مـــــــــــــــــــــواعظ
من فضل الله على عباده تتابع مواسم الخيرات ومضاعفة الحسنات فالمؤمن يتقلب في ساعات عمره بين أنواع العبادات والقربات فلا يمضي من عمره ساعة إلا ولله فيها وظيفة من وظائف الطاعات وما أن يفرغ من عبادة إلا ويشرع في عبادة أخرى ولم يجعل الله حدا لطاعة العبد إلا انتهاء عمره وانقضاء أجله.
وبعد ان اتم الله لنا نعمة اكمال شهر الصيام والقيام ورتب عليه عظيم الأجر والثواب صيام ست أيام من شوال التي ثبت في فضائلها العديد من الأحاديث منها ما رواه الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر
المواضيع الأخيرة
بطاقات اسلامية
أدعية رمضانــــــــــية
المعارضة الإسلامية في الجزائر بين الفعالية والانفعال
ضفاف الإبداع :: الفـــــكر و الأدب و الثقافة و الفن :: ضــفـــــ الحـــوارو النـــــقاش ـــــــــــــاف
صفحة 1 من اصل 1
المعارضة الإسلامية في الجزائر بين الفعالية والانفعال
المعارضة الإسلامية في الجزائر بين الفعالية والانفعال
عبد الغني بلقيروس
يعترف أغلب المُتابعين لمسار الثورات العربية الجارف في المُدة الأخيرة، بأن شباب التيار الإسلامي كانوا مكونا أساسيا من مكونات الشباب الثائر في انتفاضتهم لكسر أصنام الأنظمة المتكلسة، ورسم ربيع مستقبلهم بحرية، وإن فضلت بعض تلك الحركات الإسلامية الفاعلة في الحراك الجماهيري ترك الواجهة الإعلامية لعناصر أخرى أكثر قبولا غربيا، لتلافي السحق الأمني المسكوت عنه غربيا كما جرت العادة، لكن في الجزائر اتخذت معظم جماعات التيار الإسلامي أسلوب الهدوء والتعقل في مطالبتها بالتغيير والإصلاح، في مسار معاكس للنسق العام لدى بقية الدول العربية ذات النظم الجمهورية.
ولم يستغرب العارفون بخبايا التيار الإسلامي الجزائري هذا الموقف، لأن تداعيات سنوات الدم والرصاص التي شهدتها الجزائر في حقبة التسعينات، لم تزل تلقي بكلكلها على مواقف التيار ومسيرته السياسية، حيث خرج من تلك الأزمة وقد تفرقت أوصاله أيادي سبأ، ولم يعد ذلك البُعبع الذي استعمله النظام كقميص عثمان للبقاء في الحكم تحت ظل دبابات الجيش.
فالجبهة الإسلامية للإنقاذ الفائزة بالانتخابات التشريعية الملغاة في 1992، التي هي في الأصل ائتلاف بعض الجماعات الإسلامية في هيكل واحد عام 1989 (جهاديون، سلفيون، إخوان، جزأرة، صوفية، مستقلون....) انقسمت إلى أكثر من خمس جماعات كل منها تدعي أنها الوريث الشرعي للجبهة الإسلامية للإنقاذ. أكبر تلك الجماعات تيار السلفية الذي يمثله الشيخ علي بلحاج، وتستمد هذه الجماعة قوتها من شخصية بلحاج الذي يمتلك درجة عالية من الكاريزما، كما أن ثباته على مواقفه السياسية الراديكالية رغم سنوات السجن والتضييق جلب له الكثير من المعجبين حتى لدى المخالفين له فكريا.
وهناك أيضا التيار الجهادي ويقوده قدماء الجيش الإسلامي للإنقاذ الذين عقدوا صفقة صلح مع النظام، نزل بمقتضاها عناصره من الجبال، ومن أبرز قيادييه مدني مزراق وأحمد بن عائشة في الجزائر ورابح كبير المقيم في ألمانيا، ويتركز وجود الجماعة أساسا في مناطق الشرق الجزائري، وبالخصوص في ولايتي جيجل وسكيكدة، ويُعاب على هذه الجماعة عدم تواصلها مع الجيل الجديد من الشباب، وانحصار أتباعها على قدماء التنظيم.
وهناك تيار الجزأرة (أي جزائرية التنظيم) وكان تأثير هذه الجماعة يتركز في الجامعات الجزائرية، ومعظم عناصرها من النخبة الإسلامية المتعلمة، لكن دخول الجماعة ساحة الصراع المسلح، ومقتل زعيمها محمد السعيد في الجبال أواسط تسعينات القرن الماضي قصم ظهرها، ولم يبق من عناصرها إلا بعض الأفراد والمجموعات الصغيرة اللاجئة في أوروبا وماليزيا، تستعمل ساحة الانترنت، وتقنيات التواصل الإعلامي الجديدة الأخرى ساحة لنضالها. إضافة إلى ذلك هناك مجموعات صغيـــــرة تأثيـــــرها جِدْ محدود كجماعة الشيخ الهاشمي سحنوني وغيرها، كما أن الكثير من إطارات الجبهة الإسلامية للإنـــــقاذ، استقدمهــــم النظام إلى جانبه وأدمجهم في هياكل الدولة، ووضعهم تحت جناحيه، كالوزيرين السابقين المرحوم السعيد قشي وأحمد مراني، والناطق الإعلامي لوزارة الأوقاف الحالي عدة فلاحي، وحتى النواب زرمان والسعيد بويجرة وغيرهم كثير.
التيار الإسلامي الثاني هو تيار الإخوان المسلمين وتمثله حركتان هما حركة مجتمع السلم، وحركة النهضة التي خرجت منها في السنين الأخيرة حركة الإصلاح، ومنذ بداية الشنآن بين الجبهة الإسلامية والسلطة عملت الحركتان على التميز الفكري والسياسي، فصنعت لها خطا سمته خط الوسطية، واختارت نهج المشاركة السياسية في كل المحطات الانتخابية مسارا لها، ومُثلت في غرفتي البرلمان الجزائري، بل وفي الحكومة ببعض الوزارات التقنية، كما يشغل الدكتور عبد الملك بوغازي أحد قادة حركة النهضة منصب مستشار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وقد جَر خيار المشاركة على الحركتين الكثير من الرياح التي اقتلعت وحدة صفوفها، وقلصت الكثير من مصداقيتها شعبيا، وإن استطاع بعض عناصرها تحقيق التميز الوظيفي في المسؤوليات التي تقلدوها، لكن كل ذلك صب في صالح النظام، الذي استعملهم كواجهة لتجميل صورته، وإظهاره بوجه تعددي وديمقراطي. وبالإضافة إلى هذين التيارين هناك جماعات فكرية وتنظيمية صغيرة تعمل بعيدة عن الأضواء وعن العمل السياسي منها:
جماعة الدعوة والتبليغ التي تتركز نشاطاتها الدعوية في الغرب الجزائري كولايتي سيدي بلعباس وتلمسان وغيرهما. والسلفية العلمية التي تنبذ العمل السياسي والتنظيمي، وتدعو إلى طاعة ولي الأمر، وتركز في نشاطها على العمل التربوي، ويتركز نشاطها في منطقة الوسط وخاصة العاصمة والبليدة، وأبرز رموزها عبد المالك رمضاني وأبو سعيد بلعيد.
من اللمحة المختصرة لحال الجماعات الإسلامية في الجزائر، يتضح لنا جليا سبب حالة التراجع في الحراك الجماهري بالجزائر مقارنة بالحالة العربية التي نعيشها، فالجماعات الإسلامية التي تشكل رأس الحربة في ساحات المعارضة العربية، ينخرها في الجزائر التشرذم وحالات الانشقاق المتتالية، كان المُعول عليها صناعة التغيير في المشهد السياسي، بالأخص في مجتمع محافظ كالمجتمع الجزائري، خصوصا أمام تراجع الأحزاب والتنظـــــيمات ذات التوجهات العلمانية كجبـــــهة القوى الاشــتراكية والتجمع من أجل الثقافة، والديمقراطية اللذين انحصرت دائرة نشاطهما بمنطقة القبائل، وانكماش تيار اليسار السياسي ـ سنعرض في مقالات قادمة عن حالة ومواقف التيارات الليبرالية واليسارية في المشهد السياسي الجزائري.
وكما كانت لمخابرات النظام يد في تشجيع تفتيت كيانات الإسلام السياسي، فإن للخطاب العتيق، والفكر الانغلاقي الذي يعود لأيام المحن التي مرت بها تلك الحركات دورا كبيرا في تراجع المد الشعبي للتيار، فقد تعودت تلك الحركات أن تستنفد جُل جهودها في ردود الأفعال ـ انفعالية في أكثر الأحيان ـ على قضايا هامشية كقضية صور بطاقات التعريف الوطنية، وهل تكون باللحية أم بدونها، ونوع خمار المرأة المسموح في الصور، وهي في أكثر الأحيان قضايا يلقيها النظام كصوارف لاستنفاد قوتهم، وإشغالهم عن القضايا الجوهرية للأمة، كقضية الحريات والتداول على السلطة وشفافية الانتخابات والقضاء على الاستبداد والدكتاتورية. وتجعل حالة تشرذم التيـــــار الإسلامي النظام الجزائري يعيش نوعا من الارتياح، يمكن تدعيمه بإجراءات اجتماعية توفرها الطفرة النفطية الحالية، ووعـــــود الإصلاح المتتــــالية، ولجـــــان حوار وتشاور، يأمل من خلالها أن تؤمن له المرور بسلاسة إلى مرحلة ما بعــد الرئيـــــس عبد العزيز بوتفليقة ـ حيث تسربت معلومات عن تحضــــير أويحيى كخليفة ـ بدون أن يفقد صناع القرار مراكزهم ولا ريعهم.
غير أن الساحة السياسية شهدت في الأيام الأخيرة تحركات حثيثة يمكن أن تقلب صورة الأوضاع الحالية، فقد ظهرت في الأسابيع الأخيرة دعوات لمراجعات مناهج العمل السياسي والحراك التنظيمي تَأثرا بالثورات العربية الأخيرة، وقد انعكس ذلك في تململ تيار الإخوان المسلمين الممثل في حركة مجتمع السلم من حالة الجمود التي يميز التحالف الرئاسي القائم، وإعلان نيتها عن قرب تطليقه، وسعيها الحثيث مؤخرا لتشكيل قطب إسلامي معارض مع حركتي النهضة والإصلاح وبعض قدماء الجبهة الإسلامية للإنقاذ، والمستقلين.
كما أن إلغاء حالة الطوارئ قلص بعض الشيء من التضييق على نشاط تيار السلفية السياسية التي يقودها الشيخ علي بلحاج، وأصبح صوتها يسمع بوضوح شعبيا، ونشاطها يتكاثف يوما بعد يوم، وأمسى استغلالها للإعلام الجديد للتواصل مع الشباب يتم باحترافية كبيرة، ولا يستبعد المراقبون أن يكون لها شأن كبير في رسم المشهد السياسي الجزائري في القادم من الأيام.
لكل ذلك غدا هاجس عودة تيار الإسلام السياسي لسابق قوته يُسبب كوابيس مزعجة لأركان النظام ـ الظاهر منهم والمستتر ـ خاصة مع سلسلة الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية للسلطة، وتداول أخبار الفضائح وعمليات الفساد الكبيرة لرموز من السلطة، وزوال مبررات الغلق السياسي والإعلامي، وتلاشي صلاحية فزاعة الخطر الأصولي، وتقلص هامش حرية التزوير، والانفراد بالسلطة، بعد ثورة البوعزيزي في تونس وما تبعها، وأكثر ما يخشاه أركان النظام هو اضطرارهم لتنظيم انتخابات شفافة تكون نتيجتها كانتخابات كانون الاول/ديسمبر 1991، مع اختلاف أنه هذه المرة لا يَسمح لهم الوضع الدولي ولا المحلي بالانقلاب على نتائجها.
' كاتب وباحث جزائري
عبد الغني بلقيروس
يعترف أغلب المُتابعين لمسار الثورات العربية الجارف في المُدة الأخيرة، بأن شباب التيار الإسلامي كانوا مكونا أساسيا من مكونات الشباب الثائر في انتفاضتهم لكسر أصنام الأنظمة المتكلسة، ورسم ربيع مستقبلهم بحرية، وإن فضلت بعض تلك الحركات الإسلامية الفاعلة في الحراك الجماهيري ترك الواجهة الإعلامية لعناصر أخرى أكثر قبولا غربيا، لتلافي السحق الأمني المسكوت عنه غربيا كما جرت العادة، لكن في الجزائر اتخذت معظم جماعات التيار الإسلامي أسلوب الهدوء والتعقل في مطالبتها بالتغيير والإصلاح، في مسار معاكس للنسق العام لدى بقية الدول العربية ذات النظم الجمهورية.
ولم يستغرب العارفون بخبايا التيار الإسلامي الجزائري هذا الموقف، لأن تداعيات سنوات الدم والرصاص التي شهدتها الجزائر في حقبة التسعينات، لم تزل تلقي بكلكلها على مواقف التيار ومسيرته السياسية، حيث خرج من تلك الأزمة وقد تفرقت أوصاله أيادي سبأ، ولم يعد ذلك البُعبع الذي استعمله النظام كقميص عثمان للبقاء في الحكم تحت ظل دبابات الجيش.
فالجبهة الإسلامية للإنقاذ الفائزة بالانتخابات التشريعية الملغاة في 1992، التي هي في الأصل ائتلاف بعض الجماعات الإسلامية في هيكل واحد عام 1989 (جهاديون، سلفيون، إخوان، جزأرة، صوفية، مستقلون....) انقسمت إلى أكثر من خمس جماعات كل منها تدعي أنها الوريث الشرعي للجبهة الإسلامية للإنقاذ. أكبر تلك الجماعات تيار السلفية الذي يمثله الشيخ علي بلحاج، وتستمد هذه الجماعة قوتها من شخصية بلحاج الذي يمتلك درجة عالية من الكاريزما، كما أن ثباته على مواقفه السياسية الراديكالية رغم سنوات السجن والتضييق جلب له الكثير من المعجبين حتى لدى المخالفين له فكريا.
وهناك أيضا التيار الجهادي ويقوده قدماء الجيش الإسلامي للإنقاذ الذين عقدوا صفقة صلح مع النظام، نزل بمقتضاها عناصره من الجبال، ومن أبرز قيادييه مدني مزراق وأحمد بن عائشة في الجزائر ورابح كبير المقيم في ألمانيا، ويتركز وجود الجماعة أساسا في مناطق الشرق الجزائري، وبالخصوص في ولايتي جيجل وسكيكدة، ويُعاب على هذه الجماعة عدم تواصلها مع الجيل الجديد من الشباب، وانحصار أتباعها على قدماء التنظيم.
وهناك تيار الجزأرة (أي جزائرية التنظيم) وكان تأثير هذه الجماعة يتركز في الجامعات الجزائرية، ومعظم عناصرها من النخبة الإسلامية المتعلمة، لكن دخول الجماعة ساحة الصراع المسلح، ومقتل زعيمها محمد السعيد في الجبال أواسط تسعينات القرن الماضي قصم ظهرها، ولم يبق من عناصرها إلا بعض الأفراد والمجموعات الصغيرة اللاجئة في أوروبا وماليزيا، تستعمل ساحة الانترنت، وتقنيات التواصل الإعلامي الجديدة الأخرى ساحة لنضالها. إضافة إلى ذلك هناك مجموعات صغيـــــرة تأثيـــــرها جِدْ محدود كجماعة الشيخ الهاشمي سحنوني وغيرها، كما أن الكثير من إطارات الجبهة الإسلامية للإنـــــقاذ، استقدمهــــم النظام إلى جانبه وأدمجهم في هياكل الدولة، ووضعهم تحت جناحيه، كالوزيرين السابقين المرحوم السعيد قشي وأحمد مراني، والناطق الإعلامي لوزارة الأوقاف الحالي عدة فلاحي، وحتى النواب زرمان والسعيد بويجرة وغيرهم كثير.
التيار الإسلامي الثاني هو تيار الإخوان المسلمين وتمثله حركتان هما حركة مجتمع السلم، وحركة النهضة التي خرجت منها في السنين الأخيرة حركة الإصلاح، ومنذ بداية الشنآن بين الجبهة الإسلامية والسلطة عملت الحركتان على التميز الفكري والسياسي، فصنعت لها خطا سمته خط الوسطية، واختارت نهج المشاركة السياسية في كل المحطات الانتخابية مسارا لها، ومُثلت في غرفتي البرلمان الجزائري، بل وفي الحكومة ببعض الوزارات التقنية، كما يشغل الدكتور عبد الملك بوغازي أحد قادة حركة النهضة منصب مستشار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وقد جَر خيار المشاركة على الحركتين الكثير من الرياح التي اقتلعت وحدة صفوفها، وقلصت الكثير من مصداقيتها شعبيا، وإن استطاع بعض عناصرها تحقيق التميز الوظيفي في المسؤوليات التي تقلدوها، لكن كل ذلك صب في صالح النظام، الذي استعملهم كواجهة لتجميل صورته، وإظهاره بوجه تعددي وديمقراطي. وبالإضافة إلى هذين التيارين هناك جماعات فكرية وتنظيمية صغيرة تعمل بعيدة عن الأضواء وعن العمل السياسي منها:
جماعة الدعوة والتبليغ التي تتركز نشاطاتها الدعوية في الغرب الجزائري كولايتي سيدي بلعباس وتلمسان وغيرهما. والسلفية العلمية التي تنبذ العمل السياسي والتنظيمي، وتدعو إلى طاعة ولي الأمر، وتركز في نشاطها على العمل التربوي، ويتركز نشاطها في منطقة الوسط وخاصة العاصمة والبليدة، وأبرز رموزها عبد المالك رمضاني وأبو سعيد بلعيد.
من اللمحة المختصرة لحال الجماعات الإسلامية في الجزائر، يتضح لنا جليا سبب حالة التراجع في الحراك الجماهري بالجزائر مقارنة بالحالة العربية التي نعيشها، فالجماعات الإسلامية التي تشكل رأس الحربة في ساحات المعارضة العربية، ينخرها في الجزائر التشرذم وحالات الانشقاق المتتالية، كان المُعول عليها صناعة التغيير في المشهد السياسي، بالأخص في مجتمع محافظ كالمجتمع الجزائري، خصوصا أمام تراجع الأحزاب والتنظـــــيمات ذات التوجهات العلمانية كجبـــــهة القوى الاشــتراكية والتجمع من أجل الثقافة، والديمقراطية اللذين انحصرت دائرة نشاطهما بمنطقة القبائل، وانكماش تيار اليسار السياسي ـ سنعرض في مقالات قادمة عن حالة ومواقف التيارات الليبرالية واليسارية في المشهد السياسي الجزائري.
وكما كانت لمخابرات النظام يد في تشجيع تفتيت كيانات الإسلام السياسي، فإن للخطاب العتيق، والفكر الانغلاقي الذي يعود لأيام المحن التي مرت بها تلك الحركات دورا كبيرا في تراجع المد الشعبي للتيار، فقد تعودت تلك الحركات أن تستنفد جُل جهودها في ردود الأفعال ـ انفعالية في أكثر الأحيان ـ على قضايا هامشية كقضية صور بطاقات التعريف الوطنية، وهل تكون باللحية أم بدونها، ونوع خمار المرأة المسموح في الصور، وهي في أكثر الأحيان قضايا يلقيها النظام كصوارف لاستنفاد قوتهم، وإشغالهم عن القضايا الجوهرية للأمة، كقضية الحريات والتداول على السلطة وشفافية الانتخابات والقضاء على الاستبداد والدكتاتورية. وتجعل حالة تشرذم التيـــــار الإسلامي النظام الجزائري يعيش نوعا من الارتياح، يمكن تدعيمه بإجراءات اجتماعية توفرها الطفرة النفطية الحالية، ووعـــــود الإصلاح المتتــــالية، ولجـــــان حوار وتشاور، يأمل من خلالها أن تؤمن له المرور بسلاسة إلى مرحلة ما بعــد الرئيـــــس عبد العزيز بوتفليقة ـ حيث تسربت معلومات عن تحضــــير أويحيى كخليفة ـ بدون أن يفقد صناع القرار مراكزهم ولا ريعهم.
غير أن الساحة السياسية شهدت في الأيام الأخيرة تحركات حثيثة يمكن أن تقلب صورة الأوضاع الحالية، فقد ظهرت في الأسابيع الأخيرة دعوات لمراجعات مناهج العمل السياسي والحراك التنظيمي تَأثرا بالثورات العربية الأخيرة، وقد انعكس ذلك في تململ تيار الإخوان المسلمين الممثل في حركة مجتمع السلم من حالة الجمود التي يميز التحالف الرئاسي القائم، وإعلان نيتها عن قرب تطليقه، وسعيها الحثيث مؤخرا لتشكيل قطب إسلامي معارض مع حركتي النهضة والإصلاح وبعض قدماء الجبهة الإسلامية للإنقاذ، والمستقلين.
كما أن إلغاء حالة الطوارئ قلص بعض الشيء من التضييق على نشاط تيار السلفية السياسية التي يقودها الشيخ علي بلحاج، وأصبح صوتها يسمع بوضوح شعبيا، ونشاطها يتكاثف يوما بعد يوم، وأمسى استغلالها للإعلام الجديد للتواصل مع الشباب يتم باحترافية كبيرة، ولا يستبعد المراقبون أن يكون لها شأن كبير في رسم المشهد السياسي الجزائري في القادم من الأيام.
لكل ذلك غدا هاجس عودة تيار الإسلام السياسي لسابق قوته يُسبب كوابيس مزعجة لأركان النظام ـ الظاهر منهم والمستتر ـ خاصة مع سلسلة الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية للسلطة، وتداول أخبار الفضائح وعمليات الفساد الكبيرة لرموز من السلطة، وزوال مبررات الغلق السياسي والإعلامي، وتلاشي صلاحية فزاعة الخطر الأصولي، وتقلص هامش حرية التزوير، والانفراد بالسلطة، بعد ثورة البوعزيزي في تونس وما تبعها، وأكثر ما يخشاه أركان النظام هو اضطرارهم لتنظيم انتخابات شفافة تكون نتيجتها كانتخابات كانون الاول/ديسمبر 1991، مع اختلاف أنه هذه المرة لا يَسمح لهم الوضع الدولي ولا المحلي بالانقلاب على نتائجها.
' كاتب وباحث جزائري
محمد بن زعبار- عضو مبدع
- عدد الرسائل : 1062
نقاط : 2133
تاريخ التسجيل : 02/11/2008
ضفاف الإبداع :: الفـــــكر و الأدب و الثقافة و الفن :: ضــفـــــ الحـــوارو النـــــقاش ـــــــــــــاف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة أبريل 12, 2024 4:10 pm من طرف سعداوي ربيع
» المتألقه ياسمين ابراهيم
الثلاثاء أكتوبر 10, 2023 8:54 pm من طرف سعداوي ربيع
» إستمتع بخدمة ultimate game pass لجهاز الإكسبوكس و الحاسوب
الخميس نوفمبر 24, 2022 10:35 pm من طرف lmandoo
» ربيع المؤمـــــــــــــــــــن
الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 8:11 am من طرف سعداوي ربيع
» مشروع واحة الشاطيء شقق للبيع في مدينة دبي للاستديوهات
الخميس نوفمبر 03, 2022 9:21 pm من طرف lmandoo
» شركة حلول ميج للاستشارات وتطوير الأعمال
الثلاثاء أكتوبر 18, 2022 11:26 am من طرف lmandoo
» نانا اليوم اقوى الخصومات على كل المنتجات
الأربعاء أكتوبر 12, 2022 11:28 pm من طرف lmandoo
» مرام مالك فنانة غنائية سعودية
الإثنين سبتمبر 05, 2022 5:12 am من طرف lmandoo
» موقع تعليمي سعودي لتغطية كافة المناهج
الخميس أغسطس 25, 2022 11:44 pm من طرف lmandoo
» يونيريم للرعاية المنزلية UNIREM Home Care
الأربعاء أغسطس 17, 2022 3:49 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
السبت أغسطس 13, 2022 3:57 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
السبت أغسطس 13, 2022 2:21 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:47 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:37 am من طرف lmandoo
» مصممة الازياء رنا سمعان من نينوى العراق إلى العالمية
الإثنين أغسطس 08, 2022 3:45 am من طرف lmandoo