مـــــــــــــــــــــواعظ
من فضل الله على عباده تتابع مواسم الخيرات ومضاعفة الحسنات فالمؤمن يتقلب في ساعات عمره بين أنواع العبادات والقربات فلا يمضي من عمره ساعة إلا ولله فيها وظيفة من وظائف الطاعات وما أن يفرغ من عبادة إلا ويشرع في عبادة أخرى ولم يجعل الله حدا لطاعة العبد إلا انتهاء عمره وانقضاء أجله.
وبعد ان اتم الله لنا نعمة اكمال شهر الصيام والقيام ورتب عليه عظيم الأجر والثواب صيام ست أيام من شوال التي ثبت في فضائلها العديد من الأحاديث منها ما رواه الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر
المواضيع الأخيرة
بطاقات اسلامية
أدعية رمضانــــــــــية
النهضة الأدبية العربية
صفحة 1 من اصل 1
النهضة الأدبية العربية
"النهضة الادبيه العربية"
مـقـدمــه:
[b]- بداية اتصال الشرق بالغرب -
بدأ اتصال الشرق العربي بأوربا ، التي كانت قد بلغت شأوا بعيداً في التقدم العلمي ، وأحرزت نتائج باهرة في مختلف العلوم كان أميراً على بعض مناطق لبنان وسوريا وكانت هذه البلاد تسمى (الشام).
سافر السلطان فخر الدين إلى بعض البلاد الأوربية ، وشاهد ما وصلت إليه من تقدم حضاري ليس له مثيل في الشرق فأعجب بذلك أيما إعجاب ، فعمل على توثيق العلاقات بين بلاده ، وبلاد أوربا ، فاستقدم بعض الشركات الأوربية التجارية ، وأرسل بعض البعثات إلى روما لتلقي العلم في معاهدها ، وتعلم لغاتها.
وقد اهتم البابا بهذا الاتصال اهتماماً كبيراً ، فوجه بابا روما في ذلك الحين الآباء اليسوعيين أن يقوموا بإنشاء المدارس الأوربية في الشرق ، كما وجه باستقدام عدد من أبناء الموارنة إلى روما وإلحاقهم بمدارسها ليعودوا إلى بلادهم حاملين ثقافة أوربا وعلومهم ، فكانت أول لعثة عربية تعليمية إلى أوربا سنة 1578م .
ومثل ما اهتم ملوك إيطاليا بالشرق ، أهتم ملوك فرنسا بالشرق وبلبنان على وجه الخصوص ، فاستقدم لويس الرابع عشر ملك فرنسا عدداً من أبناء اللبنانيين إلى باريس حيث تعهد بتعليمهم مجاناً وأهتم المبشرون أيضاً بلبنان ، فأقبلوا إقبالاً شديداً فأنشأوا المدارس التي تعلم على المنهج الأوربي اللغات والعلوم التي كانت أوربا قد نبغت فيها .
ولكن على الرغم من ذلك كله فإن أثر اتصال الشرق بأوربا لم يكن له أثر واضح فى بقية البلاد العربية ، فإن تأثيره لم يمتد إلى مصر والعراق أو غيرهما من الوطن العربي حتى جاءت سنة 1797م ، تلك السنة التي يعتبرها مؤرخو الأدب الحديث البداية الحقيقية للنهضة الأدبية والثقافية المعاصرة .
في تلك السنة دخل نابليون مصر مسلحاً بأحدث ما توصلت إليه أوربا من أنواع الأسلحة ،بينما كان المصريون وبقية أنحاء الوطن العربي لا تعرف من أنواع الأسلحة إلا السيوف والرماح وبعض البنادق البدائية .
اصطحب نابليون معه في حملته العسكرية جماعة من العلماء في تخصصات مختلفة ، فأنشأ مجمعاً علميا ، وأحضر معه مطبعة عربية كان يطبع بها المنشورات والتعليمات التي يريد إيصالها إلى الشعب المصري ، ولم تكن مصر تعرف الطباعة قبل ذلك .
على الرغم من أن نابليون وعلماءه لم يمكثوا في مصر أكثر من ثلاث سنوات فقد كان لتلك السنوات الثلاث أثر بليغ في الثقافة العربية والأدب العربي ، لأن ذلك اللقاء بين الشرق وأوربا قد بعث في الشرق روح التحدي والتصدي .
لما طرد المصريون نابليون من مصر سنة 1801م وتولى محمد على عرش مصر سنة 1805م فكر في إنشاء دولة حديثة تستعين بما وصلت إليه أوربا من العلوم والفنون والآداب .
وهنا تجمعت عدة عوامل أدت إلى ما يسمى بـ ( الأدب العربي الحديث)
*عوامل نهضة الأدب العربي الحديث :
1/ إرسال البعثات إلى أوربا :
أرسل محمد على سنة 1826م مجموعة من الشباب المصريين إلى فرنسا عددهم أربعة وأربعون طالبا ليتخصصوا ، بعد إتقان اللغة في ، العلوم المختلفة في الزارعة ، والطب والجراحة والتشريح ، والطبيعة ، والكيمياء والعلوم البحرية ، والميكانيكا والترجمة.
كان هذا أول لقاء بين المصريين وبين الثقافة الغربية ولما عاد هؤلاء المبعوثون عادوا بثقافة جديدة ، وعقلية اتصلت بالحضارة الغربية ، وعرفوا أشياء لم يكونوا يعرفونها من قبل ، فقاموا بترجمة كثير من علوم أوربا وألفوا باللغة العربية كتباً في العلوم والآداب فأثروا اللغة بما زودوها به من أفكار ومصطلحات حديثة .
2/ إنشاء المطبعة :
عرف الشرق العربي المطبعة قبل مجيء ، نابليون إلى مصر عرفها في لبنان غير أنها لم تكن ذات تأثير في الأدب العربي لأنها كانت مقصورة على طباعة الكتب الدينية .
أنشأ محمد على أول مطبعة عربية في مصر سنة 1821م في حيّ بولاق فعرفت باسم مطبعة بولاق، لقد كان لمطبعة بولاق أثر واضح في النهضة الأدبية المعاصرة حيث قامت بطبع أمهات كتب الأدب العربي شعراً ونثراً ، كما طبعت مئات من الكتب العربية فى الطب والرياضيات والطبيعيات ، والتاريخ والتفسير والحديث .
أقبل الناس على كتب الأدب يقرءونها ، ويحفظون من دواوين الشعراء الأقدمين عيون الشعر العربي ، ومن كتب الأدب أرقاها أسلوباً ، ومـن كتب اللغـة ما وصلـهم باللغة القوية الأصلية .
3/ إنشاء الصحف :
أدى إنشاء المطبعة إلى ظهور لون جديد من ألوان القراءة هو الصحيفة التي لم تكن معروفة في الثقافة العربية من قبل .
انشأ محمد على أول صحيفة في الوطن العربي سنة 1828م ، تولى رئاسة تحريرها رفاعة رافع الطهطاوي ، وهو عالم أزهري ذهب مع أول بعثة إلى فرنسا ليكون إماماً لها في الصلاة ، ومرجعاً لها في شعائرها الدينية الأخرى ، فاستغل وقت فراغه في تعلم اللغة الفرنسية فتعلمها وأتقنها ، وقرأ بها كثيراً في السياسة والتاريخ والجغرافيا والأدب الفرنسي شعراً ونثراً ، فأضاف إلى ثقافته الأصلية ثقافة غربية ، توفى سنة 1873م.
كان من أثر الصحف في النثر أنها هذبته وصقلته ، ونقلته من المحسنات البديعية من سجع وجناس وطباق ، إلى نثر مرسل دون قيد من القيود البديعية ، كما أنها مالت به نحو الإيجاز والسهولة لأن قراء الصحف لا يسيغون التقعر والأغراب في اللغة .
4/الجمعيات العلمية والأدبية :
لقد كان للجمعيات الأدبية والعلمية أثر كبير في النهضة الأدبية فأنشئت أول هذه الجمعيات في سوريا 1847م ، وكان هدفها الارتقاء بالعلوم ونشر الفنون والآداب .
وأنشئت في مصر جمعية اسمها (جمعية المعارف) فقامت بطبع طائفة من الكتب الأدبية والتاريخية والفقهية ، ثم قامت جمعية أخرى هي (جمعية التعريب) وكان هدفها ترجمة الكتب الأجنبية في الاقتصاد والاجتماع .
5/ المدارس الحديثة :
كان التعليم ، فيما مضى ، محصوراً في المعاهد الدينية التي نهضت بتعليم الدين فقها وتفسيراً وحديثاً ، وبتعليم العربية نحوا وصرفاً وبلاغة ولغة وأدباً ، ولم تكن تعنى ، إلا قليلاً ، بغير ذلك من العلوم .
أما المدارس الحديثة فقد أنشئت على نمط المدارس الأوربية التي تعلم اللغات والعلوم الحديثة كالرياضيات والجغرافيا والأحياء والكيمياء والطبيعة ، فكان لهذه المدارس أثرها فى نشر الوعي الثقافي للأمة .
6/ المسرح :
لم يعرف الوطن العربي ، ولا الأدب العربي هذا اللون من ألوان الأدب ، وإنما ظهر المسرح لأول مرة مع غزو نابليون لمصر ، فكان ذلك شيئاً جديداً فى الشرق ، ولما لم تكن فى الأدب العربي نصوص مسرحية فقد قام عدد من الأدباء بترجمة عدد من المسرحيات الفرنسية إلى اللغة العربية مما أضاف رافداً جديداً إلى الأدب العربي .
7/ المستشرقون :
المستشرقون علماء من أوربا وأمريكا وروسيا ، اهتموا بالشرق وتاريخه وآدابه ودياناته ولغاته ، فعكفوا على دراسته دراسة عميقة .
اهتم كثير من المستشرقين بالأدب العربي واللغة العربية منذ زمن طويل فجمعوا كثيراً من الكتب المخطوطة فقاموا بدراستها وتصحيحها وطبعها فى صورة جميلة ، فنشروا كثيراً من دواوين الشعراء وكتب الأدب فأقبل الأدباء والشعراء على هذه الكتب المصححة فنهلوا مما فيها من جمال وبلاغة .
مراحل تطور الأدب العربي الحديث
*أولاً : الشعر.
مر الشعر العربي المعاصر بثلاثة أطوار .
الطور الأول : طور الضعف .
اتسم الشعر في هذا الطور بالضعف فى اللغة والفكرة فقد كان شعراً ركيكاً ضعيفاً فى شكله ومضمونه ، أما في شكله فقد كان مثقلاً بأنواع المحسنات اللفظية المتكلفة ، وكان هم الشاعر عندما يهنئ بمولود أو يرثي شخصاً أو يقرظ كتاباً أن يذكر في البيت الأخير أو عجزه تاريخ المولود أو المرثي أو تاريخ تأليف الكتاب .
قال الشيخ على الليثي توفى سنة 1896م ، مؤرخاً وفاة محمود باشا الفلكي فى آخر بيت من المرثية .
حلّ القضاء وناعي المجد أرخنا * قد مات محمود باشا المسند الفلكي .
فإذا جمعنا القيمة العددية لكل حرف من حروف عجز البيت لكان المجموع 1303هـ وهو السنة التي توفي فيها المرثي .
أما من حيث مضمون الشعر وأغراضه في هذا الطور فقد كانت المعاني ضيقة تافهة مبتذلة، يقول د: شوقي ضيف : ( اقرأ دواوين الشعراء الذين عاصروا محمد على وعباساً الأول وسعيداً من مثل إسماعيل الخشاب ، والشيخ حسن العطار ، والشيخ محمد شهاب الدين ، فلن تجد سوى صور لفظية قد تدثرت بثياب غليظة من محسنات البديع ولن تجد شعوراً ولا عاطفة، لقد تبلدت الحياة ، فجمد الشعر والشعراء ولم يعد هناك إلا التقليد .. فقد أصبح الشعر حساباً وأرقاماً وتمارين هندسية عسيرة الحل).
انصرف هم الشعراء إلى التشطير ( وهو أن يضيف الشاعر إلى كل شطر من أبيات قصيدة أعجب بها شطراً من عنده ) والترقيط ( وهو أن تشتمل قصيدته على كلمات كل كلمة فيها مبدوءة بحرف من حروف الهجاء مثل قول الشيخ على الدرويش توفى 1853 م .
علىّ على عينيك عــذل عـواذلي * عذاب عليها عند عاشقها عــذب
عذارك عذري عجب عطفك عـدتي * عيونك عصبي عاد عائبها عضــب
فكل كلمة من هذين البيتين مبدوءة بحرف العين.
الطور الثاني : طور الانتقال من التقليد إلى التجديد .
لقد أخذت عوامل النهضة تعمل عملها نفوس الأدباء والشعراء ، وفى عقولهم فقد طبعت كثير من دواوين الشعراء في عصور العربية الزاهرة كما طبعت كتب الأدب التي ألفت في العصر العباسي أمثال كتب الجاحظ وابن المقفع وأمالي أبي على القالي وغيرها ، كما عاد المبعـوثون من أوربـا وقد اطلعـوا على ألـوان وأجناس من الأدب لم تكن معروفة في الأدب العربي .
من أبرز شعراء هذا الطـور (رفاعة الطهطاوي) توفى سنة 1873م وعائشة التيمورية توفيت سنة 1902م .
قلنا أن هذا الطور طور انتقال لأن الشعراء لم يتخلصوا تماماً من سمات الشعر الركيك المليء بالمحسنات والتخميسات والتشطيرات .
ومع ذلك فقد ظهرت في أشعار بعض شعراء هذا الطور آثار تلك النهضة ، فالقارئ لشعر الطهطاوي يجد فيه طابعاً تجديدياً بارزاً يتمثل في الشعر الوطني ، لأن فى الشعر الوطني حديثاً عن الوطن بمفهومه السياسي والحضاري .
من شعره الوطني قوله :
ولئن حلفت بأن مصـر لجنة * وقطوفها للفائزين دواني
والنيل كوثرها الشهي شرابـه * لأبركل البر في أيمـاني
ومن شعره أيضاً نشيده الذي وضعه للجيش المصري :
يـأيهـا الـجنود * والقادة الأســود
أن أمكم حســود * يعود هامي المدمـع
فكم لكم حـروب * بنصركم تئــوب
لم تثنكم خطـوب * ولا اقتحام معمـع
ويلاحظ في هذا النشيد ، إضافة إلى مضمونه الوطني ، التجديد والتنويع فى الموسيقى ، وهو اتجاه لم يكن مألوفاً في شعر من سبقوه إلا عند الأندلسيين .
أما عائشة التيمورية فهي أشهر شاعرة فى القرن الماضي إن لم نقل إنها الشاعرة التي كانت تنظم بالعربية في ذلك القرن ، الشاعرة التي يضعها النقاد فى مكانة رفيعة .
يقول العقاد : ( فإذا استثناء البارودي أولاً والساعاتي ثانياً فشعر السيدة عائشة التيمورية ليعلو إلى أرفع طبقة من الشعر ارتفع إليها شعراء مصر في أواسط القرن التاسع عشر إلى عهد الثورة العرابية) .
ولعل النموذج التالي يوضح هذه الحقيقة ، قالت ترثي ابنتها توحيده التي ماتت في ريعان شبابها وأول ما يلفت النظر من سمات التجديد أنها أدارت الحديث على لسان المرثية لا على لسانها هي كما جرى التقليد في الرثاء ، وهو تصوير بديع لم يكن مألوفاً من قبل في المراثي .
قالت :
أماه قد عـز اللقـاء وفى غـد * سترين نعشي كالعروس يسـير
وسينتهي المسعى إلى اللحد الذي * هو منزلي وله الجموع تصــير
قولي لرب اللحـد رفقـاً بابنتي * جاءت عروساً ساقها التقـدير
أماه لا تنسـي بحـق بنــوتي * قـبري لئلا يحـزن المقــبور
الطور الثالث : طور التجديد والأصالة .
اتسم الشعر في هذا الطور بالتلخص تماماً من قيود المحسنات البديعة . في هذا الطور وثبت العبارة الشعرية من الضعف والركاكة إلى المتانة والجزالة كما قال العقاد ، فقد ظهر جيل جديد من الشعراء حطم قيود التقليد تحطيماً كاملاً .
وربما كان الذي هيأ للشعراء ، في هذا الطور أن يتخلصوا من الطورين السابقين هو ما انبعث في النفوس من النفور من التقليد المزري الذي كان سمة الجيل السابق ، كما أن البعد الكامل من الثقافة التقليدية ، ثقافة عصر المماليك ، والاقتراب إلى حد من الثقافة الأوربية ، نقول إلى حد ما ، لأن أثر الثقافة الأوربية لم يكن قد تغلغل فى النفوس ، وما ذلك إلا لأن المطلعين على الثقافة الأوربية لم يكونوا بالكثرة التي تؤثر فى الحياة الثقافية ، ثم إن المترجم من الآثار الأدبية الأوربية شعراً ونثراً كان من القلة بحيث لم يترك أثراً يحتذي وينسج على سواله .
فكان لابد لأدباء هذا الطور من الاتجاه إلى الثقافة العربية الأصلية التي كانت المطبعة قد أخذت تقذف بها إلى القـراء ، فقد طبعـت دواوين الشعـراء وكتب الأدب في المشرق وفى الأندلس .
لقد أنجب هذا الطـور شعراء أفذاذاً تمـيز شعرهم بخصيصتين لم تكونا فيمن سبقهـم من الشعراء .
أولاهما : البيان الناصع الذي يعد عنصراً أساسياً من عناصر شعر هذا الطور .
ثانيتهما : المحافظة على النمط العربي المشرق الذي كان يمثله شعراء العربية الكبار أمثال أبي تمام والبحتري والشريف الرضي والمتنبي وابن زيدون وغيرهم
ولوضوح هاتين الخصيصتين فى شعر هذا الطور سماه (الدكتور أحمد هيكل)"الاتجاه البياني المحافظ" وسماه (حنا الفاخوري) "طور التقليد العباسي" .
لقد اتجه شعراء هذا الطور إلى التعبير عن مشاعرهم وأحاسيسهم الخاصة ، ثم التعبير عن واقع أمتهم ومشكلاتها ، وتسجيل الأحداث الكبرى التي وقعت فى زمانهم .
ومن كبار شعراء هذا الطور ، الشيخ ناصيف اليازجي توفى سنة 1871م وإبراهيم بن علي الأحدب توفي سنة 1891م فى لبنان ، ومحمود سامي البار ودي توفي سنة 1904م في مصر .
لقد عني هؤلاء الشعراء عناية خاصة بتحري الدقة في التعبير ، وجزالة اللغة واختيار المعاني الرفيعة والموسيقى العذبة .
يقول د. هيكل في شعر هذا الطور : ( ..كان أسلوباً حيا مشرقا قد اختير للتعبير عن أغراض تشبه أغراض الأقدمين حينا وتختلف عنها في كثير من الأحايين ، على أن الشاعر من أصحاب هذا الاتجاه كان يتخذ من العالم العربي القديم عالماً مثالياً يخفق له قلبه ..إنه عالم الآباء الاماجد ، والتاريخ العريق ، والدولة الإسلامية العربية الغالية ) .
لقد كان لكتاب "الوسيلة الأدبية" للشيخ (حسين بن أحمد المرصفي) توفى سنة 1889م أثر واضح في شعراء هذا الطور بما قدم للشعراء من نماذج شعرية رفيعة ، وبما تناول من شعر البارودي بالتحليل والإشادة ، فهيأ بذلك أذهان الشعراء لهذا الاتجاه الجديد اتجاه البار ودي الذي بعث به الشعر العربي من رقدته في العصر السابق، فرده بذلك إلى روعته البيانية المشرقة، وإلى الإقبال على نفس الشاعر وما يضطرب فيها من أحاسيس وخواطر وما تزخر به من تجارب ، وإلى الاهتمام بقضايا أمته ، وإلى ما يدور حوله .
لقد سيطر هذا الاتجاه على الحياة الأدبية في الوطن العربي كله سيطرة تامة حتى إن الجيل الذي جاء بعد البار ودي من أمثال شوقي وحافظ ومحمد عبد المطلب فى مصر ، وخليل مطران في الشام ومعروف الرصافي وجميل صدقي الزهاوي فى العراق ساروا على طريقة البار ودي ، فقضوا بذلك على الشعر التقليدي قضاء تاماً بحيث اختفي شعر الألاعيب اللفظية والمحسنات البديعية المفرطة المتكلفة وحل محله هذا الاتجاه البياني .
موضوعات الشعر في هذا الطور:
1/التجارب الخاصة للشاعر :
التفت الشاعر إلى ذاته فعبر عما يجول فيها من مشاعر وأحاسيس ، وبخاصة تلك التي تهز أعماقه هزّاً عنيفاً .
ومن التحارب الخاصة التي مر بها بعض الشعراء تجربة النفي عن الوطن ، (فالبارودي) عندما نفي عن مصر إلى سرنديب (حالياً سيري لانكا) بعد فشل الثورة العرابية التي كان قد اشترك فيها ، فاضت نفسه بالآلام الممضة ، واللوعة الحارة ، والحنين الجارف إلى وطنه وأبنائه وبناته الصغار وزوجته .
وعلى الرغم من أن الحنين إلى الأوطان قديم في الشعر العربي فلم يصل شاعر إلى ما وصل إليه البار ودي من روعة التصوير وتدفق العواطف ، وحسبك بشاعر يعاني آلام الغربة سبعة عشر عاماً قضاها في البكاء حتى عميت عيناه والأبيات التالية تصور أثر النفي في نفس البار ودي .
قال :
ولمـا وقفـنا للـوداع وأسبلـت * مدامعـنا فوق الترائب كالمـــزن
أهبت بصـبري أن يعـود فعـزني * وناديت حلمي أن يثوب فلم يغـن
وما هـي إلا خطـوة ثم قطعـت * بنا عن شطوط الحي أجنحة السفـن
فكم مهجة من زفرة الوجد في لظى * وكم مقلة من غزرة الدمع في دجـن
وما كنت جـربت النوي قبل هذه * فلما دهتني كدت أقضي من الحـزن
ولولا بنيات وشـيب عـواطـل * لما قرعت كفى على فائت ســني
وشوقي عانى ، أيضاً ، من مرارة النفي والغربة عن الأهل والوطن ، عندما نفي إلى أسبانيا فقضي أربع سنوات هي سنوات الحرب العالمية الأولي 1914-1918م ، فصور ما كان يحس به من مرارة الاغتراب ، فأنشد أروع قصائده هناك ، يقول فى نونيته المشهورة مصوراً الحنين إلى مصر :
ونابغيّ كأن الحشـر آخـره * تميتنا فيه ذكراكم وتحــيينا
جئنا إلى الصبر ندعوه كعادتنا * في النائبات فلم يأخذ بأيدينا
وحافظ (إبراهيم يعاني) التجربة نفسها عندما أرسل مغضوبا عليه إلى السودان وهو أشبه بالنفي فأرسل إلى أصدقائه قصائد تفيض بالشكوى من مرارة الغربة ، بل يصل به الحال إلى أن يسمي السودان ( وادي الهموم ) ، وأنه فيه أشرف على الموت قال :
ولكـني مقــيدة رحــالي * بقيد العدم في وادي الهمـوم
وما غـادرت في السودان قفـرا * ولـم اصــبغ بتـربـته
وهـا أنا بين أنـياب المنايــا * وتحت براثن الخطب الجسيم
2/ الوطن وقضاياه:
اهتم الشعراء في هذا الطور بأوطانهم وقضاياها اهتماماً كبيراً فقد شاركوا أمتهم فى كل ما ألم بها من أفراح وأحزان ، بل إن الحياة السياسية مصورة في شعرهم أصدق تصوير .
فهذا خليل مطران يدعو إلى محاربة الجهل ومحو الأمية ، لأن التعليم هو الذي يرتقي بالأمة، ويجعل حكمها في يدها لا في أيدي الولاة والحكام .
إن يجهل الشعب فالحكم الخليق به * حق العزيزين من وال وسلطان
ويشارك الشعراء شعوبهم في حياتهم الاجتماعية ، وشعر الوطنيات يحتل حيزاً كبيراً في دواوينهم .
وقصيدة (حافظ ابراهيم) التي شارك بها في افتتاح الدار التي أنشئت لرعاية اللقطاء والأيتام ، تعد من روائع الشعر الاجتماعي فقد صاغها في شكل قصة مؤثرة تصور ما تلاقيه هذه الفئة من ظلم المجتمع .
أما شوقي فقد عبر عن مشاركته الأمة العربية في أفراحها وأحزانها عندما قال :
كان شعري الغناء في فرح الشرق * وكان العزاء في أحزانه
أما في السياسة فقد شاركوا فيها مشاركة كبيرة ، فالبارودي اشترك في الثورة العرابية التي نشبت ضد الإنجليز حتى نفي إلى سرنديب .
وأما شوقي فإن ديوانه حافل بالقصائد السياسية ضد الاحتلال الإنجليزي ، ومثله حافظ الذي هاجم اللورد كرومر هجوماً عنيفاً ذلك المستعمر الإنجليزي الذي أهان المصريين واللغة العربية والدين الإسلامي قال:
قضـيت علـى أم اللغـات وإنـه * قضــاء علـينا أو سبيـل إلى الردى
وأودعـت تقـرير الوداع مغامـزاً * رأينا جفـاء الطـبع فـيك مجســدا
غمـزت بهـا دين الـنبي وإنــنا * لنغضـب إن أغضـبت في القبر أحمدا
من القضايا الاجتماعية التي أثيرت في أول هذا القرن ، وأثارت موجات واسعة من النقاش، قضية ( الحجاب والسفور ) التي أثارها قاسم أمين توفى سنة 1908م بكتابيه ( تحرير المرأة ) و( المرأة الجديدة) لقد أثار الكتاب الأول موجه عنيفة من النقد والاحتجاج ، فانقسم الأدباء والشعراء إزاء هذه القضية إلى ثلاث طوائف:
الأولى : المدافعون عن حرية المرأة وسفورها ، ومنهم طه حسين والعقاد وهدى شعراوي ، أول مصرية مسلمة نزعت الحجاب وخرجت سافرة توفيت سنة 1947م .
الثانية : المعارضون لسفور المرأة وخروجها إلى الشارع ، ومن هؤلاء مصطفى صادق الرافعي ، وشيوخ الأزهر ، ومن الشعراء أحمد محرم توفي سنة 1945م الذي قال :
أغرك يا أسمــاء ما طـنّ قاسم * أقيمي وراء الخدر فالمـرء واهــم
تضيقين ذرعاً بالحجـاب وما به * سوى ما جنت تلك الرؤى والمزاعم
سلام على الإسلام في الشرق كله * إذا ما استبيحت في الخدور المحـارم
الثالثة : هي التي وقفت موقفاً وسطاً فتبيح للمرأة أن تخرج في طلب العلم ولكن في حشمة ووقار وحفظ دين وأخلاق .
وقد عبر عن هذه الفئة حافظ إبراهيم في قصيدته القافية :
من لـي بتربية النسـاء فـإنها * في الشـرق علة ذلك الإخفـاق
الأم مدرسـة إذا أعـددتهـا * أعددت شعـباً طيب الأعـراق
الأم أستاذ الأساتذة الأولــى * شغلت مآثرهم مدى الآفــاق
أنا لا أقول دعوا النساء سوافرا * بين الرجال يجلن فـي الأسـواق
كلا ولا أدعوكم أن تسرفـوا * في الحجب والتضييق والإرهـاق
فتوسطوا في الحالتين وأنصفـوا * فالشر في التضييق والإطــلاق
ربوا البنات على الفضيلة إنهـا * في الموقفين لهن خـير وثــاق
3/ استيحاء التراث :
يعد الاهتمام بالتراث الإسلامي والعربي عند شعراء هذا الطور من مظاهر النهضة الشعرية المعاصرة ، وجاء ذلك نتيجة لنشر كتب التراث الأدبية والدينية والتاريخية .
إن من يطلع على شعر هذا الطور يجد استيحاء التراث واضحاً سواء في عناوين القصائد أو في مضامينها ، وكان شوقي أكثر الشعراء حديثاً عن التراث في شعره ، وقصائده في ذلك مشهورة ( الهمزية النبوية) و( نهج البردة) و(مرحباً بالهلال ) و( ذكرى المولد ) . كما يتخلل الحديث عن التراث كثيراً من قصائده ، ففي قصيدته الطويلة المسماة ( كبار الحوادث في وادي النيل ) خصّ العهود الإسلامية في مصر بأكثر من ستين بيتاً ، واستوحى تراث المسلمين في قصيدته (أندلسية ) . أما حافظ إبراهيم فله قصيدة تبلغ 186 بيتاً سرد فيها سيرة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال فيها :
وراع صاحب كسرى أن رأى عمـرا * بين الرعـية عطلا وهـو راعــيها
وعهـده بملـوك الفـرس أن لهــا * سورا مـن الجند والأحـراس تحميها
رآه مستغـرقاً فـي نومـه فــرأى * فيه الجلالــة في أسمـى معانيهــا
وقـال قولـة حـق أصبحـت مثلاً * وأصـبح الجـيل بعـد الجيل يرويها
أمـنت لما أقمـت العـدل بينهــم * فنمـت نـوم قـرير العـين هانيها
4/ [/font:fb2
بدأ اتصال الشرق العربي بأوربا ، التي كانت قد بلغت شأوا بعيداً في التقدم العلمي ، وأحرزت نتائج باهرة في مختلف العلوم كان أميراً على بعض مناطق لبنان وسوريا وكانت هذه البلاد تسمى (الشام).
سافر السلطان فخر الدين إلى بعض البلاد الأوربية ، وشاهد ما وصلت إليه من تقدم حضاري ليس له مثيل في الشرق فأعجب بذلك أيما إعجاب ، فعمل على توثيق العلاقات بين بلاده ، وبلاد أوربا ، فاستقدم بعض الشركات الأوربية التجارية ، وأرسل بعض البعثات إلى روما لتلقي العلم في معاهدها ، وتعلم لغاتها.
وقد اهتم البابا بهذا الاتصال اهتماماً كبيراً ، فوجه بابا روما في ذلك الحين الآباء اليسوعيين أن يقوموا بإنشاء المدارس الأوربية في الشرق ، كما وجه باستقدام عدد من أبناء الموارنة إلى روما وإلحاقهم بمدارسها ليعودوا إلى بلادهم حاملين ثقافة أوربا وعلومهم ، فكانت أول لعثة عربية تعليمية إلى أوربا سنة 1578م .
ومثل ما اهتم ملوك إيطاليا بالشرق ، أهتم ملوك فرنسا بالشرق وبلبنان على وجه الخصوص ، فاستقدم لويس الرابع عشر ملك فرنسا عدداً من أبناء اللبنانيين إلى باريس حيث تعهد بتعليمهم مجاناً وأهتم المبشرون أيضاً بلبنان ، فأقبلوا إقبالاً شديداً فأنشأوا المدارس التي تعلم على المنهج الأوربي اللغات والعلوم التي كانت أوربا قد نبغت فيها .
ولكن على الرغم من ذلك كله فإن أثر اتصال الشرق بأوربا لم يكن له أثر واضح فى بقية البلاد العربية ، فإن تأثيره لم يمتد إلى مصر والعراق أو غيرهما من الوطن العربي حتى جاءت سنة 1797م ، تلك السنة التي يعتبرها مؤرخو الأدب الحديث البداية الحقيقية للنهضة الأدبية والثقافية المعاصرة .
في تلك السنة دخل نابليون مصر مسلحاً بأحدث ما توصلت إليه أوربا من أنواع الأسلحة ،بينما كان المصريون وبقية أنحاء الوطن العربي لا تعرف من أنواع الأسلحة إلا السيوف والرماح وبعض البنادق البدائية .
اصطحب نابليون معه في حملته العسكرية جماعة من العلماء في تخصصات مختلفة ، فأنشأ مجمعاً علميا ، وأحضر معه مطبعة عربية كان يطبع بها المنشورات والتعليمات التي يريد إيصالها إلى الشعب المصري ، ولم تكن مصر تعرف الطباعة قبل ذلك .
على الرغم من أن نابليون وعلماءه لم يمكثوا في مصر أكثر من ثلاث سنوات فقد كان لتلك السنوات الثلاث أثر بليغ في الثقافة العربية والأدب العربي ، لأن ذلك اللقاء بين الشرق وأوربا قد بعث في الشرق روح التحدي والتصدي .
لما طرد المصريون نابليون من مصر سنة 1801م وتولى محمد على عرش مصر سنة 1805م فكر في إنشاء دولة حديثة تستعين بما وصلت إليه أوربا من العلوم والفنون والآداب .
وهنا تجمعت عدة عوامل أدت إلى ما يسمى بـ ( الأدب العربي الحديث)
*عوامل نهضة الأدب العربي الحديث :
1/ إرسال البعثات إلى أوربا :
أرسل محمد على سنة 1826م مجموعة من الشباب المصريين إلى فرنسا عددهم أربعة وأربعون طالبا ليتخصصوا ، بعد إتقان اللغة في ، العلوم المختلفة في الزارعة ، والطب والجراحة والتشريح ، والطبيعة ، والكيمياء والعلوم البحرية ، والميكانيكا والترجمة.
كان هذا أول لقاء بين المصريين وبين الثقافة الغربية ولما عاد هؤلاء المبعوثون عادوا بثقافة جديدة ، وعقلية اتصلت بالحضارة الغربية ، وعرفوا أشياء لم يكونوا يعرفونها من قبل ، فقاموا بترجمة كثير من علوم أوربا وألفوا باللغة العربية كتباً في العلوم والآداب فأثروا اللغة بما زودوها به من أفكار ومصطلحات حديثة .
2/ إنشاء المطبعة :
عرف الشرق العربي المطبعة قبل مجيء ، نابليون إلى مصر عرفها في لبنان غير أنها لم تكن ذات تأثير في الأدب العربي لأنها كانت مقصورة على طباعة الكتب الدينية .
أنشأ محمد على أول مطبعة عربية في مصر سنة 1821م في حيّ بولاق فعرفت باسم مطبعة بولاق، لقد كان لمطبعة بولاق أثر واضح في النهضة الأدبية المعاصرة حيث قامت بطبع أمهات كتب الأدب العربي شعراً ونثراً ، كما طبعت مئات من الكتب العربية فى الطب والرياضيات والطبيعيات ، والتاريخ والتفسير والحديث .
أقبل الناس على كتب الأدب يقرءونها ، ويحفظون من دواوين الشعراء الأقدمين عيون الشعر العربي ، ومن كتب الأدب أرقاها أسلوباً ، ومـن كتب اللغـة ما وصلـهم باللغة القوية الأصلية .
3/ إنشاء الصحف :
أدى إنشاء المطبعة إلى ظهور لون جديد من ألوان القراءة هو الصحيفة التي لم تكن معروفة في الثقافة العربية من قبل .
انشأ محمد على أول صحيفة في الوطن العربي سنة 1828م ، تولى رئاسة تحريرها رفاعة رافع الطهطاوي ، وهو عالم أزهري ذهب مع أول بعثة إلى فرنسا ليكون إماماً لها في الصلاة ، ومرجعاً لها في شعائرها الدينية الأخرى ، فاستغل وقت فراغه في تعلم اللغة الفرنسية فتعلمها وأتقنها ، وقرأ بها كثيراً في السياسة والتاريخ والجغرافيا والأدب الفرنسي شعراً ونثراً ، فأضاف إلى ثقافته الأصلية ثقافة غربية ، توفى سنة 1873م.
كان من أثر الصحف في النثر أنها هذبته وصقلته ، ونقلته من المحسنات البديعية من سجع وجناس وطباق ، إلى نثر مرسل دون قيد من القيود البديعية ، كما أنها مالت به نحو الإيجاز والسهولة لأن قراء الصحف لا يسيغون التقعر والأغراب في اللغة .
4/الجمعيات العلمية والأدبية :
لقد كان للجمعيات الأدبية والعلمية أثر كبير في النهضة الأدبية فأنشئت أول هذه الجمعيات في سوريا 1847م ، وكان هدفها الارتقاء بالعلوم ونشر الفنون والآداب .
وأنشئت في مصر جمعية اسمها (جمعية المعارف) فقامت بطبع طائفة من الكتب الأدبية والتاريخية والفقهية ، ثم قامت جمعية أخرى هي (جمعية التعريب) وكان هدفها ترجمة الكتب الأجنبية في الاقتصاد والاجتماع .
5/ المدارس الحديثة :
كان التعليم ، فيما مضى ، محصوراً في المعاهد الدينية التي نهضت بتعليم الدين فقها وتفسيراً وحديثاً ، وبتعليم العربية نحوا وصرفاً وبلاغة ولغة وأدباً ، ولم تكن تعنى ، إلا قليلاً ، بغير ذلك من العلوم .
أما المدارس الحديثة فقد أنشئت على نمط المدارس الأوربية التي تعلم اللغات والعلوم الحديثة كالرياضيات والجغرافيا والأحياء والكيمياء والطبيعة ، فكان لهذه المدارس أثرها فى نشر الوعي الثقافي للأمة .
6/ المسرح :
لم يعرف الوطن العربي ، ولا الأدب العربي هذا اللون من ألوان الأدب ، وإنما ظهر المسرح لأول مرة مع غزو نابليون لمصر ، فكان ذلك شيئاً جديداً فى الشرق ، ولما لم تكن فى الأدب العربي نصوص مسرحية فقد قام عدد من الأدباء بترجمة عدد من المسرحيات الفرنسية إلى اللغة العربية مما أضاف رافداً جديداً إلى الأدب العربي .
7/ المستشرقون :
المستشرقون علماء من أوربا وأمريكا وروسيا ، اهتموا بالشرق وتاريخه وآدابه ودياناته ولغاته ، فعكفوا على دراسته دراسة عميقة .
اهتم كثير من المستشرقين بالأدب العربي واللغة العربية منذ زمن طويل فجمعوا كثيراً من الكتب المخطوطة فقاموا بدراستها وتصحيحها وطبعها فى صورة جميلة ، فنشروا كثيراً من دواوين الشعراء وكتب الأدب فأقبل الأدباء والشعراء على هذه الكتب المصححة فنهلوا مما فيها من جمال وبلاغة .
مراحل تطور الأدب العربي الحديث
*أولاً : الشعر.
مر الشعر العربي المعاصر بثلاثة أطوار .
الطور الأول : طور الضعف .
اتسم الشعر في هذا الطور بالضعف فى اللغة والفكرة فقد كان شعراً ركيكاً ضعيفاً فى شكله ومضمونه ، أما في شكله فقد كان مثقلاً بأنواع المحسنات اللفظية المتكلفة ، وكان هم الشاعر عندما يهنئ بمولود أو يرثي شخصاً أو يقرظ كتاباً أن يذكر في البيت الأخير أو عجزه تاريخ المولود أو المرثي أو تاريخ تأليف الكتاب .
قال الشيخ على الليثي توفى سنة 1896م ، مؤرخاً وفاة محمود باشا الفلكي فى آخر بيت من المرثية .
حلّ القضاء وناعي المجد أرخنا * قد مات محمود باشا المسند الفلكي .
فإذا جمعنا القيمة العددية لكل حرف من حروف عجز البيت لكان المجموع 1303هـ وهو السنة التي توفي فيها المرثي .
أما من حيث مضمون الشعر وأغراضه في هذا الطور فقد كانت المعاني ضيقة تافهة مبتذلة، يقول د: شوقي ضيف : ( اقرأ دواوين الشعراء الذين عاصروا محمد على وعباساً الأول وسعيداً من مثل إسماعيل الخشاب ، والشيخ حسن العطار ، والشيخ محمد شهاب الدين ، فلن تجد سوى صور لفظية قد تدثرت بثياب غليظة من محسنات البديع ولن تجد شعوراً ولا عاطفة، لقد تبلدت الحياة ، فجمد الشعر والشعراء ولم يعد هناك إلا التقليد .. فقد أصبح الشعر حساباً وأرقاماً وتمارين هندسية عسيرة الحل).
انصرف هم الشعراء إلى التشطير ( وهو أن يضيف الشاعر إلى كل شطر من أبيات قصيدة أعجب بها شطراً من عنده ) والترقيط ( وهو أن تشتمل قصيدته على كلمات كل كلمة فيها مبدوءة بحرف من حروف الهجاء مثل قول الشيخ على الدرويش توفى 1853 م .
علىّ على عينيك عــذل عـواذلي * عذاب عليها عند عاشقها عــذب
عذارك عذري عجب عطفك عـدتي * عيونك عصبي عاد عائبها عضــب
فكل كلمة من هذين البيتين مبدوءة بحرف العين.
الطور الثاني : طور الانتقال من التقليد إلى التجديد .
لقد أخذت عوامل النهضة تعمل عملها نفوس الأدباء والشعراء ، وفى عقولهم فقد طبعت كثير من دواوين الشعراء في عصور العربية الزاهرة كما طبعت كتب الأدب التي ألفت في العصر العباسي أمثال كتب الجاحظ وابن المقفع وأمالي أبي على القالي وغيرها ، كما عاد المبعـوثون من أوربـا وقد اطلعـوا على ألـوان وأجناس من الأدب لم تكن معروفة في الأدب العربي .
من أبرز شعراء هذا الطـور (رفاعة الطهطاوي) توفى سنة 1873م وعائشة التيمورية توفيت سنة 1902م .
قلنا أن هذا الطور طور انتقال لأن الشعراء لم يتخلصوا تماماً من سمات الشعر الركيك المليء بالمحسنات والتخميسات والتشطيرات .
ومع ذلك فقد ظهرت في أشعار بعض شعراء هذا الطور آثار تلك النهضة ، فالقارئ لشعر الطهطاوي يجد فيه طابعاً تجديدياً بارزاً يتمثل في الشعر الوطني ، لأن فى الشعر الوطني حديثاً عن الوطن بمفهومه السياسي والحضاري .
من شعره الوطني قوله :
ولئن حلفت بأن مصـر لجنة * وقطوفها للفائزين دواني
والنيل كوثرها الشهي شرابـه * لأبركل البر في أيمـاني
ومن شعره أيضاً نشيده الذي وضعه للجيش المصري :
يـأيهـا الـجنود * والقادة الأســود
أن أمكم حســود * يعود هامي المدمـع
فكم لكم حـروب * بنصركم تئــوب
لم تثنكم خطـوب * ولا اقتحام معمـع
ويلاحظ في هذا النشيد ، إضافة إلى مضمونه الوطني ، التجديد والتنويع فى الموسيقى ، وهو اتجاه لم يكن مألوفاً في شعر من سبقوه إلا عند الأندلسيين .
أما عائشة التيمورية فهي أشهر شاعرة فى القرن الماضي إن لم نقل إنها الشاعرة التي كانت تنظم بالعربية في ذلك القرن ، الشاعرة التي يضعها النقاد فى مكانة رفيعة .
يقول العقاد : ( فإذا استثناء البارودي أولاً والساعاتي ثانياً فشعر السيدة عائشة التيمورية ليعلو إلى أرفع طبقة من الشعر ارتفع إليها شعراء مصر في أواسط القرن التاسع عشر إلى عهد الثورة العرابية) .
ولعل النموذج التالي يوضح هذه الحقيقة ، قالت ترثي ابنتها توحيده التي ماتت في ريعان شبابها وأول ما يلفت النظر من سمات التجديد أنها أدارت الحديث على لسان المرثية لا على لسانها هي كما جرى التقليد في الرثاء ، وهو تصوير بديع لم يكن مألوفاً من قبل في المراثي .
قالت :
أماه قد عـز اللقـاء وفى غـد * سترين نعشي كالعروس يسـير
وسينتهي المسعى إلى اللحد الذي * هو منزلي وله الجموع تصــير
قولي لرب اللحـد رفقـاً بابنتي * جاءت عروساً ساقها التقـدير
أماه لا تنسـي بحـق بنــوتي * قـبري لئلا يحـزن المقــبور
الطور الثالث : طور التجديد والأصالة .
اتسم الشعر في هذا الطور بالتلخص تماماً من قيود المحسنات البديعة . في هذا الطور وثبت العبارة الشعرية من الضعف والركاكة إلى المتانة والجزالة كما قال العقاد ، فقد ظهر جيل جديد من الشعراء حطم قيود التقليد تحطيماً كاملاً .
وربما كان الذي هيأ للشعراء ، في هذا الطور أن يتخلصوا من الطورين السابقين هو ما انبعث في النفوس من النفور من التقليد المزري الذي كان سمة الجيل السابق ، كما أن البعد الكامل من الثقافة التقليدية ، ثقافة عصر المماليك ، والاقتراب إلى حد من الثقافة الأوربية ، نقول إلى حد ما ، لأن أثر الثقافة الأوربية لم يكن قد تغلغل فى النفوس ، وما ذلك إلا لأن المطلعين على الثقافة الأوربية لم يكونوا بالكثرة التي تؤثر فى الحياة الثقافية ، ثم إن المترجم من الآثار الأدبية الأوربية شعراً ونثراً كان من القلة بحيث لم يترك أثراً يحتذي وينسج على سواله .
فكان لابد لأدباء هذا الطور من الاتجاه إلى الثقافة العربية الأصلية التي كانت المطبعة قد أخذت تقذف بها إلى القـراء ، فقد طبعـت دواوين الشعـراء وكتب الأدب في المشرق وفى الأندلس .
لقد أنجب هذا الطـور شعراء أفذاذاً تمـيز شعرهم بخصيصتين لم تكونا فيمن سبقهـم من الشعراء .
أولاهما : البيان الناصع الذي يعد عنصراً أساسياً من عناصر شعر هذا الطور .
ثانيتهما : المحافظة على النمط العربي المشرق الذي كان يمثله شعراء العربية الكبار أمثال أبي تمام والبحتري والشريف الرضي والمتنبي وابن زيدون وغيرهم
ولوضوح هاتين الخصيصتين فى شعر هذا الطور سماه (الدكتور أحمد هيكل)"الاتجاه البياني المحافظ" وسماه (حنا الفاخوري) "طور التقليد العباسي" .
لقد اتجه شعراء هذا الطور إلى التعبير عن مشاعرهم وأحاسيسهم الخاصة ، ثم التعبير عن واقع أمتهم ومشكلاتها ، وتسجيل الأحداث الكبرى التي وقعت فى زمانهم .
ومن كبار شعراء هذا الطور ، الشيخ ناصيف اليازجي توفى سنة 1871م وإبراهيم بن علي الأحدب توفي سنة 1891م فى لبنان ، ومحمود سامي البار ودي توفي سنة 1904م في مصر .
لقد عني هؤلاء الشعراء عناية خاصة بتحري الدقة في التعبير ، وجزالة اللغة واختيار المعاني الرفيعة والموسيقى العذبة .
يقول د. هيكل في شعر هذا الطور : ( ..كان أسلوباً حيا مشرقا قد اختير للتعبير عن أغراض تشبه أغراض الأقدمين حينا وتختلف عنها في كثير من الأحايين ، على أن الشاعر من أصحاب هذا الاتجاه كان يتخذ من العالم العربي القديم عالماً مثالياً يخفق له قلبه ..إنه عالم الآباء الاماجد ، والتاريخ العريق ، والدولة الإسلامية العربية الغالية ) .
لقد كان لكتاب "الوسيلة الأدبية" للشيخ (حسين بن أحمد المرصفي) توفى سنة 1889م أثر واضح في شعراء هذا الطور بما قدم للشعراء من نماذج شعرية رفيعة ، وبما تناول من شعر البارودي بالتحليل والإشادة ، فهيأ بذلك أذهان الشعراء لهذا الاتجاه الجديد اتجاه البار ودي الذي بعث به الشعر العربي من رقدته في العصر السابق، فرده بذلك إلى روعته البيانية المشرقة، وإلى الإقبال على نفس الشاعر وما يضطرب فيها من أحاسيس وخواطر وما تزخر به من تجارب ، وإلى الاهتمام بقضايا أمته ، وإلى ما يدور حوله .
لقد سيطر هذا الاتجاه على الحياة الأدبية في الوطن العربي كله سيطرة تامة حتى إن الجيل الذي جاء بعد البار ودي من أمثال شوقي وحافظ ومحمد عبد المطلب فى مصر ، وخليل مطران في الشام ومعروف الرصافي وجميل صدقي الزهاوي فى العراق ساروا على طريقة البار ودي ، فقضوا بذلك على الشعر التقليدي قضاء تاماً بحيث اختفي شعر الألاعيب اللفظية والمحسنات البديعية المفرطة المتكلفة وحل محله هذا الاتجاه البياني .
موضوعات الشعر في هذا الطور:
1/التجارب الخاصة للشاعر :
التفت الشاعر إلى ذاته فعبر عما يجول فيها من مشاعر وأحاسيس ، وبخاصة تلك التي تهز أعماقه هزّاً عنيفاً .
ومن التحارب الخاصة التي مر بها بعض الشعراء تجربة النفي عن الوطن ، (فالبارودي) عندما نفي عن مصر إلى سرنديب (حالياً سيري لانكا) بعد فشل الثورة العرابية التي كان قد اشترك فيها ، فاضت نفسه بالآلام الممضة ، واللوعة الحارة ، والحنين الجارف إلى وطنه وأبنائه وبناته الصغار وزوجته .
وعلى الرغم من أن الحنين إلى الأوطان قديم في الشعر العربي فلم يصل شاعر إلى ما وصل إليه البار ودي من روعة التصوير وتدفق العواطف ، وحسبك بشاعر يعاني آلام الغربة سبعة عشر عاماً قضاها في البكاء حتى عميت عيناه والأبيات التالية تصور أثر النفي في نفس البار ودي .
قال :
ولمـا وقفـنا للـوداع وأسبلـت * مدامعـنا فوق الترائب كالمـــزن
أهبت بصـبري أن يعـود فعـزني * وناديت حلمي أن يثوب فلم يغـن
وما هـي إلا خطـوة ثم قطعـت * بنا عن شطوط الحي أجنحة السفـن
فكم مهجة من زفرة الوجد في لظى * وكم مقلة من غزرة الدمع في دجـن
وما كنت جـربت النوي قبل هذه * فلما دهتني كدت أقضي من الحـزن
ولولا بنيات وشـيب عـواطـل * لما قرعت كفى على فائت ســني
وشوقي عانى ، أيضاً ، من مرارة النفي والغربة عن الأهل والوطن ، عندما نفي إلى أسبانيا فقضي أربع سنوات هي سنوات الحرب العالمية الأولي 1914-1918م ، فصور ما كان يحس به من مرارة الاغتراب ، فأنشد أروع قصائده هناك ، يقول فى نونيته المشهورة مصوراً الحنين إلى مصر :
ونابغيّ كأن الحشـر آخـره * تميتنا فيه ذكراكم وتحــيينا
جئنا إلى الصبر ندعوه كعادتنا * في النائبات فلم يأخذ بأيدينا
وحافظ (إبراهيم يعاني) التجربة نفسها عندما أرسل مغضوبا عليه إلى السودان وهو أشبه بالنفي فأرسل إلى أصدقائه قصائد تفيض بالشكوى من مرارة الغربة ، بل يصل به الحال إلى أن يسمي السودان ( وادي الهموم ) ، وأنه فيه أشرف على الموت قال :
ولكـني مقــيدة رحــالي * بقيد العدم في وادي الهمـوم
وما غـادرت في السودان قفـرا * ولـم اصــبغ بتـربـته
وهـا أنا بين أنـياب المنايــا * وتحت براثن الخطب الجسيم
2/ الوطن وقضاياه:
اهتم الشعراء في هذا الطور بأوطانهم وقضاياها اهتماماً كبيراً فقد شاركوا أمتهم فى كل ما ألم بها من أفراح وأحزان ، بل إن الحياة السياسية مصورة في شعرهم أصدق تصوير .
فهذا خليل مطران يدعو إلى محاربة الجهل ومحو الأمية ، لأن التعليم هو الذي يرتقي بالأمة، ويجعل حكمها في يدها لا في أيدي الولاة والحكام .
إن يجهل الشعب فالحكم الخليق به * حق العزيزين من وال وسلطان
ويشارك الشعراء شعوبهم في حياتهم الاجتماعية ، وشعر الوطنيات يحتل حيزاً كبيراً في دواوينهم .
وقصيدة (حافظ ابراهيم) التي شارك بها في افتتاح الدار التي أنشئت لرعاية اللقطاء والأيتام ، تعد من روائع الشعر الاجتماعي فقد صاغها في شكل قصة مؤثرة تصور ما تلاقيه هذه الفئة من ظلم المجتمع .
أما شوقي فقد عبر عن مشاركته الأمة العربية في أفراحها وأحزانها عندما قال :
كان شعري الغناء في فرح الشرق * وكان العزاء في أحزانه
أما في السياسة فقد شاركوا فيها مشاركة كبيرة ، فالبارودي اشترك في الثورة العرابية التي نشبت ضد الإنجليز حتى نفي إلى سرنديب .
وأما شوقي فإن ديوانه حافل بالقصائد السياسية ضد الاحتلال الإنجليزي ، ومثله حافظ الذي هاجم اللورد كرومر هجوماً عنيفاً ذلك المستعمر الإنجليزي الذي أهان المصريين واللغة العربية والدين الإسلامي قال:
قضـيت علـى أم اللغـات وإنـه * قضــاء علـينا أو سبيـل إلى الردى
وأودعـت تقـرير الوداع مغامـزاً * رأينا جفـاء الطـبع فـيك مجســدا
غمـزت بهـا دين الـنبي وإنــنا * لنغضـب إن أغضـبت في القبر أحمدا
من القضايا الاجتماعية التي أثيرت في أول هذا القرن ، وأثارت موجات واسعة من النقاش، قضية ( الحجاب والسفور ) التي أثارها قاسم أمين توفى سنة 1908م بكتابيه ( تحرير المرأة ) و( المرأة الجديدة) لقد أثار الكتاب الأول موجه عنيفة من النقد والاحتجاج ، فانقسم الأدباء والشعراء إزاء هذه القضية إلى ثلاث طوائف:
الأولى : المدافعون عن حرية المرأة وسفورها ، ومنهم طه حسين والعقاد وهدى شعراوي ، أول مصرية مسلمة نزعت الحجاب وخرجت سافرة توفيت سنة 1947م .
الثانية : المعارضون لسفور المرأة وخروجها إلى الشارع ، ومن هؤلاء مصطفى صادق الرافعي ، وشيوخ الأزهر ، ومن الشعراء أحمد محرم توفي سنة 1945م الذي قال :
أغرك يا أسمــاء ما طـنّ قاسم * أقيمي وراء الخدر فالمـرء واهــم
تضيقين ذرعاً بالحجـاب وما به * سوى ما جنت تلك الرؤى والمزاعم
سلام على الإسلام في الشرق كله * إذا ما استبيحت في الخدور المحـارم
الثالثة : هي التي وقفت موقفاً وسطاً فتبيح للمرأة أن تخرج في طلب العلم ولكن في حشمة ووقار وحفظ دين وأخلاق .
وقد عبر عن هذه الفئة حافظ إبراهيم في قصيدته القافية :
من لـي بتربية النسـاء فـإنها * في الشـرق علة ذلك الإخفـاق
الأم مدرسـة إذا أعـددتهـا * أعددت شعـباً طيب الأعـراق
الأم أستاذ الأساتذة الأولــى * شغلت مآثرهم مدى الآفــاق
أنا لا أقول دعوا النساء سوافرا * بين الرجال يجلن فـي الأسـواق
كلا ولا أدعوكم أن تسرفـوا * في الحجب والتضييق والإرهـاق
فتوسطوا في الحالتين وأنصفـوا * فالشر في التضييق والإطــلاق
ربوا البنات على الفضيلة إنهـا * في الموقفين لهن خـير وثــاق
3/ استيحاء التراث :
يعد الاهتمام بالتراث الإسلامي والعربي عند شعراء هذا الطور من مظاهر النهضة الشعرية المعاصرة ، وجاء ذلك نتيجة لنشر كتب التراث الأدبية والدينية والتاريخية .
إن من يطلع على شعر هذا الطور يجد استيحاء التراث واضحاً سواء في عناوين القصائد أو في مضامينها ، وكان شوقي أكثر الشعراء حديثاً عن التراث في شعره ، وقصائده في ذلك مشهورة ( الهمزية النبوية) و( نهج البردة) و(مرحباً بالهلال ) و( ذكرى المولد ) . كما يتخلل الحديث عن التراث كثيراً من قصائده ، ففي قصيدته الطويلة المسماة ( كبار الحوادث في وادي النيل ) خصّ العهود الإسلامية في مصر بأكثر من ستين بيتاً ، واستوحى تراث المسلمين في قصيدته (أندلسية ) . أما حافظ إبراهيم فله قصيدة تبلغ 186 بيتاً سرد فيها سيرة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال فيها :
وراع صاحب كسرى أن رأى عمـرا * بين الرعـية عطلا وهـو راعــيها
وعهـده بملـوك الفـرس أن لهــا * سورا مـن الجند والأحـراس تحميها
رآه مستغـرقاً فـي نومـه فــرأى * فيه الجلالــة في أسمـى معانيهــا
وقـال قولـة حـق أصبحـت مثلاً * وأصـبح الجـيل بعـد الجيل يرويها
أمـنت لما أقمـت العـدل بينهــم * فنمـت نـوم قـرير العـين هانيها
4/ [/font:fb2
توفيق- عضو متميز
- عدد الرسائل : 425
نقاط : 1075
تاريخ التسجيل : 09/09/2009
مواضيع مماثلة
» النهضة الأدبية العربية (الجزء الثاني)
» كتاب معوقات النهضة ومقوماتها في فكر مالك بن نبي
» تدريب على الدراسة الأدبية والتذوق
» خطوات الكتابة الأدبية والفكرية الراقية
» رائد الدراسات الأدبية المقارنة في العالم العربي
» كتاب معوقات النهضة ومقوماتها في فكر مالك بن نبي
» تدريب على الدراسة الأدبية والتذوق
» خطوات الكتابة الأدبية والفكرية الراقية
» رائد الدراسات الأدبية المقارنة في العالم العربي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة أبريل 12, 2024 4:10 pm من طرف سعداوي ربيع
» المتألقه ياسمين ابراهيم
الثلاثاء أكتوبر 10, 2023 8:54 pm من طرف سعداوي ربيع
» إستمتع بخدمة ultimate game pass لجهاز الإكسبوكس و الحاسوب
الخميس نوفمبر 24, 2022 10:35 pm من طرف lmandoo
» ربيع المؤمـــــــــــــــــــن
الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 8:11 am من طرف سعداوي ربيع
» مشروع واحة الشاطيء شقق للبيع في مدينة دبي للاستديوهات
الخميس نوفمبر 03, 2022 9:21 pm من طرف lmandoo
» شركة حلول ميج للاستشارات وتطوير الأعمال
الثلاثاء أكتوبر 18, 2022 11:26 am من طرف lmandoo
» نانا اليوم اقوى الخصومات على كل المنتجات
الأربعاء أكتوبر 12, 2022 11:28 pm من طرف lmandoo
» مرام مالك فنانة غنائية سعودية
الإثنين سبتمبر 05, 2022 5:12 am من طرف lmandoo
» موقع تعليمي سعودي لتغطية كافة المناهج
الخميس أغسطس 25, 2022 11:44 pm من طرف lmandoo
» يونيريم للرعاية المنزلية UNIREM Home Care
الأربعاء أغسطس 17, 2022 3:49 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
السبت أغسطس 13, 2022 3:57 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
السبت أغسطس 13, 2022 2:21 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:47 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:37 am من طرف lmandoo
» مصممة الازياء رنا سمعان من نينوى العراق إلى العالمية
الإثنين أغسطس 08, 2022 3:45 am من طرف lmandoo