مـــــــــــــــــــــواعظ
من فضل الله على عباده تتابع مواسم الخيرات ومضاعفة الحسنات فالمؤمن يتقلب في ساعات عمره بين أنواع العبادات والقربات فلا يمضي من عمره ساعة إلا ولله فيها وظيفة من وظائف الطاعات وما أن يفرغ من عبادة إلا ويشرع في عبادة أخرى ولم يجعل الله حدا لطاعة العبد إلا انتهاء عمره وانقضاء أجله.
وبعد ان اتم الله لنا نعمة اكمال شهر الصيام والقيام ورتب عليه عظيم الأجر والثواب صيام ست أيام من شوال التي ثبت في فضائلها العديد من الأحاديث منها ما رواه الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر
المواضيع الأخيرة
بطاقات اسلامية
أدعية رمضانــــــــــية
قصة قصيرة .. عام الكلب
ضفاف الإبداع :: الفـــــكر و الأدب و الثقافة و الفن :: ضــــفــــــ الســــــــرديــــــــــــــات ـــــــاف
صفحة 1 من اصل 1
قصة قصيرة .. عام الكلب
قصة قصيرة
عام الكلب
..... وقـال أحــد الـمـارة : إنـه شـاهد الـسـيـارة الـرمـاديــة الـداكـنــة، تـعـبـر الـدرب بـسـرعــة جـنـونـيــة فـي اتـجـاه نـاصـيـة مـقـبـرة الـشـهـداء، بـعـد مـا تـرد د أنـها غـابـت فـي الاتـجـاه الـمـعـاكــس صـوب قـصـر الـبـلـديــة،غـيـر أنـه لـم يـنـف أن تـكـون عـلامـتـهـا حـمـراء بـاهـتــة ، كـمـا دار علـى ألـسـنـة الـسـكـان الـذيـن عـايـنـوا الـواقـعـة .....
وقـالـت امــرأة تــابـعـت دخــول الـسـيـارة إلى الـحـي، إنـها شــهــدت نـزول رجــلــيــن أنـيـقـيـن، يـرتـديـان لـبـاسـا أسـود...تـوقـفـا عـنـد عـتـبـة بـيـت الـحـاجـة* الـضـاويـة *، حـسـبـتهـمـا ضـيـفـيـن عـلـيـهـا، لـولا طـرقـهـمـا الـبـاب بــعـنـف، تـبـادلا نـظــرات حـــادة ...زعـــزعــا الـمـقـبـض مـن جـهــة الـيـســار، ثـم اقـتـحــمـا الــدار … أخــرجــا ابـنـهـا * السـي عـبـد الـسـلام* فـي لـبـاس نـومــه، مـصـفـد الـمعـصـمـيـن، قـبـل أن يــلقــيـا بــه فـي الـسـيـارة مـن الـخـلـف .....
غـيـر أن الـمـرأة نـفـسـهـا لـم تـؤكــد مـا شـاع ، حـول عـلامـات ضـرب مـبـرح تـعـرض لـه فـي الـداخــل ....وقــد أجـمـع مـن حـضـر و مـن لـم يـحـضــر، عـلى وقـوع الـحـدث فـي غـبـش فـجـر عـيـد الأضـحـى، والـذي صـادف أوائــل الـخـريـف مـن عـام الـكـلـب، سـنـة انـتـشــار وبـاء الـسـعـار فـي مـنـطـقـة الـشــمـال.....
قـبـل عـودتــه إلى أرض الـوطــن، كـان * الـسـي عـبـد الـسـلام * قــد نـجـح فـي تـسـويــة وضـعـيـة الانـتـمـاء الإداري لـمـوطــن الـغـربـة، بـعـد عـشـر سـنـوات مـن اللجـوء الـسـيـاسـي، و كـانـت *بـريـجـيـت*فـي الـواقــع، ورقـتـه الـرابـحـة، إذ مـكـنـتــه مـن انـتـشــال ذلــك الـحـق، بـعـد اعـتـراف الـكـنـيـسـة بـزواجـهـمـا.......
لـم يـكـن كـثـيــر الـتـوجــس مـن تـبـعـات قـبـول الـدعـوة إلى الـرجـوع، بـوســاطــة عـلـنـيــة تـداولـتـهـا بـعـض الـصـحـف الـوطـنـيـة، مـازال يـحـتـفـظ بـنـسـخـة الـعـفـو الـمـوقـعـة عـلـى بـيـاض آمـنـة بـيـن حـضـن *بـريـجـيـت*، كـانـت صـاحـبـة الـفـكـرة، رغـم أنـه حـاول إقـنـاعـهـا بـنـزع الـخـوف هـذه الـمـرة، ألـم يـمـثـلـه أقـرب إخـوان الأمـس؟
حـطـت الـطـائـرة بالـمـطـار و اللـيـل فـي هـزيـعـه الأخـيــر، صـادف أذان الـفـجـر انـشـغـالــه بـالـتـفـكـيـر فـي صــلاة ركـعـتـيـن، شــكــرا لـهــذه الـعـودة الـمـيـمـونــة .
كـان ضـمـن الـكـوكـبـة الأخـيــرة مـن الـنـازلـيــن، أمـهـلــه الـتـدافــع فــرصــة تـمـيــيـز انــعــكــاس الأضــواء فـوق أرضـيــة الـمطـار، كـثـيـرة الـبـلـل رغـم تــوقــف الـمــطــر، لـم يـكـن أحـد يـنـتـظــره، فــوجـئ بـغـيـاب أمــه و أخـتــيــه، ربـمـا لـم تـصـلـهــن بـرقـيـتــه الـتـي حـدد فـيـهـا زمـكــان وصــولــه، اقـتـرب مـن بـوابــة الـخـروج، قــرأ :مـطـار * ســلا * يـرحـب بـكـم.
انــدهــش ، كـانـت وجـهـتــه * مـطـار أنـكـاد وجــدة*
وبـدأت تـتـنـاســل الأسـئـلـة .... لـم يـقـطـع حـبـل تـفـكـيـره سـوى مـطـالـبـة رجــل الأمــن بوثـائـق هـويـتــه :
+ مـغـربـي بـجـواز سـويـسـري ؟ كــانـت الــغــيـبـة طــويــلـة ؟
+ عــشــر سـنـوات ... كـنــت فـي الـمـنـفـى.... هــل سـنـمـتـطــي طــائــرة أخــرى إلـى * وجــدة * ؟
صــور فـي إحــدى رسـائـلـه لأخــتــه، حــجـم اضـطـراب الـرجــل بـبـدلــتــه الـزرقــاء، شــعــرت بـالـعـطـف عـلـيـه، و هــو يـزيــغ بـبـصــره يـمـنـة ويـسـرة، كـأنــه نــدم عـلـى الـدخـول فـي الـسـؤالات، ثـم بـادره بـالـتـرحيـب به فـي بـلاده .....
+ أنــت فـي الـعـاصـمـة.
الـبـهـو جـمـيـل عـلى صـغـره، تـوزعــت جـنـبـاتـه صــور رسـمـيــة و تـشـكـيـلـيـة وفـولـكـلــوريــة، بـعـضــهـا يـثـيــر فـي الـنـفـس لـحـظــات الـتـقـزز مـن الـمـاضـي، وبـعـضــهـا الآخــر يـبـعــث عـلى الارتـيـاح بـلا ألــوان، تـوجــه نـحـو مـكـتـب الـشـركــة الـتـي أقـلـتــه، لا أحــد ……. انـتـابــه إحـسـاس بالـمـرارة…… تـلـفــت إلى الـخـلـف، نـفـس الـوجـهـيـن ، مـلامـحـهـمـا مـحـفـورة فـي الـذاكــرة ، حـاول اسـتـبـعـاد الـتـصـور، لـولا أنـهـمـا بـادراه بـالـتـحـيـة بـاسـمــه :
* الـسـي عـبـد الـسـلام * ، مـرحــبـا بـك ، مـن فـضـلـك ، نـريـد اسـتـكـمـال بـعـض الإجراءات.............
بـدا عـلـيـهـما الـوقـار مـن لـيـن الـخـطـاب، اعـتـبـرت الأمــر طـبـيـعـيـا فـي مـثـل هـذه الـمـواقــف، لـكـنـنـي شـعـرت بضـيـق شـديــد، حـيـن وجـدتـنـي مـتـوسـطـا مـنـكـبـيـهـمـا الـعـريـضـيـن.... مـا أشـبــه الأمــس بـالـيــوم...
+ غـدا إن شــاء الله، سـتـكـون بـيـن أهـلـك ....
+ إن شـاء الله....
مـا كـادت الـسـيـارة أن تـبـارح الـمـوقـف ، حـتــى بـدأ الاسـتـجـواب ، بـكـل اللــطــف ، أخــذا يـتـنـاوبـان عــلــي، لــم يــكــن فـي أسـئـلـتـهـمـا أدنــى إحـــراج ، بـل إن كـثـيـرا مـنـهـا كـان مـعـلـوما سـلـفـا ، ضـمـن أدبـيــات الاسـتـنـطــاق الـبـولـيـســي، تـقـاطـعـت جـل الـتـدخــلات ، تـحـت عـنـوان الـخـلـيـة الـنـائـمـة، كـانــا يـبـحـثـان عـن حـجـم اسـتـمـرار الـعـلاقــة فـي الـخـارج بـيـن رفـاق الـدرب الـمـضــيء، ابـتـسـم مـن عـلـى يـمـيـنـي قـائـلا :
+ نـريـد جـمـع الـشـمـل، سـوف يـتـم الـتـفـاوض مـع الـبـاقـيـن.....
حـركـت شـفـتــي إيـحـاءا بـالـرد عـلـى الابـتـسـامـة... لا يـمـنـع خـفـوت الـضـوء داخــل الـسـيـارة مـن تـلـمـس الـقـسـمـات ، يـسـاعـد علـى ذلـك وقــع الـتـمـاوج فـي الأصــوات، أمـا الـطـريـق، فـلا تـبـدو إلا مـوغـلــة فـي الـتـيــه، يـزيـد مـن وحـشـتــهــا رذاذ مـطـر يـغـالـب مـاسـحـات الـزجــاج الـمـتـثــاقـلـة، أخـذت الأصـــوات تـغــور شـيـئـا فـشـيـئـا، لا أذكــر أنـنـي نـبــســت بـكـلـمـات خــلال الـمـسـار بـيـن الـمـطـار و الـعـاصــمــة.
كـانـت ضـيـافـة الـمـخـزن قـصـيـرة ، بـقـيـة لـيـل ولـيـلـتـان بـنـهـارهـمـا الـمـظـلـم فـي غـرفـة الاسـتـنـطـاق ، تـعـاقـب عـلـي خـلالـهــا رجــال أشـداء، أعــلـى رتـبـة فـي الصـنـف والـتـكـويــن، وأكـثــر مـهـارة فـي جـر اللــســان، كـلـمـا تـسـمـعــت نـبـراتـهـم و هـي تـخـتـرق الـجـسـد قـبـل الأذن ، شـعـرت بـمـسـتـوى الاحـتــرافـيـة الـتـي بـلـغـتـهـا شـبـكــة الاسـتـخـبـارات فـي بـلـدنــا..... كـانـوا أشـبــه بـأساتـذة الـجـامـعـات ، أو هـم مـنـهـم، مـنـهـجـيـة دقـيـقـة أقـرب إلـى حـواريـات * سـقـراط *، تـكـسـوهـا ألــفــاظ بـراقــة مـن مـعـجـم زمـن الـعـولـمـة والديـمـقـراطـيـة و أشـيـاء أخــرى ..... وصـدقـوا مـا وعـدوا بــه ، لـم يـطـل بـي الـمـقـام بـيـنـهـم ، تـكـلـفـوا عـنـاء اصـطـحـابـي إلـى الـمـحـطــة، و لـم يـبـارحـونــي إلا بـعـدمـا نـزعـوا مـنـي وثـائـقـي بـدعـوى الإجـراءات الـروتـيـنـيـة، وضـعـونـي بـيـن مـنـكـبـي مـقـعـد فـي مـقـدمــة الـحـافـلـة، ثـم وقـفـوا تـحـت الـنـافـذة يـلـوحـون لـي كـمـا يـودع الـقـريـب ....
تـعـالــت الـنـداءات .... وجـدة ... وجـدة .... وجـدة ... فـتـحـركــت بـداخـلـي لـيــالــي* وجـدة *، حـضـرت صـورة أمـي، أطـلــت مـن شـرفـة اغـتـراب عـشـر سـنـوات ، نـظـرات وداعـــهــا جـامـدة الـدمـع فـي الـحـدقـتـيـن ، لـم تـكـن تـلـك أول مــرة تـشـيـعـنـي فـيهـا، لـكـنـهـا كـانـت الأكـثـر إيـلامــا.....
بـلـغــنــي عـن أحـد الأخـوال ، أن أمـي خـرجـت إلـى الـدرب، وأخــذت تـدعــو عـلـى مـن كــان الـحـيـلـة و الـسـبـب .... اللــه يـأخـــذ فـيـهـم الـحـق....
انـطـلـقـت الـحـافـلـة مـع بـدايــة إمـطـار مـتـقـطـع، عـيـن عـلـى الـطـريـق وعـيـن عـلـى أمـي بـانـتـظـاري مـنـذ عـشـر سـنـوات، لـيـتـهـا كـانـت تـعـلـم بـقـدومـي.
تـعـثــر الـمـحـرك فـخـض الـركـاب ، قـال مـسـاعــد الـسـائـق : إنـه مـازال بـحـاجـة إلـى تـسـخـيـن فـي هـذا الـجـو الـبـارد .....
عام الكلب
..... وقـال أحــد الـمـارة : إنـه شـاهد الـسـيـارة الـرمـاديــة الـداكـنــة، تـعـبـر الـدرب بـسـرعــة جـنـونـيــة فـي اتـجـاه نـاصـيـة مـقـبـرة الـشـهـداء، بـعـد مـا تـرد د أنـها غـابـت فـي الاتـجـاه الـمـعـاكــس صـوب قـصـر الـبـلـديــة،غـيـر أنـه لـم يـنـف أن تـكـون عـلامـتـهـا حـمـراء بـاهـتــة ، كـمـا دار علـى ألـسـنـة الـسـكـان الـذيـن عـايـنـوا الـواقـعـة .....
وقـالـت امــرأة تــابـعـت دخــول الـسـيـارة إلى الـحـي، إنـها شــهــدت نـزول رجــلــيــن أنـيـقـيـن، يـرتـديـان لـبـاسـا أسـود...تـوقـفـا عـنـد عـتـبـة بـيـت الـحـاجـة* الـضـاويـة *، حـسـبـتهـمـا ضـيـفـيـن عـلـيـهـا، لـولا طـرقـهـمـا الـبـاب بــعـنـف، تـبـادلا نـظــرات حـــادة ...زعـــزعــا الـمـقـبـض مـن جـهــة الـيـســار، ثـم اقـتـحــمـا الــدار … أخــرجــا ابـنـهـا * السـي عـبـد الـسـلام* فـي لـبـاس نـومــه، مـصـفـد الـمعـصـمـيـن، قـبـل أن يــلقــيـا بــه فـي الـسـيـارة مـن الـخـلـف .....
غـيـر أن الـمـرأة نـفـسـهـا لـم تـؤكــد مـا شـاع ، حـول عـلامـات ضـرب مـبـرح تـعـرض لـه فـي الـداخــل ....وقــد أجـمـع مـن حـضـر و مـن لـم يـحـضــر، عـلى وقـوع الـحـدث فـي غـبـش فـجـر عـيـد الأضـحـى، والـذي صـادف أوائــل الـخـريـف مـن عـام الـكـلـب، سـنـة انـتـشــار وبـاء الـسـعـار فـي مـنـطـقـة الـشــمـال.....
قـبـل عـودتــه إلى أرض الـوطــن، كـان * الـسـي عـبـد الـسـلام * قــد نـجـح فـي تـسـويــة وضـعـيـة الانـتـمـاء الإداري لـمـوطــن الـغـربـة، بـعـد عـشـر سـنـوات مـن اللجـوء الـسـيـاسـي، و كـانـت *بـريـجـيـت*فـي الـواقــع، ورقـتـه الـرابـحـة، إذ مـكـنـتــه مـن انـتـشــال ذلــك الـحـق، بـعـد اعـتـراف الـكـنـيـسـة بـزواجـهـمـا.......
لـم يـكـن كـثـيــر الـتـوجــس مـن تـبـعـات قـبـول الـدعـوة إلى الـرجـوع، بـوســاطــة عـلـنـيــة تـداولـتـهـا بـعـض الـصـحـف الـوطـنـيـة، مـازال يـحـتـفـظ بـنـسـخـة الـعـفـو الـمـوقـعـة عـلـى بـيـاض آمـنـة بـيـن حـضـن *بـريـجـيـت*، كـانـت صـاحـبـة الـفـكـرة، رغـم أنـه حـاول إقـنـاعـهـا بـنـزع الـخـوف هـذه الـمـرة، ألـم يـمـثـلـه أقـرب إخـوان الأمـس؟
حـطـت الـطـائـرة بالـمـطـار و اللـيـل فـي هـزيـعـه الأخـيــر، صـادف أذان الـفـجـر انـشـغـالــه بـالـتـفـكـيـر فـي صــلاة ركـعـتـيـن، شــكــرا لـهــذه الـعـودة الـمـيـمـونــة .
كـان ضـمـن الـكـوكـبـة الأخـيــرة مـن الـنـازلـيــن، أمـهـلــه الـتـدافــع فــرصــة تـمـيــيـز انــعــكــاس الأضــواء فـوق أرضـيــة الـمطـار، كـثـيـرة الـبـلـل رغـم تــوقــف الـمــطــر، لـم يـكـن أحـد يـنـتـظــره، فــوجـئ بـغـيـاب أمــه و أخـتــيــه، ربـمـا لـم تـصـلـهــن بـرقـيـتــه الـتـي حـدد فـيـهـا زمـكــان وصــولــه، اقـتـرب مـن بـوابــة الـخـروج، قــرأ :مـطـار * ســلا * يـرحـب بـكـم.
انــدهــش ، كـانـت وجـهـتــه * مـطـار أنـكـاد وجــدة*
وبـدأت تـتـنـاســل الأسـئـلـة .... لـم يـقـطـع حـبـل تـفـكـيـره سـوى مـطـالـبـة رجــل الأمــن بوثـائـق هـويـتــه :
+ مـغـربـي بـجـواز سـويـسـري ؟ كــانـت الــغــيـبـة طــويــلـة ؟
+ عــشــر سـنـوات ... كـنــت فـي الـمـنـفـى.... هــل سـنـمـتـطــي طــائــرة أخــرى إلـى * وجــدة * ؟
صــور فـي إحــدى رسـائـلـه لأخــتــه، حــجـم اضـطـراب الـرجــل بـبـدلــتــه الـزرقــاء، شــعــرت بـالـعـطـف عـلـيـه، و هــو يـزيــغ بـبـصــره يـمـنـة ويـسـرة، كـأنــه نــدم عـلـى الـدخـول فـي الـسـؤالات، ثـم بـادره بـالـتـرحيـب به فـي بـلاده .....
+ أنــت فـي الـعـاصـمـة.
الـبـهـو جـمـيـل عـلى صـغـره، تـوزعــت جـنـبـاتـه صــور رسـمـيــة و تـشـكـيـلـيـة وفـولـكـلــوريــة، بـعـضــهـا يـثـيــر فـي الـنـفـس لـحـظــات الـتـقـزز مـن الـمـاضـي، وبـعـضــهـا الآخــر يـبـعــث عـلى الارتـيـاح بـلا ألــوان، تـوجــه نـحـو مـكـتـب الـشـركــة الـتـي أقـلـتــه، لا أحــد ……. انـتـابــه إحـسـاس بالـمـرارة…… تـلـفــت إلى الـخـلـف، نـفـس الـوجـهـيـن ، مـلامـحـهـمـا مـحـفـورة فـي الـذاكــرة ، حـاول اسـتـبـعـاد الـتـصـور، لـولا أنـهـمـا بـادراه بـالـتـحـيـة بـاسـمــه :
* الـسـي عـبـد الـسـلام * ، مـرحــبـا بـك ، مـن فـضـلـك ، نـريـد اسـتـكـمـال بـعـض الإجراءات.............
بـدا عـلـيـهـما الـوقـار مـن لـيـن الـخـطـاب، اعـتـبـرت الأمــر طـبـيـعـيـا فـي مـثـل هـذه الـمـواقــف، لـكـنـنـي شـعـرت بضـيـق شـديــد، حـيـن وجـدتـنـي مـتـوسـطـا مـنـكـبـيـهـمـا الـعـريـضـيـن.... مـا أشـبــه الأمــس بـالـيــوم...
+ غـدا إن شــاء الله، سـتـكـون بـيـن أهـلـك ....
+ إن شـاء الله....
مـا كـادت الـسـيـارة أن تـبـارح الـمـوقـف ، حـتــى بـدأ الاسـتـجـواب ، بـكـل اللــطــف ، أخــذا يـتـنـاوبـان عــلــي، لــم يــكــن فـي أسـئـلـتـهـمـا أدنــى إحـــراج ، بـل إن كـثـيـرا مـنـهـا كـان مـعـلـوما سـلـفـا ، ضـمـن أدبـيــات الاسـتـنـطــاق الـبـولـيـســي، تـقـاطـعـت جـل الـتـدخــلات ، تـحـت عـنـوان الـخـلـيـة الـنـائـمـة، كـانــا يـبـحـثـان عـن حـجـم اسـتـمـرار الـعـلاقــة فـي الـخـارج بـيـن رفـاق الـدرب الـمـضــيء، ابـتـسـم مـن عـلـى يـمـيـنـي قـائـلا :
+ نـريـد جـمـع الـشـمـل، سـوف يـتـم الـتـفـاوض مـع الـبـاقـيـن.....
حـركـت شـفـتــي إيـحـاءا بـالـرد عـلـى الابـتـسـامـة... لا يـمـنـع خـفـوت الـضـوء داخــل الـسـيـارة مـن تـلـمـس الـقـسـمـات ، يـسـاعـد علـى ذلـك وقــع الـتـمـاوج فـي الأصــوات، أمـا الـطـريـق، فـلا تـبـدو إلا مـوغـلــة فـي الـتـيــه، يـزيـد مـن وحـشـتــهــا رذاذ مـطـر يـغـالـب مـاسـحـات الـزجــاج الـمـتـثــاقـلـة، أخـذت الأصـــوات تـغــور شـيـئـا فـشـيـئـا، لا أذكــر أنـنـي نـبــســت بـكـلـمـات خــلال الـمـسـار بـيـن الـمـطـار و الـعـاصــمــة.
كـانـت ضـيـافـة الـمـخـزن قـصـيـرة ، بـقـيـة لـيـل ولـيـلـتـان بـنـهـارهـمـا الـمـظـلـم فـي غـرفـة الاسـتـنـطـاق ، تـعـاقـب عـلـي خـلالـهــا رجــال أشـداء، أعــلـى رتـبـة فـي الصـنـف والـتـكـويــن، وأكـثــر مـهـارة فـي جـر اللــســان، كـلـمـا تـسـمـعــت نـبـراتـهـم و هـي تـخـتـرق الـجـسـد قـبـل الأذن ، شـعـرت بـمـسـتـوى الاحـتــرافـيـة الـتـي بـلـغـتـهـا شـبـكــة الاسـتـخـبـارات فـي بـلـدنــا..... كـانـوا أشـبــه بـأساتـذة الـجـامـعـات ، أو هـم مـنـهـم، مـنـهـجـيـة دقـيـقـة أقـرب إلـى حـواريـات * سـقـراط *، تـكـسـوهـا ألــفــاظ بـراقــة مـن مـعـجـم زمـن الـعـولـمـة والديـمـقـراطـيـة و أشـيـاء أخــرى ..... وصـدقـوا مـا وعـدوا بــه ، لـم يـطـل بـي الـمـقـام بـيـنـهـم ، تـكـلـفـوا عـنـاء اصـطـحـابـي إلـى الـمـحـطــة، و لـم يـبـارحـونــي إلا بـعـدمـا نـزعـوا مـنـي وثـائـقـي بـدعـوى الإجـراءات الـروتـيـنـيـة، وضـعـونـي بـيـن مـنـكـبـي مـقـعـد فـي مـقـدمــة الـحـافـلـة، ثـم وقـفـوا تـحـت الـنـافـذة يـلـوحـون لـي كـمـا يـودع الـقـريـب ....
تـعـالــت الـنـداءات .... وجـدة ... وجـدة .... وجـدة ... فـتـحـركــت بـداخـلـي لـيــالــي* وجـدة *، حـضـرت صـورة أمـي، أطـلــت مـن شـرفـة اغـتـراب عـشـر سـنـوات ، نـظـرات وداعـــهــا جـامـدة الـدمـع فـي الـحـدقـتـيـن ، لـم تـكـن تـلـك أول مــرة تـشـيـعـنـي فـيهـا، لـكـنـهـا كـانـت الأكـثـر إيـلامــا.....
بـلـغــنــي عـن أحـد الأخـوال ، أن أمـي خـرجـت إلـى الـدرب، وأخــذت تـدعــو عـلـى مـن كــان الـحـيـلـة و الـسـبـب .... اللــه يـأخـــذ فـيـهـم الـحـق....
انـطـلـقـت الـحـافـلـة مـع بـدايــة إمـطـار مـتـقـطـع، عـيـن عـلـى الـطـريـق وعـيـن عـلـى أمـي بـانـتـظـاري مـنـذ عـشـر سـنـوات، لـيـتـهـا كـانـت تـعـلـم بـقـدومـي.
تـعـثــر الـمـحـرك فـخـض الـركـاب ، قـال مـسـاعــد الـسـائـق : إنـه مـازال بـحـاجـة إلـى تـسـخـيـن فـي هـذا الـجـو الـبـارد .....
محمد بن زعبار- عضو مبدع
- عدد الرسائل : 1062
نقاط : 2133
تاريخ التسجيل : 02/11/2008
مواضيع مماثلة
» خرجة الكلب سلال والشاوية حاشا رزق ربي..تحليل مغناطيسي
» قصة قصيرة : حلم صعب
» النظرات قصة قصيرة
» أعيادهم !! .. قصة قصيرة ..
» الخديــــــــعة ( قصة قصيرة ) .
» قصة قصيرة : حلم صعب
» النظرات قصة قصيرة
» أعيادهم !! .. قصة قصيرة ..
» الخديــــــــعة ( قصة قصيرة ) .
ضفاف الإبداع :: الفـــــكر و الأدب و الثقافة و الفن :: ضــــفــــــ الســــــــرديــــــــــــــات ـــــــاف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة أبريل 12, 2024 4:10 pm من طرف سعداوي ربيع
» المتألقه ياسمين ابراهيم
الثلاثاء أكتوبر 10, 2023 8:54 pm من طرف سعداوي ربيع
» إستمتع بخدمة ultimate game pass لجهاز الإكسبوكس و الحاسوب
الخميس نوفمبر 24, 2022 10:35 pm من طرف lmandoo
» ربيع المؤمـــــــــــــــــــن
الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 8:11 am من طرف سعداوي ربيع
» مشروع واحة الشاطيء شقق للبيع في مدينة دبي للاستديوهات
الخميس نوفمبر 03, 2022 9:21 pm من طرف lmandoo
» شركة حلول ميج للاستشارات وتطوير الأعمال
الثلاثاء أكتوبر 18, 2022 11:26 am من طرف lmandoo
» نانا اليوم اقوى الخصومات على كل المنتجات
الأربعاء أكتوبر 12, 2022 11:28 pm من طرف lmandoo
» مرام مالك فنانة غنائية سعودية
الإثنين سبتمبر 05, 2022 5:12 am من طرف lmandoo
» موقع تعليمي سعودي لتغطية كافة المناهج
الخميس أغسطس 25, 2022 11:44 pm من طرف lmandoo
» يونيريم للرعاية المنزلية UNIREM Home Care
الأربعاء أغسطس 17, 2022 3:49 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
السبت أغسطس 13, 2022 3:57 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
السبت أغسطس 13, 2022 2:21 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:47 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:37 am من طرف lmandoo
» مصممة الازياء رنا سمعان من نينوى العراق إلى العالمية
الإثنين أغسطس 08, 2022 3:45 am من طرف lmandoo