن نخلص بتعريف للبركة بأنها : الزيادة في الخير والأجر وكل ما يحتاجه العبد في دينه ودنياه بسبب ذات مباركة أو زمان مبارك [7] .
أو هي : أن تعمل في الزمن القصير ما لا يعمله غيرك في الزمن الكثير .
ضوابط في البركة :
1 - البركة كلها من الله كما أن الرزق من الله ؛ فلا تطلب البركة إلا من الله ؛ ويدل على هذا قوله تعالى : [ قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ ]( هود : 48 ) ، وقوله : [ رَحْمةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ ]( هود : 73 ) .
وما رواه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود قال : « كنا نعد الآيات بركة وأنتم تعدونها تخويفاً ، وكنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقلَّ الماء فقال : اطلبوا فضلة من ماء .
فجاؤوا بإناء فيه ماء قليل ، فأدخل يده في الإناء ، ثم قال : حَيَّ على الطهور المبارك والبركة من الله .
فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم » [8] .
فإذا كانت من الله فطلبُها من غيره شرك .
2 - أن ما يُتبرك به من الأعيان والأقوال والأفعال التي ورد الشرع بها إنما هو سبب للبركة وليس هو البركة .
كما أن ما يُتداوى به من الأدوية إنما هو سبب للشفاء وليس هو الشفاء ، وما ذكر الشرع أن فيه بركة فيُستعمل استعمال السبب الذي قد يتخلف تأثيره لفقد شرط أو وجود مانع كما هو معلوم في قاعدة الأسباب الشرعية .
وما تضاف البركة إليه إنما هو من باب إضافة الشيء إلى سببه ! كما قالت عائشة رضي الله عنها عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها : « فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها » [9] .
أي : هي سبب للبركة وليست المعطية للبركة ؛ فلذلك لما تزوجها صلى الله عليه وسلم أعتق الصحابة من سَبَوْهُ من قومها بني المصطلق لكونهم أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فهذه بركة عظيمة من الله والسبب هو جويرية بنت الحارث ؛ فهكذا الأشياء المباركة سبب للخير والنماء والزيادة .
3 - أن التماس البركة في شيء من الأشياء مبني على التوقيف ؛ فالذي يدل على حصول البركة من عدمها إنما هو الدليل الشرعي فحسب [10] .
4 - أن البركة التي توجد في بعض المخلوقات من الذوات أو الأماكن وغيرها أن هذا من فضل الله اختصها الله بذلك لحكمة يعلمها [11] .
فيما تُجلب به البركة :
1- طلب البركة بأمور عبادية : ومنها :
أ - التقوى : تقوى الله ومراقبته في السر والعلن سبب رئيس في حصول البركة ؛ فلهذا قال عز من قائل عليم : [ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ]( الأعراف : 96 ) .
وقوله تعالى : [ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ]( الطلاق : 2 ) .
وقوله تعالى : [ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ]( الطلاق : 4 ) .
قال الواحدي : أي : يسهل عليه أمر الدنيا والآخرة .
فلهذا لو تأملنا حال السلف الذين مُكِّنوا من البركة فإن الواحد منهم كان له نصيب من تقوى الله في جميع شأنه ؛ فلو نظرنا إلى نموذج واحد منهم وهو شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله حيث يقول عنه تلميذه ابن القيم : « وحضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة صلى الفجر ، ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من انتصاف النهار ، ثم التفت إليَّ وقال : هذه غدوتي ، ولو لم أتغد سقطت قوتي » أو كلاماً قريباً من هذا .
وقال لي مرة : « لا أترك الذكر إلا بنية إجمام نفسي وإراحتها لأستعد بتلك الراحة لذكر آخر ؛ أو كلاماً هذا معناه » [12] .
ب - كثرة الاستغفار : قال تعالى : [ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً ]( نوح : 10-12 ) .
وقوله تعالى : [ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ]( هود : 3 ) .
ج - الصلاة وإقامتها بالخشوع : قال تعالى : [ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ]( طه : 132 ) .
وقال وهب : « كانت الكُرَبُ العظام تكشف عن الأولين بالصلاة » .
د - البر وصلة الأرحام وحسن الجوار : وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره فليصِلْ رحمه » [13] .
واختلف العلماء في معنى الإطالة الواردة في الحديث .
قيل : البركة في عمره ، والتوفيق للطاعات ، وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة ، وصيانتها عن الضياع في غير ذلك .
وهذا القول اختاره ابن حجر والطيبي [14] .
الثاني : أنه بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة وفي اللوح المحفوظ ونحو ذلك ؛ فيظهر لهم في اللوح المحفوظ أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه ، فإن وصلها زيد له أربعون .
الثالث : قيل المراد بقاء ذكره الجميل بعده فكأنه لم يمت ، وهذا ضعيف أو باطل [15] .
واختار شيخ الإسلام : « أن الله يكتب للعبد أجلاً في صحف الملائكة فإذا وصل رحمه زاد في ذلك المكتوب ، وإن عمل ما يوجب النقص نقص من ذلك المكتوب » [16] .
وقال الألباني : « الحديث على ظاهره : أي أن الله جعل بحكمته صلة الرحم سبباً شرعياً لطول العمر ، وكذلك حسن الخلق وحسن الجوار كما في بعض الأحاديث الصحيحة ، ولا ينافي ذلك ما هو معلوم من الدين بالضرورة أن العمر مقطوع به ؛ لأن هذا بالنظر للخاتمة » [17] .
وقال صلى الله عليه وسلم : « تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ؛ فإن صلة الرحم منجاة في الأهل ، منسأة في الأثر ، مثراة في المال » [18] .
وقال ابن عمر رضي الله عنه : « من اتقى ربه ، ووصل رحمه أنسئ له في عمره يعني يزاد له في عمره وينمو ماله يعني يكثر ويحبه أهله » [19] .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : « إن حسن الخلق ، وحسن الجوار ، وصلة الرحم تعمر الدار وتزيد في الأعمار » [20] .
وقال أبو الليث : « وفي صلة الرحم خصال محمودة : أولها : رضا الله ؛ لأنه أمر بتقواه وصلة الرحم فقال : [ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ ]( النساء : 1 ) .
الثاني : إدخال السرور عليهم .
وأفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن .
الثالث : فرح الملائكة ، وحسن الثناء من المسلمين ، وزيادة في العمر ، وبركة في الرزق » [21] .
هـ - ذكر الله وتلاوة القرآن : ومن ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن لله ملائكة يطوفون في الطريق يلتمسون أهل الذكر ؛ فإذا وجدوا قوماً يذكرون تنادوا : هلموا إلى حاجتكم .
قال : فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا .
قال : فيسألهم ربهم عز وجل وهو أعلم منهم : ما يقول عبادي ؟ قال : يقولون : يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك .
قال : فيقول : هل رأوني ؟ قال : فيقولون : لا ، والله ما رأوك .
قال : فيقول : كيف لو رأوني ؟ قال : يقولون : لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيداً وأكثر لك تسبيحاً .
قال : يقول : فما يسألوني ؟ قال : يسألونك الجنة .
قال : يقول : وهل رأوها ؟ قال : يقولون : لا ، والله يارب ما رأوها .
قال : يقول : فكيف لو أنهم رأوها ؟ قال : يقولون : لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصاً ، وأشد لها طلباً ، وأعظم فيها رغبة .
قال : فمِمَّ يتعوذون ؟ قال : يقولون : من النار .
قال : يقول : وهل رأوها ؟ قال : يقولون : لا ، والله ما رأوها ! قال يقول : فكيف لو رأوها ؟ قال : يقولون : لو رأوها كانوا أشد منها فراراً ، وأشد لها مخافة .
قال : فيقول : فأشهدكم أني قد غفرت لهم .
قال : يقول ملك من الملائكة : فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة ! قال : هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم » [22] .
فانظر إلى بركة الذكر ؛ حيث كان سبباً لمغفرة الذنوب ودخول الجنة ، بل إن هذه البركة لم تقتصر على الذاكرين وحدهم بل شملت حتى الجالس معهم .
وقال تعالى : [ وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ]( الأنعام : 92 ) .
وقوله تعالى : [ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ]( ص : 29 ) .
قال الآلوسي : « قوله [ مُبَارَكٌ ]( ص : 29 ) أي كثير الفائدة والنفع لاشتماله على منافع الدارين وعلوم الأولين والآخرين صفة بعد صفة » [23] .
وروى مسلم في صحيحه عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اقرؤوا القرآن ؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه .
اقرؤوا الزهراوين : البقرة وسورة آل عمران ؛ فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهم غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صوافٍّ تحاجَّان عن أصحابهما ، اقرؤوا سورة البقرة ؛ فإن أخذها بركة ، وتركها حسرة ، ولا تسطيعها البَطَلَة » [24] .
2 - طلب البركة في الأمكنة المباركة ، ومنها : 1 - المساجد : لِمَا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها ، وأبغض البلاد إلى الله تعالى أسواقها » [25] .
وطلب البركة في المسجد ؛ وذلك يكون من خلال الاعتكاف فيه ، وانتظار الصلوات وصلاة الجماعة ، وحضور مجالس الذكر [26] ، ونحو ذلك مما هو مشروع .
فمن المساجد التي لها مزية وزيادة في البركة : المسجد الحرام ، ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و المسجد الأقصى ، و مسجد قباء ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين : « صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام » [27] .
وعند الإمام أحمد بزيادة : « وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا » [28] .
ولقوله صلى الله عليه وسلم : « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجدي هذا ، والمسجد الحرام ، والمسجد الأقصى » [29] .
ولقوله صلى الله عليه وسلم : « من تطهر في بيته ، ثم أتى مسجد قباء وصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة » [30] .
2 - مكة والمدينة والشام واليمن : قال تعالى عن مكة : [ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وَضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ]( آل عمران : 96 ) .
قال القفال في تأويل البركة هنا : « يجوز أن تكون بركته ما ذكر في قوله : [ يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ ]( القصص : 57 ) .
وقيل : « بركته دوام العبادة فيه ولزومها » [31] .
وقال الطبري : « لأن الطواف به مغفرة للذنوب » [32] .
وقال القرطبي : « جعله مباركاً لتضاعف العمل فيه ؛ فالبركة كثرة الخير » [33] .
ولقوله صلى الله عليه وسلم : « والله إنكِ لخير أرض الله وأحب أرض إلى الله ، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت » [34] .
وقال صلى الله عليه وسلم عن المدينة : « اللهم بارك لنا في مدينتنا وفي ثمارنا ، وفي مُدِّنا ، وفي صاعنا ، بركة مع بركة » [35] .
abou khaled- عضو مبدع
- عدد الرسائل : 1908
نقاط : 5316
تاريخ التسجيل : 10/10/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة أبريل 12, 2024 4:10 pm من طرف سعداوي ربيع
» المتألقه ياسمين ابراهيم
الثلاثاء أكتوبر 10, 2023 8:54 pm من طرف سعداوي ربيع
» إستمتع بخدمة ultimate game pass لجهاز الإكسبوكس و الحاسوب
الخميس نوفمبر 24, 2022 10:35 pm من طرف lmandoo
» ربيع المؤمـــــــــــــــــــن
الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 8:11 am من طرف سعداوي ربيع
» مشروع واحة الشاطيء شقق للبيع في مدينة دبي للاستديوهات
الخميس نوفمبر 03, 2022 9:21 pm من طرف lmandoo
» شركة حلول ميج للاستشارات وتطوير الأعمال
الثلاثاء أكتوبر 18, 2022 11:26 am من طرف lmandoo
» نانا اليوم اقوى الخصومات على كل المنتجات
الأربعاء أكتوبر 12, 2022 11:28 pm من طرف lmandoo
» مرام مالك فنانة غنائية سعودية
الإثنين سبتمبر 05, 2022 5:12 am من طرف lmandoo
» موقع تعليمي سعودي لتغطية كافة المناهج
الخميس أغسطس 25, 2022 11:44 pm من طرف lmandoo
» يونيريم للرعاية المنزلية UNIREM Home Care
الأربعاء أغسطس 17, 2022 3:49 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
السبت أغسطس 13, 2022 3:57 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
السبت أغسطس 13, 2022 2:21 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:47 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:37 am من طرف lmandoo
» مصممة الازياء رنا سمعان من نينوى العراق إلى العالمية
الإثنين أغسطس 08, 2022 3:45 am من طرف lmandoo