قطاع غزة ...في الشعر العبري ـ اليهودي

من طرف **حسن خليفة** الخميس يناير 01, 2009 6:30 pm

قطاع غزة في الشعر العبري
سلطة؛ تتقاتل عليها مجموعة من القطط، وتولول

الشعر العبري سبق الواقع السياسي، وعرض فكرة الانسحاب من قطاع غزة قبل عام، بل أن الفكرة التي يغمغم بها أريئيل شارون ليست جديدة، ولم يكن هو مبتكرها الأول، لقد سبقه إليها أسحق رابين عندما قال لتغرق غزة في البحر، والهدف الأول والأخير؛ مصلحة إسرائيل العليا.

الشاعر اليهودي سامي شالوم شتريت، في قصيدة بعنوان: في منتصف الليل على عربة القمامة المحلية: قطط تولول لغة البشر

من ديوان شعر قصائد بالأشدودية، كان قد أرسله لي الشاعر، يضم الديوان مجموعة من أشعاره المختارة، إصدار سنة 2003، يفتخر فيها بأن مدينة (أشدود) اليهودية هي اسدود العربية، (وهي مدينة اشدود الكنعانية التي حملت هذا الاسم قبل سيطرة اليهود عليها) رغم أن الشاعر يتوجه من خلال أهم قصائد الديوان إلى العرب الفلسطينيين بنداء السلام، فإذا به مليء بتشنجات الكراهية، وطعنات الأحقاد التي يلبسها عباءة السلام البيضاء.

يقول في إحدى القصائد المليئة بأنفاس السلام الخاص الذي يعبئه صدر من يضمر كل شرٍ على المحيط العربي من شاعر يهودي، يدعي أنه عاش في بلاد العرب، وتربى مع أطفال المغرب، يقول في قصيدة وفاء للمعروف العربي:

في منتصف الليل على عربة القمامة المحلية: قطط تولول لغة البشر

ضمن قطيعين من هذا وذاك، في خرائب، تتأجج من

عيونهم اللهب، وفي رؤوسهم أسنان بارزة قاسية

على عجلة القمامة المحلية

بينهم سنتيمتر واحد للإرهاب

يعلنون بضجيج صارخ، وفي مخيماتهم يستعدون للمعركة

وأنا أولول لهم بلغتهم،

ما لي ولكم يا قساة، يا أيها المنحطون،

سأسفك أنا قمامتي، واسفكوا أنتم من فضلكم دمكم

لدى مرور عربة القمامة المحلية

ما يرمز إلية الشاعر يفضح حقده الدفين، أو يظهر حقيقة رؤية اليهودي من أمثاله لغير اليهود، على الرغم من تعامله معهم، ومراقبته لهم، بل وتلذذه لمرأى دمهم يسيل، هو سيسفك قمامته، بمعنى أنه سيعرض على العرب ما لديه من حلول، ومن فائض مناطق، مضافاً إليها إغراءات مادية شخصية لكل متكسب نفعاً لدى اليهود، ويرتضي أن يكون ذراعهم التنفيذية على بني شعبه، إن اليهودي سيوظف سلطة قزم قمعية على بعض الأراضي المحتلة، تنوب عنه في كل عمل لطخ سمعة إسرائيل على مستوى العالم، وترك الكراهية لليهود في أوروبا على أوجها بشكل لم يسبق له مثيل إلا في سنوات الثلاثينيات من القرن الماضي، أن أخطر ما سيترافق مع هذه الخطوة المدروسة المحنكة، هو أن يترك القيادات السياسية العربية تتعارك فيما بينها كما تصورها الشاعر، يتقاتلون على ما يقدم لهم من فتات العظم، كي يضمن راحته هو، لأنه سيسفك قمامته وينسحب، ويترك من بعده القطط تولول على بعضها.

أرى أن هذا بعض إرهاب اليهود على اعتبار أن الإرهاب كما يعرفه الدكتور عبد المجيد سيد منصور "سلوك مضطرب يقوم به فرد أو مجموعة أفراد ضد مصلحة عامة في وطن معين لأغراض سياسية، أو ضد فرد معين أو مجموعة أفراد، وحيث يتسم السلوك الإرهابي بالعنف والعدوانية بأشكال مادية أو معنوية، ويهدف إلى التأثير على الأفراد أو المجموعات أو الحكومات بما من شأنه تقويض الأمن" فكيف لو كانت كل الخطة المعدة تقوم على خلق فتنة بين شعب يتعرض لتدمير منظم للتغطية على هضم الضفة الغربية؟.

أمّا ما جاء في القصيدة من ألفاظ تحقير، ووصف مهين للعربي في تكالبه على السلطة، لا يعكس إلا حقيقة مشاعر لا يصح تخيل غيرها لدى غالبية حاقدة من اليهود، لاسيما أن جميع القوى السياسية العاملة على الساحة ومعها جماهير شعبنا الواعي المنتمي، تعي أن من سيقبل، ويمد يده لليهود بالموافقة والتعهد الأمني، سيلقى عذاباً شديداً في الدنيا والآخرة.

إن إسرائيل في ورطة وجود، هذا ما يعترف به الحكماء في تقارير المراقبين من داخل المجتمع الإسرائيلي، إن الكاتب اليهودي المعروف بمواقفه الإنسانية الرافضة للاحتلال جدعون ليفي، في صحيفة هآرتس يتهم الجميع إذ "لا يوجد إسرائيلي يستطيع الهرب من مسؤوليته عن أفعال الجيش الإسرائيلي في المناطق، التي لم تعد منذ زمن أفعال شاذة فقط، وإنما هي ثمرة سياسة مستمرة ومنهجية "

لقد بلغ القتل الزبى، وتجاوزت التصفية الجسدية الحد المسموح به دولياً، وأوغلت العربدة حتى وصلت إلى نهايتها، وجاء الآن دور التراجع والتنازل، سيترك شارون قطاع غزة، وأنّى كان الأسلوب، فإنها خطوة تحفر للحرب أخاديد الجراح، وتغلق بالشوك والدم درب السلام، وتطلق ولولة السلاح.

د. فايز صلاح أبو شمالة