المقامة الاعترافية ـ الجزء الأول

من طرف **حسن خليفة** الخميس مايو 07, 2009 5:07 pm

المقامة الاعترافية

للطالبة:زهرة سوقي

كل يوم يا فتاة ،لك عبرة من الحياة، أجملها لك في ألفاظ و عبارات، فاسمعي القول و لا تتأسي على الذي فات، لا تفكري أن الخروج من المشاكل في الممات، و اعرفي أن وصمة العار منك ستخلد في كتاب الذكريات، لا تؤمني، لا تصدقي أن سن المراهقة هو أمتع الأوقات و أن الحب هو أجمل ما تمر به البنات، لكن اسمعي جملة من العبارات، دموع، أحزان، حسرات، أصوات للآهات، إنها حكايات البنات، و هذه إحدى العبارات، اقتطفها من إحدى اللافتات، إنها فتاة حول الحب جسمها إلى فتات، قالت: إنها أجمل تجربة و أمتع الأوقات، و إن فارس أحلامها رجل من الثقات، لكن بعد كل المعاناة، أتته فرصة للثبات، هي الذهاب خارج البلاد و تحقيق الأمنيات،.و أنت يا فتاتي ،بعد القيام بكل هذه الجولات، سأعود إليك بالإنجازات، و سأوفي بكل الوعود أولها الزواج و العيش في هناء، و إنجاب العديد من البنين و البنات، لكن عليك بالصبر و التحلي بالثبات.

و تمت الاتفاقات، و مرت السنوات،طال انتظار الفتاة، ليعود الفتى بعدة صفات، و عليه ألوان و أشكال، حيث مر بها لم تعرفه.

قالت: هذا النوع من الرجال، عندي محال.فأجابها: أنا الماضي و اليوم أصبحت ذا مال ،و هل عندك أي إشكال؟ و هل عندك تغيرت الأحوال؟ فأجابته: و هي تتعتع في الأقوال: كيف عشت؟ كيف صرت؟ كيف مرت الحياة؟ سأحكي لك ما مر علي من التألمات.

فبدأها بالاعتذار، و التخطيط في المسار، الكلام في النهار، و اللقاء في الأسحار، فأجابت بسرور: قد نسيت الهموم، منذ أول الظهور، قد غيرت لي الأمور، رغم كل الأعوام، قد نسيت الآلام، رغم كل الأسقام، قد حققت لي الأحلام، فأجابها قائلا: كفاك، من الكلام، قد حان وقت الطعام.

اعلموا يا رفاق ، أنه في إملاق، هي تفتخر بأنه صاحب أخلاق، و انه حبه في الأعماق، لكنها غبية عليها الإشفاق، بعد كل الأطباق، سارع في السباق، نظر إلى الباب، قبل دفع الحساب، فاستعد للذهاب، خاطبته قائلة: هل هذا وقت الانسحاب؟ أنت صاحب الدعوة، أنت الرجل ادفع الأتعاب.

فأجاب في استهزاء: أنا عندي العملات، لكن كيف الاختيار، صاحب المطعم في انتظار، و النقود في الدار، صعب علي تصريف الدولار، ادفعي بالدينار، و اطفئي النار، و لتسهيل الأمور، فلتنظفي الصحون و القدور، حتى نشفي الصدور، و إلا وضعنا في القبور.

قد حللنا المشكلات، بيننا المكالمات، بيننا اللقاءات، و في المساء، سارع إلى الأصدقاء قائلا: لقد تم اللقاء، فردوا: مع من التقيت.مع تلك البلهاء؟ قال: لا ،بل أخرى، و أدللها بالحمقاء، قد جاءتني في أجمل حلة من البهاء، جلت بها كل الأرجاء، في مكان خال كالصحراء..................لقد خفت أن تطلب مني اقتناء بعض الأشياء ، و تكثر في الطلب و الشراء.

بعدها عاتبتني بطني على النسيان، قلت لها: لا تعاتبني أنت أهم من أي إنسان، بعد قليل سيأتيك الإحسان، ثم قلت للحمقاء: ها قد حان وقت الغداء، فهمست في نفسها و قالت: هذا صاحب مال و ولاء، فقلت لها في نفسي: افرحي حتى يأتيك البلاء، بعد أن أكلت الأطباق، سارعت في الخروج و قلت لها: سنلتقي في العشاء، و تركتها مع صاحب المطعم في عناء، بكاء، دموع و شقاء.

و الفتاة في انتظار و القلب في احتضار إلى أن جاء القرار، غدا تجمعنا الأقدار، بدأته بالملامة، و البكاء و الندامة، فأطالت العتاب، و أغلقت له كل الأبواب.

خفت في نفسه قائلا: يا إلهي ما الذي يسكتها الآن، أين لي بفكرة لأبعث فيها الاطمئنان، و تبادرت في ذهنه أفكار شيطان، ما تهوى الشاة إلا الحنان، فحدد لها موعدا للزواج، فانصدمت و القلب أصابه ارتجاج، وقالت: آه، بعد العسرة أتاني الانفراج، فللحب دروس و للعشق منهاج، لا، بل للحب طعم، و للعذاب إنتاج، أعلنت الحرب على الأهل، هو شاب، ليس فيه اعوجاج، أبي، وداعا للحياء فليس في العشق إحراج، أبي ، هو وسيم في وجهه نور وهاج، هو فارس أحلامي أحبه لا اعتراضا و لا احتجاجا، هذه حياتي لا أريد حدا و لا سياجا، لا أريد زوجا غريبا و لا زواجا تقليديا، كزواج الديك من الدجاج، أخي هو من صاحب دين و خلق و مستقبلا سيكون من الحجاج، آه، قد طويت الصفحة لا أريد أي إزعاج، من يمنعني عن حبه فعروقي ستذبح بالزجاج.

ثم أخلف وعده، و لم يفي بالزواج و أعيد اللقاء، قابلته في استياء، بين شكوى و بكاء، فلم تكمل الكلام، حتى صوب السهام، و كشر عن مكر و خداع، و كشف المخفي و أزال القناع.

و قال: كفاك، البكاء على الدمن، سأقول لك: الأوان قد فات، و عندي ضيق في الأوقات، و عندي كثير من اللقاءات،انسي كل الاتفاقات، انسي كل الوعود، أنت بالنسبة لي في عداد الأموات، كفاك من التفاهات، لا أريد أي تساؤلات، و زادت عليها الصدمات.

و قالت: أبعد طول الغياب، تبدأ اللقاء بالعتاب، البارحة ورطتني و لم تدفع الحساب، أسرت قلبي في الماضي، و اليوم بكل سهولة تتأهب للذهاب، تقول انك تغيرت و تريد الثواب، مررت بكل الصعاب، أخلفت موعدك، طأطأت رأس أهلي، و تحملت كل العذاب، جعلتني أعيش في الخيال، عالمي في السحاب، قضيت حياتي في اكتئاب، غيابك طال و لا أحمل لك أي عتاب، قلبي قصر مملوء بالأحباب، و قررت بان أكون لك خير الأصحاب، و اليوم تهجرني، و أنت لا تدري، لا يهمك أمري، لا تقبل عذري، لا تعلم كم تألمت من ورائك و كم ضيعت من عمري؟

اخبرني الآن أنا في أي مكان؟ لماذا هذا النكران؟ هل أستحق النسيان؟ لماذا هذا الاتهام؟ ما بك الآن؟ لماذا تقتل قلبي بالتأسفات؟ أين تلك الكلمات؟ أين تلك الذكريات؟ ما بك؟ كفاك من الارتباك.

وتذكرت كل العذاب و كم ضحت من اجله، و القلب قد ذاب، و العقل قد أصابه تشنج و التهاب، يا بشر افهموني يا أولى الألباب، إنه أعز الأصحاب، هو عمري،حياتي، دخل قلبي دون طرق الأبواب، و اغتصب عقلي اغتصابا، و انسل في حياتي بعد أن قضيتها في اكتئاب، لماذا بعد كل هذا العذاب، يتجاهلني و يفتري علي و يتخذ لنفسه الأسباب.هل هذا جزاء الوفي للأصحاب، هل للفتاة حق أم حقها الجحود و الارتياب؟ فتقول: سأغفر له هذا الخداع، و لن أرض بالوداع.

لماذا تلومنني على هواه، من نظرة قلبي قد سباه، من همسة عقلي قد دعاه، روحي كياني كله لرضاه من عشقه كل يوم يزيد غلاه، الدنيا و ما تهديني أهون من عطاه، بعد أن كنت أرض بور، أحياني بسقاه، فرحي، سعادتي في هناه. علمني السمو و الرقي من علاه، هو دليلي و أسير على خطاه، دلوني على الطريق للقياه، آه، قد تحجر قلبي من قساه، آه، قد تعبت من جفاه، إني لا أسمع رجع صداه.

و بعد فترة من الإلحاااااح: أجابها بكل ارتياح، إنه تزوج و مر بكل الأفراح و أنك أنت يا غبية تجربة الإفتتاح، و قد ألوفا من البنات مثلك عهدهم فات و راح. و يقول في استهزاء: كفاك من النواح، لا تجعل من دموعك سلاحا، إنني أعرف دموع التمساح.

جلت الدنيا و عرفت النساء و البنات، إنهن أحقر الفئات، إن سمهن أمر من سم الحيات، إنهن في تقلبات، إنهن مذاهب و تيارات، لكني لا أحب هذه الصفات، و أما البنات الصالحات عندي أم لن أقول سري؟ أم تريدين الإلحاح؟ الصنف الذي أحبه و إليه أرتاح، ذات دين، ذات خلق و ثقافة، لا اقبل أية علاقة.

فهتفت بأعلى صوت قائلة:خيانة ما بعدها خيانة فانصدام ،آه، لو استطعت الحكم عليك بالشنق أو الإعدام، أيها الغبي الرجال من أجلي في زحام، مشاهير و من اكبر الأعلام، أنت قد لوثت براءتي، و جعلت حبك لحياتي هدام، الحب ليس حرب، بل الحب عيش في سلام، ظننت بحبك سأكون معجزة، و ألهم من الشعر إلهاما، أقسمت على أن أحجم عن العلاقة إحجاما، هي ليست من سيمات المسلمات، و قد نهى عنها الإسلام، آه، قد تعبت، قد فشلت في حبك، و رفعت راية الاستسلام، قد درست خيانتك و ألممت بالموضوع إلماما، أقسمت على أن أنساك و أجعل لحياتي نظام، حتى لا تخدع غيري، و لا يستطيع صنفك الإقدام ، أفنيت عمري لفهمك، و النتيجة انك غموض و إبهام، ليس هناك نفع من الشكوى و العتاب و كثرة الكلام، لا نفع من الحساب و السب و كثرة الملام، قلت ربما سيغيرك الزمن، لكنك غيرت الأيام، تدعي الرجولة و أنك المقداد أو الحسام، كم و كم جعلتني أعيش في الوهم و الأحلام، جسمي اعتل و تداعت فيه كل الأسقام، أقول الحب عذاب و صبر،و أرغم نفسي إرغاما، لكنك تعسفت بتعذيبي هل أنت إنسان أم صنم من الأصنام، كم و كم عددت أخطائك و حسبت الألوف من الأرقام، ظننت العلاقة حب و زواج بعد غرام، لكنها دمع و جراح و عيش في الآلام، آه، كم زرعت في قلبي الرصاص و دسست فيه الألغام، و كم سددت فيه من الخناجر و رشقت فيه السهام، كنت أحيا حياة هنيئة و أعيش عيش الكرام، لكنك مخادع و حياتك كلها خيانة و خصام، لم أخدعك يوما أنا طفلة بريئة و حمامة من الحمام، لكنك صياد ما عن أمسكني التهمني التهاما، لا علاقة لك بالحب و الوفاء و الالتزام، حاربت الدنيا من أجلك فلم تبدي لي أي اهتمام. لو أعد أخطائك، تجف الأقلام، لو أصف حالي أكون عبرة لكل الأنام:

من حبك قد سقط شعري و أصبت بالهزال

من عشقك، قد هجرني نومي و زلزلت روحي زلزال

من عذابك قد نفذ شعري و هجرني القمر و الهلال،

يا من سهرت من أجلك الليالي أنظم الشعر و ألقيه ارتجالا

صرت كماء قد تبخر من حبك و كملح انحل فيه انحلالا

صرت كطائر هائم بين الهضاب و التلال

لا مسكن له لا في الأرض و لا في الجبال

ضيعني حبك فلم أجدك يوما رجلا كالرجال بل،

أنت من اشباه الرجال،أو من ربات الحجال

كم و كم غفلت على قسوتك فكان جزائي الإهمال

قد تعبت لنكرانك و لم أعد أستطيع الاحتمال

وداعا أيها الخائن فمعك لا يمكن الإكمال