* قفة رمضان ..حق تنغصــــــه الذلـــــة .

خواطـــر رمضانية


* قفة رمضان ..حق تنغصــــــه الذلـــــة .

بقلم : محمد بن زعبار .

ـ في الناس اغنياء مترفون .. وفيهم فقراء معدمون .. وفي الناس ناس ليسوا بالأغنياء المترفين ، وليسوا بالفقراء المعدمين .. فهم بين بين على غرار قول طه حسين ـ الأديب المصري المشهور ـ .. ولكنهم قد لايرقون إلى مستوى الظفر بحاجاتهم ، وتحصيل متعلقات حياتهم .. وبذلك جاء الالتفات إلى شريحــــة بعينها .. سدا لذريعة الحاجة ودفعا لغبن المسكنة .. بل حتى واجب الدين والعرف السليم يفرض هكذا دعم ويؤيد رفع الغبن عن المحتاجين من الفقراء والمساكين ..

في رمضان يكون واجب النصرة والدعم ورفع الغبن أدعى منه من اي شهر أخـــــــر .. وبذلك كثرت مساعي الخير ، وكثرت معها مبادرات الخيرين .. فالمحسنين لايتوانون عن تقديم مايرونه واجبا من جهتهم .. فمطاعم الخير تكثر في رمضان .. وتقدم وجبات ساخنة بل حتى ترسل إلى ذوي الحاجات في بيوتهم .. فيحمد الناس صنيع هؤلاء الخيرين الطيبين .

ـ والدولة رأت من واجبها ألا تبقى بعيدة عن القيام بواجبها وإلا عدت مقصرة ، قد تطالها الألسن ولربما تطالها الأيدي كذلك .. وبذلك سعت عبر سنوات من الأن إلى تقديم مايعرف عندنا بــ " قفة رمضان " للفقراء والمساكين ممن تتخيرهم أو يتخيرهم القريبون منها . وبذلك قد يوجد من بين هؤلاء من لايستحق هذه القفة الرمضانية .. وهي إلى غيره أوجب .

وهذه القفة عبارة عن مواد غذائية أساسية لاتتعدى قيمتها 3000دينارجزائري .. حسب ما صرح به .. تمنح للناس في طوابير طويلة تدوم طيلة اليوم .. يتقاتل فيها خلق الله ، ويمسح بكرامتهم التراب ولايحفظ بالمرة في هكذا مواضع ماء وجههم .

فالاسلام العظيم دعانا أن نحسن إلى الفقير ، ودعانا كذلك أن نحسن الصدقة .. فليس مقبولا أن أرمي قطعة خبز للجائع على الأرض .. وأدعي بأنني احسنت إليه .. فحسنتي هاهنا فيها مايشيب ..

وقد يوجد من الناس من لايستطيع الوقوف في هكذا طوابير .. لأنه عفيف ونفسه الأبية لاتطاوعه أن يكون هناك ، حتى وإن كان فقيرا معدما .. وفي الاسلام علاج عملي لكل هذا ، لو أننا راعينا جانب الدين في أعمالنا ومشاريعنا الخيرية ..

فقد ألزمنا الاسلام أن نبحث عن الفقراء ـ وبخاصة الفقراء المتعففين ـ ، ونجهد أنفسنا في البحث ، ونوصل إليهم حاجاتهم ، ونشعرهم بأنه حقهم وليس منة من أحد .. حتى نحفظ لهم ماء الوجه ونصون كرامتهم عن ذل السؤال ..

ولكننا ابتعدنا كثيرا عن تعاليم الاسلام فحصل بيننا مايـــــــذل ، و أوقع الكثير منا في الحرج والعنت ، وألحق بفقرائنا الذل وغبن الحصول على الحاجـــــــة .

مررت بهذه الطوابير مرارا فأشعرني الموقف بخسة وذلة وسوء تدبيــــــر .. استهجنت نفسي صنيع القائمين على مشروع هذه القفة .. والتي جاءت لتخدم الفقير .. أليس الأحرى بنا إن نحن عمدنا إلى خدمة الفقير ومساعدته ، أن نحسن الخدمة ، وان نحفظ لفقرائنا ماء الوجـــــه ، ونصون كراماتهم كما يجب .

وأنا أشاهد الموقف دار بيني وبين صديقي حديث : قلت له : الأحرى بالدولة ومن يمثلها على مستوى القاعدة أن تسخر للعملية ، ما تملك من شاحنات ، وتوصل حاجيات الناس إلى بيوتهم ، فتكون هيبتها كبيرة عن شعبها ، وتحفظ لشعبها ماء وجهه وتصون كرامته .. أو أنها تدفع إلى الناس القيمة المالية في شكـــــــــــل حوالات ، والناس أحرار في شراء مايرونه مناسبا لهم .

ولكننا نركـــــن كعادتنا إلى قرارات طائشة نتخذها ، دونما تدبير .. نرمي بها أحاسيس الناس عرض الحائط .. ولانراعي فيها جانب الدين ولا حتى العرف السليم .

متى نحسن التعامل مع بعضنا .. ونشعر كل الناس بأن مايأخذونه منا ليس منة منا ، بل هو حق وحق واجــــــب ..

دمتم في رعاية الله .

نلتقي كالعادة في خاطر أخـــــــــــر .