ــ مفتش اللغة العربية " المتقاعد " ابراهيم شادة في ذمـــــــة الله ...

ـ تلقى فريقنا التربوي نبأ وفاة المرحوم " ابراهيم شادة " مفتش اللغة العربية المتقاعد ، بعد مشوار حافل بالعطاء و حافل بالعمل التربوي المضني، ومليئ بمباهج التربية الهادفة ، فنقر ها هنا أن المغفور له ـ بإذن الله ـ كان مثالا للرجل المؤمن جدا جدا ، المتقن لعمله جدا جدا .. فقد صحبناه في أكثر من مهمة تربوية تتعلق اساسا بلجان الترسيم ، وماكان أبدا فيها مسؤولا يحتفظ لنفسه بإمرة القرار وسلطة تنفيذه ، بل كان أبا قبل أن يكو ن مفتشا ، ومن جملة ما احتفظت به ذاكراتي خلال تنقلاتي التربوية معه الأتي :
ـ اختارني لأكثر من مرة لأرافقه في لجان ترسيم ـ وفي إحدى هذه المرات ، انتظرته كما اتفقنا في مفترق طرق الرابط بين رأس العيون و القيقبة ، و صادف ان تأخر عن الموعد لبعض الدقائق ، وكان الجو شتاء ، فلما حضر قدم اعتذاره الكبير ، وقال : اعذرني لأني تأخرت عليك وتركتك تنتظر في هذا البرد القارس ، رغم أن سبب تأخيره كان وجيها ، فالطريق التي سلكها لم تك جيدة ، بل وعرة المسالك .
فمن تصرفه الأبوي ازداد تقديري لـــــه .
وكان رحيما جدا مع اساتذته ، يعاملهم معاملة الأب ، حتى وإن لمس بعض القصور منهم ، يقوي جانب الضعف في ذلك القصور ، وشعاره في ذلك : لم نولد متعلمين .. فالكمال لله وحده .
ـ صادف أن رافقته في احدى المرات لنشهد تثبيت زميلة ، وكانت الزميلة حذرة متخوفة جدا منا ، لأنها مرت بتجربة قاسية مع مفتش أخر ، فارتبكت وماكان الدرس ناجحا بالمعنى التربوي ، وبعد انهائها للدرس حضرت إلينا لنسألها جملة أسئلة ، بدأ المفتش ابراهيم يعلق على سير الدروس المقدمة من طرف الأستاذة ، و يسألها بين الفينة والأخرى ، ومن فرط ما ألم بها من ضعف انهمرت دموعها أمامنا ـ وكان موقفا صعبا للغاية . فحمل المفتش العظيم نفسه وأخذ تفاحة كانت موجودة على الطاولة وأعطاها للأستاذة وقال لها : لما الدموع ياابنتي ؟! .
فإن كنت قد بدأت بذكر بعض الأخطاء ، فلا يعني ذلك انني لا أقر بوجود جوانب مضيئة في درسك ، وكان تعامله معها رائعا جدا ، من خلال ما رأينا أحببنا الرجل ، وارتفع قدره ووزنه في قلوبنا ، وما شهدنا إلا بما رأينا .. فالتربية في حاجة ماسة إلى مثل هؤلاء الرائعين ليستقيم عودها ولتعود إليها نضارتها .
، أخبرني صديقي ـ عبد الحميد مصباح ـ الذي حضر جنازة الفقيد ، أنه كان مواظبا على صلاة الجماعة رغم مرضه الشديد ، فكان أهله ينقلونه في سيارة خاصة ، ويفتحوا له نافذة مطلة على المسجد ليصلي مع المصلين .

فعندما تفقد أسرة التربية والتعليم رجلا بهكذا مواصفات .. فلا شك أنها فقدت بفقده ركنا من أركانها الثابتات.

نبتهل إلى العلي القدير أن يتغمد " المفتش ابراهيم شادة " برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جنانه ، ويلهم ذويه الصبر والسلوان .

دمتم جميعا .

تحياتي .
 

بدوري أعزي كل الأسرة التربوية على فقدانها لمثل هذا الانسان و سلوكياته التربوية النادرة .