* الروائي * عمــــــر مناصرية * لليوم الأدبي .

عمر مناصرية ، روائي شاب، من مواليد سنة 1974 برأس العيون ( باتنة) ، ينتمي الى الجيل الجديد في الكتابة الروائية الجزائرية ، يكتب إلى جانب الرواية ، القصة و المقالة ، متحصل على شهادة الماجستير في علم النفس، صدرت له روايتان :
- “هل بقيت حيا ؟” سنة 2001 .
- ” عابرو الليل” سنة 2009 .
اغتنمنا فرصة اللقاء به ، و أجرينا معه هذا الحوار :
حاوره : نورالدين برقادي
س 1: روايتك الأولى “هل بقيت حيا؟” لم تنل حقها من التعريف من طرف وسائل الإعلام، هل يمكن قراءة رواية ما دون معرفة مسبقة بالروائي أو بعمله؟
في الحقيقة ربما لا تكون أول الأعمال معروفة بالقدر الكافي في ظل عدم وجود عمل موازي أو منظومة موازية تقوم بالتعريف والاهتمام بكل ما يكتب وينشر، سواء من الصحف أو من وسائل الإعلام الأخرى، لذا عادة ما يكون الكاتب في بلدنا هو الكاتب والناشر والموزع وربما القارئ الوحيد لأعماله، وأيضا الناقد في أحيان كثيرة، لأنه يضطر إلى ممارسة مهام مرتبطة بالكتابة، وأنا لم أستطع القيام بكل هذه الأدوار.
بالنسبة للشق الثاني من سؤالكم، فهو يعكس حقيقة الفوضى السائدة في الساحة الثقافية، حيث نسمع بكتاب دون أن نعثر لهم على بضاعة، ونعثر على أعمال لكتاب لا نكاد نسمع بهم، وهذه هي أزمتنا الثقافية الخانقة.
س 2:عملك الروائي الثاني “عابرو الليل” يعد تجربة جديدة في مسارك الإبداعي، ما هو الجديد الذي جاء فيه؟
لقد حاولت في هذا العمل صنع مرآة لكل جزائري، ليستطيع النظر إلى نفسه وإلى تجربته المليئة بالمعاناة والألم دون خوف أو خجل، وقد وظفت لهذا الغرض الكثير من المفاجأة، محاولة مني لرسم صورة أخرى إيجابية للجزائري رغم المعاناة، ولذا أرجو أن يحوز رضى القراء والمهتمين.
س 3: بحكم اختصاصك في علم النفس هل تمارس التحليل النفسي على شخصيات رواياتك؟
ربما يحتاج أي كاتب إذا لم أقل أي إنسان إلى كثير من المعرفة في شتى الميادين ليكتب ويحيا، خاصة علم النفس والعلوم الإنسانية بصفة عامة. غير أن لحظة توظيف هذه المعارف تختلف كثيرا، ففي حال الكتابة، فإن الذي يتصدى لعملية الكتابة عادة لا يمارس أي سلطة على شخوصه الروائية، إنه يدعهم ينطلقون ، يرسمون مصائرهم وحدهم ، وهذه اللحظة مهمة جدا، لأنها تسمح للوعي بالدخول إلى منطقة اللاوعي واستمداد المعنى منه، وهي عملية محفوفة بالمخاطر، خاصة إذا ما تم ممارسة أي سلطة منتمية إلى الوعي عليها، سواء من ذات الكاتب أو من طرف السلط الخارجية الثقافية والاجتماعية والسياسية. حينئذ تفشل عملية الكتابة ، ويصبح العمل مبتذلا وغير صادق، أما في لحظة ما بعد الكتابة، أو حين ينتهي اللاوعي من عمله، فإن دور الوعي يأتي ليقوم بدور آخر هو التقويم والتعديل ، وهنا نجد الكثير من العلوم تتدخل لتقوم بهذه العملية، وأهمها عملية النقد التي تحاول أن ترسم صورة أخرى للعمل، بما توظفه من معارف ومنها علم النفس. وأنا عادة لا أتحكم في أي من شخصياتي، بل إنني قد أنتبه في فترات لاحقة ومتأخرة إلى نوع من الاتفاق أو الأفكار التي تنبثق من العمل .
س 4: إلى جانب الرواية تكتب القصة، لماذا نجد جمهور الرواية أكبر من جمهور القصة والشعر؟
ربما لأن الرواية هي الأقرب إلى حياة الناس العادية، بشكلها وإمكانياتها، وهذا ما نلاحظه في ارتداد الشعر عن علويته، مع قصيدة النثر، وهي محاولة للتقرب من الواقع والمعيش بصورة مختلفة، أما القصة، فهي لا تستطيع إرواء ظمئنا إلى الحقيقة، لأننا بحاجة دائمة لمعرفة الأكثر و المزيد، وهي خاصية إنسانية صرفة، لننظر إلى الإنسان، كيف يحاول دائما الحصول على رابط ما بين السابق واللاحق، وإلى شغفه في الاستمرار للحصول على ما هو مخفي ومغيب.
من ناحية أخرى ترتبط الرواية بعصر أدرك فيه الإنسان قيمة أفعاله ووجوده. ولذا نجد اهتماما متزايدا بالإنسان وحياته وقيمة ما يقوم به. والشعر غالبا ما يرتبط بالمطلق والخيالي والحالم ، حتى أننا نستطيع أن نقول بأن الشعر هو لغة الثورة ، لنلاحظ كيف أن الثورة تلد الشعراء دائما خاصة في محيط الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية التي يبدو وكأن الشعر ضروري لها. أما الرواية فهي لغة التفكير والرؤية، ولذا فهي تبرز بعد الثورة لإعادة التوازن إلى الإنسان.
س 5: نشرت بعض النصوص على شبكة الانترنت ، وبحكم صعوبة النشر في الجزائر، ألم تفكر في النشر الإلكتروني لأعمالك الروائية والقصصية؟
لقد قمت ولازلت أمارس النشر الالكتروني لبعض القصص والمقالات والروايات، إلا أنه لاشيء يوازي الكتاب في قيمته وحميميته.
لذا دعنا نفهم هذه المسألة من جانب آخر، فمما سبق، نجد أن النشر الإلكتروني هو بحث عن اختراق الحدود الثقافية والفكرية والسياسية ما دامت الانترنت تتيح ذلك، غير أنه لبناء شخصية وطنية ورواية جزائرية حقيقية، ينبغي أن يتم ذلك في الداخل وليس الخارج، قد يسمح النشر الإلكتروني ببعض الاستثناءات هنا وهناك، إلا أن ما ينفذ إلى الشخصية ينبغي أن يكون أكثر حميمية من الانترنت، فهو يتدخل في لا شعورنا الجمعي والتاريخي والثقافي.