مـــــــــــــــــــــواعظ
من فضل الله على عباده تتابع مواسم الخيرات ومضاعفة الحسنات فالمؤمن يتقلب في ساعات عمره بين أنواع العبادات والقربات فلا يمضي من عمره ساعة إلا ولله فيها وظيفة من وظائف الطاعات وما أن يفرغ من عبادة إلا ويشرع في عبادة أخرى ولم يجعل الله حدا لطاعة العبد إلا انتهاء عمره وانقضاء أجله.
وبعد ان اتم الله لنا نعمة اكمال شهر الصيام والقيام ورتب عليه عظيم الأجر والثواب صيام ست أيام من شوال التي ثبت في فضائلها العديد من الأحاديث منها ما رواه الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر
المواضيع الأخيرة
بطاقات اسلامية
أدعية رمضانــــــــــية
وهم الحب تأليف : محمد بن عبد العزيز المسند - الجزء الأول
ضفاف الإبداع :: الفـــــكر و الأدب و الثقافة و الفن :: ضــفـــــ الحـــوارو النـــــقاش ـــــــــــــاف
صفحة 1 من اصل 1
وهم الحب تأليف : محمد بن عبد العزيز المسند - الجزء الأول
وهم الحب
كتاب لا غنى لك عن قراءته والاستفادة منه
تأليف : محمد بن عبد العزيز المسند
المقدمة
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده ...
أما بعد ....
ففي زمن من الأزمان ، أراد أعداء الإسلام غزو بلاد المسلمين ، فأرسلوا عيناً لهم ( أي جاسوساً) يستطلع لهم أحوال المسلمين ، ويتحسّس أخبارهم ، وبينا هو يسير في حيّ من أحياء المسلمين ، رأى غلامين في أيديهما النبل والسهام ، وأحدهما قاعد يبكي ، فدنا منه ، وسأله عن سبب بكائه ، فأجاب الغلام وهو يجهش بالبكاء : (( إنّي قد أخطأت الهدف ... )) ثمّ عاد إلى بكائه ... فقال له العين : لا بأس ، خذ سهماً آخر ، وأصب الهدف ! فقال الغلام بلهجة غاضبة : (( ولكنّ العدوّ لا ينتظرني حتى آخذ سهماً آخر وأصيب الهدف )) ..
فعاد الرجل إلى قومه ، وأخبرهم بما رأى ، فعلموا أنّ الوقت غير مناسب لغزو المسلمين ..
ثمّ مضت السنون ، وتغيّرت الأحوال ، وأراد الأعداء غزو المسلمين ، فأرسلوا عيناً ، يستطلع لهم الأخبار ، وحين دخل بلاد المسلمين رأى شابّاً في العشرين من عمره ! في هيئة غريبة ، قاعداً يبكي ، فدنا منه ، وسأله عن سبب بكائه ، فرفع رأسه ، وقال مجيباً بصوت يتقطّع ألماً وحسرة : (( إنّ حبيبته التي منحها مهجة قلبه ، وثمرة فؤاده قد هجرته إلى الأبد ، وأحبّت غيره )) ثمّ عاد إلى بكائه ... !!
وعاد الرجل إلى قومه يفرك يديه سروراً مبشّراً لهم بالنصر ...
إن قوة الأمة وضعفها يكمن في مدى تمسكها بكتاب ربّها وسنّة نبيّها صلى الله عليه وسلم ، ولعل أفضل واقع يترجم ذلك : اهتمامات وشبابها وفتيانها – ذكوراً وإناثاً – كما قال الشاعر :
وينشأ ناشئ الفتيان منّا على ما كان عوده أبوه
ولما كان الحبّ أصل فعل ومبدأه ، وأصل حركة كلّ متحرّك (1) ، وكان محلّه القلب الذي هو أصل صلاح المرء وفساده ، كان أمره في غاية الخطورة ... وكان جديراً بالعناية والبيان والتوضيح ...
فأقول – وبالله التوفيق - : إنّ الحبّ أنواع :
فمنه ما هو واجب كحبّ الله ورسوله ، وما يندرج تحت ذلك من الحبّ في الله ولله .
ومنه ما هو جائز ومباح ، وهو ما يكون بمقتضى الطبيعة والجبلة كحبّ الوالدين والزوجة والأولاد والعشيرة والوطن ونحو ذلك ، وهذا النوع له حدّ متى ما تجاوزه كان محرّماً ، ومثال ذلك قول أحد الشعراء مخاطباً وطنه :
ويا وطني لقيتك بعد يـأس كأني قد لقيت بك الشبابا
أدير إليك قبل البيت وجهي إذا فهت الشهادة والمتابا(2)
فالشاعر هنا قد جعل الوطن قبلته الأولى التي يدير إليها وجهه إذا نطق بالشهادة قبل القبلة التي جعلها الله لعباده المسلمين ، ولا شكّ أنّ ذلك من الضلال الواضح ، والطغيان المبين .
ومنه ما هو محرم ، وهو الحبّ مع الله ، كما قال تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [ البقرة: من الآية165] ، وهذا نوع من الشرك ، يسمّى : ( شرك المحبّة ) ، وهو درجات بحسب ما يقوم بقلب صاحبه من التعلّق بالمحبوب ومحبّته من دون الله ، وهذا النوع هو الذي أردت الحديث عنه في هذا الكتاب ، وهو ما يمكن أن نسميه بـ ( حبّ الأفلام والمسلسلات والمجلات الهابطة ) ، الذي نشأ عليه الصغير ، وهرم عليه الكبير إلا من رحم الله عز وجل ، حتى إن بعض ما يسمى بالمسلسلات الدينية ! التي يُمثل فيها الصحابة رضي الله عنهم(3) لم يسلم من إقحام هذا النوع من الحبّ فيها .
ولقد كنت منذ زمن أتابع ما ينشر حول هذا الموضوع في بعض الصحف والمجلات ، إضافة إلى ما يصلني من رسائل واتّصالات ، وما أسمعه من قصص وحكايات ، وعند تأمل ذلك كله ، تبيّن لي كثرة الأضرار المترتبة على هذا الوهم وآثاره السيئة على الفرد والمجتمع ، فرأيت جمعها ودراستها في هذا المؤلف ليكون بمثابة صيحة إنذار للغافلين والغافلات ، واللاهين واللاهيات ، سواء من الشباب والشابات ، أو الآباء والأمهات ، وقد حرصت أن يكون بأسلوب سهل ، وعبارات واضحة ، لاسيما وأنه موجه بالدرجة الأولى لفئة المراهقين والشباب ، لاسيما الذين تتراوح أعمارهم ما بين (12- 20 ) سنة ، لأنهم هم الضحية في الغالب ، كما حرصت على الاستشهاد في كل ما أذكره بقصص من ابُتلي بهذا البلاء ، وأقوالهم واعترافاتهم كما صرحوا بها ، ليكون ذلك أدعى للردع والزجر ، علماً بأن أكثر هذه القصص يتضمن مخالفات شرعية كثيرة من اختلاط وخلوة وقلة حياء وغير ذلك مما لا يخفى على مسلم ، وقد علقت على بعضها ، واكتفيت في بعضها بوضع علامة تعجب ، وتركت الباقي لفطنة القارئ ، والله تعالى هو وليّ التوفيق ، وهو حسبي ونعم الوكيل .
محمد بن عبد العزيز المسند
الرياض 11457 – ص.ب 29459
هـ وفاكس 2390210
تمهيد
إن المتأمل في نصوص الشرع المطهر يجد أنها قد حرمت كل ما فيه ضرر على الإنسان في دينه ودنياه ، قال تعالى في وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [لأعراف: من الآية157] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا ضرر ، ولا ضرار ))(4) ، فالمسلم منهي عن فعل ما يضره مما لم يأذن به الله .
ونحن إذا تأملنا هذا الحبّ – الذي نحن بصدد الحديث عنه – فإننا سنجد أنه يكاد يكون ضرراً محضاً لا نفع فيه ، سوى مجرد أحلام وأوهام ، ومتعة قصيرة زائلة ، يعقبها همّ وغمّ وآلام لا تنقطع ، وذل لا يفارق صاحبه ، إلا أن يتدركه الله برحمة منه ، كما قال الشاعر :
مساكين أهل الحبّ حتى قبورهم عليها غبار الذلّ بين المقابر
وكل كائن حيّ مفطور على حبّ ما ينفعه ، واجتناب ما يؤذيه ويضره ، إلا أن الإنسان على وجه الخصوص – على الرغم من تكريم الله له بنعمة العقل – حين يغلبه هواه ، تنطمس فطرته ، وتعمى بصيرته ، فيترك ما ينفعه ، ويلهث في البحث عمّا يضره ، فينحط بذلك عن مستوى البهيمة ، وهذا هو حال المخدوعين بوهم الحبّ ، نسأل الله السلامة والعافية .
من قال إن هذا الحبّ وهم ؟!
لست أنا الذي قال ذلك ، وإنّما هم أهل الحبّ أنفسهم الذين جربوه واكتووا بناره وعذابه ، هم الذين قالوا ذلك ، وإليك شيئاً من أقوالهم واعترافاتهم :
تقول إحداهنّ :
(( أنا فتاة في التاسعة والعشرين من عمري ، تعرفت على شاب أثناء دراستي الجامعية ! كانت الظروف! كلها تدعونها لكي نكون معاً رغم أنّه ليس من بلدي ، تفاهمنا منذ الوهلة الأولى ، ومع مرور الأيام توطدت العلاقة بحيث أصبحنا لا نطيق فراقاً ! ، وبعد انتهاء الدراسة عاد إلى بلده ، وعدت إلى أسرتي ، واستمر اتصالنا عبر الهاتف والرسائل ، ووعدني بأنه سيأتي لطلب يدي عندما يحصل على عمل ، وبالطبع وعدته بالانتظار. لم أفكر أبداً بالتخلي عنه رغم توفر فرص كثيرة لبدء حياة جديدة مع آخر!!
عندما حصل على عمل اتصل بي ليخبرني أنه آت لطلب يدي ، وفاتحت أهلي بالموضوع(5) وأنا خائفة من رفضهم ، ولكنهم لم يرفضوا ! ... سألني أبي فقط إن كان أحد من أهله سيأتي معه ، ولمّا سألته عن ذلك تغير صوته ، وقال : إنه قادم في زيارة مبدئية ... شيء ما بداخلي أقنعني بأنه لم يكن صادقاً .. وأتي بالفعل ، وليته لم يأت(6) ، لأنه عاد إلى بلده وانقطعت اتصالاته ، وكلّما اتصلت به تهرب منّي ، إلى أن كتبت له خطاباً ، وطلبت منه تفسيراً ، وجاءني الردّ الذي صدمني ، قال: ((لم أعد أحبك ، ولا أعرف كيف تغيّر شعوري نحوك ، ولذلك أريد إنهاء العلاقة ))...!!
أدركت كم كنت مغفلة وساذجة لأنني تعلقت بالوهم ستّ سنوات ... ماذا أقول لأهلي ؟ أشعر بوحدة قاتلة ، وليست لدي رغبة في عمل أي شيء ... ))(7) إلى آخر ما ذكرت ... فتأملوا قولها : ((تعلقت بالوهم ست سنين )) فهو الشاهد .
وتقول أخرى : (( إنني فتاة في العشرين ، لم أكن أؤمن بشيء اسمه الحبّ – وما زلت – ولا أثق مطلقاً بأي شاب ، بل كثيراً ما كنت أنصح صديقاتي وأحذرهن من فخاخ الحبّ الزائف الذي لم أستطع أن أمنع نفسي من الوقوع فيه ... نعم ، وقعت فيه ...
كان ذلك في مكان عام.. شاب يلاحقني بنظراته، ويحاول أن يعطيني رقم هاتفه، فخفق قلبي له بشدة( وشعرت بانجذاب إليه ! وأنه الفارس الذي ارتسمت صورته في خيالي ورأيته في أحلامي ... وكأنه قد لاحظ مدى خجلي وتردّدي ، فأعطى الرقم لصديقتي ، وأخذته منها والدنيا لا تكاد تسعني ، واتصلت به ، وتعارفنا! وتحدثنا طويلاً !.. فكان مهذّباً جداً (9) ، وكنت صريحة وصادقة معه ...
وشيئاً فشيئاً صارحني بحبه ! ، وطلب مني الخروج معه ... رفضت في البداية ، وأفهمته أني لست مستعدة لفقد ثقة أهلي ، والتنازل عن مبادئي وأخلاقي التي تمنعني من تجاوز الحدود التي رسمتها لنفسي .. لكنه استطاع إقناعي ، ويبدو أن الحبّ أعماني فلم أميّز الصحّ من الخطأ .. وخرجت معه (10) ، فكانت المرّة الأولى في حياتي ، وصارحته برأيي فيه وفي أمثاله من الشباب ، فلم يعجبه كلامي ، وسخر مني ، بل اتهمني بتمثيل دور الفتاة الشريفة ، وأشبعني تجريحاً (11) ، وكان اللقاء الأول والأخير (12) ، فقد قررت التضحية بحبّي من أجل كرامتي ، ولكنه احتفظ بكتاب يتضمن أشعاراً ومذكرات لي كتبتها بخطي ، ووقعتها باسمي ، وقد رفض إعادتها لي ... ))(13)
كتاب لا غنى لك عن قراءته والاستفادة منه
تأليف : محمد بن عبد العزيز المسند
المقدمة
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده ...
أما بعد ....
ففي زمن من الأزمان ، أراد أعداء الإسلام غزو بلاد المسلمين ، فأرسلوا عيناً لهم ( أي جاسوساً) يستطلع لهم أحوال المسلمين ، ويتحسّس أخبارهم ، وبينا هو يسير في حيّ من أحياء المسلمين ، رأى غلامين في أيديهما النبل والسهام ، وأحدهما قاعد يبكي ، فدنا منه ، وسأله عن سبب بكائه ، فأجاب الغلام وهو يجهش بالبكاء : (( إنّي قد أخطأت الهدف ... )) ثمّ عاد إلى بكائه ... فقال له العين : لا بأس ، خذ سهماً آخر ، وأصب الهدف ! فقال الغلام بلهجة غاضبة : (( ولكنّ العدوّ لا ينتظرني حتى آخذ سهماً آخر وأصيب الهدف )) ..
فعاد الرجل إلى قومه ، وأخبرهم بما رأى ، فعلموا أنّ الوقت غير مناسب لغزو المسلمين ..
ثمّ مضت السنون ، وتغيّرت الأحوال ، وأراد الأعداء غزو المسلمين ، فأرسلوا عيناً ، يستطلع لهم الأخبار ، وحين دخل بلاد المسلمين رأى شابّاً في العشرين من عمره ! في هيئة غريبة ، قاعداً يبكي ، فدنا منه ، وسأله عن سبب بكائه ، فرفع رأسه ، وقال مجيباً بصوت يتقطّع ألماً وحسرة : (( إنّ حبيبته التي منحها مهجة قلبه ، وثمرة فؤاده قد هجرته إلى الأبد ، وأحبّت غيره )) ثمّ عاد إلى بكائه ... !!
وعاد الرجل إلى قومه يفرك يديه سروراً مبشّراً لهم بالنصر ...
إن قوة الأمة وضعفها يكمن في مدى تمسكها بكتاب ربّها وسنّة نبيّها صلى الله عليه وسلم ، ولعل أفضل واقع يترجم ذلك : اهتمامات وشبابها وفتيانها – ذكوراً وإناثاً – كما قال الشاعر :
وينشأ ناشئ الفتيان منّا على ما كان عوده أبوه
ولما كان الحبّ أصل فعل ومبدأه ، وأصل حركة كلّ متحرّك (1) ، وكان محلّه القلب الذي هو أصل صلاح المرء وفساده ، كان أمره في غاية الخطورة ... وكان جديراً بالعناية والبيان والتوضيح ...
فأقول – وبالله التوفيق - : إنّ الحبّ أنواع :
فمنه ما هو واجب كحبّ الله ورسوله ، وما يندرج تحت ذلك من الحبّ في الله ولله .
ومنه ما هو جائز ومباح ، وهو ما يكون بمقتضى الطبيعة والجبلة كحبّ الوالدين والزوجة والأولاد والعشيرة والوطن ونحو ذلك ، وهذا النوع له حدّ متى ما تجاوزه كان محرّماً ، ومثال ذلك قول أحد الشعراء مخاطباً وطنه :
ويا وطني لقيتك بعد يـأس كأني قد لقيت بك الشبابا
أدير إليك قبل البيت وجهي إذا فهت الشهادة والمتابا(2)
فالشاعر هنا قد جعل الوطن قبلته الأولى التي يدير إليها وجهه إذا نطق بالشهادة قبل القبلة التي جعلها الله لعباده المسلمين ، ولا شكّ أنّ ذلك من الضلال الواضح ، والطغيان المبين .
ومنه ما هو محرم ، وهو الحبّ مع الله ، كما قال تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [ البقرة: من الآية165] ، وهذا نوع من الشرك ، يسمّى : ( شرك المحبّة ) ، وهو درجات بحسب ما يقوم بقلب صاحبه من التعلّق بالمحبوب ومحبّته من دون الله ، وهذا النوع هو الذي أردت الحديث عنه في هذا الكتاب ، وهو ما يمكن أن نسميه بـ ( حبّ الأفلام والمسلسلات والمجلات الهابطة ) ، الذي نشأ عليه الصغير ، وهرم عليه الكبير إلا من رحم الله عز وجل ، حتى إن بعض ما يسمى بالمسلسلات الدينية ! التي يُمثل فيها الصحابة رضي الله عنهم(3) لم يسلم من إقحام هذا النوع من الحبّ فيها .
ولقد كنت منذ زمن أتابع ما ينشر حول هذا الموضوع في بعض الصحف والمجلات ، إضافة إلى ما يصلني من رسائل واتّصالات ، وما أسمعه من قصص وحكايات ، وعند تأمل ذلك كله ، تبيّن لي كثرة الأضرار المترتبة على هذا الوهم وآثاره السيئة على الفرد والمجتمع ، فرأيت جمعها ودراستها في هذا المؤلف ليكون بمثابة صيحة إنذار للغافلين والغافلات ، واللاهين واللاهيات ، سواء من الشباب والشابات ، أو الآباء والأمهات ، وقد حرصت أن يكون بأسلوب سهل ، وعبارات واضحة ، لاسيما وأنه موجه بالدرجة الأولى لفئة المراهقين والشباب ، لاسيما الذين تتراوح أعمارهم ما بين (12- 20 ) سنة ، لأنهم هم الضحية في الغالب ، كما حرصت على الاستشهاد في كل ما أذكره بقصص من ابُتلي بهذا البلاء ، وأقوالهم واعترافاتهم كما صرحوا بها ، ليكون ذلك أدعى للردع والزجر ، علماً بأن أكثر هذه القصص يتضمن مخالفات شرعية كثيرة من اختلاط وخلوة وقلة حياء وغير ذلك مما لا يخفى على مسلم ، وقد علقت على بعضها ، واكتفيت في بعضها بوضع علامة تعجب ، وتركت الباقي لفطنة القارئ ، والله تعالى هو وليّ التوفيق ، وهو حسبي ونعم الوكيل .
محمد بن عبد العزيز المسند
الرياض 11457 – ص.ب 29459
هـ وفاكس 2390210
تمهيد
إن المتأمل في نصوص الشرع المطهر يجد أنها قد حرمت كل ما فيه ضرر على الإنسان في دينه ودنياه ، قال تعالى في وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [لأعراف: من الآية157] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا ضرر ، ولا ضرار ))(4) ، فالمسلم منهي عن فعل ما يضره مما لم يأذن به الله .
ونحن إذا تأملنا هذا الحبّ – الذي نحن بصدد الحديث عنه – فإننا سنجد أنه يكاد يكون ضرراً محضاً لا نفع فيه ، سوى مجرد أحلام وأوهام ، ومتعة قصيرة زائلة ، يعقبها همّ وغمّ وآلام لا تنقطع ، وذل لا يفارق صاحبه ، إلا أن يتدركه الله برحمة منه ، كما قال الشاعر :
مساكين أهل الحبّ حتى قبورهم عليها غبار الذلّ بين المقابر
وكل كائن حيّ مفطور على حبّ ما ينفعه ، واجتناب ما يؤذيه ويضره ، إلا أن الإنسان على وجه الخصوص – على الرغم من تكريم الله له بنعمة العقل – حين يغلبه هواه ، تنطمس فطرته ، وتعمى بصيرته ، فيترك ما ينفعه ، ويلهث في البحث عمّا يضره ، فينحط بذلك عن مستوى البهيمة ، وهذا هو حال المخدوعين بوهم الحبّ ، نسأل الله السلامة والعافية .
من قال إن هذا الحبّ وهم ؟!
لست أنا الذي قال ذلك ، وإنّما هم أهل الحبّ أنفسهم الذين جربوه واكتووا بناره وعذابه ، هم الذين قالوا ذلك ، وإليك شيئاً من أقوالهم واعترافاتهم :
تقول إحداهنّ :
(( أنا فتاة في التاسعة والعشرين من عمري ، تعرفت على شاب أثناء دراستي الجامعية ! كانت الظروف! كلها تدعونها لكي نكون معاً رغم أنّه ليس من بلدي ، تفاهمنا منذ الوهلة الأولى ، ومع مرور الأيام توطدت العلاقة بحيث أصبحنا لا نطيق فراقاً ! ، وبعد انتهاء الدراسة عاد إلى بلده ، وعدت إلى أسرتي ، واستمر اتصالنا عبر الهاتف والرسائل ، ووعدني بأنه سيأتي لطلب يدي عندما يحصل على عمل ، وبالطبع وعدته بالانتظار. لم أفكر أبداً بالتخلي عنه رغم توفر فرص كثيرة لبدء حياة جديدة مع آخر!!
عندما حصل على عمل اتصل بي ليخبرني أنه آت لطلب يدي ، وفاتحت أهلي بالموضوع(5) وأنا خائفة من رفضهم ، ولكنهم لم يرفضوا ! ... سألني أبي فقط إن كان أحد من أهله سيأتي معه ، ولمّا سألته عن ذلك تغير صوته ، وقال : إنه قادم في زيارة مبدئية ... شيء ما بداخلي أقنعني بأنه لم يكن صادقاً .. وأتي بالفعل ، وليته لم يأت(6) ، لأنه عاد إلى بلده وانقطعت اتصالاته ، وكلّما اتصلت به تهرب منّي ، إلى أن كتبت له خطاباً ، وطلبت منه تفسيراً ، وجاءني الردّ الذي صدمني ، قال: ((لم أعد أحبك ، ولا أعرف كيف تغيّر شعوري نحوك ، ولذلك أريد إنهاء العلاقة ))...!!
أدركت كم كنت مغفلة وساذجة لأنني تعلقت بالوهم ستّ سنوات ... ماذا أقول لأهلي ؟ أشعر بوحدة قاتلة ، وليست لدي رغبة في عمل أي شيء ... ))(7) إلى آخر ما ذكرت ... فتأملوا قولها : ((تعلقت بالوهم ست سنين )) فهو الشاهد .
وتقول أخرى : (( إنني فتاة في العشرين ، لم أكن أؤمن بشيء اسمه الحبّ – وما زلت – ولا أثق مطلقاً بأي شاب ، بل كثيراً ما كنت أنصح صديقاتي وأحذرهن من فخاخ الحبّ الزائف الذي لم أستطع أن أمنع نفسي من الوقوع فيه ... نعم ، وقعت فيه ...
كان ذلك في مكان عام.. شاب يلاحقني بنظراته، ويحاول أن يعطيني رقم هاتفه، فخفق قلبي له بشدة( وشعرت بانجذاب إليه ! وأنه الفارس الذي ارتسمت صورته في خيالي ورأيته في أحلامي ... وكأنه قد لاحظ مدى خجلي وتردّدي ، فأعطى الرقم لصديقتي ، وأخذته منها والدنيا لا تكاد تسعني ، واتصلت به ، وتعارفنا! وتحدثنا طويلاً !.. فكان مهذّباً جداً (9) ، وكنت صريحة وصادقة معه ...
وشيئاً فشيئاً صارحني بحبه ! ، وطلب مني الخروج معه ... رفضت في البداية ، وأفهمته أني لست مستعدة لفقد ثقة أهلي ، والتنازل عن مبادئي وأخلاقي التي تمنعني من تجاوز الحدود التي رسمتها لنفسي .. لكنه استطاع إقناعي ، ويبدو أن الحبّ أعماني فلم أميّز الصحّ من الخطأ .. وخرجت معه (10) ، فكانت المرّة الأولى في حياتي ، وصارحته برأيي فيه وفي أمثاله من الشباب ، فلم يعجبه كلامي ، وسخر مني ، بل اتهمني بتمثيل دور الفتاة الشريفة ، وأشبعني تجريحاً (11) ، وكان اللقاء الأول والأخير (12) ، فقد قررت التضحية بحبّي من أجل كرامتي ، ولكنه احتفظ بكتاب يتضمن أشعاراً ومذكرات لي كتبتها بخطي ، ووقعتها باسمي ، وقد رفض إعادتها لي ... ))(13)
مواضيع مماثلة
» وهم الحب تأليف : محمد بن عبد العزيز المسند - الجزء الثاني
» وهم الحب تأليف : محمد بن عبد العزيز المسند - الجزء الثالث
» وهم الحب تأليف : محمد بن عبد العزيز المسند - الجزء الرابع
» وهم الحب تأليف : محمد بن عبد العزيز المسند - الجزء الخامس و الأخير
» عمر بن عبد العزيز : المجدد الأول للإسلام
» وهم الحب تأليف : محمد بن عبد العزيز المسند - الجزء الثالث
» وهم الحب تأليف : محمد بن عبد العزيز المسند - الجزء الرابع
» وهم الحب تأليف : محمد بن عبد العزيز المسند - الجزء الخامس و الأخير
» عمر بن عبد العزيز : المجدد الأول للإسلام
ضفاف الإبداع :: الفـــــكر و الأدب و الثقافة و الفن :: ضــفـــــ الحـــوارو النـــــقاش ـــــــــــــاف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة أبريل 12, 2024 4:10 pm من طرف سعداوي ربيع
» المتألقه ياسمين ابراهيم
الثلاثاء أكتوبر 10, 2023 8:54 pm من طرف سعداوي ربيع
» إستمتع بخدمة ultimate game pass لجهاز الإكسبوكس و الحاسوب
الخميس نوفمبر 24, 2022 10:35 pm من طرف lmandoo
» ربيع المؤمـــــــــــــــــــن
الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 8:11 am من طرف سعداوي ربيع
» مشروع واحة الشاطيء شقق للبيع في مدينة دبي للاستديوهات
الخميس نوفمبر 03, 2022 9:21 pm من طرف lmandoo
» شركة حلول ميج للاستشارات وتطوير الأعمال
الثلاثاء أكتوبر 18, 2022 11:26 am من طرف lmandoo
» نانا اليوم اقوى الخصومات على كل المنتجات
الأربعاء أكتوبر 12, 2022 11:28 pm من طرف lmandoo
» مرام مالك فنانة غنائية سعودية
الإثنين سبتمبر 05, 2022 5:12 am من طرف lmandoo
» موقع تعليمي سعودي لتغطية كافة المناهج
الخميس أغسطس 25, 2022 11:44 pm من طرف lmandoo
» يونيريم للرعاية المنزلية UNIREM Home Care
الأربعاء أغسطس 17, 2022 3:49 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
السبت أغسطس 13, 2022 3:57 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
السبت أغسطس 13, 2022 2:21 am من طرف lmandoo
» اشطر جراح عام دكتور عبد الوهاب رأفت
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:47 am من طرف lmandoo
» ايه افضل بيوتى صالون فى حدئق الاهرام واكتوبر وزايد
الثلاثاء أغسطس 09, 2022 1:37 am من طرف lmandoo
» مصممة الازياء رنا سمعان من نينوى العراق إلى العالمية
الإثنين أغسطس 08, 2022 3:45 am من طرف lmandoo