ابنة الأديب الراحــــل " عبد الله شريط " في حوار مع الشروق ...

"الشروق" تدخل بيت المفكر الراحل عبد الله شريط وابنته بثينة تصرح:
"اختلف والدي مع بن بلة بسبب التدخل المصري في الشأن الجزائري"
وردة بوجملين
بوتفليقة أدى الواجب في وفاة والدي غير أن وزارتي المجاهدين والتعليم العالي تجاهلتاه

كشفت بثينة شريط، نجلة المفكر عبد الله شريط، في لقاء مع "الشروق"، عن أهم القضايا التي كانت محل خلاف بين الراحل وأهم رجال السياسة، على غرار الرئيس أحمد بن بلة، وكذا موقفه من اللغة العربية، مرورا بوفاته والالتفاتة الطيبة التي حظيت بها عائلته من طرف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة.

آثرت بثينة شريط استقبالنا في المنزل الذي كان يعيش فيه المرحوم عبد الله شريط معها، حيث حظينا بلقاء أفراد العائلة، تقدمتهم الزوجة وابنتاه بثينة، الوزيرة السابقة لقضايا الأسرة والمرأة، وسكينة، التي تعيش بفرنسا، إلى جانب حفيدته، وأول ما لمسناه افتخار بثينة واعتزازها بوالدها، فهي لم تكف عن تسميته بـ "سي عبد الله".

عارض والده وسجّل نفسه في المدرسة الفرنسية

كشفت بثينة شريط بأن والدها أتم دراسة القرآن الكريم بالكتاتيب، وتتلمذ على يد شيخ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين العربي التبسي، فنهل من الأفكار العربية والإسلامية كما تشبع بالأفكار التحررية والثورية، غير أن والده رفض تسجيله لتعلم اللغة الفرنسية على خلفية الفكرة التي كانت سائدة لدى أهل البادية والتي تسمي تعلم اللغة الفرنسية بالكفر "لكن سي عبد الله عارض والداه فسجل نفسه ودرس الفرنسية، وكان دائما يحثنا على تعلم لغة العدو، كما عمل على ترسيخ هذه الفكرة بعدها فينا."

عمل على بعث العربية فاتهم بالمغالاة والتعصب

تتذكر السيدة بثينة فتقول: "كان سي عبد الله في كل مرة يحث على ضرورة التفتح على كل الثقافات، ليس فقط باللغة الفرنسية ولكن حتى باللغة العربية، حيث كان يرى في اللغة العربية القدرة والكفاءة على ممارسة هذا الدور المعرفي، غير أن الأمور أخذت منحى آخر بعد أن أسيئ فهم والدي واتهم في السبعينيات بالمغالاة والتعصب من طرف المحيطين به، وبأنه يريد إقصاء اللغة الفرنسية، إلا أن هدف والدي كان أسمى من كل هذه الاعتبارات لأنه كان يسعى إلى استرجاع مكانة اللغة العربية، خاصة وأن الإرث الثقافي للجزائريين كان مهددا بالضياع بعد الخراب الذي ألحقه الاستعمار الفرنسي بالثقافة الجزائرية".

ولم تختلف نظرة المفكر عبد الرحمان شريط عن نظرة غيره من الوطنيين الذين ساهموا في بناء هذا الوطن وتشييده، وكان يرى في الاستعمار الدمار الذي حلّ بالجزائريين، كيف لا وقد تجرع مرارة التجويع والتفقير التي انتهجها الاستعمار الفرنسي في الجزائر من جهة، لكن هذا لم يمنعه من القول بأن الاستراتيجية التي انتهجها الاستعمار الفرنسي مكنت الجزائريين من تجاوز مجتمع البداوة إلى المجتمع الحضاري.

مصر سعت إلى التدخل في الشأن الداخلي للجزائر وهذا سبب خلافه مع بن بلة

أرجعت بثينة شريط سبب الخلاف الذي كان قائما بين والدها والرئيس الأسبق أحمد بن بلة إلى رفضه المساعدات التي كانت تقدمها مصر للجزائر مطلع الاستقلال، فهو كان يرى بأن مصر سعت إلى التدخل في الشأن الداخلي للجزائر مستغلة حالة الدمار التي خلفها الاستعمار الفرنسي، مضيفة بأن والدها اعتبر الأزمة التي نشبت مؤخرا مع مصر بسبب مقابلة كرة القدم أكبر دليل على صدق تخميناته، حيث لم يتردد المصريون في شتمنا ووصفنا بأقبح النعوت والصفات.

حمل مع بومدين هم إخراج الجزائريين من الفقر

تقول بثينة بأن الرئيس الراحل هواري بومدين اجتهد في إيجاد سبل الخروج بالجزائر والجزائريين من المستنقع الذي تركهم فيه الاستعمار الفرنسي، وكان يطمح إلى إخراج الفلاحين من الجوع والعراء، وهو الأمر الذي كان يشترك فيه والدي مع بومدين، خاصة وأن الرجلان كانا ينتميان إلى وسط فلاحي، وكان هم بومدين الوحيد يتمحور في كيفية توفير سبل العيش لهذا الفلاح الجزائري الذي كان يشكل غالبية المجتمع الجزائري وبقي للرجلين حنين كبير إلى مجتمعهم الأصيل.

الرئيس بوتفليقة أدى الواجب وأكثر

ذكرت بثينة في ذات اللقاء بأن العلاقة بين والدها والرئيس عبد العزيز بوتفليقة كانت طيبة "كانت علاقة مودة واحترام، وبوتفليقة أدى الواجب في وفاة والدي"، كما أبدت بثينة استياءها الكبير من بعض الجهات التي تجاهلت رحيل شريط فلم تكلف نفسها عناء تقديم التعازي لعائلته، على غرار وزارة التعليم العالي وكذا وزارة المجاهدين، رغم أن الرجل عرف بانخراطه ونضاله في صفوف جيش التحرير الوطني خلال فترة الاستعمار الفرنسي بالإضافة إلى كونه أحد أعمدة الجامعة الجزائرية، حيث شرع في التدريس بها سنوات بعد الاستقلال مباشرة.