ـ مسابقات رمضان فرصة اخرى للتواصل الجميل مع رمضان .

خواطـــــر رمضانية .

(11 )

ـ مسابقات رمضان فرصة اخرى للتواصل الجميل مع رمضان .

ـ زرع فينا الكبار ونحن صغار حب التنافس والاستعداد له .. وكان رمضان في كل عام من تلك الأعوام الماضية مجالا رحبا للبذل والعطاء الجميل .. فأذكــــر أن المسابقات الدينية التي كانت تقام على مستوى المسجد القديم مثلا في مدينتي فيها من الخير الكثير .. وفيها من الحميمية والتعاطي الأرحب مع معطى الطرح الكثير أيضا .. فالتفاعل الجميل كان ديدننا للبحث ـ في ذلك الوقت البعيد ـ عن المعلومة الدينية ، وايضا للظفر بمايجود به الكبار علينا من جوائـــــز .. لها وقعها الكبير على النفس .

أول مسابقة شاركت فيها وكنت من المتوجين .. و كان عمري حينها لايتعدى الثامنة .. كنت صغيرا في المرحلة الابتدائية . أشهد مع الكبار حلقات درسهم .. صادف أن كنت حاضرا في إحدى هذه الحلقات الرمضانية الممتعة في مسجدنا القديم .. إذ بشيخ الحلقة يعلن عن مسابقة مفتوحة وطلب من الحاضرين أن تكون الاجابة فورية .. وبدأ يقرأ أسئلته على الحاضرين ليسجــــل اسماء من أحرزوا الاجابات الصحيحة .. صادف أيضا ان كان سؤاله الأول معروفا عند شخصي .. تفرست في وجوه الحاضرين فما وجدت فيهم من يعرف الجواب .. وكان في جمعنا الكبار .. ولعل الصغار في ذلك المجلس يعدون على أصابع اليد الواحدة .. أخذتني بعض الرهبة وقلت : قد يكون جوابي خاطئا .. طالما وأن أحبابي الكبار لا يعرفون الاجابة .. انتظرت مليا .. ولم يجب أحــــــد .. والشيخ هناك يحث الحاضرين على المشاركة .. أعاد قراءة السؤال من جديد .. ما إن فرغ الشيخ من قراءته حتى رفعت يدي وقلت للشيخ أنا أجيب .. رماني الجميع بنظراتهم الحادة ورمقوني باستغرابهم الكبير .. ولكن الشيخ سر كثيرا لهذا وشجعني على الجواب بقوله : نعم نعم .. أجب .

تلوت على الشيخ الاجابة وأذكر أن محورها القرآن الكريم .. ماإن أنهيت الاجابة .. حتى قال الشيخ : أعطني اسمك يابني .

أعطيته اسمي كما طلب .. وخرجنا من حلقة الدرس .. والكل ينظر إلى الصغير ويتسآل من أين له بالجواب وهو بعد صغير ..

موعد التتويج كان قبيل صلاة العشاء .. في حفلة كبيرة تقام عادة في السابع والعشرين من كل رمضان .. شهدت الصلاة كعادتي .. وفي داخلي شوق كبير إلى معرفة المتوجين الليلة .. بعد أن أنهى الشيوخ كلماتهم الوعظية .. بدأوا في الاعلان عن أسماء المتوجين في مسابقة رمضان ـ التي أقاموها قبل أيام من الموعد وأنتهت ذاك اليوم .. بدأ الشيخ المكلف بتوزيع الجوائز في استدعاء المتوجين .. وإذ به يذكر اسمي ويطلب مني أن أحضر إلى حيث الشيوخ لأستلـــــــم جائزتي .. مررت بالصفوف الكثيرة و قلبي يكاد يخرج من أضـــــــلاعه لأحساسي بالفرح أولا وبالرهبة ثانيا .. صافحني ذاك الشيخ وهنأني .. ومنحني جائزة في شكـــــل كتاب لا أزال حتى اللحظة أحتفظ به .

ومنذ ذلك العهد البعيد ومشاركاتي الرمضانية فيما يقام من مسابقات دينية لاتتوقف .. وكم من الجوائز والتتويجات التي حظيت بها عبر أماد السنين ..

ولكني أسجل هنا موقفا جميلا أخر ..

كنت في المرحلة المتوسطة من تعليمي .. وكانت تلك المرحلة ثـــــرية بعطائها وزخمها الديني الكبير : معارض اسلامية .. حلقات لاتنقطع .. مسابقات ذات وزن كبير.. دروس للوعظ عقب كل صلاة ..

صادف أيضا أن كانت هناك مسابقة ، ولكنها مكتوبة هذه المــــــرة ، و يميزها عن تلك السابقة أن هذه تركز على البحث الدقيق في الكتب والمراجع الدينية الكبيرة .. أذكر أن سؤالا ضمن اسئلة المسابقة أشكل على كل الحاضرين .. ربما لأننا لانمتلك وسيلة الاجابة عليه .. فأشار علي أحد الحاضرين أن استوضح من شخص كان بالقرب مشهود عليه بالعلمية الكبيرة .. سألته عن السؤال : فراح يتلو على مسامعنا اجابات ويذكر حتى عناوين وصفحات المراجع .. فهالني أمر الرجـــــل .. قال بأنه يمتلك مراجع للإجابة على السؤال .. قصدنا بيته .. فهالنا ماكان عنده من كتب .. كتبه موزعة في كل مكان .. لايكاد يحصيها عاد .. هي بالألاف .. فزادنا ذلك غرابة.. عرفنا بأن الرجل عصامي وبأن ثقافته لاتضاهيها ثقافة الأكاديميين المتخصصين وقتها .. بفضل اضاءاته تم تتويجنا في المسابقة .. ولشغفنا بالكتاب .. ربطتنا بالرجل صداقة كبيرة .. استفدنا منها الكثير ... كما استفدنا الكثير الكثير من كل مشاركاتنا .

لكم مني كـــــل التحية .. ورمضانكم كريم .

نلتقي في خاطر أخر .