مـــــــــــــــــــــواعظ
من فضل الله على عباده تتابع مواسم الخيرات ومضاعفة الحسنات فالمؤمن يتقلب في ساعات عمره بين أنواع العبادات والقربات فلا يمضي من عمره ساعة إلا ولله فيها وظيفة من وظائف الطاعات وما أن يفرغ من عبادة إلا ويشرع في عبادة أخرى ولم يجعل الله حدا لطاعة العبد إلا انتهاء عمره وانقضاء أجله.
وبعد ان اتم الله لنا نعمة اكمال شهر الصيام والقيام ورتب عليه عظيم الأجر والثواب صيام ست أيام من شوال التي ثبت في فضائلها العديد من الأحاديث منها ما رواه الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر
المواضيع الأخيرة
بطاقات اسلامية
أدعية رمضانــــــــــية
المنظور القيمي لفكر تربوي أصيل...
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
المنظور القيمي لفكر تربوي أصيل...
المنظور القيمي لفكر تربوي أصيل ...
بقلم الأستاذ /محمد بن زعبار .
الحـــلقة 1
ربط المنظورالقيمي بحركة الانماء والحياة :
● تقوم حركة الإنماء بل حركة الحياة ــ كل الحياة ــ على التعليم والتربية القويمة ، ويستحيل على غير العارف بأسباب وظواهر الأشياء أن يباشر أو يخوض في حيثيات تداعيها ، وإن خاض فلا مرية أن يكون كل صنيعه ضرب افتراء أو محظ ضنون ، لأنه جاهل بحقيقة هذا الشيء الذي يباشره ، وقد دعا الإسلام قبل غيره من الأديان إلى إعطاء كامل الفضل والخيرية لطالب العلم ، بل أكد وحث على طلبه ، والاستزادة من معارف الدنيا الظاهرة منها والباطنة ، والتنور بمعرفة حقائق ومتعلقات هذا الدين الحنيف .
والتعليم في منظور الشارع لا يعدو أن يكون واصلا قيميا ومتعلقا طلبيا أو مبتغى أصوليا ، فهو بهذا الإفراد قد حضي بلازمة التكريم ، كونه قرين الصفاء والنقاء وبلوغ المراتب السامقة والدرجات العلا في الدارين ، وكونه رديف المبتغى المأمول والصفوة المحمودة ، ولكنه في ذات الوقت قد لا ينفع التعليم والتعلم ، إن كان صاحبه مدعاة إلى الشر والضلال ، أو كانت قناته لا تستقيم مع هدي الرحمن ، فقد حاز علما عاجلا ، ولكنه لم يخلص النية ولم يكترث لحال الناس إن هو أساء أو ظلم أو حقر مخلوقا من الخلائق ، مادام ضابط الدين والشرع في نفسه غير موجود ، ومتى كان التعليم رديف للتربية الصحيحة ، استقام الأمر كله ، وصلح حال الأفراد والمجتمعات ...
● فالتربية الإسلامية هي ولا شك صنوان حياة الأفراد بل حتى المجتمعات و التعليم في دول الإسلام إذا ما قورن بالتربية كانت النتائج محمودة و الثمار مرجوة و قد جاء الهدي السماوي ليرسخ هذه المعالم الثابتة و يقيم لها الركائز الصلدة و يجعلها حقيقة ملموسة في دنيا الناس و قد حرص أعلام الفكر التربوي و الديني على مر العصور على هذا التوظيف الحي و الفاعل لمقتضى منصوص النص الكريم و إسقاطه إسقاطا وظيفيا يتوافق ضمنيا و منهجيا و ترادفيا مع مفردات النص التربوي و كذا الفعل التربوي الأصيل ليجعل من سياق هذا الترادف و التزاوج اللفظي أنموذج تكامل سياقي بنائي يخدم نمطية الفكر الإسلامي المنمة في أغلب مراميها إلى تفعيل المنهجية المتبعة في سير العمل التربوي و جعلها تنأى بنفسها عن كل المنهجيات الأخرى غير الأصيلة و غير المعدة في قالب الوحي المشفوعة بالتأصيل الواعد الخادم منهجيا ووظيفيا...
فالنظرية القيمية أو المنظور القيمي لمتعلق الدرس التربوي في الإسلام له من الدلالات و الأمارات الحية ما جعله مثالا واعدا و صورة صادقة من خلاله يمكن الاستناد إلى جملة مفاهيم اعتبارية تخول للدارس و الباحث التعامل بمقتضاها مع آليات و مفردات وكل مضان الفكر بل الفعل التربوي في صورته الواقعية بل و الراهنة .
ومن خلال هذا التحديد للقيمة في منظور النص التربوي يمكن الاعتداد بأصالة هذا الفكر أو ذاك , ويمكن أيضا إجراء دراسات وترتيبات مواتية تنقح من هذا العمل أو ذاك لتجعله مثالا للاعتبار الوظيفي و السلوكي الجيد .
ومن خلال إبراز معالم القيمة الحقـــــة في هذا النتاج التربوي يمكن بحق الحكم على نجاعة السياسة التربوية المنتهجة في هذا المنحى أو ذاك و في هذا البلد أو ذاك ومن ثم الحكم على السياسة العامة المنتهجة و المسيرة لكامل الأطر الفاعلة في المجتمع , فصلاح المجتمعات مقرون في الغالب بصلاح دولاب الحكم ,ولن يستقيم الظل و العــــود أعـــــــــــــــــوج ()...
و المجتمع يحوي بين دفتيه كل حركية تنزع نحو التغيير و نحو الصعود بالإنسان إلى مصاف الاستعلاء و الترفع ولو ظاهريا عن الجانب الترابي الذي يقعد بالنفس عن بلوغ المدارك العلا , و يجذبه إلى طينته التي تهيئ له المرتع السهل و المتعة الميسرة . التي وإن كانت مباحة إن مورست في الحلال – فهي ذلة و أسر إن صارت ديدن هذي المجتمعات و ظلت شغلهم الشاغل , وتتعطل معها كل مصارف الخير و البذل الجيد ،وتتكاسل الهمم و تعزف عن مقارعة الصعاب و الاكتفاء بما توافر حتى لا يضطر هؤلاء إلى ترك هذه الحياة الوديعة , و تنسحب هذه التراكمية و الانطوائية على كامل المناحي المشكلة لحركية هذا المجتمع أو ذاك بما فيها التعليم ...
فالحديث عن السياسة العامة و علاقتها بهذه الأطر و المكونات المجتمعية يجعل من أساسات التفكير و الرأي السديد الاهتمام بهذه الرابطة الفاصلة و المحورية , فلاشك أن < التربية هي الرحم الذي تتخلق فيه الأجنة بكل طاقاتها ، وقدراتها ، بشكل سليم ، وهي المحضن والمناخ الذي يوفر الشروط لرعاية القابليات ، وتنمية كل القدرات والطاقات التي تتوزع وظائف الحياة الاجتماعية واكتشافها ، وتوجيهها ، وتشكل النسيج الاجتماعي للأمة وفق تخطيط تربوي صحيح ..> ( 1 ) ، وقد فطنت كثير من هذه المجتمعات المتحضرة إلى ضرورة إصلاح منظوماتها التعليمية التربوية ، واعتبرتها السبب الرئيس لجعلها ترتاد الأفاق وتصل بالعلم إلى حد ولوج عوالم جديدة ، والواقعة ميسرة للدارسين أنه عندما سبقت الولايات المتحدة الأمريكية في ارتياد الفضاء من قبل الاتحاد السوفيتي سابقا ( ( .
أوعزت الأمر ــ كل الأمر ــ إلى فساد الجهاز التربوي التعليمي في أمريكا ، فسارعت على الفور إلى < تشكيل اللجان المتنوعة والمتخصصة لإنقاذ ما أسمته [ الأمة المعرضة للخطــــــــر ] ..>( 2 ) .
وقد اعتبر الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب ( ) نفسه حينها وزيرا للتربية والتعليم ، هذا الذي يحيلنا إلى إمعان النظر في إعادة ترتيب سلم الأولويات ، وإعطاء فرص النجاعة والمهنية الحقة للتربية الأصيلة وفق منهج تعليمي فاعل ، والتربية الإسلامية الأصيلة هي ذاتها التي استخلف الله الإنسان على ظهر هذه الأرض لأجلها ، وهي التي تجعل من العقل المبدع مدعاة إلى التفكير في ملكوت الله ونواميس الكــــون ، وهي بالضــــــــــــــرورة ..< المسؤولة عن الاستمرار في كشف السنن ، والتدريب عليها ، لتسخيرها ، وإلا انقلب الإسلام إلى ومضة وسنا تاريخي نطفئه بأيدينا ــ مهما حاولنا أن ندعي غير ذلك ــ وأصبحنا عاجزين عن الامتداد به ، والاهتداء بنوره في كل الأزمان والأماكن ، وحل المشكلات التي تعاني منها الأمــــــــــــــة على مختلف الأصعــــــــــــــــــــدة ...> ( 3 ).
ولاشك أن الفكر الإسلامي والمرجعية الثابتة من علماء هذه الأمة وأكاديمييها وخبرائها وأطرها الفاعلة المؤهلة للتغيير ، لها من الإحساس بضرورة إنزال هذه المسلمات النظرية إلى أرض الواقع وجعلها تنأى بذاتها عن مواطن القصور والضعف ، الذي ظل ـــ ولفترات طويلة ــ لصيقا بهيكلها التنظيمي العام منه والخــــــاص .
و لا شك أيضا أن الإطار المجتمعي بهياكله و تنظيماته و مدارسه و مؤسساته بحاجة ماسة إلى هذا التغيير المضني , والذي إن مورس بصدق و اعتمل لأجل إنجاحه أكف المقدرات النوعية والبشرية ــــ وتخير لمتعلق بحثه أنجع البرامج والمناهج التكوينية الخادمة في إطارها و الفاعلة في ساحتها و الحية بيئتها الواعدة , فلا شك والحالة هاته من حدوث نقلات نوعية و أخرى حضارية مهيمنة و مستقطبة لكافة المناحي المجتمعية والاقتصادية والسياسية و الثقافية بالأساس...
فلا ضير أن يكون للتربية والتعليم الضلع الأساس في إحداث هذا النماء وجلب الخير والخيرية لكافة شرائح هذا المجتمع أو ذاك ، ولاشك أن اقتران المنحى التربوي التعليمي بهذه الملامح مجتمعة له من الدلالات ما يجعله مشروعا هيكليا ونظاما استشرافيا لأمة المستقبل ولجيل الغد المرتقب ، وما يجعله حجرة الرحى إن صيرت في مسعاه الجهود وسعت في مبتغاه كل المساعي والمقاصد ، ولعل [ الاستناد العاقل إلى الصيغة التكاملية بين أبعاد التكوين الإنساني يرشد الممارسة النقدية في حوارها مع اتجاهات المعرفة التربوية ، ولا يقصرها في رؤية أحادية للإنسان ، بل ويتيح أمامها تنوعا وتعددا في الأبعاد في صورة متكاملة ، لأن الرؤية الأحادية غالبا ما أوقعت في أخطاء وأخطار معرفية تربوية أدت إلى شلل في فاعلية الإنسان ، وقد حان الوقت للتخلص من هذه الأخطاء والأخطار من أجل بناء إنسان سليم جديد بتحقيق السعادة في الدنيا والآخـــــــــــــــــرة ] ( 4 )، فلا غرو أن تكون هذه الصيغة في مرماها التكاملي هي القادرة على خلق أجواء تعليمية تربوية ناجحة ، والقادرة على تتمة مشروع الأمة التعبوي الكبير ، لأنها تفعل في ذاتها كل الجهود ، وتصقل كل التجارب وتضع في الحسبان كل ع مل تقويمي تربوي فاعل ، وقد غيبت من ساحتها هذي النظرة الأحادية الاستباقية غير الخادمة وغير المُمنهجة والعفوية في كثير من الأحايين ، ولكن النظرة الفاحصة في منظور هذا الفكر الإسلامي ، وفي هذه العهود الأخيرة يجعلنا أمام معطى تقويمي ، يعيد ترتيب كامل هذا النظام الملحق بعلم التربية ، ونعيد بالمرة منهجة الإطار السلوكي والعملي ، حتى يترفع عن العثرات اللاصقة به ..[ فرغم أن تأملات الفكر الإسلامي في قضايا التربية الإسلامية ، تصور لنا الغايات الخيرة التي يسعى إليها الإسلام ، والتي يجب أن تغرس في النفس المسلمة ، لتكون اللبنة والنواة الصحيحة في بناء الأمة المسلمة والمجتمع المسلم ، إلا أن غيبة الدراسة المنهجية العلمية عن ميدان العلوم السلوكية ، أدت بالتالي إلى محدودية المعرفة العلمية الشمولية المفصلة والمنظمة للفطرة البشرية وطبائعها ، وكيفية تكوينها ونموها والمراحل التي تمر بها ، والتي لا تقل تطورا ونموا في حياة الفرد عن تطور الجسد ونموه ، إن لم يكون نمو النفس وتطورها أكثر دقة وتعقيدا من نمو الجسد ، وأشد حاجة للدراسة والفهم والرعاية والبناء والتقويم ..] ( 5 ).
واعتبارا لهذي الحالة المشاهدة في ساحة التفعيل الإسلامية والمُنمـــــــــــــــة عن بروز حالات الضعف والقصور في عمليات التنشئة الإسلامية ، وفق المنظور القيمي الواعد ، فقد وجد خلل منهجي في إسقاط القيم والمثل والأخلاق وكذا الفضائل الإسلامية في الغالب الإسلامية الحسنة وعدم التمكن من زرعها في نفوس أبناء الإسلام ، وإن تمت عملية التنشئة ، فلا تتم في الغالب بالطريقة السليمة والصحيحة ، وهذا، وهذا ما يجعلنا أمام ضرورة ترتيب إطار منهجي عملي سلوكي تربوي جديد ، يحاول التخلص من كامل جوانب الضعف والقصور لهذا الفكر الإسلامي .
الهوامش:
( ) ــ اعتاد الناس على ضرب هذا المثل للتأكيد بأن الصلاح يأتي من قمة الهرم .
1) ) ــ أ ــ عمر عبيد حسنة : مراجعات في الفكر والدعوة والحركة ــ المعهد العالمي للفكر الإسلامي ــ ط 1 ص 65 .
() ــ سقط الاتحاد السوفيتي عام 1989 م وأستخلف بروسيا .
(2) ــ المرجع السابق : ص 68.
( ) ــ حكم الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة ما بين [ 1989 ــ 1992 ] .
3) ) ــ المرجع نفسه : ص 70.
(4) ــ بحوث المؤتمر التربوي ــ ج 1 ــ نقد المعرفة التربوية المعاصرة : الأهداف والأطر ــ إعداد : د ــ علي خليل مصطفى أبو العينين ص : 48 ــ
5)) ـ بحوث المؤتمر التربوي : إسلامية المعرفة وعلم التربية ــ د : عبد الحميد أبو سليمان ــ ص 20.
بقلم الأستاذ /محمد بن زعبار .
الحـــلقة 1
ربط المنظورالقيمي بحركة الانماء والحياة :
● تقوم حركة الإنماء بل حركة الحياة ــ كل الحياة ــ على التعليم والتربية القويمة ، ويستحيل على غير العارف بأسباب وظواهر الأشياء أن يباشر أو يخوض في حيثيات تداعيها ، وإن خاض فلا مرية أن يكون كل صنيعه ضرب افتراء أو محظ ضنون ، لأنه جاهل بحقيقة هذا الشيء الذي يباشره ، وقد دعا الإسلام قبل غيره من الأديان إلى إعطاء كامل الفضل والخيرية لطالب العلم ، بل أكد وحث على طلبه ، والاستزادة من معارف الدنيا الظاهرة منها والباطنة ، والتنور بمعرفة حقائق ومتعلقات هذا الدين الحنيف .
والتعليم في منظور الشارع لا يعدو أن يكون واصلا قيميا ومتعلقا طلبيا أو مبتغى أصوليا ، فهو بهذا الإفراد قد حضي بلازمة التكريم ، كونه قرين الصفاء والنقاء وبلوغ المراتب السامقة والدرجات العلا في الدارين ، وكونه رديف المبتغى المأمول والصفوة المحمودة ، ولكنه في ذات الوقت قد لا ينفع التعليم والتعلم ، إن كان صاحبه مدعاة إلى الشر والضلال ، أو كانت قناته لا تستقيم مع هدي الرحمن ، فقد حاز علما عاجلا ، ولكنه لم يخلص النية ولم يكترث لحال الناس إن هو أساء أو ظلم أو حقر مخلوقا من الخلائق ، مادام ضابط الدين والشرع في نفسه غير موجود ، ومتى كان التعليم رديف للتربية الصحيحة ، استقام الأمر كله ، وصلح حال الأفراد والمجتمعات ...
● فالتربية الإسلامية هي ولا شك صنوان حياة الأفراد بل حتى المجتمعات و التعليم في دول الإسلام إذا ما قورن بالتربية كانت النتائج محمودة و الثمار مرجوة و قد جاء الهدي السماوي ليرسخ هذه المعالم الثابتة و يقيم لها الركائز الصلدة و يجعلها حقيقة ملموسة في دنيا الناس و قد حرص أعلام الفكر التربوي و الديني على مر العصور على هذا التوظيف الحي و الفاعل لمقتضى منصوص النص الكريم و إسقاطه إسقاطا وظيفيا يتوافق ضمنيا و منهجيا و ترادفيا مع مفردات النص التربوي و كذا الفعل التربوي الأصيل ليجعل من سياق هذا الترادف و التزاوج اللفظي أنموذج تكامل سياقي بنائي يخدم نمطية الفكر الإسلامي المنمة في أغلب مراميها إلى تفعيل المنهجية المتبعة في سير العمل التربوي و جعلها تنأى بنفسها عن كل المنهجيات الأخرى غير الأصيلة و غير المعدة في قالب الوحي المشفوعة بالتأصيل الواعد الخادم منهجيا ووظيفيا...
فالنظرية القيمية أو المنظور القيمي لمتعلق الدرس التربوي في الإسلام له من الدلالات و الأمارات الحية ما جعله مثالا واعدا و صورة صادقة من خلاله يمكن الاستناد إلى جملة مفاهيم اعتبارية تخول للدارس و الباحث التعامل بمقتضاها مع آليات و مفردات وكل مضان الفكر بل الفعل التربوي في صورته الواقعية بل و الراهنة .
ومن خلال هذا التحديد للقيمة في منظور النص التربوي يمكن الاعتداد بأصالة هذا الفكر أو ذاك , ويمكن أيضا إجراء دراسات وترتيبات مواتية تنقح من هذا العمل أو ذاك لتجعله مثالا للاعتبار الوظيفي و السلوكي الجيد .
ومن خلال إبراز معالم القيمة الحقـــــة في هذا النتاج التربوي يمكن بحق الحكم على نجاعة السياسة التربوية المنتهجة في هذا المنحى أو ذاك و في هذا البلد أو ذاك ومن ثم الحكم على السياسة العامة المنتهجة و المسيرة لكامل الأطر الفاعلة في المجتمع , فصلاح المجتمعات مقرون في الغالب بصلاح دولاب الحكم ,ولن يستقيم الظل و العــــود أعـــــــــــــــــوج ()...
و المجتمع يحوي بين دفتيه كل حركية تنزع نحو التغيير و نحو الصعود بالإنسان إلى مصاف الاستعلاء و الترفع ولو ظاهريا عن الجانب الترابي الذي يقعد بالنفس عن بلوغ المدارك العلا , و يجذبه إلى طينته التي تهيئ له المرتع السهل و المتعة الميسرة . التي وإن كانت مباحة إن مورست في الحلال – فهي ذلة و أسر إن صارت ديدن هذي المجتمعات و ظلت شغلهم الشاغل , وتتعطل معها كل مصارف الخير و البذل الجيد ،وتتكاسل الهمم و تعزف عن مقارعة الصعاب و الاكتفاء بما توافر حتى لا يضطر هؤلاء إلى ترك هذه الحياة الوديعة , و تنسحب هذه التراكمية و الانطوائية على كامل المناحي المشكلة لحركية هذا المجتمع أو ذاك بما فيها التعليم ...
فالحديث عن السياسة العامة و علاقتها بهذه الأطر و المكونات المجتمعية يجعل من أساسات التفكير و الرأي السديد الاهتمام بهذه الرابطة الفاصلة و المحورية , فلاشك أن < التربية هي الرحم الذي تتخلق فيه الأجنة بكل طاقاتها ، وقدراتها ، بشكل سليم ، وهي المحضن والمناخ الذي يوفر الشروط لرعاية القابليات ، وتنمية كل القدرات والطاقات التي تتوزع وظائف الحياة الاجتماعية واكتشافها ، وتوجيهها ، وتشكل النسيج الاجتماعي للأمة وفق تخطيط تربوي صحيح ..> ( 1 ) ، وقد فطنت كثير من هذه المجتمعات المتحضرة إلى ضرورة إصلاح منظوماتها التعليمية التربوية ، واعتبرتها السبب الرئيس لجعلها ترتاد الأفاق وتصل بالعلم إلى حد ولوج عوالم جديدة ، والواقعة ميسرة للدارسين أنه عندما سبقت الولايات المتحدة الأمريكية في ارتياد الفضاء من قبل الاتحاد السوفيتي سابقا ( ( .
أوعزت الأمر ــ كل الأمر ــ إلى فساد الجهاز التربوي التعليمي في أمريكا ، فسارعت على الفور إلى < تشكيل اللجان المتنوعة والمتخصصة لإنقاذ ما أسمته [ الأمة المعرضة للخطــــــــر ] ..>( 2 ) .
وقد اعتبر الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب ( ) نفسه حينها وزيرا للتربية والتعليم ، هذا الذي يحيلنا إلى إمعان النظر في إعادة ترتيب سلم الأولويات ، وإعطاء فرص النجاعة والمهنية الحقة للتربية الأصيلة وفق منهج تعليمي فاعل ، والتربية الإسلامية الأصيلة هي ذاتها التي استخلف الله الإنسان على ظهر هذه الأرض لأجلها ، وهي التي تجعل من العقل المبدع مدعاة إلى التفكير في ملكوت الله ونواميس الكــــون ، وهي بالضــــــــــــــرورة ..< المسؤولة عن الاستمرار في كشف السنن ، والتدريب عليها ، لتسخيرها ، وإلا انقلب الإسلام إلى ومضة وسنا تاريخي نطفئه بأيدينا ــ مهما حاولنا أن ندعي غير ذلك ــ وأصبحنا عاجزين عن الامتداد به ، والاهتداء بنوره في كل الأزمان والأماكن ، وحل المشكلات التي تعاني منها الأمــــــــــــــة على مختلف الأصعــــــــــــــــــــدة ...> ( 3 ).
ولاشك أن الفكر الإسلامي والمرجعية الثابتة من علماء هذه الأمة وأكاديمييها وخبرائها وأطرها الفاعلة المؤهلة للتغيير ، لها من الإحساس بضرورة إنزال هذه المسلمات النظرية إلى أرض الواقع وجعلها تنأى بذاتها عن مواطن القصور والضعف ، الذي ظل ـــ ولفترات طويلة ــ لصيقا بهيكلها التنظيمي العام منه والخــــــاص .
و لا شك أيضا أن الإطار المجتمعي بهياكله و تنظيماته و مدارسه و مؤسساته بحاجة ماسة إلى هذا التغيير المضني , والذي إن مورس بصدق و اعتمل لأجل إنجاحه أكف المقدرات النوعية والبشرية ــــ وتخير لمتعلق بحثه أنجع البرامج والمناهج التكوينية الخادمة في إطارها و الفاعلة في ساحتها و الحية بيئتها الواعدة , فلا شك والحالة هاته من حدوث نقلات نوعية و أخرى حضارية مهيمنة و مستقطبة لكافة المناحي المجتمعية والاقتصادية والسياسية و الثقافية بالأساس...
فلا ضير أن يكون للتربية والتعليم الضلع الأساس في إحداث هذا النماء وجلب الخير والخيرية لكافة شرائح هذا المجتمع أو ذاك ، ولاشك أن اقتران المنحى التربوي التعليمي بهذه الملامح مجتمعة له من الدلالات ما يجعله مشروعا هيكليا ونظاما استشرافيا لأمة المستقبل ولجيل الغد المرتقب ، وما يجعله حجرة الرحى إن صيرت في مسعاه الجهود وسعت في مبتغاه كل المساعي والمقاصد ، ولعل [ الاستناد العاقل إلى الصيغة التكاملية بين أبعاد التكوين الإنساني يرشد الممارسة النقدية في حوارها مع اتجاهات المعرفة التربوية ، ولا يقصرها في رؤية أحادية للإنسان ، بل ويتيح أمامها تنوعا وتعددا في الأبعاد في صورة متكاملة ، لأن الرؤية الأحادية غالبا ما أوقعت في أخطاء وأخطار معرفية تربوية أدت إلى شلل في فاعلية الإنسان ، وقد حان الوقت للتخلص من هذه الأخطاء والأخطار من أجل بناء إنسان سليم جديد بتحقيق السعادة في الدنيا والآخـــــــــــــــــرة ] ( 4 )، فلا غرو أن تكون هذه الصيغة في مرماها التكاملي هي القادرة على خلق أجواء تعليمية تربوية ناجحة ، والقادرة على تتمة مشروع الأمة التعبوي الكبير ، لأنها تفعل في ذاتها كل الجهود ، وتصقل كل التجارب وتضع في الحسبان كل ع مل تقويمي تربوي فاعل ، وقد غيبت من ساحتها هذي النظرة الأحادية الاستباقية غير الخادمة وغير المُمنهجة والعفوية في كثير من الأحايين ، ولكن النظرة الفاحصة في منظور هذا الفكر الإسلامي ، وفي هذه العهود الأخيرة يجعلنا أمام معطى تقويمي ، يعيد ترتيب كامل هذا النظام الملحق بعلم التربية ، ونعيد بالمرة منهجة الإطار السلوكي والعملي ، حتى يترفع عن العثرات اللاصقة به ..[ فرغم أن تأملات الفكر الإسلامي في قضايا التربية الإسلامية ، تصور لنا الغايات الخيرة التي يسعى إليها الإسلام ، والتي يجب أن تغرس في النفس المسلمة ، لتكون اللبنة والنواة الصحيحة في بناء الأمة المسلمة والمجتمع المسلم ، إلا أن غيبة الدراسة المنهجية العلمية عن ميدان العلوم السلوكية ، أدت بالتالي إلى محدودية المعرفة العلمية الشمولية المفصلة والمنظمة للفطرة البشرية وطبائعها ، وكيفية تكوينها ونموها والمراحل التي تمر بها ، والتي لا تقل تطورا ونموا في حياة الفرد عن تطور الجسد ونموه ، إن لم يكون نمو النفس وتطورها أكثر دقة وتعقيدا من نمو الجسد ، وأشد حاجة للدراسة والفهم والرعاية والبناء والتقويم ..] ( 5 ).
واعتبارا لهذي الحالة المشاهدة في ساحة التفعيل الإسلامية والمُنمـــــــــــــــة عن بروز حالات الضعف والقصور في عمليات التنشئة الإسلامية ، وفق المنظور القيمي الواعد ، فقد وجد خلل منهجي في إسقاط القيم والمثل والأخلاق وكذا الفضائل الإسلامية في الغالب الإسلامية الحسنة وعدم التمكن من زرعها في نفوس أبناء الإسلام ، وإن تمت عملية التنشئة ، فلا تتم في الغالب بالطريقة السليمة والصحيحة ، وهذا، وهذا ما يجعلنا أمام ضرورة ترتيب إطار منهجي عملي سلوكي تربوي جديد ، يحاول التخلص من كامل جوانب الضعف والقصور لهذا الفكر الإسلامي .
الهوامش:
( ) ــ اعتاد الناس على ضرب هذا المثل للتأكيد بأن الصلاح يأتي من قمة الهرم .
1) ) ــ أ ــ عمر عبيد حسنة : مراجعات في الفكر والدعوة والحركة ــ المعهد العالمي للفكر الإسلامي ــ ط 1 ص 65 .
() ــ سقط الاتحاد السوفيتي عام 1989 م وأستخلف بروسيا .
(2) ــ المرجع السابق : ص 68.
( ) ــ حكم الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة ما بين [ 1989 ــ 1992 ] .
3) ) ــ المرجع نفسه : ص 70.
(4) ــ بحوث المؤتمر التربوي ــ ج 1 ــ نقد المعرفة التربوية المعاصرة : الأهداف والأطر ــ إعداد : د ــ علي خليل مصطفى أبو العينين ص : 48 ــ
5)) ـ بحوث المؤتمر التربوي : إسلامية المعرفة وعلم التربية ــ د : عبد الحميد أبو سليمان ــ ص 20.
محمد بن زعبار- عضو مبدع
- عدد الرسائل : 1062
نقاط : 2133
تاريخ التسجيل : 02/11/2008
بوركت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والله يعجز اللسان عن التعبير وحتى التعليق عن مايكتبه قلم أستاذي الفاضل
إبداعاتك قيمة ....
حقا كبرنا والله وصرنا نعلق على مايكتبه أساتذتنا الأفاضل انا في هذا المقام أعتبر أستاذي هذا أبي الثاني ....
بارك الله فيك ودمت وابداعاتك تسطع في منتدى "ضفاف الإبداع "
تلميذتك منصورية حورية
والله يعجز اللسان عن التعبير وحتى التعليق عن مايكتبه قلم أستاذي الفاضل
إبداعاتك قيمة ....
حقا كبرنا والله وصرنا نعلق على مايكتبه أساتذتنا الأفاضل انا في هذا المقام أعتبر أستاذي هذا أبي الثاني ....
بارك الله فيك ودمت وابداعاتك تسطع في منتدى "ضفاف الإبداع "
تلميذتك منصورية حورية
بنت القيقبة- عضو جديد
- عدد الرسائل : 12
العمر : 31
الموقع : www.guigba.yoo7.com
العمل/الترفيه : الدراسة
نقاط : 2
تاريخ التسجيل : 05/11/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة أبريل 12, 2024 4:10 pm من طرف سعداوي ربيع
» المتألقه ياسمين ابراهيم
الثلاثاء أكتوبر 10, 2023 8:54 pm من طرف سعداوي ربيع
» إستمتع بخدمة ultimate game pass لجهاز الإكسبوكس و الحاسوب
الخميس نوفمبر 24, 2022 10:35 pm من طرف lmandoo
» ربيع المؤمـــــــــــــــــــن
الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 8:11 am من طرف سعداوي ربيع
» مشروع واحة الشاطيء شقق للبيع في مدينة دبي للاستديوهات
الخميس نوفمبر 03, 2022 9:21 pm من طرف lmandoo
» شركة حلول ميج للاستشارات وتطوير الأعمال
الثلاثاء أكتوبر 18, 2022 11:26 am من طرف lmandoo
» نانا اليوم اقوى الخصومات على كل المنتجات
الأربعاء أكتوبر 12, 2022 11:28 pm من طرف lmandoo
» مرام مالك فنانة غنائية سعودية
الإثنين سبتمبر 05, 2022 5:12 am من طرف lmandoo
» موقع تعليمي سعودي لتغطية كافة المناهج
الخميس أغسطس 25, 2022 11:44 pm من طرف lmandoo
» يونيريم للرعاية المنزلية UNIREM Home Care
الأربعاء أغسطس 17, 2022 3:49 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
السبت أغسطس 13, 2022 3:57 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
السبت أغسطس 13, 2022 2:21 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:47 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:37 am من طرف lmandoo
» مصممة الازياء رنا سمعان من نينوى العراق إلى العالمية
الإثنين أغسطس 08, 2022 3:45 am من طرف lmandoo