صندوق رسائلي

صندوق رسائليوعدت إلى صندوق رسائلي القديمة ... لقد أحسست بسعادة العيد الحقيقية رسائل الأصدقاء التي تنقل نبضة القلب الصادقة ... و دفء المشاعر التي تترجمها كلمات أشعر بصدقها في لفة غريبة للغة و إن كانت ضعيفة مهلهلة فهي مستقيمة واضحة و تصل إلى القلب بل و تخترقه....
أحمل الآن رسائل الحب و العيد من أحبة كبروا معي ، بعضهم كان قريبا مني جغرافيا ... و بعضهم الأخر عني كان بعيدا ....المهم أنهم رغم كل تضاريس الجغرافيا كانوا من الأحبة الذين بعضهم يكون ربما قد نساني ، أما أنا فمازلت أذكرهم و أذكر ترتيب رسائلهم من أول رسالة إلى أخر رسالة بيننا .
ها أنا أذكركم ... أذكر خديجة الدلوعة التي لم تنسها (كندا) طقوس العيد ... أخر رسالة بيننا كانت وصفة (الغريبية) التي أعدتها لها مليون مرة حتى نسيتها ، و ربما نسيت معها أن أكاتبها و أذكرها بباقي الطقوس التي عجزت خديجة عن حملها معها إلى هناك ..
ومفيدة كل البنات ، و أخر الرسائل التي كانت بيننا حينما هنأتني بالباكلوريا ... ربما كانت غلطتي حين لم أرد على رسالتك وقتها لأنني غبية أوهمت نفسي بأنني مشغولة بالتسكع بين أروقة الجامعة ...
و حليمة التي ظلت تغريني لزيارة مدينتها (عين الدفلى) ربما شعرت بأن (قسنطينة )كانت الأكبر فلم أفكر يوما في زيارتك ... و نسيت بالمرة أن أزورك برسائلي ... و حتى أنت أخافتك مدينتي عندما حدثتك عن سحرها ...أكيد كنت حمقاء لأنني بالغت في وصفها حتى اعتقدت أنت بأنك و مدينتك صغيرة جدا أمامي و أمامها قسنطينة ... أخر الرسائل كانت تهنئة بعيد خجول من قرية خجولة كما كنت تكتبين . ..
و الطويلة الرائعة هند مازلت أذكر علبة الشوكولا المسروقة و التي تقاسمناها كلصتين محترفتين ... مازال مذاقها في الحلق حلوا رغم الخطيئة التي كفرت عنها بربع الثمن يا بخيلة ... أخر الرسائل كانت كعادتك نكتة أنت بطلتها ... ترفضين عريسا جاهزا لأنك أطول منه أو لأنه أقصر منك ...أو لأنك مجنونة يا هند و رائعة ...
و رزيقة الأنيقة أو (الأنيكة) كما كنت تودين سماعها لأنك تحبين الأصول و تعتزين بجيجلك الحبيبة ... أخر رسالة بيننا تحمل اعترافا خطيرا ... قصة حب كنت تخافين لأن تتسرب إلى والدك فخبأتها عندي في رسالة عتيقة ... ثم قررت أن تنسها عندما تزوجتي غير الحبيب .. و لكنك نسيتني معها ....
ومايسه الخياطة ....عذرا مصممة الأزياء الجميلة ... التي كنت أتقاطع معها في عالمها اليدوي هذا ... فقررت أن تتقاطع معي في عالم الأدب ... أخر رسائلها كانت أخر صفحات ( فوضى الحواس ) ... مازلت احتفظ بالرواية بخط يدك الرديء .
و رسائل أخر حية لصديقات عزيزات ، كانت تجمعني بهم صداقة قديمة صادقة ... أما الصداقة الجديدة فنحن نحيها بالــــــنت و الجوال ....و لست أدري إن كانت صادقة .ملاحظة : تذكرت كل هذا عندما قرأت ملحوظة "عمرية عامر" عن العيد و sms .

ذلك بعض "الجمال" وبعض" الخصوصية " وبعض "الابداع " ... في التواصل الإنساني الذي لا يرقى إليه أي تواصل آخر.
كشفت لنا الأخت الأديبة سهام عن محمولات رائعة في الرسائل التي يتبادلها الناس ، وكم هي قادرة على حمل الكثير الكثير من المشاعر الصادقة والاحاسيس النبيلة والفكر.والثقافة والقوة والضعف الخ ...
وذلك يجب عن تساؤل خطير: هل يمكن لوسائل التواصل المعاصرة جدا ان تفعل مثله : الهاتف، الاس ام أس ..وغيرها ؟ بالطبع لا ، فيما أعتقد .. ولذلك نشعر بالبرودة والسطحية والسرعة والخواء في تلك التواصلات ...
على كل حال لقد فتحت الاخت الكاتبة هذا القوس الرائع وكم سنجني من الخير لو اهتممنا بهذا الشأن وكتبنا في هذا الخصوص وعمقنا الأمر لما فيه من فوائد ...
فقط قبل أن أنهي ..هل نعلم أن الكثيرين والكثيرات ـ اليوم ـ يعجزون عن كتابة رسالة من خمسة اسطر ؟؟؟

أستاذ "حسن" ... لست أدري لماذا أشعر بأن التكنولوجيا لم تخلق لأمثالنا ، نحن المجتمعات العربية أو المسلمة تحديدا لما نتمتع به من خصوصية التراص الاجتماعي و التلاحم الأسري ( طبعا الذي كان )
... نحن ـ كما اعتقد ـ يمكننا العيش مليون سنة بكلمة صادقة طيبة ... مع الأسف هذه التي نابت عنها رسائل مشفرة سريعة علمتنا النفاق الاجتماعي ... بل النفاق دون تنميق .
أنا أحيانا كثيرة أجد نفسي مجبرة على تحية من لا أحب عبر رسالة سريعة ... و أشعر بغير يحييني أيضا دون حب ... فقط لأنها عادة سهلة و تقريبا مجانية ...
و كم مرة أيضا و جدتني اشتري رسائل كلاسيكية .... و أجدني أرغب جدا بكتابة أشياء ما عليها ـ و إن كانت الأشياء صغيرة ـ و لكنني أتراجع لأن العالم ضجّ بالتكنولوجيا ، و فرغ عن آخرة من المتخلفين الذين مازالوا يتعاطون نظام الرسائل المكتوبة ... بل حتى ساعي البريد أظنه انقرض ... كل الأشياء تغيرت بسرعة لم تنتظر تعاقب السنين و العقود و القرون .... أنا كل يوم أنهض من نومي بمزاج متغير ... و بفكرة متغيرة .. و بمبدأ متغير ... و بدرجة صدق اقل ، وفقا لمتطلبات العالم التكنولوجي الجديد ... آه لهذا العالم ؟
شكرا أستاذ لأنك تحتفظ ببعض الجمال المتأني و تعبق به يومنا بمرورك على نصوصنا المجنونة ....دمت .